هه‌واڵ / عێراق

الحصاد: د. حيدر حسين آل طعمة - مركز الفرات  دفعت الضغوط المالية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني عام 2020 البنك المركزي العراقي الى رفع سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الدينار من (1182=1$) الى (1450=1$) في 19 كانون الاول 2020. فقد اسفرت جائحة كورونا عن هبوط حاد في الايرادات النفطية بسبب انهيار اسعار النفط الى دون (20) دولار للبرميل في نيسان من العام الماضي، وما خلفه ذلك من تراجع في الايرادات النفطية من قرابة (6) مليار دولار شهر كانون الثاني الى اقل من (1.5) مليار دولار في نيسان وبنسبة تفوق (75%). ونتيجة النفقات الشاهقة للحكومة العراقية اتسع العجز المالي الحكومي واضطرت وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف التجارية وإعادة خصم القروض لدى البنك المركزي، لغرض دفع الرواتب وتمويل النفقات الضرورية الأخرى.  ومع نهاية إعداد موازنة 2021، ونظرا لاستمرار الضغوط المالية وضعف افاق التعافي في اسواق النفط، مع قيود اضافية فرضت من اوبك لتقليص صادرات النفط العراقي بأكثر من مليون برميل يوميا، اضطرت وزارة المالية الى رفع سعر الصرف الى (1450) لتعظيم الايرادات الحكومية بالعملة المحلية وتقليص العجز المتوقع في موازنة 2021. وقد استجاب البنك المركزي لمتطلبات تمويل الموازنة بسعر الصرف الجديد الذي يتيح توفير جزء من الموارد المالية لتغطية نفقات الحكومة وضمان انسيابية دفع الرواتب والنفقات الضرورية الاخرى. بالإضافة الى رغبة البنك المركزي في الحفاظ على احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية، والتي تمثل الرافعة المالية الأساسية للاستقرار النقدي في العراق. وبذلك كان الهدف من خفض قيمة العملة مزدوج وبدوافع مالية ونقدية: تتمثل الدوافع المالية في رغبة الحكومة تعظيم الايرادات النفطية بالدينار العراقي لتقليص حجم العجز المالي. اما الدوافع النقدية فتمثل رغبة البنك المركزي تقليص مبيعاته من الدولار الى الاسواق ورفع الاحتياطي الاجنبي وهو ما تحقق حاليا على حساب ارتفاع مستويات الاسعار في الاسواق.  مع ذلك لم يكن قرار خفض قيمة الدينار مناسبا من حيث التوقيت او المقدار، فقد تم اضافة صدمة نقدية الى الصدمات الاقتصادية والصحية التي كانت تعصف بالطبقات الفقيرة والهشة منذ اواخر العام 2019 بسبب التظاهرات وجمود النشاط الاقتصادي، خصوصا مع ضعف برامج الحماية الاجتماعية اللازمة لاستيعاب تأثير صدمة سعر الصرف على هذه الطبقات. وكان يمكن تدارك الوضع المالي بإجراءات بديلة منها ضبط الانفاق او تعظيم الايرادات غير النفطية وغيرها من السياسات التي تضمنتها اصلاحات الورقة البيضاء وخالفتها الموازنة الاتحادية لعام 2021 بصراحة ووضوح. ولم تكن مبررات وزارة المالية في رفع سعر الصرف مقنعة، ولم تناسب الارقام الواردة في الموازنة المأزق المالي الحرج الذي يمر به العراق ولا الوعود العريضة التي روجت لها الورقة البيضاء في الإصلاح المالي والاقتصادي. فقد قفزت النفقات الحكومية في مشروع الموازنة الاولي بشكل شاهق لا يناسب الموارد المالية المتاحة ولا اتجاهات الضبط والترشيد المزعومة في الورقة البيضاء. اذ بلغ اجمالي النفقات العامة (164) ترليون دينار مع اجمالي ايرادات قارب (93) ترليون دينار، تٌمثل الايرادات النفطية (73) ترليون دينار والايرادات غير النفطية (20) ترليون دينار. وبذلك يكون اجمالي العجز المخطط (71) ترليون، وهو ما يشكل نسبة (43%) من اجمالي النفقات المقدرة وبزيادة قدرها (158%) عن العجز المخطط لعام 2019.  كما ان الادعاء الحكومي بان خفض قيمة الدينار كان لأهداف تنموية هو ادعاء زائف على المستوى التطبيقي، على الاقل في الوقت الراهن، اذ ان الشروع بخفض قيمة الدينار لأسباب تنموية بحاجة لمقدمات كثيرة يعجز العراق عن تحقيق جزء يسير منها في الامد القصير والمتوسط.  لقد ولد رفع سعر صرف الدولار تكاليف اقتصادية واجتماعية متعددة اهمها فقدان الاستقرار النقدي والمضاربة على الدينار وضعف البيئة الحاضنة للاستثمار، فضلا على تراجع معدلات الطلب الكلي وتعميق الركود الاقتصادي القائم نتيجة تداعيات جائحة كورونا. كما ان ارتفاع سعر صرف الدولار في بلد كالعراق يعتمد على الاستيراد في تغذية الطلب المحلي على مختلف انواع السلع والخدمات قد ولد ضغوطا تضخمية خفضت الدخول الحقيقية للطبقات الوسطى والفقيرة، خصوصا مع ضعف الرقابة الحكومية على التجار والموردين لمختلف انواع السلع المستوردة الى الاسواق العراقية. عودة الفجوة بين السعر الرسمي والسوقي بعد اقدام البنك المركزي العراقي على رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي نهاية العام الماضي، تعهد البنك بعدم اجراء تغيير آخر في سعر الصرف والدفاع عن السعر الجديد عند المستويات المحددة بـ (1470=1$) من اجل تقليص الطلب على الدولار والحد من نشاط المصارف في بيع وشراء الدولار والاستفادة من الفرق بين السعر الرسمي والسوقي، كما كان الحال حين كان سعر الصرف الرسمي (1900=1$) في حين كانت الاسعار السوقية تتأرجح ما بين (1200-1250) للدولار الواحد وهو ما حقق ارباح فاحشة للمصارف المشاركة في نافذة العملة الاجنبية. مع ذلك، استمرت اسعار الصرف خلال الايام الماضية بالارتفاع وتجاوزت حاجز (1500=1$)، مما يعني عودة الفجوة بين السعر الرسمي والسوقي وما يترتب عليه من عودة لنشاط المصارف المشاركة في مزاد العملة والاستفادة من الدولار في انشطة المضاربة وجني الارباح بدل تمويل التجارة كما كان الحال سابقا. كما ان استمرار زحف سعر صرف الدولار صوب الارتفاع يولد توقعات تضخمية ويزيد من طلب الدولار على حساب الدينار مما يخل بالاستقرار النقدي ويزيد من تكاليف التغيير الاولي لسعر الصرف.  كل ذلك يحتم على البنك المركزي العراقي الوفاء بوعوده عبر سياسات اجرائية صارمة واغراق السوق بالدولار لأجل تحقيق تقارب مستدام بين السعر الرسمي والسعر السوقي وضمان الاستقرار النقدي والاقتصادي والحد من نشاط المصارف وشركات الصيرفة، غير المشروع، في اسواق الصرف المحلية. كما ينبغي على الحكومة العراقية تفعيل نص المادة (16/ رابعا) من قانون الموازنة الاتحادية 2021 والقاضية بجباية الرسوم الكمركية على اساس ما تم بيعه من عملة اجنبية من خلال نافذة العملة الاجنبية من اجل الحد من مبيعات الدولار لأغراض المضاربة وتقليص الطلب على الدولار والمحافظة على الاحتياطي الاجنبي من جهة، وتعظيم الايرادات الكمركية نتيجة ربط الرسوم الكمركية بمشتريات التجار من الدولار من جهة اخرى.


الحصاد: DARAJ قيادات الحشد الشعبي بدأت تلمس تبدلاً في الرأي العام تجاهها، مع اتهام شخصيات قيادية فيها باغتيال نشطاء ومتظاهرين واستهدافهم. تتكرر في مناسبات مختلفة ردود فعل استعراضية عنفية، يطلقها عناصر “الحشد الشعبي” ضد فكرة “الدولة” العراقية والقيادة العامة للقوات المسلحة، التي يفترض أن الحشد يخضع لها ويأتمر منها. فلم يكد يمضي أسبوعان على الهجوم العسكري لفصيل “عصائب أهل الحق” في البصرة الذي استهدف مقر خلية الصقور التابعة لوزارة الداخلية، رداً على محاولة قوة أمنية خاصة إلقاء القبض على أحد قياديي العصائب المتهم بقتل الناشطة ريهام يعقوب، حتى قامت ميليشيات الحشد بتطويق المنطقة الخضراء في بغداد، للضغط باتجاه تحرير قائد لواء “الطفوف” في الحشد قاسم مصلح الذي اعتقل بتهم مختلفة بينها قتل الناشط إيهاب الوزني. العمليات الاستعراضية العسكرية هذه بدأت بشكل واضح بعد تسلم مصطفى الكاظمي زمام الحكم في العراق. وجاء أولها بعد اعتقال عدد من العناصر التابعين لفصيل “عصائب أهل الحق” المتهمين بإطلاق صواريخ تجاه مقار البعثات الدبلوماسية، إذ قبض عليهم جهاز مكافحة الإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2020، لتبدأ في تلك الساعات ارتال مسلحة تجوب شوارع العاصمة متجهة نحو المنطقة الخضراء. حينذاك قام الكاظمي بجولة في شوارع بغداد برفقة رئيس جهاز مكافحة الإرهاب وقادة عسكريين آخرين، وقال عبر تغريدة له آنذاك “مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”. لكن انتهى الحال بعد ذلك بتسليم المتهمين إلى أمن الحشد الشعبي للتحقيق معهم، وهذا الاستعراض العسكري والهجوم على المنطقة الخضراء، واجها انتقاداً لاذعا حينها من قبل زعيم سرايا السلام مقتدى الصدر، لكن سرعان ما احتلت ميليشيات الصدر شوارع بغداد وكربلاء والنجف، في شباط/ فبراير 2021، في استعراض قوة يحمل رسالة لبقية الفصائل.  واتخذ الانتشار العسكري بعداً أكثر تفلّتاً مع قيام مجموعة تحمل اسم “ربع الله” باستعراض مسلح في شوارع العاصمة، وهي لا تنتمي إلى الحشد الشعبي ولا تخضع لأي إشراف أمني مباشر من أي جهة رسمية.  الباحث احمد الزهيري يرى أن هذه الفصائل تحاول توجيه رسائل بأنها قادرة على لي ذراع الدولة، وأن “المغانم للأقوى”، وأنها قادرة على الوصول إلى المنطقة الخضراء، وتجاوز الخطوط الحمر، متنبئاً بأن تتحول هذه المناكفات إلى مواجهات مسلحة في المستقبل بين القوات الأمنية النظامية والفصائل المسلحة. ويجد الزهيري أن قيادات تلك الفصائل المسلحة أصبحت تمتلك إمبراطوريات لا يمكن المساس بها، مرتبطة ببعضها بعضاً، وأن أي محاولة لزعزعتها ستسبب بسقوطهم كقطع الدومينو، وهذا ما تمكن ملاحظته من خلال أي محاولة اعتقال، تجابهها الفصائل المسلحة مجتمعة لتدارك انفراط عقدها. فيما يرى الكاتب حسين الكريم أن وجود قوى عسكرية تحت مسمى قانوني وذات ولاء خارجي يضع الحكومة في فك الكماشة فلا يمكنها التحرك، وتصبح ملاحقتها أي قيادي في “الحشد” بمثابة لعب بالنار، خصوصاً أن قيادات الحشد بدأت تلمس تبدلاً في الرأي العام تجاهها، مع اتهام الكثير من هذه الشخصيات القيادية باغتيال نشطاء ومتظاهرين واستهدافهم، وهو ما افقدها كثيراً من رصيدها الشعبي الذي حصلت عليه إبان عمليات تحرير مدن شمال العراق وغربه من تنظيم “داعش”. ولم يستبعد الناشط وسام الموسوي أن يكون ما حصل “مسرحية كي تنطلي على أذهان الشعب العراقي ومتفق عليها من قبل الحكومة والفصائل المسلحة، هدفها إلهاء الشارع عن حادثة قمع المتظاهرين وقتلهم في 25 أيار/ مايو الماضي فمن غير المعقول أن استنفاراً بهذا الحجم لم ينتج عنه أي صدام بين الحشد والقوات النظامية، خصوصاً أن معظم مقاتلي الفصائل هم من الشباب المندفعين والمتعصبين الذين لا يأبهون لأي أمر صادر ويودون المغامرة من دون حساب النتائج”. عضو مجلس النواب العراقي عن “تحالف سائرون”، التابع لمقتدى الصدر، محمود الزجراوي يصف حادثة وجود الفصائل المسلحة على أبواب الخضراء بأنه رفع للسلاح في وجه العراقيين جميعاً، وأن التعاطي القانوني مع هذه المسألة يفترض التزاماً جامعاً بما يقرره القضاء، ويحق للأطراف المعنية حضور التحقيقات والاطلاع على مجرياتها.  باحثون توقعوا زيادة وتيرة الانتشار العسكري المسلح في شوارع بغداد مع قرب الانتخابات البرلمانية، في محاولة لفرض إرادة القوة لكسب أعلى الأصوات وسط مطالبات من أحزاب تشرينية لإنهاء ظاهرة السلاح المتفلت الذي يؤثر في نزاهة الانتخابات، ويمنع المواطنين من التصويب بحرية.  “وإن كنت مجاهداً فهذا لا يعطيك الحق بالتسلط والتحكم برقاب الشعب ومصائرهم واموالهم واعراضهم وأمنه وسلامتهم”. ردود الفعل الدولية على هذه المشهدية المتكررة كانت حاسمة لجهة إدانة السلاح المتفلت الذي يضرب هيبة الدولة العراقية، إذ قال السفير الكندي في بغداد أولريك شانون إنه “لا يمكن احترام الحقوق الأساسية للمواطن، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد النشطاء، وسط انتشار جماعات مسلحة تعتبر نفسها فوق القانون”، وأن “استعراض الأسلحة اليوم ضد مؤسسات عامة هو تهديد واضح لهيبة الدولة”. فيما شددت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت في إحدى تغريداتها على احترام مؤسسات الدولة في جميع الأوقات، مؤكدة أن “لا احد فوق القانون” وان “استعراض القوة يضعف الدولة”. حتى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بدا من خلال تغريدة نشرها بعد يومين من الانتشار الأمني للفصائل في “الخضراء”، أنه يوجه انتقاداً مبطناً إنما قاسياً لهذه الفصائل وقياداتها: “وإن كنت مجاهداً فهذا لا يعطيك الحق بالتسلط والتحكم برقاب الشعب ومصائرهم واموالهم واعراضهم وأمنه وسلامتهم”. واللافت للنظر أن العتبة العباسية في مدينة كربلاء، التي من النادر أن تدلي بدلوها في الملفات السياسية والحكومية والأمنية، أعادت نشر جزء من خطبة جمعة أقيمت في الصحن الحسيني في كانون الأول 2017، تضع الحشد الشعبي في سياقه الذي أسس، واعطي الفتوى الدينية بالعمل، لأجله، وهو مقاتلة “داعش”.  وأشارت الخطبة، التي تحمل إعادة نشرها اليوم دلالات بارزة، إلى أن “القتال ضد تنظيم داعش جاء استجابة لنداء المرجع السيستاني وأداء واجب الوطن والدين، وحب هؤاء  للعراق فكسبوا احترام الجميع وإن الحفاظ على هذا المكسب وعدم محاولة استغلاله لتحقيق مآرب سياسية يؤدي في النهاية الى أن يحلّ بهذا العنوان المقدس ما حلّ بغيره من العناوين المحترمة”، في اشارة واضحة لما حدث في بغداد، وفي تلميح واضح إلى أن “فتوى الجهاد الكفائي” التي أطلقها السيد علي السيستاني لا تشمل ما تقوم به ميليشيات الحشد من تجاوز لحدود علاقتها بالدولة. 


الحصاد draw: ميثاق مناحي العيسى - مركز الفرات حين توصف الدولة بأنها كيان يتمتع بالسيادة، فالمقصود أن الدولة هي التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، الذي يحق له وحده دون غيره، أن يحتكر أدوات القوة التي يحتاجها، بما في ذلك أدوات القمع والإكراه لفرض سلطته على مجمل الإقليم الذي يشكل حدوده السياسية، وعلى الأفراد الذين يقطنون هذا الإقليم. وتشير السيادة الداخلية إلى الشؤون الداخلية للدولة، وموقع السلطة العليا داخل هذه الدولة. وبالتالي، فإن السيادة الداخلية هي هيئة سياسية تمتلك سلطة قصوى نهائية ومستقلة، سلطة قراراتها ملزمة لكل المواطنين، والمجموعات والمؤسسات في المجتمع. بينما تشير السيادة الخارجية إلى مكانة الدولة في النظام الدولي، وبالتالي استقلالها السيادي وعلاقته بالدول الأخرى، ويمكن أن تعتبر دولة صاحبة سيادة على شعبها وأرضها رغم حقيقة أن بنية حكمها الداخلي لا توجد بها أية مظاهر سيادة. كما يحصل في العراق بعد عام 2003 في ظل تصارع وتنازع الارادات الدولية والإقليمية على أرضه، وتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية، وظاهرة تشكيل الجماعات المسلحة، التي ساعدت في تأزيم أزمة العراق السيادية.  إن حصول العراق على استقلاله وتأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي على الطريقة الغربية، وفقاً لرؤية الدول الاستعمارية ومصالحها السياسية والاقتصادية، وضع السيادة العراقية في بداية طريق الأزمات، وما سببته تلك الأزمات من اضعاف للدولة والسيادة بعد ذلك التاريخ. فبعد أنهاء الحقبة البريطانية وسطوتها على الدولة العراقية بعد منتصف القرن الماضي تقريباً، إلّا أن السيادة تصَّدعت مرة أخرى بعد استيلاء حزب البعث على السلطة في العراق في العام 1978، والتفريط بالسيادة من أجل طموحات وغباء الحزب الحاكم وشخوصه، بدءً من اتفاقية الجزائر1975 والمقايضة التي حصلت في قمع الانتفاضة الكردية في شمال العراق، مروراً بالحرب الإيرانية وما خلفته من كوارث، ومن ثم حرب الكويت وتداعياتها العسكرية والسياسية والأممية، ووضع العراق تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إذ ظلت السيادة العراقية منقوصة ومجروحة ومعوَّمة منذ غزو النظام السابق للكويت، فضلاً عن احتلال العراق من القوات الأمريكية وحلفائها في العام 2003، احتلالاً كاملاً؛ متذرعة بقرارات مجلس الأمن الدولي وما خلفته من صراع وقتال وفتح للحدود، بعد قرار حل الجيش العراقي والمؤسسات العراقية بالكامل، وما تبعها من تصاعد موجات الإرهاب والعنف التي حوّلت العراق الى ساحة للموت الجماعي للشعب العراقي، فضلاً عن طبيعة النظام السياسي المشوه ولادياً، الذي زرعته ومهدت له من خلال مجلس الحكم الانتقالي والمرحلة الانتقالية، الذي افضى فيما بعد الى تشكيل حكومات توافقية توازنية محاصصاتية، تتقاسم السلطة والمغانم وفقاً لانتمائها الخارجي والداخلي. إذ ربطت بعض القوى السياسية نفسها بقوات الاحتلال وبعضها بالدول الإقليمية، حتى أصبحت عبارة العمق العربي "كما صورته بعض القوى السياسية السنية"، وعبارة العمق الشيعي "كما صورته بعض القوى السياسية الشيعة"، ايقونة إعلامية وخطاب سياسي يقسم المجتمع العراقي إلى قسمين، فضلاً عن الانقسام المذهبي والقومي والانقسام المجتمعي بين عراقيي الداخل والخارج. إذ أسهمت تلك الارتباطات، ولاسيما الارتباطات الدينية والعقائدية، في تصًّدع سلطة الدولة العراقية وسيادتها الوطنية بالمعنى السياسي والقانوني، وأسهمت سلباً في تعددية سلطة القرار العراقي، حتى بعد انسحاب القوات الأمريكية نهاية العام 2011، إذ  بقت السيادة العراقية أزمة مستعصية لكثير من الاسباب، ولاسيما فيما يتعلق بوجود القواعد والسفارة الأمريكيتين، واستمرار حالة عدم التوافق والاستقرار السياسي بين اطراف العملية السياسية العراقية، وتنامي دور التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، ولاسيما بعد اجتياح تنظيم "داعش" لثلت مساحة العراق الجغرافية، وما تبعه من تداعيات على المستوى السياسي والأمني، سواء فيما يتعلق بتشكيل التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، أو ما يتعلق بالقوى الأمنية والجماعات المسلحة التي تشًّكلت بعد ذلك. لكن هناك من يرى بان من الممكن ان تحترم السيادة الخارجية حتى وإن كانت السيادة الداخلية محل نزاع أو أرتباك. ففي الوقت الذي  بدأت فيه السيادة الداخلية تتبدد مع مفاهيم الديمقراطية وعصر العولمة، فإن قضية السيادة الخارجية أصبحت حيوية جداً، إلا أن صانع القرار العراقي والقوى السياسية العراقية فشلت في ذلك، إذ افقد الفاعل الداخلي والخارجي للدولة العراقية القدرة على الحركة، والقدرة على استثمار مواردها لإحداث التنمية، وسُلبت حريتها وقرارها المستقل، وفقدت سيادتها الصناعية والتجارية، كما فقدت الدولة العراقية القدرة على التحكم والسيطرة في بيئتها الداخلية؛ وهو ما أدى في المحصلة النهائية إلى خلق دولة رخوة ومأزومة في علاقاتها الداخلية والخارجية. فضلاً عن ذلك، فقد تنامت في الآونة الأخيرة، المواقف المتعارضة من وجود القوات الأجنبية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، بما فيها توغل القوات العسكرية التركية المستمر والمتكرر، إضافة إلى قواعدها العسكرية التي أقامتها في العراق، ناهيك عن التغلغل والنفوذ الإيرانيين في العراق. وهي تدخلات شرعنتها مواقف وايديولوجيات القوى السياسية العراقية، طبقاً لمواقفها السياسية ومتبنياتها الفقهية والمذهبية والقومية ومصالحها الحزبية من بعض الدول والأنظمة السياسية الإقليمية والدولية. فمثلاً نجد هناك من يبرر التدخلات التركية والأمريكية، ويرفض التدخلات الإيرانية، أو بالعكس. وأصبحت السيادة العراقية ضحية دائمة للصراع بين الدولة وقوى اللادولة، بين إرادة القانون وإرادة القوى السياسية، والنظام واللانظام، والإرادة الداخلية والخارجية. وهذا الوضع خلق نوعاً من التقسيم الفعلي، إذ تفردت الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية بممارسة السلطة في مناطق نفوذها محولة بذلك سلطة الدولة المركزية إلى سلطة وهمية أو صورية، فضلاً عن ما رسمه الدستور وسلوك القوى السياسية من علاقة مشوهة بين المركز والإقليم، والأزمات التي خلقتها تلك العلاقة المشوهة وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن ذلك، فقد اصبحت العلاقات الخارجية انعكاساً للمواقف والتوافق السياسي، بعيداً عن المصالح الوطنية العليا.  لهذا نعتقد بأن أزمة السيادة في العراق، هي أزمة متراكمة منذ عقود وقد تجلت بشكل مخجل للغاية بعد عام 2003، وأن طبيعة النظام السياسي الحالي وإدارة الدولة والحكم، وسيادة ايديولوجية الأحزاب والمذاهب والقوميات والمصالح الضيقة وسوء الفهم الناتج عنها، خلق من تلك الأزمة، إشكالية مركبة في الفهم والتطبيق.


الحصاد: المدى حسمت كتل وأطراف سياسية متنفذة أمرها واتفقت على إرجاء موعد اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة إلى شهر نيسان المقبل. كما بدأت تتحاور حاليا بشأن إمكانية تشكيل حكومة طوارئ أو ما يسمى بـ"حكومة إنقاذ وطنية" بصلاحيات تشريعية وتنفيذية مطلقة. وتحدث مصدر مطلع رفض ذكر اسمه في تصريح لـ)المدى( قائلا إن "المحاولات والمشاورات مازالت قائمة ومستمرة بين كتل سياسية متنفذة وكبيرة لإرجاء الانتخابات البرلمانية المبكرة من شهر تشرين الأول المقبل إلى نيسان من العام 2022"، مبينا أن "هناك كتلا لا ترغب في إجراء الانتخابات خوفا من خسارتها لمقاعدها وفقدانها لمصالحها بسبب تراجع شعبيتها". ويضيف أن "هذه الكتل السياسية تراهن على عامل الوقت من اجل استرجاع شعبيتها وقوتها الانتخابية في حال إرجائها للاقتراع"، معتقدا أن "الجهات المتبنية لقرار التأجيل اتخذت قرارها منذ فترة بعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات". وأرجأت الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية إلى 10 تشرين الأول 2021، بعد اقتراح المفوضية تأجيل الانتخابات البرلمانية من اجل "استكمال النواحي الفنية لتسجيل الأحزاب السياسية وتوزيع البطاقات الانتخابية وتأمين الرقابة الدولية". وعن الكيفية التي سيتم بها إرجاء الانتخابات إلى نيسان المقبل يوضح المصدر المطلع على الحراك السياسي بالقول إن "هذه الجهات ستعمد إلى الفوضى وعدم الاستقرار كقطع التيار الكهربائي الذي سيولد نقمة شعبية ستنعكس في الشارع"، مبينا أن "من غير الممكن إجراء انتخابات في ظل أجواء متوترة". ويتوقع أن "إعلان تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى شهر نيسان المقبل سيكون قريبا"، موضحا أن "حجم الكتل السياسية الداعمة لفكرة تأجيل الانتخابات يصل لنحو 70%، في حين ترفض 30% التلاعب بموعد الانتخابات". ويلفت المصدر القريب من الاحداث إلى أن "هذه الكتل اتفقت أيضا على إجراء تغييرات في حكومة الكاظمي تصل إلى ثمانية وزراء تقريباً"، متسائلا "لماذا هذا التغيير في الوزراء رغم أن الانتخابات المبكرة مقرر إجراؤها في العاشر من شهر تشرين الأول المقبل؟". ويلفت إلى أن "هذه التغييرات الوزارية دليل على الاتفاق الحاصل بين هذه الجهات السياسية على تأجيل الانتخابات المبكرة إلى نيسان المقبل موعد انتهاء الدورة البرلمانية"، موضحا أن "هذه الجهات ترفض فكرة التأجيل في الإعلام لكن في الخفاء مستمرة في مفاوضاتها وتحشيداتها للتأجيل وتشكيل حكومة الطوارئ". وفي شهر آذار الماضي صوّت البرلمان بأغلبية مريحة على مشروع قرار يقضي بحل نفسه بشكل كامل في السابع من تشرين الأول المقبل وذلك بناءً على طلب مقدم من 172 نائباً. وتحاول هذه الكتل المتنفذة استغلال هذا الموقف لإعلان تشكيل حكومة الطوارئ يرأسها مصطفى الكاظمي لإكمال الفترة المتبقية من الدورة الحالية وتحضر لإجراء الانتخابات البرلمانية في شهر نيسان المقبل وهو موعد انتهاء الدورة البرلمانية. من جهته، يؤكد محمد العبد ربه القيادي في تحالف عزم الانتخابي لـ(المدى) أن "اغلب الأحزاب والكتل السياسية الداعمة والمشكلة للحكومة الحالية لا ترغب في إجراء الانتخابات المبكرة، ولا تريد المغامرة بمستقبلها السياسي وانتخابات غير مضمونة المستقبل". ويبين العبد ربه أنه "من الأفضل لهذه الكتل عدم إجراء الانتخابات في ظل تراجعها في الشارع وتزايد الاحتجاجات"، مضيفا أن "هذه الجهات تفكر في الإبقاء على مكاسبها السياسية وعدم التفريط بها عبر انتخابات مبكرة". ويضيف أن "الشارع في المحافظات الجنوبية ملتهب وهذا يمنع أي مرشح من ممارسة الدعاية الانتخابية أو تقديم برنامجه الانتخابي، وبالتالي المعطيات تشير إلى تأجيل الانتخابات المبكرة إلى نيسان المقبل"، متوقعا ان "الايام المقبلة ستكون مضطربة كعودة الاحتجاجات والاغتيالات والاختطاف". ويتابع النائب السابق أن "هذه الأحداث ستستخدمها هذه الأطراف السياسية كحجة لإرجاء الانتخابات إلى العام المقبل"، مرجحا ان "الإعلان عن التأجيل سيكون في شهر أيلول المقبل، أي قبل موعد إجراء الانتخابات المبكرة بشهرين من اجل تجاوز ردة الفعل". ويؤكد على انه "هناك حوار على تشكيل حكومة طوارئ لكنه مازال غير مقبول لدى الكثير من الأطراف" مشيرا إلى ان "نسبة الاطراف الداعمة لفكرة تشكيل حكومة الطوارئ انخفضت بعد تداعيات المظاهرات". ورفض رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في بيان تشكيل حكومة الطوارئ قائلا إنها تعني تمردا على الديمقراطية وأصول تداول السلطة برلمانيا والإساءة والانتقاص من إرادة الشعب العراقي الذي حزم أمره للمشاركة الواسعة في الانتخابات، مشددا على عدم "تضييع جهد المفوضية العليا للانتخابات بعدما قطعت شوطا في التحضير وتجاوز الصعوبات والتحديات".


الحصاد: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت   يخوض العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003 حرباً مغايرة في التكتيك والمضمون يبدو من ملامحها أنها ستكون طويلة الأمد بانخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات بحوالي 50% عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، ليتسبب انخفاض مليار لتر مكعب واحد من المياه بخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، بحسب إحصائيات شبه رسمية. كما ويخسر في ذات الوقت آلاف المليارات المكعبة سنوياً بسبب ما يمكن تسميتها بالحرب المائية التركية الإيرانية عليه. هذا الإجراء دفع وزارة الموارد المائية العراقية لإجراء مخاطبات ولقاءات رسمية مع تركيا وإيران وسوريا بشأن كميات المياه الواصلة إليه، وعقد لقاء مع الجانب السوري وتم التواصل فنياً مع الجانب التركي للاتفاق على تقاسم الضرر الناجم عن قلة الإيرادات بسبب تغير المناخ حسب الاتفاقية الموقعة بين الدول. اقرأ أيضا العراق بلا أنهار عام 2040.. هذه قصة أزمة المياه الحياة تعود لشرايين أهوار العراق وشهد العراق مؤخرا تراجعا كبيرا في مناسيب نهري دجلة والفرات، خاصة في المحافظات الجنوبية، مما دفع بمنظمات حقوقية ونقابات إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات، لكن وزارة الموارد المائية أكدت أن لديها خزينا مائيا مناسبا لهذا الموسم. سد دوكان بكردستان العراق (الأناضول-أرشيف) كم يستهلك العراق من المياه؟ ويستهلك سُكان العراق -البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة الآن- ما يُقدر بـ 71 مليار متر مكعب من المياه. وعام 2035 سيصل عدد السكان إلى أكثر من 50 مليوناً، ومن المتوقع أن تنخفض المياه السطحية إلى 51 مليار متر مكعب سنوياً بعد إكمال كل المشاريع خارج الحدود. وبشأن ايرادات المياه القادمة من إيران، هناك تفاوت وقلة في الإيرادات في سد دربندخان بمحافظة السليمانية بكردستان العراق حيث وصلت إلى معدلات متدنية جداً، وكذلك سد دوكان في المحافظة نفسها والتي وصلت نسبة الانخفاض فيه الى 70%. إلا أن ديالى هي الأكثر ضرراً كونها من المحافظات الزراعية المهمة ومصدر إروائها يعتمد على نهر ديالى سيروان بحوالي 80%، وكذلك نهر دجلة نحو 19-20%. وتسبب انخفاض معدلات الإيرادات المائية في مناطق وسط وجنوب البلاد -وتحديداً الأهوار- بارتفاع نسبة الملوحة بالإضافة إلى تباطؤ سرعة جريان هذا المجرى، مع احتمال تكرار جفاف السنوات السابقة، لاسيما وأن معدلات التبخر عالية. وشهدت الأهوار خلال السنوات الماضية ما بين عامي 2003-2018 تراجعاً كبيراً في منسوب المياه حتى أصيبت بجفاف كبير، الأمر الذي أدى إلى نفوق آلاف الحيوانات والأسماك، وهجرة السكان المحليين بعيداً بحثاً عن مصادر المياه. وتشكل الأمطار 30% من موارد العراق المائية، في حين تقدر كميات مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70% بحسب المديرية العامة للسدود بالعراق. كبير خبراء السياسات المائية رمضان محمد يرى أن تركيا وإيران تستخدمان المياه ورقة ضغط وبأجندة سياسية بحتة (الجزيرة) زحف الصحراء وتستخدم تركيا وإيران المياه ورقة ضغط وبأجندة سياسية بحتة وبعيداً عن حقوق الجيرة وحق الإنسان في المياه، لذلك من تداعيات هذه الحرب المائية غير المعلنة أن يواجه العراق كدولة مصب في المستقبل المنظور مخاطر جمّة تكون عميقة في تأثيرها وذات مدى واسع النطاق، تأتي في مقدمتها الإدارة غير الكفؤة وما يقابله من سوء إدارة الدولة للملف المائي، كما يرى كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة محمد. ويرى محمد أن هذا الضغط سيتسبب في تناقص إمدادات المياه الصالحة للشرب كمّاً ونوعاً، وتدهور البيئة وبؤر ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية وخروجها من الخدمة، مما يسرع في زحف الصحراء نحو المدن وبالتالي زيادة الهجرة من الريف إلى الحضر بسبب قلة مياه الري، وبالتالي التنافس على مياه الري بين مختلف المستخدمين. ويُحذر كبير الخبراء من أن استمرار هذه الحالات دون معالجة سريعة سيجعل القادم أسوأ ويسبب الكوارث الإنسانية التي لا تحمد عقباها. وعن انعكاسات ارتفاع درجات الحرارة على شحّ المياه وقلة تساقط الأمطار، والكمية التي يحتاجها العراق من المياه، يتوقع الخبير الإستراتيجي أن يشهد العراق والمنطقة ارتفاعا كبيراً في درجات الحرارة وباستمرار موسم الصيف لنهاية موسم الخريف، لتزيد هذه الضغوط المناخية من احتمال مستقبل أكثر سخونة وجفافًا في البلاد، وستزيد حالات التبخر من المسطحات المائية العراقية سواء الطبيعية كالثرثار وبحيرة الحبانية أو خزانات السدود مما يقلل من الخزين الإستراتيجي الذي يعتمد عليه العراق في تغطية نقص التصاريف الواردة من تركيا وإيران. مناطق وسط وجنوب العراق الأكثر تضررا من نقص منسوب المياه (رويترز) وسيزداد أيضاً التبخر من الغطاء الأخضر مما يزيد من حاجته الى مياه الري، وستترك تغيرات المناخ عدداً من الرابحين والخاسرين فيما يتعلق بإمدادات المياه. ويقرّ كبير خبراء السياسات المائية بأنّ العراق هو الطرف الخاسر في المعادلة المائية إذا استمر الجفاف لأكثر من موسم، باستمرار تحكم دول الجوار المائي بالمياه، والتقاسم غير العادل لها، مؤكداً حاجة العراق إلى أكثر من 50 مليار متر مكعب من المياه كحد أدنى لتلبية متطلباته المائية. وقد أدى معدل الانخفاض الحالي إلى مخاوف في العراق من نقص كمية مياه نهر دجلة إلى نصف الكمية، بعد أن بدأت تركيا تشغيل سد إليسو الذي انتهت من بنائه في يناير/كانون الثاني 2018، مما عجّل من انخفاض منسوب المياه، ووضع العراق أمام مشكلة حقيقية، خصوصاً بعد أن حولت إيران أيضاً مجرى الأنهار التي كانت تساهم بتزويد العراق بالمياه. ويصف محمد في تعليق منه -على بناء السدود والمشاريع الإروائية العملاقة من قبل تركيا وإيران، دون التشاور مع العراق والالتزام بالأعراف والقوانين الدولية- بأنه يتسم بموقف "من يملك ومن لا يملك" وهذا يثير الجدل اليوم حول مجموعة السدود التي تبنيها الدولتان. ولم يتم التوصل حتى الآن مع العراق باتفاق في حسم نتائج بناء السدود في مجالات تتراوح بين تحقيق توافق حول التنمية المستدامة لكل من دولتي المنبع، وكونها مبررة بشكل عام بفوائدها الاقتصادية والسياسية، وبين معارضة العراق لإنشاء هذه السدود بتحكمها الشبه الكامل بتصاريف المياه إليه، ولأضرارها البيئية ومخاطرها في زيادة النشاط الزلزالي بالمنطقة سواء من حركة الصفائح التكتونية وتنشيط الفوالق والصدوع بالمنطقة القريبة من مواقع هذه السدود أو من الهزات الأرضية المستحثة Induced Seismicity)) التي تسببها الخزانات الكبيرة لهذه السدود. ويختم الخبير الإستراتيجي العراقي تصريحاته بأن مخاطر الزلازل تهدد استقرار السدود نفسها، وسيكون لها آثارها السلبية على تركيا وإيران ومن ثم دول الوسط والمصب. الباحث إيفان شاكر يشير إلى أن العراق يتكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنوياً جراء حرب المياه (الجزيرة) خسائر اقتصادية وتسبب هذه الحرب المائية خسائر اقتصادية جمّة للعراق، يقدّرها الخبير والباحث الاقتصادي إيفان شاكر بمليارات الدولارات سنوياً، وتحديداً على القطاع الزراعي، بالإضافة إلى زيادة في نسبة البطالة وتأثيرها السلبي على الأمن الغذائي. وتأتي الثروة الحيوانية ثانياً بعد الزراعية، وبالدرجة الأساس تربية الأسماك، بتضررها بسبب التصحر الحاصل تحديداً خلال هذه السنة، لاسيما مناطق وسط وجنوب البلاد التي تكونُ أشد تأثيرا من المناطق الشمالية لأن الزراعة تعتمد بشكل شبه كلي على مياه الأنهار، حسب شاكر. ويُشكل منسوب المياه في مناطق الوسط والجنوب نسبةً أقل من المناطق الشمالية، مما يُسبب تصحراً لمساحاتٍ واسعة من الأراضي الزراعية، فضلاً عن عجز في كمية المياه الصالحة للشرب التي يستهلكها المواطنون في تلك المناطق. وفي حديثه للجزيرة نت، يحذر شاكر من مخاطر استمرار تقليل حصة المياه من قبل إيران وتركيا، ويُشير إلى شلل الجانب الزراعي بشكل شبه كامل كما أنه يحدّه من التطوير، يأتي ذلك كله في وقت يواجه العراق خطرا غير مسبوق هذه السنة بسبب الجفاف والتصحر الحادث بمساحات واسعة في عموم البلاد بسبب قلة منسوب مياه الأنهر الواردة من إيران وتركيا بنسبة 50% وفقدانه لكل مليار متر مكعب من حصته من المياه مما سيسبب تصحراً لـ 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية، مما يهدد بالتصحر بحلول عام 2040 لعدم إطلاق حصة مياه كافية من قبل الدولتين الجارتين. الكاتب هادي مرعي: الحكومات المتعاقبة لم تضع إستراتيجية واضحة لحماية الأمن القومي المائي (الجزيرة) ضعف الحكومات من جانبه يُحمّل الكاتب والمحلل السياسي العراقي هادي جلو مرعي الحكومات المتعاقبة عدم وجود إستراتيجية واضحة لحماية الأمن القومي المائي، ويتهمها بأنها انشغلت بمشاكل لا حصر لها سواء كانت خلافات سياسية أو مشاكل اقتصادية أو نزاعات خارجية وداخلية على مدى عقود، مما أدى إلى غياب السياسات الواعية والالتزام بطريقة عمل منظمة في مواجهة التحديات التي يفرضها واقع البلاد الجغرافي للعراق وعلاقاته مع دول يفتقد فيها لعنصر التكافؤ. وفي رده على سؤالٍ للجزيرة نت حول ما إذا كان ضعف حكومات ما بعد 2003 زاد من تعمق المشاكل المائية، يؤكد مرعي أن هذا لعب سبباً رئيساً في ذلك، مشددا على ضرورة عدم تحميل كامل المسؤولية لتركيا أو إيران فهما دولتان لهما سياسات خاصة ومطامح وطرق إدارة للمياه وتعانيان من جفاف في بعض المناطق، ولابد من وجود فاعل عراقي قوي يضع معاهدات حقيقية تحمي مصالحه شرط ألا تكون مجرد اجتهادات وتفتقد إلى الحكمة والوضوح.


الحصاد: سكاي نيوز  مبكراً بدأ إعلان أسماء مرشحي الأحزاب السياسية في العراق، إلى رئاسة الحكومة المقبلة، فيما يقول خبراء في الشأن السياسي إن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي قد يكون مرشح تسوية مع بروز تحالفات معتدلة قد تكون لها كلمة الفصل. ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات نيابية مبكرة في 10 أكتوبر المقبل، وذلك استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2019. وأعلنت أحزاب سياسية أسماء مرشحيها إلى رئاسة الحكومة، على رغم البعد النسبي لموعد الانتخابات، فيما تحتفظ أخرى، بأسماء مرشحيها على أمل طرحهم في الوقت المناسب، وخلال المفاوضات الرسمية. ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أعلن ترشيح الأخير لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة، في حال حصوله على المنصب. وقال النائب عن الائتلاف كاطع الركابي، في تصريح صحفي إن "رئيس الائتلاف نوري المالكي هو مرشحنا لرئاسة الحكومة في حال الحصول عليها، فنحن نريد تقديم الخدمة للمواطن بغض النظر عن حصولنا على منصب رئاسة الوزراء من عدمه". بدوره، يرى المحلل السياسي علي البيدر، إن "الحديث عن رئاسة الوزراء مرهون بالظروف السياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات ونتائجها، لكن طرح الأسماء والعناوين من قبل بعض الكتل، يهدف إلى إيهام الجمهور والأحزاب الأخرى بقوتهم وقدرتهم على المنافسة وتشكيل الحكومة والحصول على الكتلة الأكبر، وهو ما يساهم في تحشيد جماهيرهم وتعزيز خزّانهم الانتخابي". وأضاف البيدر لـ"سكاي نيوز عربية" أن "حظوظ رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، قد لا تكون قوية بذاتها، لكن من الممكن طرحه كمرشح تسوية، كما تم اختياره أول مرة عام 2020، على رغم وجود تحديات أمام هذا المسار، وأبرزها علاقته غير المتصالحة مع المجموعات المسلحة والميليشيات، غير أن مقبوليته من الكتل السنية والكردية، وبعض الأقليات الأخرى، فضلاً عن التيارات المدنية والنخب المثقفة التي تؤكد على ضرورة وصول شخصيات مدنية تعزز الحياة العامة وتبتعد بالبلاد عن الرؤى المذهبية".   أحزاب منفردة وتخوض أغلب الكتل الشيعية الاقتراع المبكر بشكل منفرد، حيث صادقت مفوضية الانتخابات على تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي والكتلة الصدرية التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. فيما يمثل تحالفا "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و"عزم" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر، أبرز التحالفات في المناطق السنية. ويرغب التيار الصدري، بالحصول على رئاسة الحكومة للولاية المقبلة، حيث وضع شروطاً "صارمة" للأفراد الراغبين بالترشح في صفوفه، فيما تداولت تقارير صحفية، أسماء على أنها لمرشحين محتملين للتيار لرئاسة الحكومة المقبلة. ورهن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مشاركة تياره في الانتخابات بمؤشرات إمكانية وصول رئيس وزراء "صدري" إلى سدة الحكم. وقال الصدر في تغريدة على حسابه في تويتر: "إن بقيت وبقيت الحياة سأتابع الأحداث عن كثب وبدقة، فإن وجدت أن الانتخابات ستسفر عن أغلبية (صدرية) في مجلس النواب وأنهم سيحصلون على رئاسة الوزراء، وبالتالي سأتمكن بمعونتهم وكما تعاهدنا سوية من إكمال مشروع الإصلاح من الداخل، سأقرر خوضكم للانتخابات". ومؤخراً، أعلن مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عدم خوض الأخير الانتخابات البرلمانية المبكرة، المزمع إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل. وأكد المصدر لوسائل إعلام محلية، أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لن يشارك في الانتخابات المقبلة، كما لن يشارك أي من أعضاء فريقه والمقربين منه تحت أي مسمى أو عنوان أو حزب، ولن يدعموا أي حزب أو طرف أو جهة سياسية على حساب الأحزاب الأخرى".   لعبة الأرقام "غير صالحة" وعلى رغم انسحاب الكاظمي إلا أن الأروقة السياسية العراقية، تتداول اسمه كمرشح محتمل، لولاية ثانية، في ظل بقاء الظروف التي أنتجت حكومته الحالية، وهي تداعيات الاحتجاجات الشعبية، والتراجع النسبي في دور إيران داخل العراق، وفرض التظاهرات نفسها كعامل آخر، في مسألة تشكيل الحكومة، واختيار رئيسها، والشروط المطلوب توفرها. وفي ظل التشظي الحاصل بين الأحزاب والقوى السياسية، وخوضها الانتخابات بشكل منفرد، يقول مراقبون عراقيون، إن ذلك سيصعب مهمة تشكيل الحكومة، وتقديم مرشح من تلك الأحزاب، خاصة في حال مجيء نتائج الانتخابات متقاربة، وهو ما يدفع باتجاه اختيار مرشح تسوية.   بدوره، قال الخبير في الشأن العراقي سرمد الطائي إن "منصب رئيس الوزراء كان يتم سابقاً عن طريق لعبة الأرقام، لكن الاحتجاجات الشعبية، أطاحت بتلك المعادلة عندما سقطت حكومة عادل عبد المهدي، حيث رفض رئيس الجمهورية آنذاك ثلاثة مرشحين رسميين وأربعة آخرين غير رسميين، جاؤوا وفق طريقة الأرقام، عبر الكتل التي تمتلك مقاعد أكبر في البرلمان، لكن التظاهرات، وقواعد تشرين أسقطت تلك الطريقة، واعتبرتها غير صالحة". وأضاف الطائي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الانتخابات الجديد ستفرز أرقاماً جديدة وفق شكلين؛ الأول سيرضي الشعب، في حال إجرائها وفق سياقات مقبولة، وأوضاع مناسبة، والثاني في حال أجريت وفق شروط القوى المسلحة، التي أخذت حصصاً لا نعرف كيف خلال الانتخابات السابقة، وحينها ستكون لغة الارقام لو جاءت وفق الخيار الثاني، غير مقبولة، ومرفوضة، ولن تنتج أية حكومة، بل ستأتي الحكومة المقبلة، وفق القواعد التي أرادها الشعب، وعبّر عنها خلال التظاهرات".  


الحصاد:   ذكر تحقيق أجراه خبراء دوليون تابعون للأمم المتحدة أن تنظيم داعش الإرهابي كان قد جرب أسلحة كيماوية على سجناء عراقيين لمعرفة مدى فعاليتها، وذلك وفقا لما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. وكانت تقارير بشأن استخدام داعش للأسلحة الكيماوية قد ظهرات في وقت مبكر من عام 2015 وعبر مسؤولو المخابرات الأميركية والعراقية في حينه عن قلقهم البالغ من أن تنظيم داعش يسعى بنشاط لتطوير هذا النوع من الأسلحة. وأكد المسؤولون في حينه أن التنظيم يحاول الحصول على مساعدة من علماء من العراق وسوريا وأماكن أخرى في المنطقة لفتح مركز لبحوث وتجارب الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وبحلول أواخر عام 2016 نفذ تنظيم داعش هجمات احتوت على مواد كيماوية، بما في ذلك الخردل والكلور والكبريت، 52 مرة على الأقل في سوريا والعراق، وفقا لتحقيق نشره مرصد الصراع التابع لمركز أبحاث (آي إتش أس) ومقره لندن. وأشارت نتائج التحقيق الجديد إلى التجارب التي أجراها تنظيم داعش على رهائن ومعتقلين عراقيين بعد سيطرته على مدينة الموصل في العام 2014 لم تكن معروفة سابقة. وبدأت تلك الأبحاث عندما بدأ التنظيم المتطرف باستخدام جامعة الموصل مركزا لأبحاث وتجريب أنوا ع جديدة من الأسلحة، بحسب التقرير الصادر عن لجنة عينها مجلس الأمن الدولي، والذي أشار إلى بعض السجناء العراقيين قد لقوا حتفهم جراء تلك التجارب. من الثاليوم إلى النيكوتين وفحص المحققون تقارير عن تعرض السجناء للثاليوم، وهي مادة كيميائية شديدة السمية تُستخدم تاريخياً كسم للجرذان، وكذلك مادة النيكوتين الذي يعتبر مميتاً  إذا جرى استخدامها بجرعات عالية. كما أشار التقارير إلى الجهود التي بذلها  داعش لتصنيع غاز الكلور وخردل الكبريت (غاز الخردل) الذي استخدم في الحرب العالمية  الأولى لقتل وتشويه آلاف الجنود. وظهرت الأدلة الجديدة على استخدام الجماعة الإرهابية الأسلحة الكيماوية على مدنيين من خلال فحص أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة لعناصر تنظيم داعش الذين جرى قتلهم أو اعتقالهم. وقال التقرير: "الأدلة التي تم الحصول عليها بالفعل تشير إلى أن داعش اختبر مواد بيولوجية وكيميائية وأجرى تجارب على السجناء مما تسبب في مقتل عدد منهم". تسبب في مقتل". "يُشتبه في أن المثيرات المسلحة وغازات الأعصاب والمركبات الصناعية السامة قد تم النظر فيها في إطار البرنامج". ولا يعرف الكثير عن الأبحاث التي أجراها داعش لصناعة أسلحة كيماوية وبيولوجية لاستخدامها في عمليات وهجمات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم. فبعد سيطرته على مناطق شاسعة شمالي العراق في عام 2014، استولى مسلحو داعش على كميات كبيرة من الكلور من محطات تنقية المياه قبل  أن يستخدموه الكلور في هجمات بالغاز السام ضد المقاتلين الأكراد والجيش العراقي والمدنيين. "إرث صدام" في وقت لاحق ، جند داعش عدد من العلماء والمهندسين الذين كانوا يعملون في مصانع أنشأها نظام صدام حسين، لمساعدة التنظيم على إنتاج غاز الخردل باستخدام مختبرات جامعة الموصل كمركز أبحاث. وأكد المحققون الدوليون أن داعش نجح نجاحا جزئيًا في تصنيع نوعية سيئة من غاز الخردل ليستخدمه عبر قذائف المدافع التي كانت بحوزته. ويعتقد بعض الخبراء أن جودة غاز الخردل التي صنعه داعش ربما تكون تحسنت مع مرور الوقت بفضل كبار علماء برنامجه الكيماوي الذين قضوا أو ألقي القبض عليهم في عامي 2015 و 2016، عقب  غارات شنها التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق. وفي تعقيبه على نتائج التحقيق الدولي، قال ريتشارد بيلش، مدير برنامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار في مونتيري بكاليفورنيا: "أشار التقرير إلى زيادة طفيفة في قدرات داعش، وحال ثبتت صحة تلك المعلومات فإن ذلك يتطلب تغييرات في إجراءات حماية القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة". تجدر الإشارة إلى نتائج التقرير الأممي بشأن أسلحة داعش الكيماوية هو جزء من تحقيق أشمل شمل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها التنظيم الإرهابي، بما في ذلك جرائم اغتصاب وقتل وبحق الأقلية الإيزيدية  وإعدام آلاف الجنود العراقيين والطلاب العسكريين وضباط الشرطة الذين جرى أسرهم عقب اجتياح التنظيم لشمالي العراق في عام 2014. . وقال رئيس التحقيق، كريم أسد أحمد خان ، لأعضاء مجلس الأمن إن لجنته وجدت "أدلة واضحة ومقنعة" على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم الدولة ، وخاصة ضد الأقلية اليزيدية في العراق. ولفت إلى أن قائمة الجرائم الموثقة تضمنت "القتل والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية". الحرة


الحصاد: خلال حرب الخليج الثانية، أسر ليث منير، اللواء السابق في الجيش العراقي، كلا من بوب ويتزل وجيف زون، وهما طياران أميركيان، بعد أن سقطت طائرتهما في إحدى صحاري العراق، ومنع منير الذي كان يقود فرقة بحث عنهما الجنود من قتل الطيارين. وبعد 21 عاما، جلس الرجال الثلاثة يتناولون العشاء في ولاية فيرجينيا الأميركية، وعرض الطياران الأميركيان اللذان يبلغان من العمر 60 عاما و 58 عاما، على منير (74 عاما) مساعدته في سعيه لاكتساب حق اللجوء، ولاحقا المواطنة، في الولايات المتحدة، كما يشير تقرير  نشره موقع Military Times الأميركي، الثلاثاء. كانت مهمة الطيارين، واثنين آخرين من زملائهما، شل قدرات قاعدة H-3 الجوية والدفاعات الصاروخية ضد الطائرات المنتشرة فيها، خلال حرب الخليج الثانية عام 1991. دخل الطيارون الذين كانوا يقودون طائرة من طراز A-6 الحدود العراقية على علو منخفض، وهما يهدفان لضرب قواعد الدفاع الجوية العراقية، ترافقهم طائرات مقاتلة وطائرات تشويش على الرادار. وعلى بعد دقيقة واحدة من القاعدة العراقية، أطلق الدفاع الجوي صاروخا من نوع سام مر قرب الطائرة، وبعد 30 ثانية مر صاروخ آخر من يمينها، كما ذكر ويتزل سابقا لموقع The Aviation Geek Club. ويقول الموقع إن استخدام القوات العراقية لصواريخ سام، من نوع رولان الفرنسي، فاجأ الطائرات الأميركية التي لم يشعل رادار الصاروخ أجهزة التنبيه فيها، وبحسب الموقع، أصاب هذا النوع من الصواريخ أربع أو خمسة طائرات أميركية خلال الحرب. وبينما كان ويتزل يراقب الصاروخ الذي أفلت منه وهو يمر بعيدا عنه، هز انفجار صاروخ سام لم يره الطياران قادما قبل أن يضرب المحرك الأيمن للطائرة بعنف. قفز الطياران من الطائرة، لكن الخروج تسبب في فقدانهما الوعي وأصيب ويتزل بكسور متعددة  في العظام، وعلى الرغم من حالتهما السيئة فقد عرفا، بعد استعادة وعيهما، إنهما بحاجة للتحرك لأنهما سقطا على مقربة من القاعدة. وبدأ الاثنان في المشي والزحف على الكثبان الرملية شديدة الانحدار في اتجاه الحدود الأردنية إلى جنوبهما الغربي، لكنهما شاهدا عربات عسكرية تبحث عنهما وعرفا إنها "مسألة وقت" قبل أن يتم القبض عليهما. لاحقا، وخشية من "الدهس" في مكان اختبائهما، لوح زون بيديه لسيارة عسكرية كانت تقترب مسرعة منهما ليستسلم الطياران للقوات العراقية. "أنقذ منير حياتنا في تلك الليلة، ونقلونا إلى سيارته الجيب، وحرص على أن نسلم بأمان إلى مستوصف القاعدة حيث تلقينا الرعاية الصحية قبل أن ننقل إلى بغداد بسيارته الشخصية وسائقه الشخصي"، يقول ويتزل لموقع The Aviation Geek Club في تصريحات سابقة. قاعدة H-3 الجوية كان اللواء ليث منير من قدامى المحاربين المحنكين في سلاح الجو العراقي، وكطيار مقاتل، أمضى السنوات الأولى من حياته المهنية في التدريب في باكستان والعراق على منصات أميركية وروسية الصنع، بما في ذلك طائرات T-37 وF-86 وMiG 21s و 23s. كما عمل في مهمات طيران لدول حليفة مثل الهند ومصر. وفي عام 1991، كان يشغل منصب قائد قاعدة H-3 الجوية العراقية على بعد حوالي 300 ميل غرب بغداد في محافظة الأنبار. أعطى منير الأوامر بضرب الطائرات المهاجمة، بعد أن اكتشفها الرادار العراقي قبل دقائق فقط من وصولها. رافق منير الطيارين الأميركيين بأمان إلى سيارته الجيب ثم تركهم في مستوصف القاعدة تحت مراقبة الحراس الذين يثق بهم شخصيا. في ذلك الوقت، قدمت حكومة صدام حسين مكافآت للمواطنين الذين جلبوا مقاتلين أعداء، أحياء أو أموات، لكن العسكريين لم يكونوا مؤهلين للحصول على مثل هذه المكافآت، لذلك أراد بعض الجنود والطيارين العراقيين تسليم الطيارين إلى السكان المحليين وتسلم الجائزة، وفقا لمنير. وعلى الرغم من الضغوط التي قام بها مسؤولون آخرون في القاعدة، لم يسمح لهم منير بأخذ السجناء. وفي اليوم التالي، أرسل الجنرال أسرى الحرب الاثنين إلى بغداد، كما ذكر ويتزل سابقا لصحيفة Middlesex cc الجامعية الأميركية. كانت حاملة الطائرات التي انطلق منها ويتزل وزون راسية في البحر الأحمر على بعد 500 ميل من القاعدة العراقية، ولم يكن لقادتها فكرة عن وضع الطيارين أو ما إذا كانا لا يزالان حيين. حاملة الطائرات ساراتوغا في ذلك الوقت، كان الطياران يتجهان إلى بغداد، ليفصلا ويمنعان من رؤية بعضهما البعض لأكثر من شهر. تعرض زون إلى التعذيب من قبل الأمن العراقي "بالمطارق المطاطية أو خراطيم المياه أو العصي"، حسب تقرير Military times. وقال له المحققون في نهاية المطاف إنهم سيقتلونه ما لم يذهب إلى التلفزيون ويجيب على أسئلة المقابلة كما صدرت إليه تعليمات. يقول زون لموقع Military Times "أخبروني بكل الأسئلة التي سيطرحونها مع كل الإجابات التي كان من المفترض أن أعطيها"، مضيفا "لقد حاولت أن أبدو غير صادق قدر الإمكان كنت متأكدا جدا من أن الأميركيين لن يصدقوا ما أقوله". وكانت المقابلة هي المرة الأولى التي عرف فيها عائلة زون وزملاؤه في السفينة أنه لا يزال على قيد الحياة. وبعد وقت قصير من إحضاره إلى محطة التلفزيون، نقل زون إلى عهدة الحرس الجمهوري، حيث خفت حدة الضرب والمضايقة. وعلى الرغم من سوء التغذية، إلا أنه ركز على على المحفاظة على لياقته البدنية. وعندما وصل ويتزل إلى بغداد، نقل على الفور إلى المستشفى وعولج من كسر في الزند الأيسر، وكسر في عظم العضد الأيمن، وكسر في فقراته، وكسر في الترقوة اليمنى، وكسر في إصبعه. وبعد ستة أيام من التعافي في المستشفى، وضع هو الآخر في السجن لاستجوابه. لم يظهر ويتزل في مقابلة تلفزيونية، وحتى إطلاق سراح الطيارين، لم تكن عائلته تعرف ما إذا كان حيا أو ميتا. وفى 24 فبراير، وهو اليوم الذى بدأت فيه الحرب البرية لإخراج العراق من الكويت، قصف طيارون أميركيون مقر السجن، ونتيجة لذلك نقل زون وويتزل إلى أبو غريب ثم إلى سجن آخر في بغداد، ولم يمضيا أكثر من بضعة أيام في كل منهما قبل إطلاق سراحهما من العراق. ورفع زون و16 أسيرا أميركيا آخر لاحقا دعاوى قضائية يطالبون فيها بالتعويض بسبب المعاملة غير القانونية والتعذيب الذي تعرضوا له، بحسب موقع South Jersey الإخباري. من سوريا ومصر إلى الولايات المتحدة استمر منير في العمل كقائد القاعدة الجوية H-3 وأيضا في القوات الجوية العراقية لسنوات بعد عاصفة الصحراء، وترك الجيش في عام 2003 عندما بدأ التدخل الأميركي في العراق، وبعد سقوط نظام صدام، خرج منير من العراق باتجاه سوريا. انتقل منير بعد ذلك إلى مصر حيث عمل مدربا في الأكاديمية الجوية المصرية، كونه أحد الطيارين العراقيين الذين اشتركوا في حرب أكتوبر تحت قيادة قائد القوات الجوية آنذاك، اللواء حسني مبارك الذي أصبح رئيسا للجمهورية لاحقا، حسب تقرير Military times. وصل الجنرال العراقي السابق إلى الولايات المتحدة في عام 2012 لزيارة ابنه المقيم في البلاد، وبدلا من العودة إلى مصر بعد زيارته، تقدم منير بطلب اللجوء في الولايات المتحدة عام 2012، ولم يتم الموافقة على طلبه بعد. رفض طلب منير وأعيد النظر به، ثم أحيلت القضية إلى محاكم الهجرة حيث يقرر أن تعقد جلسة استماع لقضية منير في عام 2024. وفي الأشهر التي تلت وصوله إلى الولايات المتحدة، عمل منير بجد لتحديد مكان أسرى الحرب اللذين أنقذهما في الصحراء قبل عقود، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها ابنه ومحاميه، لم يتمكنا من القيام بذلك. وأخيرا، وجد صديق لمنير معلومات الاتصال بوالدة زون الذي يقول أن أمه اتصلت به لتخبره أن "جنرالا عراقيا يريد الحديث معه". اجتمع الضباط الثلاثة مع ليث وزيا منير في 2012، وهم يجتمعون كل عام تقريبا لرواية قصصهم عن الحرب. "أفكر في الأمر وما زلت أشعر بالقشعريرة"، يقول زون إنه "لأمر مدهش أننا التقينا به مرة أخرى". بالنسبة إلى ويتزل وزاون، من الصعب أن يتخيلا أن "صديقهما غير قادر على الحصول على الجنسية بعد كل ما فعله". وتعهد ويتزل بالذهاب مع زون إلى المحكمة للشهادة مع منير، مضيفا "أعرف أن هناك الكثير من الناس وراءنا على استعداد لدعمه".   الحرة / ترجمات - واشنطن


الحصاد: D.W في العراق وفي غضون 24 ساعة كتم هجومٌ صوت ناشط وجرح هجوم آخر صحافيا، ما أحدث صدمة بين مؤيدي "ثورة تشرين" التي خسرت عددا كبيرا من ناشطيها. الأصوات تعالت بالاتهامات لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتقاعس عن حماية رموز الحراك. يبدو أن مسلسل اغتيال الناشطين "التشرينيين" لا نهاية له، على الأقل ليس على المدى المنظور. اليوم الاثنين (10 أيار/مايو 2021) أصيب الصحافي العراقي والمراسل لقناة الفرات التلفزيونية، أحمد حسن، بجروح خطيرة نتيجة تعرّضه لمحاولة اغتيال بالرصاص في الديوانية فجر الإثنين. وخضع الصحافي لعملية جراحية وسيبقى "لمدة أسبوعين في العناية المركزة" إذ إنه "ما زال في مرحلة الخطر"، وفق ما أفاد المستشفى حيث يتلقى العلاج في بغداد. توجيه أصابع الاتهام لإيران جاءت محاولة اغتيال أحمد حسن بعد 24 ساعة من مقتل إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، جنوب بغداد، برصاص مسلّحين أردوه أمام منزله بمسدسات مزوّدة بكواتم للصوت. في ليلة من "ليالي القدر" خلال شهر رمضان وأثناء عودته إلى منزله في ساعة متأخرة من بعد منتصف الليلة الماضية ظهر مسلحون على دراجات نارية في أحد أزقة كربلاء، المدينة الشيعية المقدسة في الجنوب حيث تنتشر فصائل مسلحة موالية لإيران. لا بد أنه فهم على الفور ما ينتظره، هو الذي نسق تظاهرات كربلاء وشارك على مدى سنوات في جميع النضالات الاجتماعية في المدينة التي يعيش فيها عدد صغير من العائلات الكبيرة التي تعرف بعضها بعضاً. فقبل نحو سنتين، في كانون الأول/ ديسمبر 2019، نجا من مصير مماثل قُتل خلاله أمام عينيه رفيقه فاهم الطائي الذي فقدته أسرته وهو في الثالثة والخمسين من عمره، برصاص أطلقه مسلحون على دراجات نارية من مسدسات مجهزة بكاتم للصوت. لا بد أن مسلحين مثلهم اغتالوا الوزني أمام منزله، وأمام كاميرات المراقبة. اقرأ أيضاً: خبير أمريكي يقول إن حرب العراق كشفت أخطاء جسيمة بالتفكير الاستراتيجي الأمريكي ومنذ فترة طويلة، كان أقارب الوزني يشعرون بالخوف على الرجل الذي لم يكن يتردد في التعبير عن رأيه. ففي نهاية العام 2017، ولدى تصويت محافظة كربلاء على مرسوم محافظ بخصوص "الفحشاء" يحظر عرض فساتين السهرة وملابس نسائية داخلية على واجهات المحلات، هاجم الوزني كل من يعبرون عن فكر متشدد. وقال حينها لوكالة فرانس برس إن "هذا النوع من القرارات التي تتحدث عن الدين لا تختلف بأي شكل من الأشكال عن أيديولوجية داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)". على إثر مقتل الوزني، خرجت تظاهرات في كربلاء وفي الناصرية والديوانية في جنوب العراق، احتجاجا على عملية الاغتيال، وفق مراسلي وكالة فرانس برس. وتم حرق أكشاك الحراسة خارج القنصلية بحسب موقع "السومرية نيوز" العراقي، الذي أضاف أن "قوات مكافحة الشغب قامت  بتفريق المحتجين. وخلال تشييع الوزني ردد مئات المشيعين في كربلاء شعارات يدعو بعضها إيران إلى الخروج أو "الشعب يريد إسقاط النظام". وقال ناشط مقرب من الوزني متحدثا في الطبابة العدلية في كربلاء "إنها مليشيات إيران، اغتالوا إيهاب وسيقتلوننا جميعاً، يهددوننا والحكومة صامتة". القتيل مخاطباً الكاظمي: هل تعيش في بلد آخر؟ شهد العراق، منذ اندلاع "ثورة تشرين" الشعبية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حملة واسعة من الاغتيالات وعمليات الخطف والتهديدات ضد منظمي الاحتجاجات؛ إذ اغتيل نحو ثلاثين ناشطاً واختطف العشرات بطرق شتى ولفترات قصيرة. ففي تموز/ يوليو 2020، اغتيل المحلل البارز بشؤون الجماعات الجهادية هشام الهاشمي أمام منزله على مرأى من أولاده في بغداد. وكما هي الحال في كل مرة، تكتفي الجهات المسؤولة بإعلان عدم قدرتها على كشف هوية مرتكبي هذه الاغتيالات. وأكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في بيان أن "قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتص من كل مجرم سولت له نفسه العبث بالأمن العام". وكان الوزاني قد خاطب في شباط/ فبراير الماضي رئيس الوزراء على صفحته على موقع فيسبوك، قائلاً: "هل تدري ما يحدث؟ هل تعلم أنهم يخطفون ويقتلون أم أنك تعيش في بلد آخر غيرنا؟". وأعلنت عائلة الوزني أنها لن تقبل التعازي بمقتله طالما لم يُكشف عن الفاعلين. ويرى الناشطون أن حكومة الكاظمي لم تنصف الناشطين الذين اغتيلوا بعد مرور عام على توليه الحكمفيما يدعي بعض مستشاريه أنهم جزء من "ثورة تشرين". من جانبه، أتهم عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية، علي البياتي، السلطات بالضعف، قائلاً إن اغتيال الوزني: "يطرح السؤال مرة أخرى: ما هي الإجراءات الحقيقية التي اتخذتها حكومة الكاظمي لمحاسبة الجناة على جرائمهم". بدوره، قال حزب "البيت الوطني" الذي خرج من رحم "ثورة تشرين" ويسعى للمشاركة في الانتخابات المقررة في الخريف المقبل، في بيان "كيف يمكن لحكومة تسمح بمرور مدافع كاتمة الصوت وعبوات أن توفر مناخاً انتخابياً آمناً؟". ودعا البيان الى "مقاطعة النظام السياسي بالكامل".     عضوة البرلمان العراقي عن كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني والناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، ريزان شيخ دلير، ذهبت بعد المطالبة بسحب الثقة من حكومة الكاظمي إلى حد تخيير الكاظمي بين "الاعتراف بالضعف أو بالشراكة السياسية مع المجاميع المسلحة" وأمس الأحد، أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عدم الترشح لخوض الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة التي تجرى في العراق في العاشر من تشرين الأول / أكتوبر المقبل. وقال الكاظمي خلال لقائه بعدد من مقدمي البرامج في عدد  من الفضائيات العراقية إن "السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، وهذه الحكومة حاربت السلاح المنفلت منذ اللحظة الأولى وتحارب أي جهة تحاول أن تستغل أي عنوان لحمل السلاح". مؤكداَ على قيامه بتغييرات أمنية كبيرة، بعد اكتشاف اختراقات من قبل الجماعات وحتى العصابات للأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية.


د. حيدر حسين آل طعمة - مركز الفرات لا تزال تداعيات جائحة كورونا تضغط على اساسيات سوق النفط العالمية رغم تطعيم قرابة مليار مواطن على مستوى العالم واستمرار جهود الانتاج والتوزيع والتطعيم في كافة ارجاء العالم. اذ لا يزال الطلب العالمي رهين لتفشي فيروس كورونا المتحور ويما يخلفه من اغلاق واجراءات متشددة على قطاع النقل والانتاج. مع ذلك، قرر تحالف أوبك+، اواخر شهر نيسان الماضي، المضي قدما في سياسة الزيادة التدريجية للإمدادات النفطية اعتبارا من شهر أيار والأشهر التالية. جاء ذلك بناءاً على توقعات منظمة اوبك بتعافي الطلب العالمي على النفط وتجاهل المخاوف التي تسيطر على الاسواق نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا لمستويات قياسية في الهند والبرازيل واليابان. وتشير ابرز التوقعات الى استمرار العديد من المخاطر المحدقة بأسواق النفط العالمية خلال العام الحالي، مما يتطلب المزيد من التريث في فتح صنابير النفط من جديد. ويمكن ابراز اهم المخاطر المحدقة بأسواق النفط :  1- تقلبت أسعار النفط في الاسواق العالمية خلال الاسبوع الحالي بسبب تفاقم الإصابات بفيروس كورونا في الهند، ثالث اكبر مستهلك للنفط في العالم، والتي تجاوزت (20) مليون حالة، وهو ما يبدد آمال تعافي الطلب العالمي على النفط رغم تحسن الطلب في الصين والولايات المتحدة. وتشير التوقعات الى أن الارتفاع الكبير في حالات الإصابة بفيروس كورونا المتحور قد يعرقل تعافي الطلب العالمي كما كان متوقع، على الرغم من إعطاء أكثر من مليار جرعة لقاح COVID-19 على مستوى العالم.  2- يثير بدء قيام تحالف أوبك+ زيادة الإمدادات بعض المخاوف من تخمة جديدة في المعروض، اذ تترقب الأسواق النفطية عودة (2.1) مليون برميل يوميا إلى السوق اعتبارا من ايار نتيجة موافقة التحالف على التخفيف التدريجي لقيود الانتاج المفروضة على الاعضاء بشكل تدريجي، وبذلك تقلص حاجز التخفيض إلى (5.8) مليون برميل يوميا، بعد أن بلغ قرابة (8) مليون برميل يوميا، شاملا الخفض الطوعي من قبل السعودية والبالغ مليون برميل يوميا.  3- فاقت مؤخرا زيادة الإمدادات الإيرانية على تخفيضات غير طوعية وتقليصات متفق عليها لباقي أعضاء تحالف اوبك+، مما يعطي مؤشرا جديدا على تعافي صادرات النفط الايراني لهذا العام. خصوصا مع استئناف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي، وهو ما قد يؤدي إلى رفع العقوبات الامريكية على الصادرات النفطية الايرانية، مما يسمح لإيران بزيادة صادرات النفط وبالتالي ارتفاع حجم الامدادات العالمية من النفط الخام، ما لم يجري تحالف اوبك+ تخفيضات قياسية جديدة في حصص اعضاء التحالف للحفاظ على توازن العرض والطلب العالمي والحفاظ على الاسعار عند مستوياتها الحالية.  عوامل دعم السوق النفطية لا تنتهي القصة هنا بل توجد ايضا عوامل ايجابية تحفز الاسعار و/او تمنع على الاقل هبوط اسعار النفط بشكل حاد، فقد حصلت اسواق النفط الخام على دعم نتيجة قيام الولايات الأميركية بالتخفيف من الإغلاقات واستئناف العمل في العديد من القطاعات الانتاجية ونشاط قطاع النقل جراء تلقي جزء كبير من الامريكان للقاحات. كما تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى اجتذاب السياح وفتح الحدود أمام الزائرين الأجانب الذين جرى تطعيمهم بلقاحات كورونا. من جانب اخر ارتفعت اسعار النفط نتيجة بيانات حديثة تشير الى هبوط مخزونات النفط الأميركي بأكثر من المتوقع، مما يعزز توقعات الطلب على الوقود في أكبر اقتصادات العالم، فقد أظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن مخزونات النفط هبطت بمقدار (7.7) مليون برميل في الأسبوع الاخير من شهر نيسان الماضي، وهو ما يفوق ثلاثة أضعاف مقدار السحب الذي توقعه خبراء النفط. مسار اسعار النفط لا فرصة لتوازن اسعار النفط في الوقت الراهن نظرا لتفاوت العوامل المحركة لقوى العرض والطلب على النفط في الاسواق العالمية. مع ذلك، تتركز الانظار خلال الاسابيع والشهور القادمة على التزام اوبك بقيود الانتاج والملف النووي الايراني من جهة، وتطورات جهود احتواء الجائحة ومدى انتشار التطعيم وتعاف الطلب على النفط من جهة اخرى. ويرى خبراء إن اسواق النفط تبقى تحت ضغوط فيروس كورونا حتى نهاية العام الحالي، خصوصا مع عودة ظهور إصابات الوباء بقوة في الهند والعديد من الاقتصادات الآسيوية الاخرى.


الحصاد: الحرة - واشنطن هددت ميليشيا عراقية، السبت، باقتحام المصارف الحكومية خلال 48 ساعة في حال لم تصرف "أموال المفسوخة عقودهم" من عناصر الحشد الشعبي، التي قالوا إنها مخزنة في تلك المصارف. ونشرت ميليشيا "ربع الله" مقطعا مصورا ظهر فيه شخصان ملثمان يرتديان زي الحركة ويقرأ أحدهما بيانا يهدد فيه الحكومة العراقية باقتحام المصارف وسحب الأموال منها وتوزيعها على المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي. ويتظاهر المفسوخة عقودهم، وعددهم نحو 8 آلاف شخص منذ عدة أيام، مطالبين بإرجاعهم إلى هيئة الحشد الشعبي. وخلال التظاهرات، حصلت مشادات مع قوات من أمن الحشد الشعبي نتج عنها إصابة عدد من المفسوخة عقودهم بجروح. وتقول الهيئة إن بعض هؤلاء "هاربون من المعارك" فيما ترك بعضهم الآخر الحشد، وفسخت عقود آخرين لأسباب متنوعة. وقامت هذه الميليشيا باستعراض، في 25 مارس الماضي، أثار عاصفة من ردود الفعل في الأوساط العراقية، . واستعرض أفراد ملثمون يحملون شعارات "ربع الله"، وهي حركة أعلن تأسيسها حديثا واستهدفت بشكل رئيسي قنوات فضائية ومراكز تجارية وترفيهية خلال الأشهر الماضية، أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة وعربات عسكرية وقاموا بإطلاق تصريحات مناوئة للحكومة العراقية وقادة أمنيين عراقيين. وخلال الاستعراض الذي شاركت فيه نحو 40-50 عربة يحمل بعضها ألوانا عسكرية وبعضها الآخر أرقاما حكومية رفع "ربع الله" رسوم "دعس بالحذاء" على صور رئيس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق أحمد أبو رغيف.  


الحصاد: صلاح حسن بابان بعد صيام طويل عن مكافحة الفساد، وفي شهر رمضان، لم تكتف لجنة مكافحة الفساد، التي شكلها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي برئاسة الفريق الحقوقي أحمد أبو رغيف، بـ”الإفطار” على المسؤولين الصغار سواء كانوا رجال أعمال أو مدراء مصارف أو هيئات، بل أصرّت على أن يكون “افطارها” في 18 نيسان/ أبريل الماضي دسماً على إحدى أكثر الشخصيات السنية المؤثرة في المشهد السياسي العراقي وهو شقيق وزير الصناعة الأسبق أحمد الكربولي، بالاضافة الى ياسر ولؤي الكربولي، المقربان منه، بتهم فساد مالي وعقود مشاريع وهمية، بمئات ملايين الدولارات. زعزع هذا الاعتقال المفاجئ، الوضع النفسي والمالي للكثير من المسؤولين ورجال الأعمال من أصحاب المشاريع العملاقة بالإضافة الى مكاتب الصيرفة، مما دفع الكثير منهم إلى مغادرة البلاد خوفاً من أن تصطادهم صنّارة لجنة أبو رغيف، وسط أنباء تشير إلى أن الأيام المقبلة ستشهدُ اعتقال شخصيات سياسية ورجال أعمال بارزين ومنهم نواب بعد تقديم طلب رفع الحصانة عنهم. حتى الآن وصل عدد المحتجزين من قبل لجنة أبو رغيف إلى أكثر من 31 مسؤولاً سابقاً وحالياً وبدرجات وظيفية مختلفة منها رئيس هيئة ووكيل وزير ومحافظ ومدير عام ورئيس قسم وكلهم موقفون قيد التحقيق، بالإضافة إلى أصحاب ومدراء مصارف وشركات مالية معروفة. رغم الجدية التي تحملها خطوات لجنة مكافحة الفساد، إلا أنها لا تخلو أبداً من شكوك أنها تأتي ضمن الاستعراضات السياسية التي اعتاد عليها العراق قبل كل دورة إنتخابية، وبهذه الخطوة وغيرها، بدأ الكاظمي كما يرى الصحفي العراقي كمال بدران حملته الإنتخابية منذ توليه السلطة “وهذا من حقه بالتأكيد، فالوصول الى ولاية ثانية يتطلّب تحقيق مكاسب على مستويين، شعبي وسياسي، بسبب طبيعة النظام”. الكاظمي اقتحم ميادين لم يجرؤ سابقوه على الإقتراب منها قاصداً تحقيق هذه المكاسب، فنجح في بعضها وأخفق في أخرى وبقي بعضها محل أخذ ورد وصراع حتى اليوم و”منها ميادين مكافحة الفساد على مستويات عالية، أي انه تجاوز النمط الذي ساد وهو ملاحقة الفاسدين الصغار فأنشأ لجنة قوية لمكافحة الفساد تولت فتح ملفات مهمة”، يقول بدران. يرى بدران ان الكاظمي بدأ في الآونة الأخيرة بضرب حلقات مؤثرة في سلسلة الفساد، لكنه يختار شخصيات ليس لها حضور شعبي ولا تحظى بدعم الميليشيات، وبعضها فقد الدعم السياسي داخل حاضنته الشعبية، فبات “لقمة سائغة”. وعمّا اذا كان اعتقال الكربولي وتغييبه عن المشهد السياسي العراقي على المستوى السُنّي سيفتح الباب أمام رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي للتفرّد بالقرار السني، لا يخفي الصحفي العراقي ان الصراع على زعامة البيت السُنّي مستمر منذ 2003 وحتى اليوم، مذكّراً بما حصل في السابق مع شخصيات سُنية بارزة أبرزهم عدنان الدليمي وطارق الهاشمي وأسامة النجيفي، ومن ثم سليم الجبوري، إلى أن رست سفينة السنة في مرفأ الحلبوسي وشركاءه. ما يشدّ انتباه بدران هو وجود تقارب من نوعٍ ما بين الكاظمي والحلبوسي، مع لفت الإنتباه الى حاجة الكاظمي لشريك وداعم سياسي مهم يمثل السنَّة اذا أراد تغيير قواعد اللعبة المتعارف عليها، ولهذا لا يستبعد ان يكون اعتقال الكربولي جزءاً من الصفقة التي بموجبها سيحصل الكاظمي على ولاء البيت السُني في مقابل حصول الحلبوسي على مكاسب مماثلة في مقدمتها الإعتراف بزعامته. لكن ما يبدو أنه مقلق للغاية في هذا المشهد – أي اعتقال الكربولي- أن استمرار عمليات اعتقال حيتان الفساد يعني أن العملية السياسية قد تكون مهددة، بعد أن كشف رئيس مؤسسة الإصلاح والتغيير الشيخ صباح الكناني في لقاءٍ تلفزيوني وجود أكثر من 50 نائباً يعملون كموظفين لدى رجل الأعمال المثير للجدل بهاء الجوراني المعتقل حالياً لدى القوات العراقية وهو من اعترف على الكربولي وغيره، ليؤكد بأن الجوراني “كان يسعى لشراء ولاء وزارة الدفاع بعد أن نجح في الخطوة ذاتها مع وزارتي الكهرباء والصناعة للإستحواذ عليها”، وأن “عمله يقتصر على دمار الصناعة العراقية بعد اهدار أكثر من 54 مليار دولار في قطاع الكهرباء فقط منذ 2003 دون احداث أي تطوّر فيه حتى الآن”. ويتفق الكاتب والمحلل السياسي العراقي أحمد الخضر مع ما ذهب اليه الكناني بأن مصير العملية السياسية في العراق ستكون مهددة لو فتحت ملفات فساد كبيرة لتورط جهات سياسية كبيرة على المستوى الداخلي وكذلك الخارجي، و”هذا ما يزيد استحالة قيام حكومة الكاظمي بحملة تطال رؤوس الفساد بالإضافة الى أن الفساد في العراق إما محمي بقوانين تعرقل محاربة الفساد أو محمي بقوة سلاح خارج إطار الدولة أو محمي بتدخلات خارجية”. يتمنى المحلل السياسي العراقي حسين الركابي أن يتكرّر سيناريو شبيه باعتقالات فندق الريتز كارلتون السعودي التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان في العراق، لكنه يفضّل ان يتم الأمر عبر مؤسسات الدولة والقضاء، وليس عبر شخصية معينة أو جهة بحدّ ذاتها، مشترطاً لنجاح خطوات مكافحة الفساد أن تشمل أيضاً الفساد الإعلامي والسياسي بالإضافة الى المالي واهدار المال العام وأن يكون ذلك حصراً قبل الإنتخابات وليس بعدها، “واعتقال شخصية مؤثرة مثل الكربولي يمتلك ثقلاً سياسياً واعلامياً، بإمتلاكه فضائية لها وزنها الإعلامي، يجب أن يبتّ فيه القضاء بعيداً عن الأهواء السياسية والتوجهات الشخصية”. ينتقد الركابي الكاظمي لتأخره كثيراً في مكافحة الفساد ويقول إنه سار على نهج أسلافه، ويرى من الصعوبة أن ينجح الكاظمي لوحده بتجفيف بؤر الفساد ومنابعه “المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدعم خارجي بوجود ماكنات اعلامية ضخمة وأرصدة في المصارف”. داعياً إياه إلى “البدء بهرم السلطة في مكافحة الفساد وتحديداً الوزراء والمسؤولين الكبار ومن هم على شاكلتهم”، وإلا فإن كل نضال لجنة مكافحة الفساد لن يبلّغها فرحة “العيد”.  


الحصاد: أعلنت مفوضية الانتخابات المستقلة في العراق، عن آخر الإحصاءات المتعلقة بعدد الأحزاب والتحالفات والأشخاص الذين يعتزمون المشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة المزمع إجراؤها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وجاء الإعلان غداة انتهاء المهلة التي حددتها المفوضية للتسجيل التي تنتهي يوم غد (السبت). وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي إن «السجلات المخصصة لتسجيل المرشحين للمنافسة في الانتخابات، ستغلق في الأول من مايو (أيار)، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تمديد التسجيل، لالتزام المفوضية بجدول عملياتي». وأضافت الغلاي في تصريحات صحافية، أن «عدد المرشحين للانتخابات المقبلة بلغ 1116» حتى يوم أمس الخميس. وطبقا لإحصائية أصدرتها مفوضية الانتخابات، أمس، حول أعداد الأحزاب والتحالفات المسجلة رسمياً، فإن 265 حزباً حصل على إجازة العمل، وهناك 51 حزباً ينتظر الموافقة، بينما أبدى 124 حزباً رغبة في المشاركة في انتخابات أكتوبر المقبل. وبلغ عدد التحالفات السياسية المصادق عليها 38 تحالفا، أبدى 18 منها رغبة في المشاركة بالانتخابات وينتظر 11 تحالفا قبول تسجيله.


الحصاد: يتكرر كثيراً في الاعلام ما ترسله الدول للعراق من مساعدات ومنح ماليّة خصوصاً للمناطق التي تضرّرت من داعش، وأمام الأرقام الكبيرة التي نسمعها تختفي آثار تلك الأرقام على الأرض، ويعد قضاء سنجار بمحافظة نينوى الذي تسكنه 100 ألف نسمة، من أوضح المصاديق على تلك المنح والمساعدات التي ضاعت في دهاليز التسويف وغياب المتابعة والمراقبة. أمير الايزيدية نايف بن داؤود قال في حديث لـ”الصباح”: إن “الجهات المانحة إلى سنجار منذ تحريرها والتي نعلم بها، هي (الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 2.7 مليون دولار تقريباً، الولايات المتحدة الأميركية بمبلغ 84 مليون دولار، بابا الفاتيكان، رئيس الجمهورية برهم صالح، وغيرهم الكثير». ولفت إلى أن “الجزء الأكبر من هذه الأموال لم يصرف بشكل صحيح وتبدد بالفساد، لذا يجب على الجهات المختصة في نينوى تشكيل لجنة لمتابعة عمل المنظمات وتقدم تقريرها الشهري الى الجهات المعنية، والجهات هي المحافظ، معاون محافظ نينوى، مسؤول منظمات المجتمع المدني، الهيئة العامة لمنظمات المجتمع المدني».  وأشار إلى أن “خير دليل على أن المنح لم تصل الى سنجار، هي قرية (الصباحية) ذات الـ 63 منزلا و74 أسرة و414 مواطنا بينهم 5 ناجيات بلا حقوق و70 من ذوي الاحتياجات الخاصة من دون رعاية.


الحصاد: أحمد القاضي - القاهرة - سكاي نيوز عربية   وثيقة تاريخية عمرها يتجاوز 112 عاما تحمل فتوى أصدرها شيخ الأزهر سليم البشري عام 1909، بتحريم قتل الأرمن على يد الأتراك، لتؤكد أن تلك الممارسات "تلحق العار بالإسلام"، وتشهد بأن مصر كانت سبّاقة في إدانة تلك المذابح.   ويعود إصدار هذه الفتوى إلى ما شهدته منطقة "أضنة" التركية من اعتداءات من قِبل بعض العثمانيين على الأرمن المسيحيين، حين كان الأرمن يسيطرون على الحياة الاقتصادية للمنطقة وقتها، ما تسبب في مقتل الآلاف. وقال شيخ الأزهر في الوثيقة "طالعتنا الصحف المحلية بأخبار محزنة وشائعات سيئة عن مسلمي بعض ولايات الأناضول من المماليك العثمانية، وهى أن بعضهم يعتدون على المسيحيين فيقتلونهم بغيا وعدوانا، فكدنا لا نصدق ما وقع إلينا من هذه الشائعات ورجونا أن تكون باطلة، لأن الإسلام ينهى عن كل عدوان ويحرم البغي وسفك الدماء والإضرار بالناس كافة، المسلم والمسيحي واليهودي في ذلك سواء، فيا أيها المسلمون في تلكم البقاع وغيرها احذروا ما نهى الله عنه في شريعته الغراء، واحقنوا الدماء التي حرم الله إهراقها ولا تعتدوا على أحد من الناس فإن الله لا يحب المعتدين". معاناة كبيرة لنازحي الأرمن بعد المذابح وحذر شيخ الأزهر المسلمين في تلك المنطقة من مخالفة الشرع، قائلا: "يا أيها المسلمون الله الله في دينكم وإياكم وما حظر عليكم ربكم في كتابه وسنة رسوله، والفسوق عن أمره والنزول على ما فيه غضبه وسخطه، إن الذين عاهدوكم والمستأمنين لكم والذين جاوروكم من أهل الذمة بينكم حقا من الله تعالى في رقابكم أن تستقيموا لهم ما استقاموا لكم، وأن تمنعوهم مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم وأن تجعلوا لهم من بأسكم قوة لهم، ومن قوتكم عزة ورخاء، وأن تكفوا عن أديرتهم وكنائسهم وبيعهم ما تكفون عن مساجدكم ومعابدكم". وأكمل الشيخ سليم البشري: "لا والله ما داس امرؤ حريمهم ووضع السيف فيهم وبنى عليهم، إلا كان ناقضا لما أخذ الله على المسلمين من عهد وأوجب عليهم من أمر، فيا أيها المسلمون لا تجعلوا للعصبيات الجنسية سلطانًا عليكم". كما استشهد الشيخ البشرى فى نهاية فتواه بالحديث الشريف: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة 40 عاماً". وثيقة الأزهر التاريخية مواقف تاريخية يقول الباحث التاريخي والمتخصص في الدراسات الأرمنية، علي ثابت، لـسكاي نيوز عربية، إن مصر كانت في طليعة الدول التي نددت بالجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن، والتي جرى تنفيذها عبر برنامج مُمنهج لإبادتهم عبر ثلاث مراحل دموية، الأولى جاءت في عصر السلطان عبد الحميد الثاني وراح ضحيتها حوالي 100 ألف أرمني، والثانية في أضنة عام 1909 والتي تعرّض فيها الأرمن لهجمات مسلحة على يد العوام الذين تم تحريضهم وإثارتهم، وكذلك القوات النظامية. وبحسب ثابت، فإن ما لفت الانتباه في هذه المرحلة من الإبادة للأرمن هو إثارة الأكراد والأتراك باسم الإسلام ضد المسيحية استغلالا لجهل الناس بأحكام دينهم الصحيح، وعند هذا الحد وقف الأزهر لنفي هذه التهمة الشنعاء، وصدرت فتوى الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر في 26 أبريل 1909، والتي حرّم بمقتضاها إراقة دماء المسيحيين في إقليم أضنة. وأوضح أنه تم ترجمة الفتوى إلى اللغة التركية، وطبع منها المحامي المصري حسن باشا صبري 25 ألف نسخة، وأرسلها لبر الأناضول بالتلغراف على نفقته الخاصة غيرة منه على الإسلام. الأرمن عانوا من التشريد بعد مذبحة الأتراك العثمانيين بحقهم وشدد على أن فتوى الأزهر تعد أول وأكبر اعترافً من أكبر مؤسسة دينية في العالم، والتي سبقت إدانة الكنيسة المصرية لهذه الجرائم. وأكد أن الصحافة المصرية وثقت بدقة منذ عام 1915، ما قامت به السلطات العثمانية بتنفيذ خطة التخلص من الأرمن نهائياً مستغلين انشغال العالم بالحرب العالمية الأولى، ويحمل الأرشيف المصري جرائم القتل والاغتصاب مما تسبب في إخضاع الجماعة الأرمنية لظروف قسرية أودت لإبادتها، وجعلها الجريمة النموذج، والتي على أساسها تم صياغة قانون منع إبادة الجنس البشري عام 1948. نزوح الأرمن بحرا   وقال الباحث في الدراسات الأرمينية إن مصر استقبلت اللاجئين الأرمن وأحسن ضيافتهم واعتبرتهم من أهل البلد وليست ضيوفًا، كما استقبل سعد باشا زغلول الأطفال اللاجئين من الأرمن بحوالي ألف لاجئ. ولفت إلى أن مصر شهدت طباعة أول كتاب يصدر عن الإبادة الأرمينية باللغة العربية لمحامٍ سوري اسمه فايز الغصين تحت عنوان المذابح في أرمينيا، ونشر على حلقات في جريدة المقطم القاهرية، ثم تجميعه في كتاب. استقابل نازحي الأرمن في بورسعيد حديثا، قال ثابت إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول رئيس عربي يندد بما حدث للأرمن، خلال مشاركته بالجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونيخ للأمن عام 2019. وحينها قال الرئيس السيسي إن مصر استضافت قبل 100 سنة الأرمن، بعد المذابح التي تعرضوا لها، "ووجدوا الأمن والسلام والاستقرار لدينا".


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand