د. اراس حسين دارتاش في يوم ( ٦ نوفمبر ٢٠٢٠ ) نشرت المقال التالي حول مصير ديمقراطية واشنطن بمناسبة الأحداث الغير الاعتيادية التي رافقت العملية الانتخابية الامريكية ٢٠٢٠، وعلى ضوء الأحداث الجارية حول مبنى الكونكرس الامريكي ومحاولات اقتحامه من قبل أنصار الرئيس ترامب في هذه الليلة والتي تتم فيها المصادقة على نتائج تلك الانتخابات من فبل مجلسي النواب والشيوخ ، لحسم موضوع من سيكون الرئيس المقبل دستوريا، اجد من المفضل اعادة المقال ومسببات حدوث هذا المفترق التاريخي في الديمقراطية الغربية ..!!. (( هل تلحق ديمقراطية واشنطن باشتراكية موسكو نحو الزوال والتفكك...؟؟ )). منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، بدأ العالم يشهد احداثا غير مألوفة على مستوى الدول والشعوب، و هي خارج المعايير المألوفة ، و بدأت المنظمات والأحلاف و الإتفاقيات الدولية تفقد فعاليتها في توجيه التوازنات الدولية . تاريخياً أخفقت منظمة ( عصبة الأمم ) التى تأسست في عام ١٩١٨ في تحقيق الأمن و السلم الدوليين ونشبت الحرب العالمية الثانية بتفاصيلها المعروفة للجميع . وبعد انتهاء الحرب تاًسست ( منظمة الاًمم المتحدة ) في عام ١٩٤٥ في مدينة ( سانفرانسسكو ) كبديل لمنظمة عصبة الاًمم الملغية، وبهدف ( كما يفترض ) تحقيق السلم والأمن الدوليين وحماية حقوق الإنسان ودعم القانون الدولي . فمنذ عام ١٩٤٥ ولغاية ١٩٩١ اصبح لغدد من ( المبادىء والآليات والأحلاف ) الدولية تلعب دورا واضحاً باتجاه تحقيق نوع من التوازن الدولى بين الاتجاهات المختلفة و مسائل حقوق الشعوب بصورة او اخرى ، و تتمثل اختصاراً بما يلي :- ١- آلية (الاًمم المتحدة) ومنظماتها المتنوعة التي حافظت بصورة ما على مسار التوازن الدولي وخاصةً بين المعسكرين المتصارعين آنذاك المتمثلين بالمعسكر الاشتراكي و المعسكر الديموقراطي . ٢- سيادة ( المبدأ الإشتراكي) المزعوم في العمل في الدول الاشتراكية بقيادة (موسكو)، باتجاه تحقيق مصالح شعوبها حسب قناعة تلك الدول في ممارسة الحكم . ٣- سيادة (المبدأ الديمقراطي) المزعوم في العمل في الدول الراُسمالية بقيادة (واشنطن)، باتجاه تحقيق مصالح شعوبها في ممارسة الحكم . ٤- وكانت هناك (آليتين) الى جانب آلية الأمم المتحدة تلعبان دوراً بارزاً في المحافظة على مصالح تلك المجموعتين من الدول و شعوبهما، و تتمثل بكل من :- أ -آلية حلف (الناتو) العسكري الذي تاأسس في (واشنطن) في عام ١٩٤٩، لاجل حماية (الحكم) في الدول الديمقراطية. ب- الية حلف (وارسو) الذي تأسس في عام ١٩٥٥ لاأجل حماية (الحكم) في الدول الإستراكية . باختصار ......ما يراد ان نتوصل اليه انه رغم وجود كل هذه الآليات و منذ عام ١٩٤٥ و لغاية عام ١٩٩١ نرى ان طبيعة العلاقات الدولية لم تكن مستقرة بشكل مطلوب، واستمرت الصراعات والتوترات بين المعسكرين وكذلك بين الدول ضمن المجموعة الواحدة و كانت من نتائجها المعروفة مايلي :- ١- تفكك دولة الاتحاد السوفيتي و معها معظم دول المجموعة الاشتراكية . ٢- العزوف عن ممارسة (الاشتراكية) في العمل . ٣- انهيار حلف وارسو . ٤- الفقدان التدريجي لدور وهيمنة الأمم المتحدة ومنظماتها على الصعيد العالمي . ٥- حصول التضارب و التناقض بين دول المجموعة الديمقراطية وضعف دور اتحاداتها . ٦- حصول الضعف والتردد في دور حلف الناتو العسكري في مسألة حماية مصالح تلك الدول . وأخيرا ..... ما يحصل الان من ممارسات غير مألوفة في (انتخابات ٢٠٢٠) الأمريكية، سواء من قبل المرشحين الرئاسيين او ومناصريهما، لامر غير معتاد وغريب ان يحصل مثل هذا الوضع المأزوم بكل سلبياته في اعرق دولة ديمقراطية في العالم . وكما يصف من قبل وسائل الإعلام و المسؤولين والسياسيين الامريكان أنفسهم فان هذه الممارسة الانتخابية الحالية تتصف بما يلي :- — محاولات اقتحام مراكز الانتخابات . — محاولات ابعاد المراقبين من المراكز الإنتخابية . — غلق أبواب المتاجر بالحديد خوفاً من عمليات نهب مرتقبة . — التهديد بالسلاح ونشر الرعب بين المواطنين . — حصول عمليات التزوير والتلاعب بالاصوات وفقدان الشفافية . — احتساب أصوات غير قانونية . — احتساب أصوات المتوفين . — حدوث المظاهرات وأعمال الشغب والمشاجرات بين المؤيدين لكل طرف . — حصول استقطاب تام واحتقان حاد في الشارع وبين مؤيدي الطرفين، والتلويح بالحرب الاهلية . — انتشار المفارز الأمنية في المناطق الحساسة لمواجهة اي طارئ . —اهم من هذا وذاك هو توجيه طعون قانونية مسبقة بنتائج الفرز قبل انتهاء العملية بكاملها، والتهديد بعدم تسليم او تداول السلطة سلمياً، ....الخ . خلاصة القول ..... ان الصفات اعلاه اللصيقة (بانتخابات ٢٠٢٠) الامريكية لا تختلف عن تلك التي تجري في دول فوضى غير ديمقراطية، وهي تسجل بكل المقاييس خيبة أمل لمعظم الشعوب التي تنظر الى الديمقراطية الامريكية كمثل اعلى يحتذى به، وشوهت الصورة الحقيقية للديمقراطيات الغربية، او ربما بينت حقيفتها المزيفة . ختاماً .... رأينا عمليا في عام ١٩٩١ (انهياراً) في تطبيق (المبدأ الاشتراكي) بدءا (بموسكو) ومن ثم ( تفككاً ) في منظومة (الدول الاشتراكية). فهل من المتوقع ان تؤدي (انتخابات ٢٠٢٠) الامريكية الى حدوث (الإنهيار) في تطبيق (المبدأ الديمقراطي ) بدءا بواشنطن و (تفككاً) في منظومة (الدول الديمقراطية ) و تذهب امال الشعوب هباءً ......؟؟!!. دعنا ماذا سوف نرى بهذا الشأن ..!!.
عبد الرحمن الراشد وجد السياسيون المتضامنون مع الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترمب، أنفسهم بين خيارين؛ إما خسارة الحكومة أو خسارة الحكم، الأغلبية اصطفت مع الدولة، فالمؤسسة أهم من الفرد. ما جرى أمس في واشنطن قانوني، بما في ذلك الاعتراض على النتائج وضد ترئيس جو بايدن، باستثناء اقتحام الكونغرس وتهديد أعضائه. اهتزت صورة الولايات المتحدة، البلد الذي يفاخر بنظامه ويحاضر على الأمم الأخرى بأخلاقياته، لكن ما يقال عن انهيار الولايات المتحدة وحرب أهلية وفشل النظام السياسي، لا يمت للواقع هناك بشيء. أميركا بلد مؤسسات، ونظامها راسخ. وما فعله الرئيس ترمب وشكك ملايين الناس في النظام كان امتحاناً لمؤسسات الدولة التي تفوقت عليه في الأخير. هناك فارق كبير بين التنافس على الحكومة والصراع مع النظام السياسي. الدولة أكبر من الحكومة ومن الأحزاب، وهي تمثل المؤسسات المختلفة، الرئاسة والتشريعية والقضائية والحكومة البيروقراطية، والحكومات الفيدراليات، ونشاطاتها ومنشآتها المدنية والعسكرية. والمؤسسة العميقة، المتهم الرئيسي في نظرية ترمب المؤامراتية، هي الأجهزة القوية للحكم، سواء عسكرية أو أمنية أو اقتصادية أو سياسية، مثل الحزبين الحاكمين في أميركا. ومن الطبيعي، بغض النظر عن هراء نظريات المؤامرة، أن هذه المؤسسات ستحمي الدولة، لا الحكومة أو الرئيس، ولن تسمح لترمب أو غيره بتدمير الهيكل أو هزّ أركانه. لا توجد هنا مؤامرة، ترمب فاز بالرئاسة بفضل النظام الذي يهاجمه، سمح له بالترشح والفوز والحكم، مع أنه لم يعمل في حياته في السياسة. نفس النظام الذي أدخل ترمب البيت الأبيض هو النظام الذي يخرجه منه اليوم، من خلال القوانين. وحديثه عن التزوير وسرقة الحكم كلام بلا أسانيد موثقة. النظام الأميركي ليس بريئاً تماماً، فهو يصنع قادته ويسمح للمتنفذين بذلك من خلال التبرعات وقوى الضغط ووسائل الإعلام، ضمن منظومة تشريعات معقدة تنتج مخرجات محددة. ودائماً في داخل الولايات المتحدة فئات ترفض هذا النظام وتتمرد عليه، وقد ثارت عليه في الستينات وكانت ثورتها في حركة الحقوق المدنية أعظم مما شاهدناه اليومين الماضيين وعمت كبريات المدن. لكن النظام الأميركي أكبر منهم جميعاً ولديه القدرة على استيعاب الغاضبين وإشراكهم، لهذا رأينا باراك أوباما من الأفارقة الأميركيين وكامالا هاريس من أصول هندية جامايكية. للأميركيين، الدولة وسلامتها أهم من اعتراضات ترمب وجمهوره، وتلجأ السلطة إلى القوة لحماية نفسها، وإلى عزل الرئيس إن شكل خطراً على نظامها. الجمهوريون بأغلبيتهم وقفوا أمس في الكونغرس ضد رئيسهم لأنهم يعتقدون أنه أصبح يهدد نظام الحكم ويشق صف الشعب. وهم في البداية ساندوه في شكواه وشكوكه في سلامة نتائج الانتخابات. مكنوه من استخدام كل السبل القانونية، رفع 50 دعوى في المحاكم الفيدرالية وخسرها إلا واحدة، كانت على عدد صغير من الأصوات. وذهب للمحكمة العليا التي معظم قضاتها من معسكر ترمب، وهي الأخرى رفضتها. رفاقه وقادة حزبه الجمهوري أيضاً رفضوا اعتراضاته، حكام الولايات المعنية الجمهوريون أيضاً قالوا له إن ادعاءاته غير صحيحة. لا يعقل أن كل هؤلاء متآمرون ضده! الفارق أنهم أبناء المؤسسة الحاكمة وهو دخيل عليها، لكن ترمب يتفوق عليهم بشعبيته الجارفة ومع أن ما يقوله عن المؤامرة والتزوير أوهام، وربما هو مقتنع حقاً بصحتها. وهذا لا ينفي أن خصومه ثعالب يعرفون كيف يديرون المعارك والانتخابات أفضل منه بدليل أنهم سهلوا عملية التصويت بالبريد التي كانت لصالحهم، مستفيدين من ظروف الوباء، وهو نظام لم يعرف ترمب كيف يتحداه مبكراً ويقيده بحيث يحرم خصومه من استغلاله. النظام الأميركي، طالما أنه يملك آلة صناعية هائلة، وسوقاً اقتصادية غنية، وجامعات ومراكز أبحاث مبدعة، وأمة حية، فإنه سيبقى قوة متفوقة. وما حدث أخيراً فصل مخجل ومحرج وسيتجاوزونه.
باقر الزبيدي راهنت أربيل على عدة مشاريع سياسية، بالتعاون والتنسيق مع بعض دول الجوار والإقليم منذ ٩ نيسان ٢٠٠٣ وكان أخرها وليس أخيرها مشروع الإستفتاء لتقرير المصير عام ٢٠١٧ وفي موازات ذلك كان هناك مشروع تديره حكومة الإقليم وهو المشروع الإقتصادي الذي له رعاة إقليميون أبرزهم تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة والذي تستحوذ شركاتهما على النفط المستخرج من الإقليم وكان من أهم الأهداف التي سعى أليها ذلك المشروع وعلى مدى السنوات العجاف من الإرهاب وما تخلله من صراع طائفي إلى جعل أربيل مركز جذب لرؤوس الأموال العراقية ومقراً للشركات الوطنية والأجنبية العاملة في العراق بإعتبارها مكاناً آمناً، ومع الإستقرار التدريجي للوضع داخل العراق بعد القضاء على "د ا ع ش" ومن قبلها على القاعدة وأخواتها بدأت رحلة العودة للرأسمال الوطني وكذلك الشركات إلى بغداد وتوسعت إلى البصرة ومناطق أخرى من الوسط والجنوب، ولم يعد الإقليم يحظى بالمكانة السابقة من الناحية الإقتصادية، وكونه منصة إقتصادية يطل منها على منطقة ملتهبة مركزها بغداد والتي تحولت إلى محور إستقطاب للباحثين عن مزاد العملة ! والتجارة والإستيراد مما دفع بحكومة كردستان إلى التواجد في بغداد عبر واجهات ومصارف وشركات في بغداد وأخرى في البصرة تعمل في مجال النفط، وتأمل أربيل وفق تصوراتها وحساباتها عن المشاريع الواعدة في البصرة وفي مقدمتها ميناء الفاو الكبير وبعد أن بان عجزها المالي وإحتياجها الوجودي إلى بغداد أن تكون في مقدمة المستفيدين من مشروع (الحزام والطريق) في حال مروره عبر الإقليم وصولاً إلى سوريا أو صعوداً إلى تركيا وهو حلم لا يمكن أن يتحقق لأن الإقليم وقيادته السياسية تحديداً لم يعد موضوع ثقة بغداد بعد تحكمه بمقدرات العراق وثرواته وإستهانته بالحكومة الإتحادية في كل تعاملاته في الداخل أو مع الخارج لاسيما وان الخيارات مع تركيا متاحة لوجود مسافة تتراوح ما بين (8-9 كيلومترات) تحد محافظة نينوى بالجارة الشمالية تركيا وبما يتجاوز معبر إبراهيم الخليل.
د. فرهاد علاء الدين مع اقتراب الذكرى السنوية لعملية اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ورئيس اركان هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، تصاعدت وتائر الحرب الإعلامية بين واشنطن وطهران على نحو أثار قلق مختلف الأوساط. وقد تصدرت أنباء التصعيدات الأخيرة السوشيال ميديا وفي مقدمتها التغريدات الملغمة بالتهديدات من كلا الطرفين، حيث شهدت حسابات تويتر المرتبطة بالعاصمتين رسم ملامح لمواجهة عسكرية وشيكة. الجانب الأمريكي كثف من جانبه تحركاته العسكرية في منطقة الخليج ومضيق هرمز، عبر إرسال حاملات الطائرات المقاتلة الى جانب تحليق عدد من القاذفات العملاقة إنطلاقا من قواعدها في الولايات المتحدة الأمريكية لتتسيد سماء الخليج العربي في موجة إستعراض للقوة وعلى نحو متناوب طيلة الايام القليلة الماضية. فيما وصف الجنرال فرانك مكينزي قائد القيادة المركزية الامريكية هذه التحركات بأنها “رسالة واضحة الى كل من ينوي إستهداف مصالحنا أو إلحاق الأذى بالامريكيين، نحن لا نسعى الى نزاع ولكن لا يجوز لاحد ان يقلل من قدرتنا على الدفاع عن قواتنا او الرد بحزم على أي هجوم “. وبدورها عمدت طهران الى تأكيد قدرتها على التصدي لأي محاولة أمريكية تستهدفها، حيث تناوب العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين على إطلاق التصريحات المنددة بالتحركات العسكرية الامريكية الأخيرة في المنطقة، ملوحين الى عزمهم ليس على صد اي هجوم محتمل بل “الانتقام الشديد” أيضا، إذ قال قائد فيلق القدس إسماعيل قآاني في تغريده له نشرتها وكالة تسنيم الإيرانية “ان هذا الانتقام ذو وجهين، الأول هو الانتقام من القتلة والامراء، والثاني هو إخراج القوات الامريكية من المنطقة”. بل توجت هذه التصريحات بإطلاق هاشتاغ #اخراجالمحتلثار_قادتنا. مراقبون للوضع الأمريكي تركز إهتمامهم على إنشغال الإدارة الامريكية بمشاكلها الداخلية، حيث ينهمك الرئيس ترامب بكيفية اكمال المدة المتبقية من إدراته في غضون الأيام القليلة القادمة. والملاحظ أن جل اهتمامه انصب على الشأن الداخلي وما آلت أليه الانتخابات الرئاسية، فهو لازال يعتقد بأن لديه فرصة لقلب نتائج الانتخابات، وأن محاولته الأخيرة يوم 6 كانون الثاني تتمثل بإنتظار فرضية إحتمال عدم مصادقة الكونغرس الأمريكي على نتائج الإنتخابات، على الرغم من أن هذه الفرصة مازالت صعبة التحقق على أغلب الظن. لذلك فأن الرئيس ترامب يظهر وكأنه غير مكترث بالسياسة الخارجية بقدر إهتمامه على مايجري بالداخل الأمريكي، وأن من يقود هذه السياسة هم وزير الخارجية وبعض المستشارين الذين يريدون التصعيد في آواخر أيام إدراتهم. ويستبعد المراقبون العسكريون أي ضربة استباقية أمريكية على ايران، حيث قال الجنرال المتقاعد مارك كيميت، مساعد وكيل وزير الدفاع السابق ردا على سؤال: هل هناك أي فائدة عسكرية من توجيه ضربة لإيران في الأيام القادمة فأجاب: ” لا، لكن بالتأكيد أمريكا لن تقوم بضربة استباقية الا اذا كان هناك ضربة من ايران اولا، وفي هذه الحالة سيضطر أي رئيس امريكي للرد”. ولعل انسحاب حاملة الطائرات العملاقة نيميتز من الخليج عشية رأس السنة إشارة إيجابية على ان الولايات المتحدة لا تنوي توجيه ضربة الى ايران وانها ليست بحاجة الى هذه القوة العسكرية في المنطقة. الأعتقاد السائد للمهتمين بالشأن الإيراني يشير الى إيران دولة تحسب لكل خطوة حسابات دقيقة وعميقة، ومعروف عنها قدرتها على المطاولة والمناورة، لذا ليس من المعقول ان تذهب القيادة الايرانية نحو التصعيد العسكري لعدة أسباب منها أولا، ان الإدارة الامريكية الحالية تنتهي ولايتها خلال أقل من ثلاثة أسابيع، لتأتي إدارة جديدة أغلب مسؤوليها وخصوصا وزير الخارجية ومستشار الامن الوطني هم من ساهموا بشكل فعال في مفاوضات أمريكا مع الدول الخمس للوصول الى الاتفاق النووي. وثانيا ان كل الإشارات التي وصلت الى القوى الموالية لإيران في منطقة الشرق الأوسط تؤكد السعي نحو التهدئة وعدم التصعيد. وثالثا أن التصريحات الإيرانية التي تتحدث عن الثأر على المدى البعيد، إنما تهدف الى إدامة الزخم الإعلامي والتحشيد الداخلي لدعم النظام ومحاولة لكسب تعاطف الداخل الإيراني، وهذا التعاطف قد يخسره النظام في حال نشوب حرب مدمرة لايقوى عليها شعب عانى بشدة من قسوة العقوبات الإقتصادية المستمرة منذ سنوات. عليه فان طهران ستعطي الإدارة الجديدة في واشنطن فرصة إستعادة لغة الحوار والتفاهم الديبلوماسي، وفي حال استمرار سياسة الضغط والحصار الاقتصادي التي فرضتها إدارة ترامب، عندها ستلجأ بالتأكيد الى خيارات أخرى. لقد كانت الحكومة الإيرانية واضحة منذ بدء الحصار عليها عام 2017، بإنها لن ترضخ لهذه السياسة طويلا، مثلما رضخ العراق في تسعينيات القرن الماضي، بإنتظار أن تشهد البلاد ساعات الإحتضار القاسي تحت وطأة الحصار. لكن الإيرانيون تحملوا حصار السنوات الأربع بأنتظار رحيل الرئيس ترمب وهذا ماحصل بالفعل، ولو كان في نيتهم شن الحرب في محاولة لكسر الحصار والخروج من هذه العزلة الخانقة لفعلوها منذ بداية المواجهة مع الرئيس الامريكي. بالإضافة الى أن الإيرانيين اكتفوا بقصف قاعدة عين الأسد غربي العراق، كرد على إغتيال سليماني والمهندس، مما يدل على أنهم لايفكرون بالحرب عبر مواجهة مباشرة مع أقوى ترسانة حربية بالعالم قدر تفكيرهم بمغادرة العقوبات الإقتصادية المفروضة عليهم بإقل الخسائر. يبقى الإحتمال الآخر لبلوغ ذروة التصعيد العسكري الذي قد ينتهي الى إندلاع الحرب، يتمثل بقيام طرف ثالث والمقصود هنا إسرائيل بضربة لإيران او لقواعد وأهداف كبيرة تابعة لإيران في محاولة لجرها الى توجيه ضربة مماثلة لمصالح أمريكية في المنطقة. او اذا تم مهاجمة المصالح الامريكية من فصائل موالية لإيران في المنطقة واتهام ايران بهذه الضربات. برغم إمكانية وقوع أحد الإحتمالين أو كلاهما لكن كل المؤشرات القائمة تستبعد ذلك حتى اللحظة على الأقل. أن الحوار الديبلوماسي وإنتهاج سبيل التفاهم مازالا يمثلان الخيار الأفضل لجميع الأطراف. وفي حال تحقق الحوار بين الطرفين، فأن التوصل لحلول مناسبة من شأنها أن تنعكس على إستقرار المنطقة عموما، والعراق بوجه خاص، وبالتالي إستعادة السلام الذي سيشكل حتما بداية حقيقية وواعدة لإعادة البناء والتنمية والإعمار. لاسيما وأن دول المنطقة والغرب عموما اجمع دفعت ثمنا باهضا جراء الركود الإقتصادي الذي أصاب العالم أجمع منذ نحو عام كامل بسبب إنتشار وباء كوورونا ومن قبله موجات الربيع العربي والحروب الداخلية ومواجهة تنظيمات داعش التي اجتاحت دول عدة.
ستران عبدالله فوت بيها وعلزلم خليها هذه كانت عنوانا لانشودة بعثية رددها مطرب بعثي قبل سقوط الدكتاتور صدام حسين في حرب العام ٢٠٠٣ ولان المطرب لم يكن جديا في دعوته لام المعارك الاخير لسيده ومولاه صدام فقط امكن تأهيله من جديد بعد الانفتاح العراقي فعاد الى موقعه في الفن المبتذل ليغني وصلة ( قلبي) مساهما في تدمير ماتبقى من الذوق الغنائي العراقي الذي كان يشهد له القاصي والداني قبل سطوة البعث على العراق فنا ونفطا وسياسة. وترك المطرب المنكوب السياسة ونزالاتها للعراقيين الجدد على غرار المحافظين الجدد في الزمن الامريكي بتوقيت جورج بوش الاكثر اعتدالا قياسا بالزمن الامريكي الجديد بحسب الساعة الترامبية. ولان الديمقراطية العراقية كانت (هدية الاجنبي) بوصف الدكتور فؤاد عجمي فأن العراقيين لم يقدروا الهدية التي وهبت لهم ففعلو بها ماقاله الشاعر الفيلسوف بيرميرد في نقده اللاذع عن ضياع خاتم سليمان على يد العابثين المحليين زمن مملكة الشيخ محمود الحفيد . وكرر الفضاء السياسي العراقي في عهد العراقيين الجدد بداية القرن الجديد ما دأب عليه كرد بداية القرن العشرين حيث خسروا التجربة وخسروا الخاتم الذهبي. وظهر بعد سقوط الصنم سياسيين من صنف من قال (ماننطيها) بالرغم الدستور والديمقراطية والبرلمان، واخرون دخولها امنيين مع بعض بهارات الشعبوية في تظاهرات المنطقة الخضراء حيث حطموا كراسي مجلس النواب بذريعة فسادها وعدم فاعلية الديمقراطية الافرنجية وهم لهم حجتهم على كل حال لايصل الى حد التمادي في الشلع والقلع. وفي الوقت الذي كان فيه العالم يأمل ان تكون التجربة والخطأ ديدن العراقيين كما ديدن التجارب العالم الثالثية التي مازالت تحبو لكي تستقر على حال افضل و اكثر جدوى للخصوصية الوطنية ،جاء رجل من اقصى البحار وليس من اقصى المدينة ليقول كما قيل في العراق (ماننطيها) وليدعو انصاره الى فعل كل عمل شنيع كما دعى احدهم يوما ما انصاره في كردستان الى فعل كل مايستطيعون فعله دون وازع من خيار ديمقراطي او حلول سلمية للتجربة الهشة اساسا. يقول انصار ترامب (ماننطيها) ويدعو هو جلاوزته الى خيار (فوت بيها وعلى الزلم خليها) دون الالتفات الى كون امريكا اصبحت على كبرها انموذجا للسياسة والحنكة الديمقراطية وهي مسئولة عن الالهام السياسي اكثر من مسئوليتها تجاه امريكا نفسها. وفي كل الاحوال فيبدو ان الديمقراطية الغربية في اعلى مراحلها الامريكية اصبحت منهكة كتجربة قبل ان نسارع الى تسميتها بالمنتهكة انعكاسا لما جرى في هذه الليلة . ويبقى سوأل برسم الغد و برسم العقد الثالث من هذا القرن: هل ان القرن الجديد كما القرون كلها لها استحقاقاتها المستجدة وان هذا القرن سيكون له خطابه وتجربته و كلامه المختلف ايضا؟ على كل حال ليلة سعيدة للجميع
باقر الزبيدي يتخوف الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ترامب من هجوم إيراني سيكون وصمة عار تختم فترته الرئاسية وتسقِط هيبة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم. ترامب يعلم جيداً ان أي عمل عسكري على إيران سوف يكون مُكْلِف وسط معلومات تؤكد إنه يحاول إطالة فترة حكمه عبر صراعات داخلية ؟! أتمنى على السيد ترامب ان يقرأ التأريخ جيداً ليعرف مقدار شجاعة وعزم وصبر الشعب الإيراني والمعارك التي خاضتها الإمبراطورية الفارسية عبر التأريخ. ان أي تصعيد في المنطقة سوف يسبب أضرارًا جسيمة للسوق العالمية التي تعاني أصلًا من تداعيات كورونا، وستحتاج أمريكا إلى فترة لا تقل عن 9 أشهر لتنظيف مضيقي (هرمز و باب المندب) من الألغام البحرية التي ستوقف 80% من صادرات النفط والغاز الذي تصدره الدول المطلة على الخليج يرافق ذلك كله تحرك لعدد من حلفاء إيران في العراق واليمن ولبنان وفلسطين وسوريا مما سيزيد من حجم خسائر أمريكا وحلفاؤها. سوف يكون السيد ترامب في غاية السرور لو إنتهت العشرون يوماً من حكمهِ بدون أي عملية ثأر إيرانية. وأنا على يقين ان عرّاب الإتفاق النووي جو بايدن سوف يعمل على إعادة الإتفاق الذي سيكون بداية لعودة الإستقرار والسلام للخليج والشرق الأوسط.
د. يحيى عمر ريشاوي مع أن الرقم (2020) كان رقماً جميلاً وبراقاً، واحتفل به العالم أيما احتفال، وتفنن الجميع في عرضه وإبرازه، وذلك ليلة توديعهم لعام (2019)، إلا أنه وبالعكس من شكله الجذاب، فقد كان عاماً مليئاً بالآلام والأحداث المحزنة، عاماً للوباء الصحي والسياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي في العالم أجمع. فمنذ بدايات هذا العام عشنا شهوراً من آلام المرض، وفقدان الأحبة، وفوضى القرارات المتناقضة للدول والحكومات، والتخبط الواضح في التعامل مع المرض، وتجسد الضعف الإنساني في كيفية الوصول إلى علاج هذا الوباء الغريب والمستعصـي، إضافة الى أكاذيب الوصول إلى علاج سحري للداء، هنا وهناك! والأنباء المنتشرة حول دور بعض الدول والمنظمات والأشخاص في انتشار هذا الفيروس، والأرباح الفاحشة لبعض شركات الأدوية من وراء ذلك، وغيرها، وغيرها. عام (2020) كان عاماً كشفت السياسة فيه عن وجهها القبيح، وكيف تحولت العملية السياسية من عملية راقية هدفها خدمة البشـرية، إلى لعبة قذرة بيد أصحاب المصالح وذوي النفوذ في العالم، كما تجسد في تعامل الإدارة الروسية، ومعظم المنظمات الدولية، مع القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وكذلك في أروقة السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيفية تعاطي (دونالد ترامب) مع القضايا المختلفة، والمتعلقة بوباء كورونا، والعلاقات مع الدول الأخرى، وتعامله المتعصب مع السود، وأخيراً في العملية الانتخابية ومنافسته لـ(بايدن)، إلى حد السب والشتم وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات! والاقتصاد العالمي لم يكن حظه بأحسن من الواقع الصحي والسياسي: تدهور في أسعار النفط لم يشهده العالم من قبل، وازدياد غنى الأغنياء وفقر الفقراء في العالم أجمع، واستمرار موجات الهجرة من الدول (المفقَّرة والمجوَّعة!) إلى الدول الغنية والمهيمنة على اقتصاد العالم وخيراته، وكذلك ظهور فوضى العملات الإلكترونية، والصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين، الذي تمثل في السيطرة على فضاء الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى حد عودة الرقابة والاحتكار الإعلامي وغيرها. إضافة إلى هذا وذاك، فإن العالم في عام (2020) قد شهد بروز حالة من التعصب في التعامل مع المسلمين في أوروبا، جراء العمليات الإرهابية في بعض دولها، وكان عراب هذا التعامل المنحاز الرئيس الفرنسـي (ماكرون)، الذي خلط الحابل بالنابل، وأطلق تعميمات ليس على المسلمين فقط، بل على الدين الإسلامي! الأمر الذي خلق حالة من الاحتقان الديني بين المؤسسات الرسمية في فرنسا، وبين الجالية المسلمة هناك، والدول الأوروبية الأخرى. باختصار لم يكن عام (2020) عام فأل حسن، وعايش معظمنا فيه القلق والألم والحزن، عسـى ولعلنا نشهد في (2021) ما يسر ويرجع إلى النفس شيئاً من الطمأنينة وراحة البال.. عسـى ولعلّ! مجلة الحوار
توني بلير يجب تغيير سياسة التلقيح البريطانية من أجل إعطاء جرعة واحدة لأكبر عدد ممكن من الناس بهدف إبطاء انتشار فيروس كورونا الآن وقد باتت لدينا تحورات ونسخ مهمة وجديدة عن فيروس كورونا هنا في المملكة المتحدة كما في جنوب أفريقيا، حيث يستدعي الموضوع قدراً أكبر من القلق، ازدادت الصورة وضوحاً، لا يمكننا القضاء على هذا الفيروس تماماً، وعلينا أن نتعايش معه، وسوف يرافقنا عدة سنوات على الأرجح، قد يتغير مثل الإنفلونزا، ويتطلب بالتالي تعديلاً مستمراً في طريقة مكافحتنا له، أما الاستمرار في مسارنا الحالي فيعني فرض حالة إغلاق صارمة إلى حين انتهاء التطعيم. ولذلك يجب تغيير خطة التطعيم الحالية وتسريعها بشكل كبير. لو اتبعنا النهج الحالي، لن يحصل معظم سكان البلاد على اللقاح قبل الربيع أو الصيف. وسوف يكون الضرر الاقتصادي والصحي، والجسدي والذهني، الذي يتسبب به هذا الجدول الزمني، هائلاً. هذا أضخم التحديات التي تواجه حكومة على الإطلاق. وقد يكون لدى رئيس الوزراء وكبار مستشاريه معلومات لا أملكها شخصياً. إنما على صناع القرار عندنا أن يفكروا كثيراً في ما يلي. على وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية إعطاء الإذن للقاح أكسفورد أسترا- زينيكا في غضون أيام، كي يُضاف إلى لقاح فايزر. لدينا عدة ملايين من الجرعات، وقد يتوفر 15 مليون جرعة إضافية في يناير (كانون الثاني). هذا لقاح من جرعتين، لكن حتى الجرعة الأولى ستعطي كثيراً من المناعة، فيما تتحقق الفعالية الكاملة من خلال جرعة ثانية تُعطى بعد شهرين و ثلاثة، وهي فترة أطول مما اعتُقد سابقاً. علينا التفكير في إعطاء كل الجرعات المتوفرة في يناير باعتبارها جرعات أولى، أي عدم إبقاء نصفها باعتبارها الجرعات الثانية. ثم مع إنتاج مزيد منها، سيكون لدينا ما يكفي للجرعة الثانية. ومن المفترض أن يصلنا ثلاثون مليون جرعة من لقاح جونسون آند جونسون (وهو لقاح من جرعة واحدة) بحلول نهاية يناير. علينا أن نضع نصب أعيننا ضرورة استخدامها كلها في فبراير (شباط). وعلينا الاستمرار بإعطاء الأولوية للعاملين في الخطوط الأمامية في مجال الصحة والناس الأكثر عرضة للخطر، لكن لا يجب أن يشكل هذا الأمر عائقاً يؤخر تطعيم الآخرين. بل يجب أن نصبو لإعطاء اللقاح إلى أكبر عدد ممكن من الناس خلال الأشهر المقبلة. والحجة المنطقية التي تحكم شرط السن، هي طبعاً زيادة خطر الموت. لكن إن كان انتشار العدوى ما يقلقنا، سيكون من المنطقي أن نلتفت إلى مسألة تطعيم من ينشرونها، لا سيما بعض المجالات المهنية المحددة أو الفئات العمرية مثل الطلاب. فلنُعد التفكير في الخطة العملية اللوجستية كي نتأكد إن كان بإمكاننا زيادة رقعة التطعيم. وفي حال توفر اللقاحات، سيكون من المستحيل فعلاً (نظراً لخطورة محنتنا) أن نتمكن من تلقيح أغلبية السكان بحلول نهاية فبراير؟ جدوا حلاً لمشكلة الفحص الجماعي! أعلم عما يقال من كون اختبار المستضدات السريع غير دقيق بما فيه الكفاية. ورأيي الشخصي (بناء على الأبحاث التي أجراها معهدي) هو أنه أجل، لا شك أن فحص اختبار التفاعل المتسلسل للبوليميراز PCR هو المعيار الذهبي الأفضل، لكن لاختبارات المستضدات السريعة دوراً مهماً تؤديه. في ليفربول (التي لا تزال في المستوى الثاني) أجرت الحكومة تجربة اختبار الفحص الجماعي وتبين فيها أن 25 في المئة من كافة الإصابات المؤكدة وُجدت في ناقلين للمرض لا تظهر عليهم الأعراض، وقد اكتُشف ذلك من خلال اختبارات التدفق الأفقي السريعة. على المستوى الوطني، يمكن أن يكشف ذلك مكامن انتشار العدوى الكبيرة ويحد منها. لا شك أن احتمال ظهور نتائج سلبية كاذبة موجود في الاختبارات السريعة، لكن في الوضع الراهن، كل حالات الإصابة بكوفيد التي لا تظهر عوارض مرض، ولم تُفحص هي فعلياً نتائج سلبية كاذبة. قد يكون لدى شخص ثلاثيني مصاب بكوفيد ولا تظهر عليه علامات المرض ولا يعلم بوضعه، كمية كبيرة من الفيروس ويُحتمل أنه يساعد الفيروس على التحور. فلنرفع إنتاجية الأدوية العلاجية التي تنقذ الحياة، ولنعطِ كل مريض الفرصة للاشتراك في تجارب الأدوية. البيانات، نحن بحاجة لأفضل نظام بيانات موجود في العالم ونحتاجه الآن. أرجوكم ألا تصدقوا أن أنظمتنا الحالية مناسبة. ليست كذلك. وهذا يعود إلى تحور الفيروس، وإلى أننا سوف نتعلم أكثر بكثير في العام 2021 مما تعلمناه في العام 2020. علينا حفظ وجمع كل ما قُدم من اختبارات ولقاحات وأدوية في سجل واحد. حضروا لنوع من جواز السفر الصحي الآن. أعلم ما هي الاعتراضات كلها، لكن ذلك سيحدث. وهي الطريقة الوحيدة كي يستمر العالم بالسير والعمل، وكي لا يعود الإغلاق السبيل الوحيد للتصرف. لا شأن للسياسة بهذا الموضوع. كل ما أريده هو أن تنجح الحكومة في التغلب على هذا الفيروس. لكن لا مجال للخطأ في خطة التطعيم هذه.
مينا العريبي كان عام 2020 حافلاً بالأحداث والتطورات، خاصة بسبب وباء «كوفيد-19»؛ توفى نحو 1.7 مليون شخص حول العالم بسببه، وخسر الملايين وظائفهم ولقمة عيشهم، ودخلت مفردات في لغتنا اليومية، مثل الجائحة والكمامات والتطعيم وغيرها، وأصبحت محور اهتمام غالبية الناس حول العالم. ندخل عام 2021 وما زال الطريق طويلاً قبل التعافي من هذه الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية. لكنَّ هناك دولاً تمرُّ بأزمات ضخمة تقلل من أهمية تبعات الوباء، بسبب المشكلات اليومية التي تواجه شعوبها. في مقدمة هذه الدول العراق الذي من الصعب معرفة حقيقة مدى تفشي الوباء، أو رصد عدد الوفيات فيه من جراء «كوفيد-19»، بسبب شبه انهيار المنظومة الصحية في البلاد، رغم الجهود الجبارة للأطباء العراقيين. استيقظ العراقيون صباح 1 يناير (كانون الثاني) لعام 2020 على وقع تداعيات الهجوم على السفارة الأميركية في بغداد في الليلة السابقة من قبل أحزاب وميليشيات موالية لإيران. وبعد يومين، جاء الرد الأميركي عبر صاروخ قضى على زعيم «فيلق القدس» قاسم سليماني، والرئيس الفعلي لـ«الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس. كان استهدافهما تذكيراً من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنها مستعدة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد من يهدد مصالحها مباشرة. وأعيدت الحسابات داخل العراق، إذ توقع بعضهم أن يتخذ الأميركيون إجراءات إضافية ضد الميليشيات، بينما زاد معارضو واشنطن من مطالبتهم بإخراج القوات الأميركية من البلاد، سعياً لتدارك الوضع. وتكلَّلت تلك المطالب بتصويت البرلمان على قرار يطالب بسحب القوات فعلياً، الأمر الذي يتماشى مع سياسة ترمب العامة التي تسعى لإعادة القوات الأميركية إلى البلاد. ورغم اهتمام الشارع العراقي بهذه الأحداث، فإنه لم يكن يتوقع خيراً منها، إذ إن هذه الصراعات لا تهدف إلى حل مشكلات الشعب، أو تحقيق مطالبه التي أهمها العيش بسلام، والحصول على لقمة العيش بكرامة، وهما الأمران اللذان يمنعهما الفساد والعصابات المسلحة. المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير والإصلاح في العراق التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ما زالت مستمرة، وكل العوامل التي دفعت بالعراقيين إلى التظاهر والمطالبة بالتغيير ما زالت قائمة، رغم استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. لم يتم الاتفاق على خلفه، مصطفى الكاظمي، حتى أبريل (نيسان) 2020 بسبب الصراعات حول المصالح الحزبية، لا الاختلاف على التوجه السياسي المطلوب لينهض البلد مجدداً. وجاءت تسمية الكاظمي بعد مساعي الرئيس العراقي برهم صالح لاختيار شخصية جامعة لم تتسلَّم منصباً حكومياً سابقاً، ولا تأتي من حزب سياسي معين، تماشياً مع مطالب المتظاهرين الذين مات من بين صفوفهم أكثر من 700 شاب بحثاً عن مستقبل أفضل لبلادهم. كان هناك تفاؤل حذر ملحوظ بتنصيب الكاظمي الذي وصف بأنَّه وطني، غير طائفي، ساعٍ لتحسين الحياة المعيشية للعراقيين، حريص على صيانة سيادة الدولة. ولكن كان هناك من يخشى من مجيء الكاظمي وإحداث التغيير السياسي، لأن ذلك البرنامج الحكومي يستهدف الفساد والعصابات. فعمل هؤلاء، خاصة أتباع الميليشيات والخارجيين عن القانون، منذ اليوم الأول على إضعاف الحكومة. مرَّت أسابيع والصواريخ تستهدف السفارة الأميركية والمنطقة الخضراء للضغط على الحكومة، بينما استمر الفساد، وتصاعدت الأزمة المالية العالمية، وبقت أسعار النفط منخفضة. فور وصوله لرئاسة الحكومة، تحدث الكاظمي وفريقه الحكومي عن الأزمة المالية التي تواجه البلاد، والإصلاحات الضرورية لمعالجتها. وأصبحت «الورقة البيضاء» التي قدمها وزير المالية علي علاوي تجسد الإصلاحات الضرورية لإنقاذ الاقتصاد العراقي؛ الإجراءات التي طرحها الوزير علاوي نظرياً سليمة وأساسية لنهوض الاقتصاد، وتتماشى مع مطالب المؤسسات المالية العالمية، لكن الأمر النظري شيء والواقع شيء آخر. فعلى سبيل المثال، تقليص إنفاق الدولة على رواتب الموظفين الحكوميين مهمة، ولكن فقط عندما تكون هناك بيئة لنهوض القطاع الخاص محمية من تهديدات العصابات والرشى. وعمليات تهريب النفط، والتلاعب بأموال الدولة من خلال الرشى وعدم دفع الجمارك للدولة، واستيراد المنتجات الإيرانية بأضعاف سعر السوق (خاصة الغاز الذي يحرقه العراق)... كلها مستمرة. وقد ارتفع معدل الفقر في هذا البلد الغني إلى 40 في المائة من سكانه. واتخذت الحكومة قرارات عدة لسد العجز المالي لموازنة عام 2020 الذي تجاوز 65 مليار دولار، آخرها قرار تخفيض سعر صرف الدينار العراقي من 1190 ديناراً عراقياً في مقابل الدولار الأميركي إلى 1450 ديناراً. بين ليلة وضحاها، خسر الدينار العراقي نحو 23 في المائة من قيمته، والمتضرر الأول الفرد العراقي الذي يتعامل بعملة بلاده لا بالعملة الصعبة. حدثت بلبلة شديدة في الشارع العراقي، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بنسبة تصل إلى 50 في المائة. لا تلجأ الدول لتخفيض عملتها إلا بعد أن تستنزف كل الإجراءات الأخرى؛ لم يحدث ذلك في العراق، فتحمل الشعب العراقي مجدداً تبعات قرارات سياسية غير مسؤولة. الكاظمي جاء للحكم بطموح كبير، ووعود بتغييرات لطالما انتظرها الشعب العراقي، من بينها التصدي للفساد والسلاح الخارج عن الدولة، ووقف التهريب عبر الحدود، والأهم من كل ذلك صيانة سيادة العراق. وعلى الرغم من نوايا الكاظمي، بعد أكثر من نصف سنة من تشكيل حكومته، لا يوجد مسار واضح حول كيفية تطبيق هذه الأهداف. ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة أن تزيد الميليشيات الموالية لإيران من إطلاق الصواريخ على السفارة الأميركية، ومقار الحكومة العراقية، ضمن الحملة الإعلامية لها، والادعاء بأنها تأخذ بثأري سليماني والمهندس، تزامناً مع الذكرى الأولى لمقتلهما. وعلى الرغم من بيانات الاستنكار والاستهجان، ليس بيد رئيس الوزراء الكثير الذي يمكن أن يقوم به لمنع الصواريخ أو عمليات الاغتيال والاختطاف المستمرة في البلاد. وما زال قتلة الناشط العراقي هشام الهاشمي طلقاء. شعبية الكاظمي داخل العراق تتراجع، ولكن للإنصاف لا يمكن لومه بمفرده، أو تحميله مسؤولية الدمار الذي تعيشه البلاد. وجاء قرار تخفيض سعر صرف الدينار ليدفع العراقيين للتساؤل عما إذا كانوا ينهون عام 2020 بوضع أسوأ من ما بدأوا به العام -ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ * نقلا عن "الشرق الأوسط"
عادل عبد المهدي 1- الأصل تاريخياً في العملة إنها سلعة. فكان الناس يقايضون سلعهم وخدماتهم بسلع وخدمات الآخرين . 2- توسعت الأسواق وكثرت السلع والخدمات ولم يعد عملياً التعامل سلعة بسلعة. فتوجه الناس إلى سلع يسهل حملها وحفظها وتجزئتها فكانت السلع المعدنية. فولدت العملة المعدنية من الذهب والفضة والنحاس وغيرها، والتي تحمل قيمتها بقيمتها. 3- كثرت المعاملات فبدأ الناس يحتفظون بذهبهم أو معادنهم في بيوتات، ويصدرون وثيقة أو شهادة بقيمة موجوداتهم المعدنية من الذهب والفضة، فولدت المصارف والأوراق النقدية المغطاة بالخزين أو الاحتياطيات أو الغطاء المعدني، فاصبحت هي "المعادل" الذي تتوازن فيه قيم السلع والخدمات والأعمال ، الخ. 4- لاحظت البيوتات المالية أو المصارف إن الناس الذين يودعون الذهب أو الفضة لديها لا يسحبون أموالهم دفعة واحدة، بل إن القسم الأكبر يدخرها، مما سمح لها بأن تصدر أوراقًا نقدية Banknotes بدون أن يكون لها غطاء حقيقي. أي صارت تستثمر أموال غيرها، وتحقق لنفسها أرباحا تفوق بكثير أرباح العمولات التي تستحصلها من إيداع الأموال لديها. 5- تطورت الحياة الاقتصادية أكثر كما تطور الفهم والتجربة لدى البيوتات والمصارف والحكومات والدول، أي كل من يمثل السلطة النقدية بأن العبرة ليست بالمعدن ، بل بالمعاملات من السلع والخدمات التي ينتجها ويتداولها الناس. وإن العملة ما هي سوى "معادل" بات مقبولاً لدى الناس، لما يعادل قيمة هذه المعاملات. وإن واجب السلطة النقدية هو اصدار أوراق تعادل الحاجة لانسيابية وحسن تداول السلع والخدمات. فإن أصدرت أكثر فسيكون هناك تضخم ،وإن أصدرت أقل فسيكون هناك انكماش. أو ما اسماه "المقريزي" ابن القرن الخامس عشر بـ"رواج الفلوس" للاول، و"كساد الفلوس" للثاني، وذلك مع كثرة لجوء سلاطين ذلك الوقت بسد عجز خزائنهم باستخدام "الكاغد" كورقة للتعهد بالسداد، أو ما نسميه اليوم بالأوراق المالية. 6- العملة السلعية أو المعدنية تحمل قيمتها معها ،لذلك يطمئن لها الناس، أما العملة الورقية فلابد من توليد الثقة بها لتستقر وتصبح اداة أساسية للتداول. سيفرح الناس إن استيقظوا يوماً ووجدوا أن قيمة عملتهم قد إرتفعت ، وهذا أمر قليل الحصول، لكنهم غالباً ما يصدمون ويحزنون عندما يستيقظون يوماً ويجدون أن قيمة عملتهم قد هبطت، فتراجعت بالتالي موجوداتهم وقدراتهم الشرائية الحقيقية. عدا ذلك فإن الأسواق والنشاطات الاقتصادية خصوصاً المتوسطة والطويلة الأمد تحتاج إلى استقرار قيمة العملة ليقدم الناس للتعامل معها وليس مع غيرها. 7- خلاصة القول ؛إن احتياطي العملة أو غطاءها الذي كان قديماً شرطاً "سابقاً" لاصدار العملة الورقية تطور خلال العقود الأخيرة-خصوصاً بعد التخلي عن قاعدة الذهب وفق "بريتون ودز" بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك في بداية السبعينات بعد أن انفك الدولار عن الذهب- إلى امكانية أن يصبح حقيقة "لاحقة" لاصدار العملة أو عرضها. فالاحتياطي أو الغطاء تحول بالتدريج في معظمه إلى حالة افتراضية وإلى نسب ومعادلات لتحديد حجم عرض العملة بما يجب أن يلبي الحاجة لحركة انتاج وتداول السلع والخدمات. فليس كل وحدة نقدية صادرة يقابلها بالضرورة ما يعادلها من احتياطات حقيقية. فظهرت نظريات وممارسات عديدة تذهب للتجريد والافتراضيات أكثر من البقاء ملتزمة الياً بالاحتياطيات وقيمها. واخذت البنوك والسلطات النقدية تكثر من اصدار العملة باشكالها المختلفة ومنح التسهيلات المصرفية والائتمانية بدون غطاء أو احتياطيات مقابلة تطابقها، وهذه الاصدارات بعضها مبرر ومشروع وبعضها غير مبرر وغير مشروع. 8- مبرر ومشروع ،لأنه يجلب الفوائد إن ذهب إلى عالم المعاملات وانتج المزيد من السلع والخدمات التي ستسد الفجوة بين الاحتياط أو الغطاء الافتراضي مع الكتلة النقدية وعرض العملة، فيعود التوازن الذي اختل بعد فترة من الزمن. انه كالدفع الآجل والعاجل اللذين محورهما قيمة العمل المقدم. 9- وغير مبرر وغير مشروع فيجلب الاضرار ،إن ذهب للمضاربات والاثراء والنزعات الربوية وجمع الأموال والتضخم المفرط المنفلت، بدون أن يقابل ذلك كله عمل وانتاج حقيقي للسلع والخدمات، فتزداد الفجوة بين حجم السلع والخدمات وعرض العملة، فتحصل الأزمات وتنهار قيمة العملة كما إنهارت قبل 2003، بل فقد الناس الثقة بها فتعاملوا مع عملات اجنبية يثقون بها أكثر . فاصبح لدينا دينار "رانك زيروكس" والدينار السويسري والدولار والليرة التركية والريال الايراني، وهلمجرا، والذي كلفنا كثيراً قبل أن نعيد الثقة للدينار وتوحيد كل المعاملات والحسابات الوطنية بموجبه. 10- وفي العراق، برغم ادعاءات مجمل نظمنا التي مررنا بها خلال القرن الحالي والسابق، بأننا تحررنا وحررنا عملتنا الوطنية لكننا ما زلنا نعمل بممارسات قديمة يوم كان الدينار مرتبطاً بالجنيه الاسترليني، اي إن عملتنا لا ترتبط بانتاج كافة السلع والخدمات التي ننتجها بل ترتبط بغطاء، وهو اليوم الدولار اساساً الذي يمتلك البنك المركزي احتياطات قدرت بداية 2020 بما يقارب 67 مليار دولار، مما يضع العراق في المرتبة الثالثة عربياً، وسبائك الذهب (نمتلك منه 96،3 طناً ونحتل المرتبة 35 عالمياً والخامس عربياً). وسبب ذلك اننا دولة ريعية نفطية، وإن النفط يباع بالدولار، لذلك باتت احتياطاتنا التي هي المؤشر الأساس لاصداراتنا النقدية تعتمد على ما لدينا من دولارات أو قطع اجنبي أساسا أو ما نشتريه ونخزنه من ذهب، يجب أن تكفي لنصف عام على الأقل من استيرادات ضرورية للبلاد بحسب معادلات صندوق النقد الدولي. 11- الموازنة تعتمد على ذلك، والاقتصاد يعتمد على ذلك، والمرتبات والحقوق ومستحقات المزارعين والمقاولين كلها تعتمد على ذلك، باختصار الأسواق بمجملها تعتمد على ذلك. فعندما فرض الحصار وتوقفت الصادرات النفطية تراجع الدينار من 0،333 دينار للدولار إلى 3000 دينار للدولار. وعندما تنخفض أسعار النفط أو تنخفض صادراتنا يتراجع كل شيء ولا يقف أمامه اقتصاد وطني معادل يستطيع عبور الأزمة وتلافي تداعياتها، وحماية العملة الوطنية التي هي عنوان أساسي من عناوين السيادة والاستقلالية. 12- لهذا هيكَلنا صندوق النقد الدولي أو هيكْلنا أنفسنا أمام صندوق النقد وفق هذه المعادلة القاتلة التي لا مخرج لها إن لم نعالج الحقيقة النقدية بالحقيقة الاقتصادية. فصارت الحقيقة النقدية خانقة بالمطلق للحقيقة الاقتصادية وحاجزاً أمامها. بينما الصحيح إن الاقتصاد هو الأساس وليس العملة أو النقد. وإن العملة يجب أن تكون بخدمة الاقتصاد وليس العكس. 13- لهذا بقي اقتصادنا يعتمد العملة الورقية Cash Economy، مع ثروات عظيمة تقف خارج المصارف، خائفة من الاجراءات التعسفية لتصبح هذه الأموال أقرب لتفشي الفساد وللاكتناز منها للاستثمار واطلاق دورات الانتاج الموسعة وتحقيق التقدم والنمو المستدام. ولهذا بقي ما يسمى بالعملة الضيقة Narrow Money او العملة الورقية هي الأساس، فاختفت الكمبيالات والعملة الرقمية والالكترونية، بل تراجع استخدام الصكوك، وتراجعت الادخارات، وباتت معظم العملة خارج الدورة المصرفية، فتغيب معها الاليات الحقيقية للادخار والاستثمار، واختفى الدور الائتماني للمصارف كممول للمشاريع، ولم يعد همها سوى المضاربة بالعملة لتحقيق الارباح. 14- في السنوات الأخيرة ، الموارد النفطية 40-60 مليار دولار سنوياً، والناتج الوطني الاجمالي 5-6 أضعاف هذا الرقم، اي هناك جزء مهم من الناتج الوطني الاجمالي، أو الدخل القومي، أو مجموع انتاج السلع والخدمات ينتج وطنياً سواء بالاستناد إلى الموارد النفطية أو غير النفطية. 15- هنا يمكننا أن نحدث اختراقاً لتحريك الاقتصاد ودعم العملة الوطنية وتقليل مخاطر الاعتماد المطلق على العملة الاجنبية، من خلال تشجيع الدولة، وبضماناتها المباشرة وغير المباشرة، لوسائل الدفع بما يسمى بالعملة العريضة او الواسعة Broad Money (M2, M3, M4) شبه المجمدة حالياً، وغير المستثمرة عملياً. فعند تنشيط هذه الاتجاهات ومنحها الثقة والحماية سنوفر سيولات كبيرة يحتاجها الاقتصاد والخزينة والموازنة والتي سيتم تغطيتها وتسديدها من توسع النشاطات الاقتصادية. 16- نقول المجمدة؛ لأن جزءاً من السيولة التي ستوفرها زيادة التسهيلات في "العملة العريضة" سيتأتى غطاؤه من السلع والخدمات التي تنتج خارج الموارد النفطية، وهو ما سيسد لاحقاً الفجوة بين عرض العملة وغطائها أو احتياطاتها. 17- لكن للنجاح في ذلك هناك شروط تبدو ممكنة ويمكن للسلطة الاقتصادية تبنيها بسهولة نسبية، شرط تقبل العقول لها. ففي العراق هناك "طلب فعال" مهم سببه كثرة الانفاق، يتم تلبيته الآن عن طريق الاستيرادات والحاجة المتزايدة للقطع الاجنبي. وفي العراق هناك خبرة وقدرات انتاجية عطلتها الحروب والحصار والتوجهات الاقتصادية الريعية وغير الريعية الخاطئة. خصوصاً في الحاجيات التي يمثل "الميل الحدي للاستهلاك" (غلبة الانفاق الاستهلاكي الحياتي الضروري) عنصراً اساسياً لها. هذا "الطلب الفعال" الذي معظمه لأصحاب الدخل المحدود يمكن تمويله ابتداءاً عن طريق "العملة العريضة" وبضمانات سيادية مباشرة وغير مباشرة، حتى وإن لم تكن لها غطاءات أو احتياطات ابتدائية تقابلها. وبشروط معينة يمكن للطلب هنا أن يحرك الانتاج الوطني اللاحق الذي سيسد الفجوة ويعيد التوازن ويجعل للعملة الوطنية "العريضة" مقابل أو معادل من السلع والخدمات الاضافية. وهكذا، تتحرك النشاطات والانتاج والأسواق والعمالة، وتتولد دورة انتاج موسعة جديدة ترفد الاقتصاد وتساعد على تصاعد الاحتياطيات وتمويل الخزينة والموازنة بالمزيد من العملة الوطنية والإيفاء بما سعت الضمانات لتحقيقه، فتقلل من الاعتماد على القطع الاجنبي (الدولار اساساً) وتزيد نسبة ناتج القطاع غير النفطي في الناتج الوطني الاجمالي. 18- أما الشروط، فهي جعل تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، الفردية والجماعية، الوطنية والاجنبية ومنح الاجازات والتسهيلات أولوية تتراجع أمامها كل العقبات الشاذة غير المبررة لتكون الفلسفة اولوية الانطلاق وليس الكبح. معوقات كثيرة قانونية وبيروقراطية ومجتمعية وسياسية وفكرية وشكلية داخلية وخارجية، لا تنفع سوى في زيادة الابتزاز والعطل والفساد. والاهتمام بالمخرجات كأولوية ومعيار للنجاح في التعاقدات والأعمال ، ولتوفير المدخلات الضرورية سواء في العقود الحكومية أو المشاريع الخاصة. وحماية الانتاج والمنتجين سواء باجراءات الحماية كلما أمكن ذلك، أو بتشجيع المنتج وترويجه وتقديم المساعدة مادياً وفي السماحات والاعفاءات والدعم، وكل ما يتطلبه الأمر للنجاح في ذلك.
خالد سليمان ان نمت مقاطع فيديو مُسرّبة من حفلة عثمانية-ذكورية أقامها الرئيس التركي أردوغان على شرف رئيس الحكومة العراقية مصطفي الكاظمي عن شيء، فإنما تنم عن نقاط ضعف أظهرت العراق كنمر يتضور جوعاً في صالة السلطان. يبدو ان أردوغان درس حفلة العشاء والموسيقى بعناية فائقة، ولذلك طلب من الكاظمي تمديد زيارته لنهار أو ليلة اضافية. للوهلة الأولى، ما يلفت الانتباه في الحفل، هو ان أعضاء الوفد العراقي منهمكين بتناول العشاء بشكل يظهر عليهم جوع شديد. هل تقصد أردوغان تأخير العشاء وإظهار وفد عراقي رسمي يمثل الدولة من أعلى مستوياتها بهذا الشكل المهين؟ هل كانت حفلة العشاء مدرجة ضمن أجندة الزيارة، أو تم ارتجالها بناءً على رغبة أردوغان؟ انه سؤال قد يجيب عليه الصحفي مشرق عباس، لأنه رافق رئيس الوزراء في زيارته غير الناجحة، ولأنه صحفي ويفترض ان يدفعه الفضول الصحفي الى مصادر المعلومات عن دوافع حفلة عشاء، كانت ارتجالية أغلب الظن. في حالة وجود الدولة وسياسات خارجية وبروتوكولية "صحية" ان صحت العبارة، يتم تنظيم مثل هذه الحفلات الفنية بالاتفاق مع المؤسسات الفنية والفنانين وتُقدم أعمال فنية ابداعية ورصينة، لأن الهدف وراء ذلك هو التعرّف على أصالة وتطور فنون الموسيقى والغناء وهوية البلد الثقافية. ما حصل في حفلة أردوغان المقامة على "شرف العراق" كان ضد القيم الفنية والثقافية التي يمكن من خلالها بناء الشراكة والتعاون، ذاك ان الحفل الغنائي بدا وكأنه شكل من أشكال التسلية وحط من شأن الفنون العراقية. ونترك قيام الرئيس التُركي بتعديل قميص رئيس الوزراء العراقي جانباً. كان من المفترض ان يتم تخصيص الوقت الكافي لبحث القضايا المتعلقة بالمياه، ولكن أردوغان أنهى كل شيء بتصريح مقتصب أشار فيه الى عدم وجود مشكلات بشأن المياه. ولكن أردغان لا يعترف حتى بتعريف الأنهار الدولية لنهري دجلة والفرات، وبإمكان الكاظمي استشارة سفير حكومته في أنقرة، حسن الجنابي، حول هذا الأمر. ولا أهمية للحديث عن اتفاق ثقافي مفترض بين البلدين، لأن الحفل كان تعبيراً دقيقاً عن هذا الجانب، أما الجانب الأمني، فحدث ولا حرج: كانت الطائرات التركية تقصف قرى إقليم كُردستان، حتى أثناء حفلة العشاء. اقتصر وجود الإعلام ضمن الوفد العراقي على شخص مشرق عباس، وهو كان من المدافعين عن ساحات الإعتصام ولم يترك منصة إعلامية الا ودعى من خلالها الى التغيير والاصلاح والقضاء على الفساد. لكنه بدا في حفل أردوغان كشخص منسي في وسط الصالة يتناول عشاءه، إنما بنهم أقل من الآخرين. يا ترى ماذا يحمل مشرق في جعبته من المعلومات حول زيارة مصطفى الكاظمي الى تركيا؟ وماذا يقول للشباب الذين دفعهم للاحتجاج في ساحات المدن العراقية؟ ماذا يقول لذوي شهداء ساحات الاعتصام؟ ماذا عن تلك الرسائل الفيسبوكية التي هاجم من خلالها زملاء المهنة، لأنهم أنتقدوا علاقاته الوثيقة بدوائر السلطة، وهل يعود يقول بأنه رافق الكاظمي الى تركيا كصحفي "مستقل"؟ ما هو شعوره وهو يشاهد نفسه في حفلة عشاء، أقامها مستبد يقبع عدد كبير من الصحفيين الأتراك في أسوء سجونه؟
ابراهيم الصميدعي اصدر كل من البنك المركزي العراقي ووزارة المالية اليوم بيانيين منفصلين يبرران اسباب رفع سعر صرف الدولار الى ١٤٥٠ دينار للدولار باعتبار ذلك احد وسائل معالجة الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالعراق ، وشخصيا اتفق مع الطرفين على صحة هذا الاجراء حيث اعتمدت خطة محاولة تجاوز الازمة خليطا من العلاج بالتضخم ( رفع سعر الصرف ) والعلاج بالتقشف ( تخفيض مخصصات الرواتب ) ، ولكي لا اتهم انني ضد الموظف اقول اقتصاديا قد توجد بعض المساعدات على تطبيق هذا الحل لكن لا توجد حلول بديلة له للاسف ، كما تلاحظون ان ايرادات النفط وهي الايرادات الحقيقة تشكل حوالي نصف الموازنة والبقية ارقام فقط و ( عجز ) . لكن اكثر من سؤال هن يطرح نفسه هنا وبقوة ؟ - اين كانت حكومة الكاظمي عن الشروع مبكرا بهذه الحزمة من الحلول وانا شخصيا ( عندما كنت اعتقد انه صديق ) تكلمت معه اكثر من اربع مرات في هذا الموضوع ( والله انفردت به في الاسبوع الاول التكليف وقلت له اخي هذه مشكلتك الاولى دعم من تستعير بشاعر او صحفي يكتب لك برنامج حكومي تسفيط ) ، وتكلمت عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي عشرات المرات وحتى قبل تكليف الكاظمي ( لمن يريد ان يتذكر ) - السؤال الثاني والمهم جدا ، اين كانت الحكومة والبنك المركزي تحديدا وحتى وزارة المالية المجهزة للدولار مما يجري في البنك المركزي من صفقات مشوبة في الفساد للتلاعب بنافذة بيع العملة لمصلحة مصارف معينة مدعومة من اطراف معينة وقيادات معينة ( اتشرف انني ايضا اولا من اقترب من اسوارها بتلميحات اقرب للتصريح بحسب وضعي الامني والقانوني ) ولماذا لا تحاسب الحكومة والبنك هولاء المستفدين من هذه النافذة على ما افتعلوه من احتكار متعمد للدولار وعدم طرح كميات كافية في الاسواق للمستحقين الفعليين ( التجار المستوردين فعليا واصحاب الحوالات ) لكي يجعلوا الفرق هائلا بين السعر الدولار في البنك المركزي وسعره في السوق ؟؟؟ - ومن يضمن ان يلتزم اصحاب المصارف بسعر الصرف المثبت في الموازنة ١٤٥٠ ولا يحتكرون الدولار اكثر ويدخلوه في انفاق مضاربة وتهريب اخرى ترفع سعره في السوق الى مستويات اعلى لكي ينعكس الفرق فقط على رأس المواطن البسيط لان التاجر الحقيقي المستفيد من الدولار لايمكن ان يبيع بضاعته المستوردة باقل من قيمتها ؟ - التساؤل الاخير والاكثر اهمية هو ان كل هذه الاجراءت ستكون عديمة الاهمية والقيمة مالم تضبط الدولة فوترة الاستيرادات مركزيا ويحول الدولار بموجبها ، عيب فاحش ان تضحكون على الشعب ونحن نعرف لمن تتبع المصارف الاهلية ومن يستفيد منها ونعرف يقينا انها ليست هي الجهات المستوردة وان كل فواتيرها مزورة وان المستورد الحقيق وصاحب الفاتورة الحقيقة يشتري الدولار من السوق بعد ان تضع مافيا المصارف هامشها التي تقرره على فرق سعره من المركزي ، العملية لا تحتاج اكثر من لحظات شرف قليلة وقليل من الادارة لكي تنظم قوائم الاستيراد حسب الحاجة اليها وبما يحمي المنتج المحلي ، ويحفظ نزيف الدولار المؤدي حتما الى انهيار اقتصادي قريب يتبعه انهيار سياسي وامني كامل هذه المرة لا اخاطب الشعب ولكن اخاطبكم انتم الحكام والرؤساء والمسؤولين ، انتم اصحاب البنوك وشركاء اصحابها والكلام لصالحكم ان اردتم بقاء ( بقرة الدولة ) لكي تستمعوا بالمال والسلطة وقتا اطول وليس ذبحها مرة واحدة ويموت امامنا وطن انتم اسؤا من اغتصبه . حسبنا الله ونعم والوكيل
بقلم أياد السماوي.. كنت ولازلت وسأبقى أكرر أن العراق بعد سقوط نظام البعث المجرم سنة 2003 , قد وقع فريسة بيد عصابات ومافيات الأحزاب السياسية الحاكمة الفاسدة .. ولعلّ نافذة العملة هي واحدة من أكبر جرائم الفساد المنّظم التي انتهجتها هذه العصابات في العراق بعد سقوط الديكتاتورية .. ونافذة العملة ببساطة هي إحدى الأدوات المباشرة التي تستخدمها البلدان ذات الاقتصادات الريعية .. حيث تمّثل هذه النافذة آلية مباشرة للتدخل في سوق الصرف من أجل الحفاظ على استقرار سعر الصرف والمستوى العام للأسعار والحد من التضخم .. بعد سقوط الديكتاتورية في العراق عام 2003 , استحدث البنك المركزي العراقي نافذة العملة كوسيلة لضمان واستقرار سعر صرف الدينار عبر تلبية متطلبات الاقتصاد العراقي من خلال توفير العملة الاجنبية لتغطية استيرادات القطاع الخاص من السلع والخدمات ، إضافة إلى احتياجات المواطنين لأغراض السفر والمعالجة الطبية والدراسة خارج العراق .. وواضح أنّ الهدف من استحداث هذه النافذة هو لضمان استقرار سعر صرف الدينار العراقي والحفاظ على المستوى العام للأسعار .. ولم يجري في خلد الذين استحدثوا هذه النافذة أنّها ستكون أداة بيد هذه العصابات الحاكمة لاستنزاف العملة الأجنبية التي تدخل إلى العراق من خلال عائدات بيع النفط .. وعملية بيع الدولار إلى المصارف الأهلية المملوكة من قبل العصابات الحاكمة , تحوّلت إلى نزيف دائم لعائدات العراق من العملة الأجنبية .. حيث سيطرت بضعة مصارف أهلية تابعة لهذه العصابات على نافذة العملة في العراق والتّحكم بسعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي , حتى بلغ سعر الدولار في بورصة الكفاح إلى 1232 دينار لكل دولار , علما أنّ هذه المصارف تشتري الدولار بسعر 1190 دينار لكل دولار .. والمصيبة أنّ البنك المركزي والحكومة ومجلس النواب والقضاء العراقي وهيئة النزاهة , بل وحتى عواهر البتاوين والميدان تعلم علم اليقين أنّ استيراد العراق من السلع والخدمات لا يساوي عشرين بالمئة من قيمة الدولار المباع لهذه البنوك سنويا .. وحتى هذه العشرين بالمئة التي تدخل إلى البلد كسلع مستوردة يمكن الاستغناء عن خمسين بالمئة منها , فهي سلع غير ضرورية .. فإذا كان الأمر كذلك وهذه النافذة تمّثل حريقا واستنزافا دائما لموارد العراق من العملة الأجنبية , فلماذا لا يذهب القائمون على رسم السياسة النقدية في البلد لغلق هذه النافذة التي استنزفت هذه الموارد والاستعاضة عنها بنافذة آخرى ؟ وهل فعلا أنّه من المستحيل إلغاء نافذة مزاد بيع العملة ؟ هل فكرّت الحكومة مثلا بتسليم نصف رواتب الموظفين والمتقاعدين بالدولار وإلغاء نافذة مزاد بيع ؟ كيف يمكن للبنك المركزي العراقي أن يقوم بدوره في تحقيق التوازن بين السياستين المالية والنقدية والتوازن بين العرض والطلب إذا كان محافظ البنك المركزي نفسه أداة طيّعة بيد العصابات الحاكمة ؟ وهل سأل أصحاب القرار أنفسهم لماذا هذا الارتفاع الصاروخي بسعر صرف الدينار العراقي ؟ وأين هي لجنة أبو رغيف عليه الصلاة والسلام مما يجري ؟ أليس ما تقوم به هذه البنوك التي تشتري الدولار من البنك المركزي عملا يرتقي إلى الخيانة العظمى ؟ إن لم يكن استهداف استقرار الاقتصاد العراقي خيانة عظمى , فكيف هي الخيانة العظمى ؟ أخيرا .. من الذي يقف وراء ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي ؟؟؟ ..
أحمد الزاويتي اذا لم يصل الطرفان (بغداد واربيل الى اتفاق) حول الموازنة ما هو البديل؟! من المفروض ان السلطة في اقليم كردستان العراق قد فكرت اولا ببديل اذا لم يحصل اتفاق.. (وان يكون البديل جاهزا لديها)... البديل الذي اقترحه هو: 1- تحويل الحكومة الى حكومة ازمة باشراك جميع الاحزاب الفاعلة في كردستان ووضعها امام الامر الواقع.. (ليس هناك مجال لمن يهرب من المسؤولية!!) 2- ازالة امتيازات المسؤولين (اداريين واحزاب) تماما وتسويتهم بامتيازات اي موظف عادي.. ووضع هذه الامتيازات في ميزانية الحكومة.. 2- مصارحة السلطة للشعب (بعيدا عن المزايدات) بالواقع ايا كان هذا الواقع.. (عندما يثق الشعب بالسلطة وبمعلوماتها والواقع المرير فانه سيكون مستعدا لتقبل الواقع والصبر عليه..) 3- الاعتراف بالاخطاء والتراجع عنها وتصحيحها.. 4- الكشف عن جميع اوجه الفساد في الادارة والموارد.. واعلان القضاء عليها.. (لا اتحدث عن محاكمة الفاسدين حاليا ربما ان الوقت لا يكون مناسبا، وحتى لا يعيق ذلك عمل الحكومة.. - يؤجل ذلك لوقته -) 5- البدأ بالاصلاحات بخطوتين موازيتين: (أ- القضاء على الفساد بدءا بالطبقات العليا ... ب- البدء بدعم وتحسين اوضاع الطبقات الدنيا) 6- حل مشكلة الرواتب وذلك بازالة كل الموظفيين الوهميين.. المزورين.. والاكتفاء بالموظفين الحقيقيين الذين يداومون في دوائرهم.. واعادة هيكلة قائمة المتقاعدين بالابقاء فقط على المتقاعدين الحقيقيين المستحقين.. 7- تعويض الموظفين الحقيقيين بما استقطع من رواتبهم وما ادخر.. بالاعفاء عن ديون الحكومة عليهم من (كهرباء.. ماء.. سلف.. وما الى ذلك) وبتوزيع قطع اراضي من مناطق كردستان الواسعة عليهم (باعتبارهم مستحقين) 7- تسخير كل المشاريع القادمة لخدمة الطبقات الدنيا اولا والمتوسطة ثانيا.. 8- عمل احصاء شامل عن (عدد الفقراء.. عدد العاطلين عن العمل..) عمل احصاء شامل عن (عدد الاغنياء .. عدد اصحاب الاعمال) وإعداد برامج لحل المشكلة بالاعتماد على هذه الاحصائيات.. 10- وضع صندوق دعم الحكومة (دعم داخلي من المستفيدين سابقا من الحكومة.. ومن المتمكنين داخليا.. وطلب الدعم من اصدقاء الكورد الدوليين) 11- رفع الحس الوطني القومي الكردي لدى الجيل الجديد (الحس الذي يكاد يكون صفرا الآن) وذلك ببرامج عملية وتوعية واشعار هذه الشريحة بمدى المخاطر على تجربة اقليم كردستان العراق ككيان والتهديدات المحيطة بها.. وان هذه هي مسؤولية الجميع افرادا وجماعات شعبا وسلطة حكومة ومعارضة.. 12- تحريم وتجريم الصراعات الحزبية والسياسية الداخلية التي تمزق وحدة الصف الكردي (هذا يكون بالنوايا الحسنة قبل كل شيء بابداء المواقف من اجل الصالح العام لشعب كردستان والقضية الكردية) 13- الانتقال السلس من طبيعة العمل الحزبي السياسي الى العمل الاداري القومي الوطني.. 14- اشراك النخب العامة في جلسات ومؤتمرات لحل المشاكل التي تعيق تجربة الاقليم.. والتطوير بالتجربة والوقوف امام التحديات.. واخيرا لا اريد ان أكون ميؤوسا.. اريد أن اكون متفائلا.. ومسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة..
محمد صادق الهاشمي… تشهد المدن الكردية ومنذ أسبوع تظاهرات تصاعدية تمتد على السلمانية كلها، وبعد التدقيق نجد ما يلي: ١- إنها تظاهرات شعبية محضة، لا يقف خلفها أيّ حزب، وهي تحمل شعار الرفض بوجه الأحزاب الكردية؛ التي غيَّبت الفقراء والمثقفين، وتبين من خلال متابعاتنا للشعارات، والتغطيات، ونشاط المتظاهرين؛ عبر الفضاء المجازي أنّ جمهور كردستان لم يقتنع بالشعارات القومية، ولا الانفصالية التي تاجرت بها بعض الأحزاب الكردية، وبهذا سقط كثير من الايديولوجيا أمام الخبز. النخب الكردية المثقفة والكادحة تجاوزت حد الخوف؛ فلم تتوقف حركتهم مع إطلاق الرصاص عليهم، واستعمال القوات الأمنية انواع الأسلحة المختلفة؛ مما يعني أنّ عهدًا كرديًا جديدًا بدأ فيه الجمهور ينتفض على (أحزاب الأُسر الإقطاعية والرأسمالية)، فكردستان بعد تظاهرات عام 2020 ليس كما قبله؛ بسبب تنامي الفساد الذي ضرر الدخل اليومي للفرد، ومع ارتهان مصير الأمن الاقتصادي بيد الطبقة الحاكمة البرزانية التي تتحمل المساحة الكبرى في رفض الجمهور الكردي لهم. ٢- رافق التظاهرات عمليات الحرق لمقرات الديمقراطي الكردستاني وغيره، ورفع لافتات الرفض، وإسقاط هيبة المقرات الرأسمالية الإقطاعية البرزانية. طبعا تلك ردة فعل شعبية؛ لسياسة التجويع والتركيع، ومن الآن لم يعد خطاب الأحزاب الكردية في تحميل الاتحادية والحكومة المسؤولية في تجويع الشعب الكردي أمرًا نافعًا، فالكردي أدرك بصفته شعبًا أنَّ مشكلته في الفساد الإقطاعي، ولكن بما أنَّ التظاهرات في جغرافيا السليمانية؛ فإنّ ثورة الرفض ستقود إلى تفكّك العلاقة بين أحزاب السليمانية وأربيل، وبالتأكيد أنَّ الأحزاب في السليمانية –غير المتواطئة مع مسعود- لا بد أنْ تبحث عن مخرج؛ لإقناع جمهورها بتحرير اقتصاد السليمانية من أربيل وسلطة البارزاني، وتسلُّطِ اسرتِهِ؛ مما يشي بتفكّك الإقليم سياسيًا، خصوصًا وأنّ التظاهرات سبقتها ثورة من (كوران – التغيير)، (والأحزاب الإسلامية) داخل مجلس النواب حينما رفضوا برنامج مجلس نواب كردستان الذي لم يُضمِّن في برنامجه بتاريخ 2-12-2020 مناقشة ارتهان النفط في قبضة تركيا خمسين عامًا لصالح البرزاني!، ولم يضمنه مناقشة الرواتب كذلك، والأوضاع المعيشية. ٣- السفارات التي كانت تدين الحكومة الاتحادية والأحزاب، كل من: السفارة البريطانية، والأميركية ببيانات متكررة، وهكذا الاتحاد الاوربي، وممثلة الأمم المتحدة (بلاسخارت)؛ تعاملت مع الشعب الكردي بالإهمال أمام المشهد العنيف الذي تمارسه القوات الأمنية، واستعمال الرصاص، علمًا أنه في تطاهرات تشرين لم تُطلق رصاصة واحدة. وللأسف، لم تظهر طبقة قيادة ثورية تقود تظاهرات الكرد. ٤- هذه التظاهرات تأتي في زمن حرج يهدد مستقبل الأحزاب الكردية؛ كونها سبقت الانتخابات القادمة، مما يعني أنّ الخريطة الانتخابية والسياسية؛ لا بد أنْ تتغير، وفي حال تواصل مسعود ماسكًا بقبضته الحديدية على الحكم، ومصادرة الأسرة الإقطاعية البرزانية المال والقرار؛ فإنّ الإقليم سوف يتفكّك، لأن أحزاب السليمانية لا بد أنْ تبحث عن مخرج لحل أزمة جمهورها قبل وبعد الانتخابات، والحل ينحصر فقط بخروج القرار المالي والسياسي من سلطة مسعود التي همشها وافقدها شعبيتها أمام جمهورها، ولا بد أنْ تتحرر من سلطة مسعود مقدَّمَةً لتحرير جمهورها. ٥- ليس أمام السليمانية وأحزابها بعد اليوم إلا أنَّ تعيد خريطة تحالفاتها؛ بمغادرة سلطة مسعود، واتِّجاهها إلى الاتحادية، فإنّ سلطة مسعود لم تعد معبرة عن طموح الأحزاب الكردية المهمَّشة، ومن هنا سنشهد ولادة قوة حزبية في السليمانية؛ تتحالف مع الاتحادية بعيدًا عن مسعود، وعلى الأحزاب الشيعية الاستثمار في تلك الأحداث لصالح تفكيك سلطة مسعود، ومناصرة الشعب الكردي، كما أنه من الموكد بأنّ الاتحاد والتغيير وبرهم صالح وغيرهم سيتجهون بهذا الاتجاه. ٦- السنة في العراق القوا بثقلهم كلهم، وبيضهم في سلة مسعود، وحتى الشيعة فعلوا ذلك!، وغاب عن شيعة العراق أنْ يكون لهم دور وفهم إستراتيجي؛ بتقوية أحزاب السليمانية لتحجيم دور مسعود، بل على خلاف تسابق القوم (باستثناء العبادي) بعد خطوة الانفصال الفَشِلة؛ لتكريس صلاحيات مسعود الانفصالي، ولكن تجدر الإشارة هنا أنّ التحالفات الشيعية القادمة ستكون مع السليمانية، خصوصًا وأنَّ هذه الأحزاب بينها وبين مسعود خلاف وجودي؛ ليمكنها بهذه الحالة استعادة دورها إلا بتدوير الزوايا في التعامل مع الاتحادية، وهذا مبنٍ على ذكاء الشيعة والكرد، وقدرتهم على ترجيح طرف على طرف، أمّا الموقف السني؛ فإنه يبقي مع مسعود، وهو يراهن عليه ضد الشيعة، وضد أحزاب السليمانية، إلا إذا انتهت تلك التظاهرات بتغيير البُنية السياسية الكردية بصورة كاملة، ولأنّ مسعود رُهِنَ قرارُ السنة لصالحه، ولم يفعل الاتحاد هذا. ٧- الاحتجاجات والتظاهرات الكردية لا تختص فقط بمسعود الإقطاعي؛ وإنْ كان يتحمل القسط الأوفر من الغضب الشعبي الكردي، بل تتعداه إلى كل الإقطاعيات الاحتكارية، والأُسر المتنفذة والأحزاب التي حكمت (17) عامًا في الإقليم كله، مما يعني بأنّ الكرد لا يمكنهم بعد هذه الفترة الطويلة؛ إلا أنْ يعترفوا بفشل تجربتهم في الحكم داخل الإقليم، وعليهم أنْ يترقبوا احتجاجات وتظاهرات أخرى تمتد إلى الإقليم كله، ما لم ينهض المجتمع الكردي السياسي بنتاج طبقة أخرى، أو تتصدي الطبقة الليبرالية، وما لم تنفصل الأحزاب الكردية الحالية والقادمة المفترضة؛ عن مسعود (بؤرة التوتر الكردي).