باقر جبر الزبيدي للأسف قررت الحكومة المضي في انشاء أنبوب نقل النفط من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني ومنذ الإعلان عنه من قبل الحكومة السابقة برئاسة الاخ عادل عبد المهدي والحكومة الأردنية في عام 2019 ونحن نحذر من خطورة هذا الأنبوب الذي نعتبره البداية الحقيقية للتطبيع حيث يمر الأنبوب عبر "تيران" التي اصبحت اليوم تحت ادارة "تل ابيب" كما ان الانبوب وقبل دخوله العقبة ببضع كيلومترات وحسب معلومات خاصة فان هناك انبوب فرعي سري تحت الارض سوف يصل الى اسرائيل وبدون علم الحكومة العراقية. اقتصاديا ليس هناك اي منفعة من هذا الانبوب حيث تبلغ تكلفه إنشائه (26) مليار دولار مايعني أن كلفة مرور برميل النفط الواحد ستبلغ تسعة دولارات في المقابل فإن كُلفة تصديره من الخليج عبر موانئ البصرة هي نصف دولار يضاف الى ذلك المخاطر الامنية التي تتمثل في مرور الانبوب من وادي حوران الخاضع تقريبا لعناصر "د ا ع ش" مما يجعل فرضية تفجير الانبوب قائمة بشكل دائم. مصر والأردن بحاجة ماسة إلى مد أنبوب النفط من البصرة الى العقبة الا ان الاردن وميناء العقبة سيخطفان الاضواء من البصرة كمصدر للنفط ويضعفان موقفها .. الاردن سيجني ارباح طائلة نتيجة مرور الانبوب على اراضيه اضافة الى الكومشنات الخطيرة والمخيفة والتي تصب في جيوب سياسيين عراقيين ومصريين واردنيين. اما مصر فقد اقنعت الاردن ان يتم مد الانبوب اليها وعبر شركة ((الجسر العربي)) وهي شركة مصرية اردنية عراقية مشتركة للنقليات البحرية حيث ستؤمن مصر حاجتها من النفط وعلى الجانب الاخر هذا النفط الرخيص الذي يصدر من العقبة سيمر على السويس وستجني قناة السويس عن كل برميل من 7 الى 10 دولار. يجب عدم توقيع مذكرة تفاهم او اتفاق مع هذه الدول ولايربط مستقبل العراق مع دول هي ليست محور للسياسة العراقية وليس هناك اتفاق سياسي يجمعنا مع هذه الدول وقد غيرت مصر والاردن موقفها من العراق مرات عديدة نزولا عند رغبات خليجية وأمريكية فهي شريك سياسي واقتصادي غير مضمون. * امين عام حركة إنجاز  


عدالت عبدالله* ثمة رؤى مختلفة ومتاينة في تقدير وتقييم الفترات والمراحل الزمنية التي تمر بها المجتمعات، ومن بين تلك الفترات والمراحل التقليدية، هو العام، الذي نمر به  بجزئية 365 يوماً، أو 12 شهراً، والذي يحدث فيه الكثير من الأحداث والتطورات، أو التغيرات والتحولات، بعض منها تتسم بالإيجابية والآخرى سلبية دون شك، ولكن المعيار في الأمر دوماً يرتبط بما أسلفناه، أي إختلاف الرأي  والمذهب في التقييم والتقدير، إذ ثمة من يُبدي الرأي من خلال مقارنة العام بالعام الماضي، وثمة من ينظر الى الأمر من زاوية الحاجات والحقوق والظروف التي مرت بها أبناء البلد، وهناك من ينطلق من منظور طبقي وأوضاع طبقة إجتماعية ما خلال العام، فضلاً عن رؤى فردية في التقييم تصدر عن مطامح وتوقعات وآمال عديدة للإنسان الفرد..   عدا ذلك كله، هناك من يقيّم العام الذي واكبه بكل تفاصيليه وجزئياته من خلال مقارنته بأحوال بلدان ومجتمعات أخرى، وباب المقارنة هذه ينفتح دوماً على جانبي الأمر، أي السلبي والإيجابي منه، فهناك من يُقَدّر حال البلد الذي عاش فيه خلال عام كامل من الزمن من منظور التطورات والتحولات الإيجابية التي حدثت في بلد ما والشعور بتخلف وتقوقع بلده مقارنةً بذلك البلد، والعكس أيضاً، أي التحولات والأحداث السلبية والمؤلمة لبلد معين لحد الحمد لله على إن ذلك لم يحدث في بلده.    كما وثمة من ينظر الى الأمر من مدخل قصور الدولة وتهاون مؤسساتها إزاء المواطن خلال ذلك العام، وهناك من يتخذ الموقف بناءاً على الآثار المحلية لأحداث عالمية وأزمات دولية لا حول للبلد فيها ولا قوة كوباء كورونا مثلاً وما الى ذلك ..  على أي حال، الرؤى تخلتف وتتباين ولكن دون أن يعني ذلك إنعدام تشكُّل رأي عام إزاء العام الذي يمر به أي بلد، لاسيما أن الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية والخ، تطال جميع أبناء ذلك البلد وتؤثر على أحوالهم وحياتهم بشكل أو بآخر، وإقليم كردستان العراق هنا يمثل نموذجاً لهذه المعادلة التقلدية، إذ عانى المواطن في هذا الإقليم من شتى مشاكل وأزمات لم تستثني أي فرد من تأثيراتها القوية والمربكة إلا الطبقة السياسية، التي يعيش معظمها في معيشة رغيدة ورفاهية على حساب المواطن المسكين وحقوقه وبسوء التصرف مع ثروات وخيرات الإقليم بل نهبها أحياناً وبشكل منظم من خلال شبكات حزبية وفئوية بات يعترف بوجودها حتى كبار المسؤولين في الإقليم أنفسهم، ويدعون الى الحد منها لحد إطلاق مشاريع إصلاحية دون أن يسفر كل ذلك في النهاية عن نتائج ملموسة على أرض الواقع تُغَيّر أحوال المواطن وتُحَسّن ظروفه.   بعبارة أخرى كان عام 2021 عاماً بائساً لمواطني إقليم كردستان، وذلك لأسباب عديدة لا تُعد ولاتحصى. ويمكن لأي مراقب رصد الكثير من الأزمات والظروف الهالكة التي مر بها المواطن، منها معاودة ظاهرة هجرة المواطن بموجات كبيرة قله نظيرها منذ عام 1922-1999 الى بلدان الغربة وتعرض الكثير منهم لأحداث وفواجع مؤلمة كغرق العديد منهم في بحر إيجة اليونانية أو بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا، وموت بعض الآخر منهم بفعل الأحوال الجوية المتردية والشتاء القارص على حدود بلاروسيا وبولندا وأماكن أخرى مختلفة على وجه المعمورة.  ان عام 2021 كان عاماً تعيساً في كردستان العراق لأنه أستشهد فيه مجدداً المئاة من قوات البيشمركة والمواطنين على يد مسلحي داعش وهجماته الإرهابية، كما وحدث فيه إضرابات أمنية في السليمانية بسبب الخلافات الداخلية لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني ووقوع القتلى في هذه الخلافات، وتجدد المظاهرات والإحتجاجات من قبل شرائح إجتماعية مختلفة وفي مقدمتها طلبة جامعات كردستان للمطالبة بحقوقهم المشروعة وتعرضهم إثر ذلك الى العنف، فضلاً عن إشتباكات قبلية وعشائرية في أكثر من منطقة ومدينة ومصرع العديد من المشتبكين، وكذلك حدوث مناوشات أمنية بين بعض من أبناء المسؤولين المتغطرسين ومفارز من القوى الأمن الداخلي وإحداث قلاقل أمنية في مراكز المدن.   كما وأن وقوع الفيضانات والسيول المتكررة في عام 2021 في محافظة أربيل وأضرارها البشرية والمادية، هزت مشاعر الحزن والأسى بين أبناء الإقليم، لاسيما إن أربيل هي مدينة العاصمة وغالية عند الجميع، إضافةً الى إستمرار القصف التركي والإيراني للقرى الكردية الحدودية وحرق البساتين والمزارع بل موت العديد من القروين وتشرد الآلاف منهم جراء هذه الإعتداءآت المتكررة اللامتناهية.  ومن الناحية الإقتصادية، كان عام 2021 عاماً بائساً لأنه برزت فيه وبقوة ظاهرة التهريب في النقاط الحدودية وفشل الحكومة في الحد منها رغم قرارها بتشكيل قوة لمكافحة هذه الظاهرة، وكذلك تزايد ديون الحكومة وإستمرار سعر الدولار مقابل الدينار العراقي، والذي يدفع المواطن ثمنه وخاصة موظفي الإقليم بفعل قيمة رواتبهم في القدرة الشرائية، هذا فضلاً عن إحتدام أزمة الوقود وإرتفاع أسعارها بشكل كبير وإنعكاساتها السلبية على الحالة المعيشية للمواطن. أما ظاهرة البطالة وإنعدام فرص العمل فهي كالعادة كانت متواصلة من دون أن تكون هناك أية خطط حقيقية إصلاحية غير شعاراتية توضَع من قِبَل الحكومة والبرلمان لمواجتها وإحتوائها، وكذلك بروز مشكلة الفقر والعوز وتجلياتها المؤلمة في تقارير إعلامية تهز القلوب.  و من الناحية الإجتماعية، فكان عام 2021 عاماً مشؤوماً للحياة الإجتماعية، إذ تفاقمت فيه – على حد بعض التقارير الصادرة عن الجهات المعنية في المجتمع – ظاهرة العنف ضد المرأة وظاهرة الطلاق وإنهيار الآلاف من الأسر، ومشكلة العنوسة وأزمة الزواج والأمراض النفسية وظهور سلوكيات إجتماعية إنحرافية لدى بعض الفئات أو الأفراد، وتكرار حالات تعاطي المخدرات والإنتحار، أو التحرش بالجنس اللطيف بل حالات الإغتصاب والمثلية الجنسية وشبكات الدعارة وما الى ذلك.. ورغم تواصل الجهود لمكافحة هذه الظواهر الخطيرة في المجتمع إلا إنها لا تزال قائمة، وقد أشتدت أكثر في العام المنصرم كما لاحظنا ذلك بأنفسنا أيضاً من خلال متابعة الأخبار الخاصة بالأحوال والمستجدات الإجتماعية.  أما الجانب السياسي فحدث ولا حرج، فقد كان عام 2021 عاماً مبتلياً بالكثير من التقلبات والأحداث التي لم تخدم الكرد وإقليم كردستان، منها توتر العلاقات بين المجتمع والدولة أكثر، أي المواطن ومؤسسات الإقليم كالحكومة والبرلمان ورئاسة الإقليم، ذلك لأن كل تلك المؤسسات والسلطات لم تكن قادرة - للأسف- على أن تمثل المجتمع تمثيلاً واقعياً وتأخذ مصالح وحاجات فئات الشعب المختلفة بعين الإعتبار كما يجب، ولم تستطع أن تواجه الأزمات السياسية والإقتصادية والإدارية في إقليم كردستان مواجه حقيقية تطال العناصر الفاسدة والمسؤولة عن تلك الأزمات والمشاكل.   كما أن العلاقة بين الأحزاب السياسية كانت علاقة متشنجة على طول السنة، لاسيما مع أجواء الحملة الإنتخابية الخاصة بإنتخابات العراق والتصعيد المتواصل بينهم دون أدنى مراعاة للحالة النفسية للمواطن، مما أدى ذلك - بجانب عوامل أخرى - الى مقاطعة الإنتخابات بنسبة كبيرة وصلت الى 55% فضلاً عن إنخفاض شعبية الأحزاب الرئيسية وتدني نسبة التصويت لصالحهم مقارنةً بالعمليات الإنتخابية الماضية.     بإختصار شديد، كان عام 2021 عاماً مشؤوماً للغاية وينبغي ان نفعل المستحيل لكي لا تكرر أحداثه و أزماته، أو فواجعه و آلامه، وهذه من صميم مسؤولية كبار الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان العراق. *كاتب وأكاديمي – كُردستان العراق


درباس إبراهيم  عندما تشاهد بعض المنصات الإعلامية الحزبية الكردية الموالية أو المعارضة لحكومة إقليم كردستان وهي تتناول معضلة المهاجرين الكرد العالقين على حدود بيلاروسيا وبولندا  تشعر بإحباط شديد، فبدلا من أن تبحث هذه المنصات عن أسباب الهجرة وعن حلول موضوعية لهذه المشكلة، بدأت بعضها تتهم المهاجرين بشتى التهم و تسيء لهم وتزيف الحقائق؛ لأن هؤلاء المهاجرين تسببوا بتسليط الضوء العالمي على المشاكل داخل الإقليم، وأصبحت الفضيحة بجلاجل. أما المنصات المحسوبة على المعارضة فقد بدأت تستغل هذه الأزمة الإنسانية وتوظفها في خدمة أجنداتها، أي هي الأخرى بدأت تتاجر بمعاناة المهاجرين. نعم نحن في زمن المتاجرة بحيوات الناس. إن هذه الأحزاب بهذه العقلية الضيقة وبالمهاترات و المناكفات والصراعات والفخفخة الفارغة فيما بينها، لن تستطيع حل أصغر المعضلات. منذ سنوات والناس تعاني من أزمة  إقتصادية خانقة  بسبب سياسات الأحزاب  الخاطئة ، وللأسف لم  نجد أي بوادر أو علامات أن هذه الأزمة ستحل في القريب العاجل لأنّه من الواضح أن لا أحد   يبالي بمعاناة الناس الكبيرة ، فاليوم المواطن يزداد فقرا  ومعاناة وبعض المسؤولين وحاشياتهم  يزدادون غنى وراحة، لذلك لم نتفاجأ  من هجرة المئات إلى أوروبا، لأنّها كانت نتيجة متوقعة وطبيعية لسنوات من الاهمال. وبلا ريب جميع الأحزاب بدون استثناء تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في أقليم كردستان ولو بنسب متفاوتة.  من السهل توجيه الاتهامات  أو الإهانات للمهاجرين، لكن المشكلة لا تحل بهذه الطريقة البالية. إنّنا اليوم في القرن الواحد والعشرين، و في عصر التكنلوجيا، والفضاء المفتوح ولسنا في زمن القناة الواحدة لكي نتلاعب بالحقيقة كيفما نشاء. إن الواقع هو عكس ما تقول هذه القنوات أو المواقع الحزبية، لا أحد يترك أهله ويجازف بحياته وحياة عائلته بطرا. هنالك أسباب كثيرة وحقيقية تتعلق بالفساد المستشري على مختلف الأصعدة والذي انعكس على حياة الناس وأدى إلى هجرتهم .لقد أرهق المواطن بسبب أزمات الكهرباء والماء والرواتب والبطالة والمحروقات والجباية والتزكية. شعب يخرج من أزمة ويدخل بأخرى، لم يعد قادرا على التنفس واستنسشاق الهواء النقي بسهولة.  أولى خطوات الحل هو عدم المكابرة والاعتراف بوجود هذه المشكلة وتحديدها والبحث عن جذورها وعدم  استغلالها لمآرب سياسية . ما عدا ذلك فالوضع بلا شك سيسير نحو الأسوأ. إن البلدان المحترمة، بمختلف مكوناتها وأطيافها وتوجهاتها، تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ما تعرض مواطنيها للأذى أو للمضايقات في أي بقعة من العالم. لكن حكومتنا وأحزابنا  للأسف تتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية بانتهازية و ببرودة شديدة جدا كأنّ شيئا لم يكن!


    باقر جبر الزبيدي     قبل الحديث عن الإنسحاب الأمريكي المقرر نهاية العام الحالي لابد أن نشير إلى أن أي حديث سابق عن خروج القوات الأمريكية من العراق هو مخالف للواقع. وما جرى من إجراءات في حكومة الأخ نوري المالكي الثانية عام 2011 كان يدخل ضمن إطار تغيير تسمية القوات المتواجدة من عسكرية إلى مستشارين أو خبراء وبقاء بضعة آلاف منهم متواجدين في العراق. وستبقى ذريعة طلب الدعم الدولي قائمة كما حصل عندما طلبت حكومة الأخ حيدر العبادي الدعم من أجل مواجهة "د ا ع ش" ولم تنسحب هذه القوات رغم أن حكومة العبادي أعلنت النصر على الإرهاب. إحقاقاً للحق، فقد كان هناك دور لقوات التحالف من خلال الغطاء الجوي والقصف المدفعي الذي ساعد أبطال قواتنا الأمنية على التقدم في ساحة المعركة أما الحديث عن إنسحاب جديد فهو يخالف كل المعطيات على أرض الواقع.  الولايات المتحدة مستمرة بتوسيع وتطوير قواعدها في العراق لاسيما عين الأسد في الأنبار وقاعدة  حرير في شمال الوطن. هذه القواعد لا تضطلع اليوم بدور عسكري وإستخباري فقط إنما أصبحت مركز لتهريب النفط السوري والعراقي لتمويل قواتها ومن يتعاون معها كما تقوم بدور غاية في الأهمية وهو تدريب مليشيات وعناصر إرهابية أغلبهم من بقايا التنظيمات التي هُزمت في العراق وسوريا. ماجرى ويجري الآن من أحداث هو محاولة جديدة لتثبيت بقاء هذه القوات ولكن هذه المرة بصيغة تختلف خصوصاً أن بعض الأطراف السياسية التي أيقنت بأن دورها إنتهى،  تشعر بأن بقاء القوات الأجنبية هو ضمانها الوحيد للإستمرار والبقاء. الصيغة الجديدة ستكون إجماع دولي يتدخل في العراق بحجة حماية العملية السياسية والديمقراطية. العراق يحتاج الدول الكبرى والولايات المتحدة كشريك سياسي وإقتصادي مهم شريطة أن لانكون ساحة لتصفية الحسابات أو مشاريع إقليمية ودولية تطمح إلى تقسيم البلدان وإعادة تشكيلها.  وزير الداخلية الأسبق ٨ تشرين الثاني ٢٠٢١


د. أبوبكر صديق عمر ان الدستور العراقي أقر على تنظيم العلاقة بين إقليم كوردستان العراق والدولة العراقية ( على مستوى الحكومة الاتحادية )على ثلاثة اسس رئيسية ، يتمثل الاولى ، الاساس الارضي ، الذي خُطِط لكيفية معالجة القضايا المتنازعة على الحدود والاقليم الارضي لشعب اقليم كوردستان ، حيث تنضوي المادة 140في دستور 2005 ، الحلول الدستورية لهذا التنازع .اما الاساس الثاني ، هو الذي يحدد ويخطط لكيفية تنظيم العلاقة والمشاركة السياسية لمكون الكوردي في السلطات الاتحادية وسبل المشاركة في صنع القرارات السياسية واصدار القوانين . اما الاساس الثالث ، يمثل الاساس المالي الذي يحدد سبل حصول سلطات اقليم كوردستان على الواردات المالية الاتحادية . هذه المستويات ، التي قوننتها المواد المنضوية في الدستور العراقي ، تحكم سبل معالجة القضايا العالقة بين اقليم كوردستان والدولة العراقية على مستوى الحكومة الاتحادية .ولكن هناك ثغرات كثيرة وجوهرية في هذا التتقنين ، تغاضى عن ادراجها  المشرع الدستوري في احكام الدستور . ومن اخطر هذه الثغرات ، هي عدم اقرار المشرع في احكام وقواعد دستور 2005 على حق النقض( الفيتو)لموجهة القوانين او القرارات المزمع تمريريها الاكثرية النيابية او الوزارية داخل سلطتي التشريعية والتنفيذية .حيث يعتبر هذا الحق ( حق النقض) أحد اركان الديمقراطية التوافقية . وخصوصا عند الحديث عن المادة 65 من دستور 2005 ، التي تقضي بانشاء مجلس اتحادي ،يتمثل فيه ممثلي الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ، حيث تغاضى المشرع الدستوري عن الاقرار على منح حق النقض لممثلي الاقاليم او المحافظات ، للتصدي للقرارات او القوانين التي تمس كيان او اقليم او محافظة ما في المجتمع العراقي وتنوي الاكثرية النيابية ، اصدارها . ان كل من يود ان يشغل وظيفة سياسية داخل السلطات الدستورية في الحكومة الاتحادية ، يتوجب ان يمتلك ثقافة دستورية وقانونية وسياسية كي يتمكن ان يخاطب المكون العربي ، الذي هو صاحب الحصة الكبيرة في صنع  القوانين و اصدار القرارات الادارية و المالية والسياسية من جهة ، ومن جهة ثانية ،ان المجلس النواب العراقي هو الذي يمتلك القدرة على محاسبة الحكومة من خلال ما يمتلكها من سلطة رقابية وحقه في الاقرار على قانون الموازنة . وهذا يفرض على الممثل المكون الكوردي في المؤسسة التشريعية ان يكون لديه الالمام الكامل بالحقوق المقِرة لشعبه في الدستور وان يمتلك القدرة اللغوية والقانونية لتعبئة الكتل العربية - سونية كانت ام شيعية -وخصوصا عند اصدار القوانين التي تمس سلطتي وصلاحيات المؤسسات الدستورية في الاقليم وذلك للحيلولة دون المساس بالحقوق المقرة والمكتسبة في الدستور العراقي . ان على من ينال ثقة الشعب في اقليم كوردستان ، كي يكون عضوا في مجلس النواب العراقي ، يتعين ان يعمل على الاتجاهات التالية :- الاتجاه الاول :-العمل على الولوج في المحافل والاوساط التي يتم فيها حضور المكون العربي – الشيعي او السني- والمراجع التي تحكم على مصدر القرار العربي – الشيعي او السني –وذلك للحيلولة دون اصدار القوانين او القرارات التي من الممكن ان تمس الحقوق القومية لشعب كوردستان . اي انه من الضروري العمل على انشاء لوبي داخل السلطات الاتحادية والمراجع الدينية او المذهبية والكتل السياسية الشيعية والسنية المختلفة ، بهدف شرعنة حقوق ومطالبنا ومصالحنا القومية في اذهان هذه الجهات على ان تكون هذه الشرعنة مبنية وناتجة عن تعميق الصداقة بين الكورد والعرب على كل المستويات . والتي من شأن هذه الصداقة ان تقضي على اوكار وافكار الشوفينية الموجودة في الشاررع العربي ضد تطلعات الكوردية المصادق عليها من خلال الدستور. الاتجاه الثاني:- العمل على تحقيق الوحدة بين الكتل الكوردستانية ، وعدم فسح المجال، لإنتقال الخلافات السياسية الكوردية من إقليم الى المؤسسات الدستورية الاتحادية .اي انه علينا ان نضع خلافاتنا ، ككورد ،في قشتبة وقرهنجير وان نوحد صفوفنا في بغداد ، لتحقيق  حقوقنا السياسية والارضية والمالية .ويستدعي ذلك ان نؤسس شعبة او مؤسسة او غرفة قومية ستراتيجية ، لخلق وانشاء السياسات الكوردية وبناء خطاب قانوني – سياسي تجاه السياسات التي تباشرها الحكومة والسلطات الدستورية ، تجاه اقليم كوردستان . الاتجاه الثالث :- ان كل من ينال ثقة الشعب ليكون عضوا في البرلمان العراقي يتوجب عليه ان يتعمق في احكام الدستور كي يكون لديه  فهما دستوريا عميقا بالحقوق السياسية والارضية والمالية المثبتة في الدستور العراقي . وعند الحديث عن القضايا العالقة تقسم هذه القضايا الى ثلاثة مجالات رئيسية يقتضي ان يسلك كل ممثل كوردي في البرلمان العراقي المسالك التالية  وهي :- اولا: المجال المالي :- يقع على كاهل العضو البرلماني للمكون الكوردي في مجلس النواب العراقي ، ان يبذل قصارى جهده القانونية والسياسية بهدف تفعيل المادة 106 من الدستور العراقي التي تقضي بإنشاء هيئة مستقلة تمثل فيها ممثلي الاقاليم و الوزارات والمحافظات غير المنتظمة في الاقليم . وتختص هذه الهيئة بمراقبة مصادر  تحصيل الواردات الدولة الاتحادية وسبل توزيعها على الشعب العراقي بصورة عادلة .ان تطبيق هذه المادة والتركيز على مباشرة اختصاصاتها الرقابية المالية ، تكون وسيلة رادعة للحد من تقاعس وتنصل سلطتي التشريعية والتنفيذية بما يتمتع بها شعب اقليم كوردستان من حقوق وحصص من الموارد المالية الاتحادية .  ثانيا : في مجال المشاركة السياسية  يقع على عاتق الممثل الكوردي في البرلمان العراقي مهمة العمل على اصدار قانونٍ وفقاَ لمقتضيات المادة 105 من دستور 2005 والتي تقضي بإنشاء هيئة مستقلة تمثل فيها الاقاليم والوزارات والمحافظات غير المنتظمة في الاقليم . وذلك بهدف مراقبة عملية المشاركة السياسية وفقا لمقتضيات الاحكام المنضوية في دستور 2005 والمتعلقة بالمشاركة السياسية في المؤسسات الدستورية والهيئات الادارية والوزارارات .. الخ ،  لمختلف المكونات في المجتمع العراقي . ثالثا :-في المجال الارضي  العمل على تفعيل المادة 140 في الدستور العراقي . ومن ابرز الوسائل الناجعة والرادعة للاحتفاظ بفحوى هذه المادة من حيث النفاذ والتنفيذ ، هي اللجوء الى الجهات القضائية المختصة كالمحكمة الاتحادية العليا ومجلس الدولة ، كل حسب اختصاصاتها. وترجع اسباب اللجوء الى المحاكم والسلطات القضائية لاستدامة نفاذ هذه المادة وتفعيل تنفيذها ، الى تقاعس وتنصل السلطات الاتحادية – التشريعية والتنفيذية – عن تطبيق هذه المادة من جهة ومن جهة اخرى قد تلجأ هذه السلطات الى اصدار القوانين او القرارات من الممكن ان تمس الحقوق والمكاسب السياسية المثبتة في النصوص الدستورية وخصوصا بما حواها المادة 140 . ففي هذه الحالات لابد اللجوء الى السلطة القضائية الاتحادية للحد من اعتداءات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية على الحقوق السياسية الاساسية وخصوصا الحقوق الارضية لشعب اقليم كوردستان .


باقر جبر الزبيدي رغم أن الدور الإقليمي والدولي كان حاضراً في عدة دورات إنتخابية سابقة ألا أن ماشهدته الإنتخابات الأخيرة من تدخل إقليمي ودولي كان أكبر من كافة الدورات الماضية وبعدة طرق ووسائل. المعلومات التي تتحدث عن وجود (سيرفرات) لمفوضية الإنتخابات في الإمارات وإعلان بعض الدول بشكل صريح رغبتها بفوز جهة على حساب جهة أخرى كشف بما لايقبل الشك عن التدخل الكبير في شؤون العراق الإنتخابية بشكل صارخ. ولعل مايثير الإنتباه أكثر أن التدخل الإماراتي في الإنتخابات يأتي بعد فترة قليلة من التطبيع مع اسرائيل !! والتصريحات التي تخص الإنتخابات الأخيرة. أما التدخل البريطاني فقد تجاوز التدخل منذ احتلاله للعراق عام 1914 ولدينا معلومات إن رؤساء ووزراء في كل العهود السابقة كانت بريطانيا لها اليد الطولى في توجيههم. خلال الايام الماضية كان على بريطانيا بدل من لعب هذا الدور أن ترحل وتسلم أحد مجرمي الحرب الذي إنتقل إليها من الأردن والتي اقام فيها طويلاً إلا أنها منحته حق اللجوء رغم إنه ملطخ بدماء شهداء الأهوار وحلبجة. فرنسا بعد أن نجحت وبغطاء بريطاني - أمريكي أن تحصل على عقد توتال خارج سياقات الأنظمة والقوانين الحكومية للعقود حصلت على حصتها من الكعكعة العراقية وتريد المحافظة عليها عن طريق الحكومة القادمة. أما الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا تسعيان إلى بقاء قواتهما المحتلة إلى أمد طويل فيما إيران التي تدخلت في إنتخابات 2018 إنحسر دورها في الإنتخابات الأخيرة. هذه التدخلات الإقليمية والدولية هي إستهانة واضحة بخيار الشعب وخرق يمس سيادة العراق كدولة وللأسف فأن بعض الجهات المتماهية مع هذه التدخلات لازالت تمارس الاعيب وحيل في سبيل خدمة المشاريع الخارجية ضاربة بعرض الحائط مفاهيم الوطنية والولاء للوطن. وبحسب المعلومات التي وصلتنا فإن بعض الأطراف المشاركة في الإنتخابات طلبت تدخل إقليمي من دول لديها مشاريع هدامة في العراق ودول تحتل أجزاء من الوطن وهذه قمة العمالة. إن الوعود التي حصل عليها هؤلاء الحالمون بالتقسيم والأقاليم هي (هواء في شبك) وكما فشل رهانهم على الإرهاب والبعث سوف تفشل خطواتهم في تقسيم العراق بسواعد أبطالنا في القوات الأمنية "وا ل ح ش د ا ل ش ع ب ي". * الأمين العام لحركة إنجاز ١٨ تشرين الأول ٢٠٢١


غسان شربل *   كان الحديث عن السودان والثمن الذي يدفعه بسبب تحول رئيسه عمر البشير مطلوباً لدى المحكمة الدولية. غلبتني البراءة فقلت يكفي أن يستقيل البشير حتى لو لم يسلم نفسه فمصلحة الشعب السوداني يجب أن تتقدم. ابتسم الرئيس جلال طالباني، وأجاب: «إقامتك في لندن أنستك أننا في الشرق الأوسط. هنا يغادر الشعب لا الحاكم». ما أصعبَ أن تكون صحافياً في الشرق الأوسط. وما أفظع أن تكون من لبنان. تستغرب وجود حكومات تعمل من دون احتقار الدستور. وتستهجن وجود مسؤول لا يستبيح المال العام. تحسد الدول التي تنجب قامات تصلح جسوراً إلى الاستقرار أو مظلات له. لقد استحكمت الرداءة وشاع الإسفاف وسقط القرار في أيدي الخبراء في تفكيك الدول وإتلاف المدن. صرنا لا نصدق أن رئيساً يختار التقاعد بإرادته من دون أن يطرده الشعب من مقره أو يلف الحبل حول عنقه. والحقيقة هي أنه لولا ذلك النهار لما كان لهذه القصة أن تكتب. اليوم الذي شهد سقوط الجدار وغير مصير ألمانيا وأوروبا وتلك الفتاة التي تفوقت في ألمانيا الشرقية في مادتي الرياضيات واللغة الروسية. لولا ذلك اليوم لكانت متقاعدة بعد عمل طويل في الأبحاث بعد نيلها الدكتوراه في علوم الفيزياء. وكان من الصعب توقع مستقبل سياسي لها في بلاد إريش هونيكر. صمتها لم يكن من النوع الجذاب للحزب الشيوعي الحاكم والأوصياء الروس عليه. وربما كانت دفعت ثمن كونها ابنة قس على رغم أن والدها رتب علاقاته مع الأجهزة ما سمح له بتنظيم رحلات عدة إلى الشق الغربي من برلين. فتح يوم سقوط الجدار الفرص لكثيرين. ففي ذلك اليوم هُزم معسكر وهُزم نموذج. ألقت ألمانيا الشرقية نفسها في حضن الوطن الأم فخطف المستشار هلموت كول ألمانيا الموحدة على رغم مخاوف فرنسوا ميتران ومارغريت ثاتشر. كول نفسه سيدخل من كان يسميها «ابنتي» إلى المقاعد الحكومية. ولعله لم يتخيل أن تتخلى عنه يوم تلطخت سمعته بفضيحة «الصندوق الأسود» للمساعدات التي تلقاها الحزب. باستطاعة أنجيلا ميركل أن تغادر مبنى المستشارية من دون الوقوع في طقس المرارة والخسارة. ونادراً ما تيسر هذا الأسلوب في المغادرة إلا لمن كانوا أكبر من مناصبهم وأرحب من مكاتبهم. إنها شجاعة استثنائية أن يختار أحد ترك اللقب اللامع والأوسمة وفلاشات المصورين والذهاب إلى التقاعد. اختارت ميركل موعد مغادرتها. لا الدستور أمرها بذلك ولا تنكر الناخبون لها. كان الدستور يسمح لها بالاستمرار وكانت شعبيتها قادرة على تجديد التفويض. لم تقل إنها تعبت. ولم تزعم أنها مصابة بالخيبة. قبل ثلاثة أعوام قالت إنها لن تبحث عن ولاية خامسة. والتزمت ذلك التصريح من دون إعطاء أبعاد درامية للقرار. تصرفت برصانة من يخامره شعور بأنه أدى واجبه في ضوء المعطيات التي كانت قائمة. لم تزعج الشعب بجردة حساب. ولم تخاطب التاريخ كأنه نادل في مكتبها. لم تشعر بالقلق لا من المعارضة ولا من وسائل التواصل الاجتماعي. ليس لديها ما تخفيه وليس لديها ما تخافه. لا يجرؤ سياسي على اتهامها بأنها سرقت المال العام أو أهدرته. أو أنها زرعت في الإدارة أقرباء ومحازبين. أو أنها شجعت صفقات مع الخارج وسهلت تدفق العمولات إلى حسابات عناصر الدائرة الحميمة. لا يجرؤ أحد على اتهام ميركل بالفساد. ربما يأخذون عليها الإفراط في التمهل في اتخاذ بعض الخطوات. أو الذهاب بعيداً في استقبال اللاجئين. أو الإسراف في احتمال أمزجة المتعاقبين على المكتب البيضاوي. أو حرصها على دفع ثمن إنقاذ اقتصادات أخرى حفاظاً على الحلم الأوروبي الذي يتعرض للهجاء على يد شعبويين وخائفين على المساعدات والهويات. يمكن العثور على أسباب للانتقاد لكنّ أحداً لا يمكن أن ينكر أن ألمانيا شعرت على مدى ستة عشر عاماً باستقرار لم تذق مثله من قبل. في مقر المستشارية كانت ميركل مخلصة لبلادها ونفسها معاً. السيدة الوافدة بتسريحة تتكرر وجاكيتات متشابهة الخطوط مختلفة الألوان لا ترش التعابير السحرية والمخملية لخداع الناس أو رشوتهم. تقرأ التقارير. وتحترم الأرقام. وتحترم التزامات حكومتها في الداخل والخارج معاً. شعور عميق بالمسؤولية ونزاهة لم يستنزفها الوقت. لم تقترب أبداً من ممارسات برلسكوني ولم تُتهم بما اتُهم به ساركوزي. المرأة الأقوى في ألمانيا. وفي أوروبا. وفي العالم. شاشات وأغلفة مجلات. كل هذا اللمعان لا يمنع المستشارة من الذهاب إلى السوبر ماركت. وطهي عشاء متواضع. وتحريك المكنسة الكهربائية لتنظيف الشقة المتواضعة. كل الحملات المنافسة لم ترغمها على تغيير أسلوبها في الداخل والخارج. يكفي أنها تعاملت مع الرؤساء الأميركيين مغلبة روح التعاون على اختلاف الحسابات والسياسات وتصاعد الأنانيات. ويكفي أنها فاوضت رجلاً صعباً اسمه فلاديمير بوتين وزعيماً صينياً صعباً اسمه شي جينبينغ. هذا من دون أن ننسى مشاركتها في الرقصة الأوروبية مع فرنسا خصوصاً بعدما استقالت بريطانيا من رحلة الاتحاد. ما أقسى الدرس الألماني. لكن من قال إننا نتعلم؟ لو استقال البشير باكراً لما كان حال السودان ما هو عليه. يمكن قول الشيء نفسه عن القذافي وصدام وكثيرين. لكننا في الشرق الأوسط. راجع جلال طالباني تاريخ المنطقة وحاضرها واكتشف أننا في منطقة يغادر فيها الشعب لا الرئيس.   * رئيس تحرير «الشرق الأوسط»


عدالت عبدالله رغم إننا مع مبدأ تشجيع أي خطوات أو مبادرات عراقية بإتجاه إحتواء التحديات التي تواجهه من كل مكان وفي كل أزمان، إلا إننا نعتبر أنه من واجبنا أيضاً أن نُذَكّر المسؤولين في البلد بأن ثمة تحديات حقيقية ذات طابع بنيوي لايمكن مواجهتها بهذه بسهولة كما نتخيل، أو من خلال تنظيم بعض المناسبات المعنوية كالمؤتمرات والقِمَم، أو الحصول على تعهدات ووعود سياسية لا أحد يعلم كيف ستُتَرجم على أرض الواقع!، لاسيما مع التجارب المريرة التي مر بها العراق منذ سقوط النظام البائد الى يومنا هذا. من التحديات التي نعتبرها بنيوية وغير قابلة للتغيير على المدى القريب، هو التحدي الجيوسياسي Geopolitical challenge، ونعني بها إكراهات قدرية الموقع الجغرافي السياسي للعراق، الذي تحيط به دول إقليمية متعددة أظهرت لنا التجارب الماضية والحية بأن بعض منها- إن لم نقل معظمها!- لا تريد الإستقرار للعراق بصيغته العراقية الخالصة للأسف أو كما يتطلعون اليه أبناء هذا البلد، وأنما تتدخل هذه الدول دوماً في شؤون العراق الداخلية بشتى الأشكال، وتستغل التمايزات المجتمعية والهويات الثقافية للبلد لتحقيق أجنداتها السياسية والإقتصادية الخاصة بها، وكل مرة بمسوغات ضمنية أو مُفارقات مواقفية، هي إما إدعاء الدفاع عن هوية طائفية أو عرقية ما، أو الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً!. ومع السوسيولوجي الفرنسي الإيراني "فرهاد خسرو خافار" يمكننا أن نستدل على ذلك بمثال، يفيد:" أن صحراء كربلاء والمدن المقدسة، كالكوفة والنجف والشام كانت ولاتزال تمثل جزءاً مكملاً للمتخيل الإيراني. كما وأن كثرة الحديث المخادع للأتراك عن المكون التركماني وحقوقه، أو مشاركتها في تحرير الموصل من الداعش، لاتأتي، هي الأخرى، إلا من منطق ادعاءات تاريخية خاصة بالموصل وكركوك، أي المدينتين اللتين لم تغيبا، على حد قول الباحث التركي، بولند آراس، عن المخيلة الوطنية التركية. ومعلوم لنا أن هذا التحدي الجيوسياسي الذي يشكل تهديداً دائماً لإستقرار العراق وهويته كدولة مسؤولة عن إدارة تعددياتها الثقافية والمجتمعية، لم يطرأ عليه أي تغيير بتَغَيُّر حكومات وأنظمة الدول التي تحيط بالعراق، وأنما ظل ولا يزال تحدياً قائماً وسارياً بحيث أقل ما يستوجب على العراقيين فعله، هو توخي الحيطة والحذر منه في كل الأوقات والأزمان، ذلك لأن الحاجات والمصالح السياسية والإقتصادية، أو الهواجس الأمنية والثقافية ليست هي وحدها التي تحدد مسار سياسات ومواقف تلك الدول المحيطة بالعراق، وإنما ثمة أسباب بنيوية حقيقية تحرك ذلك المسار وتوجهه، وذلك كله من خلال إستثمار الواقع الجيوسياسي للدولة العراقية ولضرب هذه الأخيرة ضمنياً وعلانيةً!.


 راجح الخوري  في الثامن من مارس (آذار) 2015 قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني: «أصبحنا إمبراطورية كما كنا عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي، وإن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة؛ إما نتقاتل معاً وإما نتحد»! كان ذلك يوم راحت إيران تزعم أنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، في إشارة واهمة إلى الإمبراطورية الفارسية الساسانية، التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها، لكن لم يكن في حساب النظام الإيراني أنه سيأتي وقت تعمّ بغداد مظاهرات عارمة تدعو إلى خروج الإيرانيين «إيران برّا برّا»، وأن العراق سيعمل جدياً وبقوة على استعادة سيادته وحريته، وأن زمن نوري المالكي، رجل طهران في بغداد، سيتهاوى كما تهاوى «داعش» الذي انبثق من سياسته الفئوية، التي سلمت الموصل من دون أي مقاومة من الجيش الوهمي الذي كان يزعم أنه يحرسها. منذ ذلك الوقت بدأ العراق يستعيد هويته وحريته رغم كل الضغوط وممارسات الهيمنة الإيرانية، التي تمثلت في محاولات تقوية الميليشيات المسلحة الإيرانية وجمعها تحت اسم «الحشد الشعبي»، الذي صحيح أنه قاتل ضد تنظيم «داعش»، لكنه كان وما زال يخطط لتكون له اليد الأمنية الطولى في البلاد، على ما يجري في لبنان حيث تبدو السيطرة لـ«حزب الله» الذي يقول أمينه العام حسن نصر الله إنه مقاتل في ولاية الفقيه! في 18 يونيو (حزيران) الماضي، قال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، إنه سيذهب إلى الولايات المتحدة لتنظيم مستوى العلاقات العراقية - الأميركية، خصوصاً الوجود الأميركي في العراق وعملية انسحاب القوات القتالية، مؤكداً أن أميركا دولة مهمة وقوة عظمى ساعدت العراق في هزيمة «داعش»، وأن زيارته لن تقتصر على الجانب العسكري فقط بل ستتناول الجوانب الاقتصادية والثقافية والتعليم، وكل ما يصبّ في مصلحة الشعب العراقي ومستقبل العلاقات بين البلدين. وأضاف: «نتحدث مع الجانب الإيراني لأننا في حاجة إلى الاستقرار، ولأننا لا نرغب في أن يكون العراق ساحة للصراع الأميركي - الإيراني، ونعمل على آليات للتوافق بين الدولتين». اقترنت زيارة الكاظمي لواشنطن وقمته مع الرئيس جو بايدن بتزخيم دعوات العراق لأن يكون ساحة لنسج تفاهمات إقليمية ولخلق جو من التعاون بين دول الجوار. وفي هذا السياق، ركّز الكاظمي على أهمية أن يعمل العراق على استضافة حوار إيراني - سعودي تحديداً، وانتهت القمة مع بايدن بالتأكيد الأميركي على الشراكة الاستراتيجية مع العراق، وعلى تعزيز الديمقراطية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة برعاية الأمم المتحدة. يوم السبت الماضي عُقدت في بغداد نتيجة جهود الكاظمي والقيادة العراقية، «قمة دول الجوار» أو «مؤتمر التعاون والشراكة» بمشاركة تسع دول هي: السعودية والإمارات والكويت وقطر ومصر والأردن وتركيا وإيران وفرنسا، إضافةً إلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي. كان هدف هذه القمة أو المؤتمر ترميم علاقات العراق بمحيطه العربي والإقليمي، إضافةً إلى تخفيف التوترات الدبلوماسية في المنطقة، وتكتسب القمة أهمية وحساسية في هذا الوقت، قياساً بما تمر به دول المنطقة من أوضاع متوترة، وهذا ما يعطي العراق دوراً فاعلاً كساحة حيوية دبلوماسياً على صعيد تنشيط العمل لتحسين العلاقات وطي صفحة الخلافات، وإيجاد مساحة مشتركة للتفاهم بين المحورين العربي والإقليمي وتقليص فجوة الخلافات بينهما، وأجمع المراقبون على أهمية نجاح العراق في تنظيم هذه القمة، من منطلق أنه قلّما تشهد الساحة السياسية العربية والإقليمية مثل تلك القمم. ويرى المراقبون أن القمة جاءت ضمن تنشيط السياسة الخارجية العراقية، وتشكّل إسهاماً واضحاً في إبعاد العراق عن صراع الأقطاب، الذي ينعكس سلباً على البيئة العراقية، وكما قال الكاظمي في كلمته الافتتاحية، إن القمة تشكّل وفاءً لما عاهدت به حكومته بإعادة العراق إلى دوره الريادي في المنطقة، وأنه يأمل أن يشكل المؤتمر منطلقاً وقاعدة لإعادة إعمار ما دمّرته الحروب، مشدداً على رفض بلاده استخدام أراضيها ساحة للصراعات. وبدا واضحاً أن العراق يعوّل على المؤتمر لتعزيز الشراكات والمشاريع مع الدول المشاركة، وأنه يعوّل على أن يكون المؤتمر خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة، إضافة إلى استعادة دور بغداد الإقليمي والدولي وتحقيق أجواء إيجابية بين جميع الدول التي شاركت في المؤتمر. إيران التي لطالما رأت وتصرفت على قاعدة أن العراق يشكّل حديقتها الخلفية، وأنه يمثل القاعدة الشرقية لجسر تدخلاتها ونفوذها الممتد عبر سوريا إلى لبنان وغزة، لم تكن مرتاحة قطعاً لأن يلعب العراق هذا الدور الإقليمي خارج أسوارها، خصوصاً أن تركيز مصطفى الكاظمي على أن دور الدولة يجب أن يسيطر على ما يسميه دور اللادولة، في إشارة واضحة إلى «الحشد الشعبي» الذي تديره إيران كجيش رديف ينافس الجيش العراقي، تماماً كما يحصل في لبنان حيث يشكّل «حزب الله» دويلة تسيطر تقريباً على دور الدولة العاجزة عن تشكيل حكومة، والذي أعطى نفسه مثلاً حق استيراد المحروقات من إيران من دون أن يسأل الدولة رأيها أو يتوقف عند العقوبات التي ستلحق بلبنان إذا استورد نفطاً من إيران! وفي هذا السياق كان من الواضح جداً أن دعوة الكاظمي إلى عقد هذا المؤتمر المهم، جعلت النظام الإيراني يكظم غيظه العميق، وقيل إن طهران أشارت أولاً إلى أنها ستقاطع المؤتمر لأن الرئيس إبراهيم رئيسي ليس مستعداً بعد للقيام بزيارات خارجية، وهو ما دفع الكاظمي إلى إرسال وزير خارجيته فؤاد حسين، إلى طهران لإقناعه بعدم التغيّب، فكان أن أوفدت طهران وزير خارجيتها أمير حسين عبد اللهيان، الذي أثار منذ اللحظة الأولى استياء واستغراب الوفود، التي تعرف ضمناً أن نجاح العراق في تنظيم مؤتمر إقليمي مهم من هذا النوع، يشكل دليلاً على أنه خرج ويخرج عن الوصاية التي تحاول إيران فرضها عليه ولو بالقوة أحياناً. وهكذا برزت عنجهية عبد اللهيان وغطرسته وفظاظته حتى، منذ اللحظة الأولى، ففي خطوة مفاجئة وخلال وقوف الرؤساء والمسؤولين المشاركين في المؤتمر لالتقاط الصورة التذكارية، تحرك عبد اللهيان تاركاً المكان المخصص له بروتوكولياً في الصف الثاني مع وزراء الخارجية، وتقدم بلامبالاة ليقف في الصف الأول المخصص للرؤساء والزعماء والأمراء والشيوخ، رغم أن المشرفين على البروتوكول لفتوا نظره إلى ذلك بتمرير ورقة إليه، لكنه كان واضحاً أنه يتعمّد الإيحاء بأن لإيران دورها الحاسم في العراق، وحتى في كلمته قفز فوق الروح التصالحية التي سادت جو المؤتمر ليتحدث متدخلاً في الشؤون الداخلية العراقية، من خلال مطالبته بخروج القوات الأميركية من العراق، وانتقاده القيادة العراقية لعدم دعوتها النظام السوري للمشاركة في أعمال المؤتمر. وأكثر من هذا زعم في كلمته أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران هو 300 مليار دولار، ما أثار استهجان الحاضرين وسخريتهم، ليصحح كلامه بالقول إن التبادل بلغ 13 مليار دولار، وزيادة في التدليل على انزعاج وضيق طهران من المؤتمر انتقل عبد اللهيان فور انتهاء أعمال المؤتمر ليقوم بزيارة إلى دمشق! تستطيع طهران أن تكظم غيظها وغضبها من نجاح مصطفى الكاظمي والدولة العراقية في تنظيم هذا المؤتمر المهم، الذي يسهم عملياً في زيادة سحب السجادة العراقية من تحت أقدام النظام الإيراني، الذي مضى بعيداً في التعامل مع العراق كأنه مجرد إقليم ملحق به، أو مجرد جسر شرقي لنفوذه الميليشياوي في دول المنطقة وصولاً إلى بيروت وغزة، ولكنه العراق في النهاية!


عبد الرحمن الراشد   يُعتقد أن النظام الأفغاني، كما نعرفه اليوم، قد ينتهي قبل نهاية العام بحكومته وبرلمانه وسياسته، وربما قبل ذلك. فقد خرجت معظم الجيوش الأميركية ودول التحالف لتختتم عشرين عاماً من الوجود العسكري الذي وصل إلى نحو 150 ألف جندي من جنسيات متعددة، ثم انحسر مع فشل توحيد البلاد تحت سلطة مركزية. الخروج الأميركي لن يمنح الأفغان السلام بل سيخلق فراغاً ربما يتسبب في حروب على جبهات مختلفة، وقد تكون إيران واحدة منها. فهل الوضع الجديد خطر على إيران؟ وهل طالبان عدو طبيعي لنظام طهران؟ حدود إيران مع أفغانستان نحو ألف كيلومتر، هذه المسافة الطويلة جداً كافية لإخافة النظام الإيراني من الوضع في أفغانستان سواء إن كان مستقراً تحت سلطة حركة طالبان أو في حال اندلعت حرب أهلية هناك. ليس من المؤكد كيف ستسير الأمور، لكن من الخطأ تبسيط تحليل العلاقات في ذلك الإقليم من العالم. قد تكون طالبان عدواً شرساً لإيران، وتفتح جبهة حرب دامية، فتذيق النظام الإيراني ما فعله ويفعله بدول مثل العراق واليمن، ويصبح لأول مرة في موقف الدفاع. وقد تكون طالبان الحليف الذي يتمناه الإيرانيون، وسعوا لدعمه لسنين ضد الأميركيين في أفغانستان. الفروقات المذهبية، طالبان السنية ضد نظام الولي الفقيه الشيعي، ليست كافية للاستنتاج بحدوث صراع بين نظامي الجارتين المتطرفتين. لطالما اعتمدت طالبان على دعم إيران في السنوات التي أعقبت إخراجها من الحكم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 ضد الولايات المتحدة والتي خططت في أفغانستان. قدمت إيران الدعم العسكري للحركة، وفتحت حدودها للفارين من قيادات «القاعدة»، ويعتقد أن أيمن الظواهري، الرجل الثاني في التنظيم قد لجأ وعاش السنوات الماضية، ويقال مات ودفن هناك. أيضاً، رعت إيران أفراد عائلة أسامة بن لادن. وهي لا تزال الممول الرئيسي لـ«حماس» و«الجهاد الاسلامي» في فلسطين وحليفا لجماعة «الإخوان». وأبرز انتصاراتها في العراق جاءت من استخدامها المعارضة السنية المسلحة والتنظيمات المتطرفة في العراق ضد القوات الأميركية. إيران وطالبان كانتا حليفتين لسنوات وقد يستمر هذا التعاون، حيث تعددت زيارات وفود طالبان إلى طهران بشكل مكثف منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي وسبق أن امتدح المرشد الأعلى علانية طالبان. لا أريد الاستعجال في الحكم على طالبان وسياستها بشكل عام، وموقفها من طهران تحديداً، إنما الماضي لا يشهد للحركة بالحكمة. وعلاقتها مع النظام الإيراني لن تبقى محايدة نظراً لطبيعة الجماعتين الآيديولوجية الدينية المسلحة، التي ستنتهي إما بالتعاون أو الاقتتال. وللأسف الشديد ليست هناك توقعات باستتباب الأمن وانتهاء النزاع، سواء بقيت الحكومة الأفغانية أو استولت طالبان على العاصمة كابل والحكم. فالتنافس محموم بين القوى الكبرى. أفغانستان يبدو أنها الأماكن القليلة في العالم التي يتنافس فيها الصينيون والروس والأميركيون، وهناك القوى الإقليمية باكستان والهند وإيران التي لها نفوذها المحلي وعازمة على الاحتفاظ به.


عبد الرحمن الراشد   منذ سنوات والروايات عن سيف الإسلام القذافي تتردد عن اعتقاله، ووفاته، وهروبه، واكتشافه حياً في معتقل للثوار، وأخرى عن أنه مختفٍ في جنوب فرنسا. حديثه الصحافي أمس، أعاده للواجهة، قدم رؤيته للعالم، ولأول مرة، منذ اعتقاله إبان الثورة الليبية. موجود في ليبيا، حر طليق، أو كما قال، صار سجانوه هم حراسه وأصدقاءه، بعد أن «تحرروا من وهم الثورة». في ليبيا الممزقة ربما لو عاد القذافي الأب من قبره يحكم، بعد عشر سنوات دامية حكمت فيها الميليشيات والمرتزقة البلاد. وقد لا يوافق على هذا الرأي، بالقبول بالقذافي، قطاع كبير من الشعب الليبي، لكن حتى هؤلاء لا يملكون بديلاً للوضع السيئ الذي لا نرى له نهاية. هل يعود سيف للعمل السياسي، ويستعيد حكم أبيه؟ يستطيع، لكن أمام حلمه هذا، طريق إضافي معبد بالدم والآلام نتيجة لتراكمات من النزاعات الليبية المحلية، مناطقية وقبلية وشخصية. وهناك التحديات الخارجية من دول لها نفوذ أو تأثير جزئي، عربية وأخرى مثل تركيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة. هل هي عودة نابليون من المنفى مستفيداً من الغضب والفوضى، أم مجرد حلم المنفيين في كهوفهم الذين زادوها فوضى؟ المأساة الليبية، مثل المأساة السورية، وصلت إلى نهايتها لكن بدون فارس منتصر حقيقي. من الصعب إصلاح الحكم المكسور كما كان الذي يتطلب الكثير من الحكمة والتصالح والتنازل. سيف الإسلام يقول إنه سيعود بالكتاب الأخضر، وهذا ليس بالوعد الانتخابي الجذاب. سيف ليس معمر وإن كان ابنه. كنا نعلم أن الابن حاول تغيير الجماهيرية، بالانفتاح والانتفاع من الثروة داخلياً، وإنهاء مغامرات والده الخارجية، ونجح جزئياً خلال آخر سنوات حكم الأب، لكن سيف لم يكن في كرسي الحكم حتى يُحكم عليه. من السهل الإشارة إلى الوضع المفجع الذي آلت إليه ليبيا والليبيون بعد انهيار النظام والقول الخيار المثالي هو إعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل فبراير (شباط) 2011. عالم القذافي الأب كان حالة تجريدية خارجة عن الواقع الذي يريد أغلبية الناس العيش فيه. في المقابل أي زعيم سيرفع وعد تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الكريم حتماً سيجد المساندة بعد عقد من الفوضى وحكم الجماعات المتناحرة والتدخلات الأجنبية. ومعضلة ليبيا بعد مضي عشر سنوات من الثورة الفاشلة، لم تعد عن رفض لنوع من نظام الحكم؛ هي ضد الانهيار التام وتقسيم البلاد نتيجة اقتتال الزعامات. في ليبيا لم تعد هناك دولة، بل دويلات تحكمها ميليشيات. في الحالة الراهنة يمكن لسيف القذافي أن ينافس ويصل إلى كرسي الحكم، كان هذا الاحتمال مستحيلاً في السابق، أما اليوم فهو من بين الرهانات المطروحة. وحتى يتحقق، هل يقبل به الشعب الليبي؟ وهل ستسمح به الدول الكبرى؟ والتحدي الأكثر صعوبة، هل بمقدوره الانتصار فيما عجزت كل القوى المحلية عن تحقيقه خلال العشر سنوات الماضية، بتوحيد البلاد وحكمها من العاصمة؟ بلوغ هذا المنال لا يكفيه حديث لـ«النيويورك تايمز».


سعد الهموندي  ليست المرة الأولى في التاريخ الكوردي التي تواجه فيه كوردستان  خطر التدخل الخارجي ، فمن هيمنة العثمانيين على مقدرات المنطقة حتى أوائل القرن الماضي، إلى تدخل القوات البريطانية، وصولاً إلى الحروب التي خاضها البيشمركة مع الأنظمة الدكتاتورية. وعند كل تهديد بالعدوان على كوردستان كانت بعض الواجهات الداخلية العاملة، تبدأ التهليل لهذا العدوان وتلميع صورته، رغم أنها حاضرة على الساحة السياسية، فتسعى بذلك إلى استثمار الرافعة السياسية التي قد يؤمنها لها العدو، بعد استنفاد إمكانيتها الذاتية على تأمين رافعتها الشعبية بعملها السياسي على الصعيد الداخلي، وذلك أن رصيدها السياسي مرهون بتحقيق الأهداف الخارجية لهؤلاء الأعداء.. فحل أزمات البلاد المتراكمة، حسب زعمهم، هو ثمنٌ باهظ على المنهوبين لكي يدفعوه، مقابل إنجاز مطالبهم المحقّة، وعليه يدخل هؤلاء في عملية طويلة يجاهدون فيها لإقناع فقراء البلد بضرورة التدخل الخارجي، كحلٍ وحيد لأزمتهم المتفاقمة.. وقد جاء تغييب البرنامج السياسي لهذه القوى اللاوطنية، ليعبر في جوهره عن ارتهانها لإجندات هذه الدول التي سعت، ومازالت تسعى، إلى تفكيك بنية جهاز أمن كوردستان وإضعاف الانتماء للوطن فكانت مواقفهم على الدوام صدى لمواقف هذه الدول كيفما جاءت... وإن موقف الدول المجاورة برفضه الاستفتاء، كان لسان حال القوى اللاوطنية التي كانت تتلقف تصريحات الدول المجاورة على اختلافها، وتعيد صياغتها كمواقف ومبادرات تعبر عنها علانية... لذلك فلا يحق اليوم لأحزاب الديكور التي ولد بعضها من رحم أحزاب أخرى أن تدعي البطولة وأن تحمل خطابا ثورياً، في حين كانوا هم المتنفذين داخل الأحزاب الحاكمة وكانوا ينهبون الشعب ويأكلون من خيرات الوطن. كما لا يحق لمن دعم أهداف أعداء الكورد أن يكون صاحب قرار سياسي أو أن يكون طرفاً في لعبة خسيسة هدفها تشويه حكومة مسرور البارزاني، خاصة أنهم اليوم يلعبون دور الضحية محاولين خلط أوراق الحقيقة بالأوراق المزيفة، لكن هذا الشعب ذكي وفطن ولن يثق بهم، وعليه فإن أرادوا استرجاع احترام الكورد جميعاً عليهم أن يعتذروا للشعب كما فعلت شخصيات سياسية وإعلامية في زمن ملا مصطفى ومسعود البارزاني ، بعد أن ندموا على ماضيهم التعيس. فالمشكلة اليوم أن الكثير من الأحزاب المعارضة في كوردستان إذا أرادت أن تتميز دون عناء تبدأ بانتقاد سياسة مسرور البارزاني الأمنية التي تعمل دوماً على جعل الآمان الخط الأول، وهذا بالضبط ما يقلق أعداء الكورد فهؤلاء المتسلقون يريدون أولاً إبعاد مسرور عن خطوات أبيه الذي حمل راية الإصلاح والانتماء، وثانياً يريدون إضعاف هذه العائلة السياسية التي صنعت تاريخ هذه الأرض. لذا فعلى الشعب الكوردي اليوم أن يلعب دور المصفاة التي تُميّز الصالح من الطالح من الخبيث، وأنا على يقين بأن الشعب قادر على أن يفرق بين الحقيقي والمزيف دون وصية من أحد، وسيبقى هذا الشعب هو الضامن الوحيد لحياة سياسية تتمتع بديمقراطية حقيقية وآمان مستدام.


سعد الهموندي  الوطن هو الخيمة الكبيرة التي يستظلّ بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبناءها أطيب الثمار دون كللٍ أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطنٍ، لهذا فإنّ حبه واجبٌ تفرضه الإنسانية أولاً والانتماء الحقيقي ثانياً، لهذا فإنّ من واجب الأم والأب والمعلمين وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، وأن يكونوا مستعدّين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يُظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم. فحُبُّ الوطن ليس تعبيرات رمزية لحظية، أو شعارات وصور وأعلام تبرز في يوم من أيام السنة، أو عبر يوم إجازة رسمية، أو برنامجاً إذاعياً مدرسياً أو إخبارياً، بل هو ثورة ذاتية ملتهبة في النفس، تصدر من عمق الأرض ورحمها، فترسلُ أشعة نورها إلى القلب، فتحرِّك حرارتُها الأعضاء وتنير أمامها سبيل الحياة.. تلك الوطنية والوطن، المصطلحُ الرائج بين الأمم والحضارات والشعوب على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وأديانهم ومذاهبهم، يتغنَّون بنشيده، يمجِّدون تاريخه وأمجاده، ويصطبغون بلون ترابه وطهره، يرسمون بسمة فخر ونشوة فرح واعتزاز غامر "مستديم" يحتّم علينا تفهمه وتشبعه وإرضاعه للأجيال . حب الوطن ليس مجرّد كلمات رنانة يقولها الشعراء والأدباء، بل هو حبٌ بالأفعال والدفاع عن كيانه ووجوده، والشعور بأنّ أمنه جزء من الأمن النفسي والشخصي، لهذا فإنّ حب الوطن يظهر في تصرفات أبنائه وخوفهم عليه وحمايته من أي تدمير محتمل، واستعدادهم للدفاع عنه باستماتة ضدّ جميع المتربصين، وهذا لا يكون سوى من خلال التضحية بالروح مقابل أن تظلّ راياته خفاقة عالية تلوح في الأفق، وحبه يكون بالسعي لتطويره وتقدمه، ويكون هذا السعي للعلم وطلبه بجدٍ واجتهاد، والاختراعات والاكتشافات التي يقوم بها أبناء الوطن لرفعته ونصرته ووضع اسمه في المقدمة. الدفاع  عن الوطن لا يكون فقط عندما يتعرض الوطن للاعتداء، بل في رفعته وسموه كل يوم، لكن أخطر أشكال الاعتداء هي: النوع الأول: الاعتداء من قِبل دولة أخرى على هذا الوطن بقصد تسخير الشعب، وامتلاك ثروات أرضه كافة، أو بهدف التوسع الجغرافي للدولة الأخرى المحتلة على حساب دولة أخرى. وربما يكون هذا الاعتداء لأسباب عقائدية وأيديولوجية. وأيضاً قد يكون بهدف الطغيان. فكل أنواع الاعتداءات هي طغيان. النوع الثاني من الاعتداء على الوطن: هو أن يتعرض هذا الوطن لمخطط تقسيم أرضه وشعبه إلى فئات متناحرة ومتذابحة بعد أن كانوا يعيشون جيراناً على أرض واحدة بذكريات واحدة. وهذا الاعتداء هو تمهيد في الغالب للاعتداء الأول. وربما يكون هذا الاعتداء من قِبل الآخرين بأيدي أبنائه الذين سُممت أفكارهم، وغُذيت بالكراهية والحقد وعدم تقبُّل الآخرين المختلفين عقديًّا أو أيديولوجيًّا، وتقبُّل فقط المساومين المتطابقين بكل شيء.  أما النوع الثالث من الاعتداء على الوطن هو عن طريق الفساد الداخلي لأبناءه، عن طريق نهب ثرواته، وعدم تحمُّل أمانة المسؤولية العظيمة التي أُلقيت على عاتقهم في صون مقدرات الوطن وثرواته وثروة المواطنين جميعهم. وهذا هو السبب الرئيسي لضياع الأوطان.  النوع الرابع هو في بعض مواطنيه أنفسهم الذين يخونون وطنهم في اللحظات الحرجة التي يحتاجهم إليها، فحينها نجد هؤلاء صامتين، وقد خمدت تغريداتهم وكأن على رؤوسهم الطير ، رغم أن الصمت في أوقات الأزمات خيانة للوطن، فمصالحهم الشخصية المتفق عليها مع الطرف الآخر ستتعارض لو فعلوا، وهنا يبيعون أوطانهم وكأنهم يبيعون قطعة حلوى مرمية على قارعة الطريق متناسين أن الوطن في النهاية مثله كمثل الأرض الأصيلة سيلفظ كل نبات لن تمتد جذوره إلى أعماقه! حب الوطن حب فطري يولد مع كل كائن في الوجود، فالوطن هو الحضن والملاذ الآمن الذي تأوي إليه الروح، الوطن ليس مجرد أرض وأشجار وتراب، بل هو مجموعة من أشياء كثيرة لا يمكن فصلها أبداً، حب الوطن حب عظيم يجب آلا يخالطه رياء أو نفاق، لأن من لا يحب وطنه بحق لا يستحق أن ينتمي إليه أو يعيش فيه، ومن لم يكن وفياً لوطنه في الحرب لا يستحق أن يعيش فيه وقت السلم، الوطن هو الوطن بجميع حالاته وتقلباته، فإن تعرض لأي خطر فلا بد أن يتحول جميع أبنائه إلى جنود جاعلين كرامة الوطن فوق كل اعتبار. نعم ما يلزمنا اليوم هو الحب والانتماء للوطن فقط.


هيوا عثمان    بعد ثلاثين عاماً، لا يزال الفساد منتشراً في كردستان، وتسيطر النخبة السياسية على الثروة. قوات البيشمركة ما زالت منقسمة بين أربيل والسليمانية، على رغم وعود الأحزاب بتوحيدها. شهدت السليمانية حدثاً لا مثيل له في التاريخ السياسي الكردي. أطاح الرئيس المشارك لـ”الاتحاد الوطني الكردستاني”، وهو الحزب الحاكم في السليمانية، بافل طالباني (نجل رئيس الجمهورية العراقية الراحل جلال طالباني)، بالرئيس المشارك الآخر، لاهور شيخ جنكي (ابن شقيق جلال طالباني)، وغيّر رؤساء أجهزة مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إلى جانب سلسلة من التغييرات الأخرى في الهيئات التابعة للحزب الذي صادق عليها لاحقاً. لم تكن الأحداث مفاجئة لمن يتابع الوضع منذ تولي الأحزاب السياسية الكردية السلطة في إقليم كردستان عام 1991. بل إنها في الحقيقة نتيجة طبيعية لفشل الأحزاب الكردية في مأسسة إدارة الإقليم الذي كانت تديره طيلة الثلاثين عاماً الماضية. الشعارات المتكررة التي يستخدمها كل حزب في كردستان هي تقديم خدمات جيدة للشعب، فصل الحزب عن الحكومة وعدم التدخل في شؤونها، استقلال القضاء، محاربة الفساد، توحيد قوات البيشمركة والأمن والاستخبارات تحت سلطة حكومة إقليم كردستان. لكن في الواقع، حدث العكس. تسمع كل يوم في كردستان الكثير من القصص عن قساوة أن تكون مواطناً عادياً مستقلاً، وعن امتيازات كونك عضواً فعالاً في الأحزاب السياسية. بعد ثلاثين عاماً، لا يزال الفساد منتشراً في كردستان، وتسيطر النخبة السياسية على الثروة. قوات البيشمركة ما زالت منقسمة بين أربيل والسليمانية، على رغم وعود الأحزاب بتوحيدها. نعم لا تزال قوات البيشمركة اليوم تحت قيادة الأحزاب السياسية وتحديداً تحت امرة بعض القادة داخل الأحزاب، ولهؤلاء قواتهم الخاصة داخل أجهزتها. ثقة الجمهور بالقضاء في أدنى مستوياتها. تاريخياً، عُرف النضال الكردي من أجل الحرية بأنه كفاح شرف وكرامة وتضحية. نضال كان يميز الصواب من الخطأ، وقد نقلت الأجيال الكثير من قصص الفخر إلى أطفالها. اليوم، التحدي الاصعب للآباء هو أن يحكوا لأطفالهم عن النموذج الصحيح الحديث للكوردايتي (خدمة القضية الكردية). القادة والسياسيون هم الأغنى والأكثر “إنجازاً” في مجتمعنا، هم الأقوياء المحصنون، ويأتي في المرتبة الثانية ممثلوهم في مختلف القطاعات العامة والخاصة السياسية والأمنية. اما البقية من علماء ورجال أعمال ومهنيين وأفراد كادحين، غير مستفيدين من نظام المحسوبية، فهم في الغالب مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة. رزقهم وحياتهم اليومية يعتمدان إلى حد كبير على المحصنين. تسمع كل يوم في كردستان الكثير من القصص عن قساوة أن تكون مواطناً عادياً مستقلاً، وعن امتيازات كونك عضواً فعالاً في الأحزاب السياسية. في معظم التعيينات في الخدمة العامة، المحسوبية والولاء للحزب والمحصنين هما المعيار الوحيد تقريباً لتولي مناصب مهمة في مؤسسات الدولة. ونتيجة لذلك فإن هذه المؤسسات المكلفة بتسيير حياة الناس صارت غير فعالة وغير منتجة. من المألوف أن تدخل  إلى دائرة من دوائر القطاع العام، سواء كان ذلك في مجال الصحة أو التعليم أو أي مجال آخر، وأن تجد أن من يرأسها شخص عديم الخبرة أو غير مؤهل، ووجوده في هذا المكان هو لمجرد ولائه لحزب أو قائد معين. إذا كنت موظفاً حكومياً غير منتم لأي حزب، فستعاقب على أصغر خطأ ترتكبه، وإذا كنت في منصبك وأنت من حصة حزبك، فبالامكان التسامح مع أفدح اخطائك ومخالفاتك. لا تستطيع أي شركة محلية أن تستمر في النجاح إذا لم تحصل على دعم عضو بارز في حزب سياسي، والدعم يكون عادة مقابل حصة أو رشوة. لا تستطيع أي شركة دولية العمل بشكل مريح في أي منطقة من دون استرضاء القائد الحزبي العسكري المحلي من خلال منح دائرة أقاربه أو أصدقائه بعض عقود الخدمة أو الخدمات الأمنية، كطريقة مهذبة لدفع الإتاوات. مع هذا المشهد، وفي تحديد الأولويات، من الطبيعي أن نرى أجندات القادة السياسيين الفردية تأتي أولاً لضمان قوتهم وحصانتهم، وتأتي مصالح الأحزاب السياسية في المرتبة الثانية. أما قوة الحكومة والمؤسسات الأخرى التي يفترض أن تخدم الشعب، فهي في أسفل سلم أولويات أي سياسي هنا. هذا المشهد لا يقتصر على منطقة واحدة أو حزب حاكم واحد في كردستان. الجميع يشترك في الخصائص ذاتها ومتورط في الارتكابات ذاتها. وبالتالي من الطبيعي أن تتعارض الأجندات الشخصية على مستوى القيادة. ما حدث في السليمانية كان متوقعاً، بقدر ما كان عكسه متوقعاً أيضاً. الأمر يتعلق بمن يتخذ الخطوة الأولى، وحسب.


  آلدار خليل يعتبر تأسيس مشروع الإدارة الذاتية قفزة نوعية على الصعيد الإداري في سوريا والمنطقة بعد أن كان نظام الحكم المركزي والتسلطي هو القابع والجاثم على صدور الشعب. الظروف والأوضاع التي انطلقت منها الإدارة والتي كانت صعبة جداً ساهمت في تحقيق بناء الإدارة والقرار لعموم الشعوب في شمال وشرق سوريا، لهذه الأسباب وكونها، أي الإدارة الذاتية، تمثل مشروعاً نابعاً من إرادة وحاجة الشعب، وتصر على بناء إرادتهم وقرارهم الحر وتطوير فلسفة الحماية الذاتية والدفاع الذاتي وإحياء كل ما تم مصادرته من ثقافة ولغة وهوية وتاريخ وفن؛ فإن هذه الإدارة كانت ولا تزال مستهدفة من طرف من لا يريد لهذه الأمور أن تتحقق. تتعرض الإدارة الذاتية لهجمات قوية منذ تأسيسها بهدف منع الشعوب من أن تكون واحدة في عيشها وقرارها وإرادتها؛ هذه المحاولات تكشف وبشكل جلي الهدف الرئيسي لهذه القوى والأطراف بعد أن فشلت في منع تطور تجربة الإدارة الذاتية، فحولوا الثقل برمته إلى استهداف حالة التجانس المجتمعي وشكل العيش المشترك والأخوّة بين شعوب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؛ بهدف إفشال المشروع، كما حاولوا سابقاً، لكن هذه المرة عبر استهداف الشعوب في وحدتها من خلال خلق الفتن، حيث باتت هذه ورقتهم الأخيرة ضد الإدارة فقط؛ لأن الإدارة تحافظ على هوية ووجود الشعوب وتشكل خطراً على جميع مشاريع الإبادة والتصفية والإنكار التي يريد أعداء شعبنا تطبيقها عليه. وإضافة لكل الممارسات والانتهاكات التي تتم في المناطق التي تحتلها تركيا ورغبة في إشباع دوافعهم بإبادة شعبنا، فإنهم يجهدون اليوم في ضرب مشروع الإدارة في المناطق التي أثبتت فيها الإدارة نفسها كمشروع ريادي في سوريا ووفرت الأمان ومنعت إجراءات تطور الإرهاب والتطرف والتآمر على الشعب السوري. ما يحدث في منبج وقبلها في مناطق أخرى هو بشكل واضح استغلال للمطالب الشعبية وحق الاحتجاج السلمي والديمقراطي الذي تقره الإدارة الذاتية؛ من خلال هذا الاستغلال تحاول تركيا تمرير مخططاتها عبر مرتزقتها في تلك المناطق، ويتناغم معها النظام السوري في المسلك من أجل تقاسم النتائج الناجمة عن تلك التدخلات والفتن على حساب استقرار أهلنا وتضحياتهم التي قدموها في سبيل تحرير منبج وباقي المناطق من هيمنة وعنهجية البعث كذلك من تركيا ووكلائها، سواء داعش أم المرتزقة. الإدارة الذاتية تمثل اليوم مشروعاً هو طموح لكل السوريين، وتقف أمام محاولات تفتيت سوريا وشعبها وتطور ما يمكن من خلاله الحفاظ على الهوية من الإبادة؛ لذا حينما يتم استهدافها، فإن إرادة كل السوريين مستهدفة، وإن أي بديل لمشروع الإدارة سيكون مثالاً حياً من مشروع الإخوان والمرتزقة المدعوم تركياً ومشروع الهيمنة والتسلط الذي يتبناه النظام السوري ويسعى لفرضه على السوريين.


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand