عربية Draw كردستان العراق يفقد استقلاله الاقتصادي. فقد من قبل ذلك استقلاله السياسي والأمني. والطموح من أجل أن يتحول الإقليم إلى أيقونة تقدم وازدهار يتبدد الآن ليحل محله الفساد وانعدام الاستقرار والتنافس الذي يقف على حافة الانفجار. هذه أوضاع تتطلب نقدا. إلا أنها نادرا ما تجد أقلاما كردية تجرؤ على أن تخرج من قوالب الولاء المألوف. وهو ولاء مأجور بطبيعة الحال، إلا أنه إذ ينعم بالعمى عن رؤية الفشل ويعجز عن تصويب المسارات السياسية الكردية، فإنه لا يعد حقوق وحريات الشعب الكردي في العراق إلا بالمزيد من التردي. الكثير من الكتاب والصحافيين الأكراد يتصرفون بدوافع قبلية. ينسون أن الشعب الكردي أكبر من الأسرتين اللتين تحكمانه في السليمانية وأربيل. ينسون أيضا أن القضية الكردية لا يمكنها أن تنتصر، كقضية حقوق قومية، إذا انحدرت لتكون قضية تتصل بمصالح إحدى هذين الأسرتين أو كلتيهما معا. لقد رأى الجميع كيف قاد نظام المحاصصة الطائفية في بغداد العراق إلى أن يصبح دولة فاشلة، يغلب عليها الفساد، وتنهش الميليشيات الموالية لإيران من لحمها أكثر بكثير مما تفعل الوحوش الكواسر. المنطق، بالنسبة إلى أصحاب قضية قومية، كان يتطلب ليس البقاء على مسافة من هذا الواقع، وإنما إدانته والامتناع عن التواطؤ معه. ا حصل هو العكس تماما. لقد انخرط الحزبان الكرديان الكبيران في هذا النظام باعتباره امتدادا لهما وتتمة لطبائعهما الميليشياوية الخاصة. أما العاقبة فقد صارت وخيمة مرتين. الأولى، عندما تحول العراق كله إلى مستنقع، وكان من الطبيعي أن يلقي بظله الثقيل على كردستان. والثانية، عندما تحولت السلطات الكردية إلى سلطات فساد، ما أدى إلى تحول مؤسسات “الدولة” شبه المستقلة إلى صورة طبق الأصل للدولة المنهارة في بغداد. وذلك ليس لأنها أصبحت مؤسسات محاصصة عشائرية فحسب، بل لأنها انفصلت كليا عن واقع أن الشعب الكردي أكبر من تلكما العشيرتين المتنافستين على المغانم: بارزاني وطالباني. لم تظهر أحزاب كردية معارضة، إلا لهذا السبب. ولئن توفرت أسباب أخرى، فالحقيقة هي أنه لم يعد بوسع هذين العشيرتين أن تمثلا الشعب الكردي. كما أنهما باتتا أعجز من أن تمثلا تطلعاته القومية. ومع توالي الأزمات الاقتصادية بوصفها انعكاسا لسوء التقدير السياسي، وسوء الخيارات والتحالفات مع الميليشيات التي هيمنت على حكومة بغداد، فقد فشلت السلطات الكردية في أن توفر الموارد الأساسية لاستدامة الاستقرار. مالت هذه السلطات إلى بناء إدارات ليس لكي تقوم بعمل ذي نفع ملموس، وإنما لكي تشتري الولاء. وإذ أصبح الكتاب والصحافيون جزءا من الديكور السياسي لإحدى العشيرتين، فمن أين كان يمكن للنقد أن يأتي؟ ولئن أصبح الإقليم غارقا في أزمة تكاد تعصف بكل شيء، إذا ما تحولت المنافسة إلى انقسام، والانقسام إلى حرب أهلية، فمن الواضح أن المعلقين السياسيين الأكراد يغيبون عن الأزمة. والكثير منهم يتهربون حتى من مجرد ذكرها باستدرار أحداث تقلبت عليها السنوات وأحالتها إلى التقاعد مقارنة بواقع ساخن يكوي بمخاطره الجميع. صحف القبيلة لا بد في النهاية أن تدافع عنها. هذا سلوك غريزي. ولكن ما بال المخضرمين من الكتاب والصحافيين الذين اكتووا بنيران شتى؟ ما بالهم يهربون من الإفصاح عن أزمة المحاصصة بين قبيلة طالباني وقبيلة بارزاني ومن المخاطر الجسيمة الناجمة عن التوزيع العائلي للمناصب والجاه والثروة بين أفراد العائلتين المؤثرتين؟ كيف أن الكتاب الذين، في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية السابقة، كانوا يلهجون باسم حقوق الشعب الكردي وقضيته القومية، نسوا هذا الشعب وحقوقه وقضيته، بعد زوال الدكتاتورية؟ بل كيف صاروا أصواتا لديمقراطية العشيرة؟ أفهل أرادوا إثبات أنهم أصبحوا كائنات أليفة لخياراتها الفاسدة ورهاناتها غير المدروسة؟ وحتى عندما انقلبت تلك الخيارات والرهانات وبالا على الحد الأدنى من تطلعات الاستقلال، فإنها لم تجد مَنْ يلقي بنظرة نقدية تجرؤ على أن تقول لحزب العشيرة، إنه لا يسلك الطريق الصواب. الخلافات الراهنة بين العشيرتين، توفر مناسبة لمَنْ تكسرت أقلامهم لتأكيد الولاء. ما يشكل نوعا من “مأجورية” لا تخدم أيا منهما في جميع الأحوال. ولكن ما يتم تجاهله، عمدا وجهلا في آن، هو أن تجربة الحكم الذاتي الموسع، في الإطار “الفيدرالي” للعراق، هي نفسها التي تنهار. لكي تتحدث عن أسباب الانهيار، تحتاج أقلاما حرة على الأقل. ولكن لكي تتحدث عن سوء الخيارات والرهانات وتبحث عن بدائل لها، فإنك تحتاج إلى مثقفين. مجرد وجود نظام فاسد في أربيل، وصورة فاسدة له في السليمانية، يعني بحد ذاته أنه لا وجود حقيقيا لشيء اسمه قضية كردية. ومجرد تواطؤ سلطة العشيرة لتدمير الأخرى مع أطراف خارجية، إلى درجة تصل (كما يعرف الجميع) إلى شن حملة اغتيالات لمناضلين أكراد أتراك أو إيرانيين أو سوريين، يعني أنه لا وجود لشيء اسمه قضية قومية. لا يجب التغافل عن حقيقة أن تسوية الخلافات بين العشيرتين هي نفسها جزء من المشكلة. إن لم تكن هي نفسها المشكلة الأكبر. من ناحية، لأن شقاقهما الحالي هو وريث تحالف دام لعدة سنوات. وهو تحالف، أورث كردستان ما أورث من نسخ الطبيعة الميليشياوية لنظام المحاصصة في بغداد. ومن ناحية أخرى، لأن إدارتهما للسلطة كانت إدارة فساد وأطماع. عندما يختلف اللصوص في ما بينهم على تقاسم المغانم، فإن ذلك لا يبرر تبرئة أي منهم. العلة في المغانم نفسها. العلة هي أن سلطة العشيرتين لا تصون حقوق أحد، حتى ولو بقيت تزعم ذلك. والعلة هي أنها تتنافس لكي تكسب لنفسها امتيازات لا تستحقها من الأساس. لم تنجح العشيرتان في إقامة مؤسسة “وطنية” كردية في العراق. أولا، لأنهما تحالفتا مع عصابات في بغداد، قبل أن تتشبها بها. وثانيا، لأن المغانم دفعتهما إلى أنهما لم تُبقيا للقضية القومية الكردية حيزا يستحق مكانتها التاريخية. وعندما حل محلها التواطؤ مع المخابرات التركية لملاحقة وقتل مناضلين أكراد، ثم بلغت الوقاحة حد الامتناع عن إدانة محاولة اغتيال مظلوم عبدي قائد قوات “قسد”، بل وربما الشراكة في تدبير المحاولة، فقد فاض الكيل. كما فاضت الجريمة، حتى بلغت مستوى من التخريب لم يعد يكفيه مجرد النقد.    


عربية:Draw بعض المدن أسلوبها في إيفاد الرسائل. تحرص على تحريض الصحافي الزائر على التمهّل في تصديق كل ما سمعه من صاحب القرار ومعارضيه إذا وُجدوا. كأنها تعلن أن موعدها الحقيقي مؤجَّل باستمرار. موعدها مع الدولة الطبيعية والمؤسسات وحكم القانون والتنمية الحقيقية. وكنت أتوهّم تلقي هذا النوع من الرسائل حين أنام في صنعاء أو بغداد أو الخرطوم. وكثيراً ما راودني إحساس أن الخرطوم تنتظر نزول الليل لتواري أحزانها في النيل، تماماً كما كانت بغداد تدسّ أوجاعها في دجلة. وكان واضحاً أن البلاد تقيم في عهدة رجل قوي. لكنّ المدينة كانت تهمس أن البلاد مصابة بهشاشة تتخطى الدولة إلى الخريطة نفسها. وأن اجتماع الفقر والظلم والفساد والفشل يضاعف رغبة الجمر المختفي تحت الرماد في اغتنام أي فرصة للتعبير عن غضبه. وكان مجلس قيادة الثورة واجهة لرجل. وكان الحزب من القماشة نفسها. وكان التعايش بين قويين صعباً وموعوداً بالانهيار. هكذا سمعنا عن صيغة الرئيس والشيخ في اليمن. وعن السيد الرئيس والسيد النائب في العراق. وعن الرئيس والشيخ في السودان. ولم يكن حسن الترابي يتردد في سنواته الأخيرة في إفهام الصحافي الزائر أن الشيخ هو الذي استدعى الجنرال (عمر البشير) وأرسله إلى القصر بعدما طلب منه أن يرسله إلى سجن كوبر لإخفاء هوية الانقلاب. كانت البلاد تبدو شاسعة، لكنها في لحظة الحقيقة تنفجر وتتشظى ويتأكد أنها لا تتسع لرجلين. وكان القوي الوافد من الثكنة لا يقر للمدنيين بحق المشاركة إلا صورية. وكان صدّام شديد الحذر من جنرالات الثكن وبارونات الحزب الذين صنعهم ورشّ النجوم على أكتافهم. وكانت العقود تنقضي في تغيير الممثلين على مسرح الحكومة أو البرلمان، ومن دون أن يصبح الخبز أقل صعوبة أو المواطن أقل خوفاً. كان الغزو الأميركي للعراق فاتحة الزلازل في القرن الحالي. سيهبُّ «الربيع العربي» في العقد التالي. خافت مصر على هويتها فاستجارت بجيشها. واشتعلت سوريا. وغاب عن المسرح لاعبان قديمان هما معمر القذافي وعلي عبد الله صالح. تأخر الربيع في مداهمة السودان، لكنه بلغه في النهاية، وكان شائكاً على ما تؤكده مدافع المتحاربين اليوم. ما أصعب بلداننا. عثرت على الاستقلال ولم تعثر على دولة تحميه من انهيارات الداخل وتدخلات الخارج. تاريخ اليمن الحديث معقَّد كتضاريسه. وتاريخ العراق عاصف ودموي كتاريخه. وتاريخ السودان الحديث ضائع بين عسكرييه ومدنييه، وإن كان أمضى معظم وقته في عهدة «المنقذين» الوافدين من الثكن. تاريخ السودان الحديث رجراج ومكلف. بعد عامين من استقلاله في 1956 قاد الفريق إبراهيم عبود انقلاباً أطاح الحكومة المدنية. وفي 1964 ستطيح انتفاضةٌ حكمَ عبود. سيتشاجر المدنيون طويلاً حول الدستور ومرجعياته، وفي 1969 سيطيح العسكريون المدنيين المتصارعين على السلطة. سيقيم جعفر نميري طويلاً لكنّ انتفاضة ستطيح حكمه في 1985. زعمت الأحزاب والنقابات أنها تعلمت من الماضي، وأنها لن تسقط مجدداً في الفخ القديم. في 1989 أطاح انقلاب برئاسة الفريق عمر البشير حكومةَ رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي. وسيقيم البشير طويلاً، وفي عهده الشائك سيختار جنوب السودان الطلاق فتولد للبلاد خريطة جديدة أقل من تلك التي كانت يوم الاستقلال. تَشارك البشير مع الترابي ولعب السودان أدواراً إخوانية تفوق قدرته على الاحتمال. تَشارك البشير مع الترابي ثم تشاجر معه. وفي الحالين خرج السودان خاسراً. رقص البشير بالعصا محتفلاً وتوهّم مناعةً لم تكن. وفي 2019 وعلى وقع انتفاضة جديدة تشارك الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في إطاحة الرجل الذي صعدا في ظله. كان الحديث عن مرحلة انتقالية وحكم مدني، لكنّ الجنرالين تشاركا مجدداً في 2021 في إطاحة الحكومة المدنية. كانت الشهور الماضية حافلة بالمناورات. بين العسكريين والمدنيين. وبين العسكريين و«العسكريين». وفي الأسابيع الماضية بدت الهوة واضحة بين البرهان رئيس المجلس السيادي ونائبه حميدتي. بين الجيش بقيادة البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة حميدتي، وهي قوات شبه عسكرية كانت قد نجحت في انتزاع اعتراف بشرعيتها، من دون التسليم جدياً بالتسلسل الهرمي. كان من الصعب توقع قبول «الحشد الشعبي» السوداني بزعامة حميدتي بالذوبان في مؤسسة الجيش، ليس فقط بسبب بصمات ولادته في دارفور وزمن الجنجويد ومآسيه، بل أيضاً بسبب تحوله جزيرة لها مناجمها في الداخل وعلاقاتها في الخارج. في 15 أبريل (نيسان) الحالي، باحت المدافع بما تخفيه الصدور. تحول الشريكان السابقان عدوين لدودين. معركة بلا رحمة انتقلت إلى المدن والأحياء. ليست مجرد كراهية فاضت بين جنرالين. إنها أبعد وأخطر. مشهد الدول تُجلي رعاياها من السودان يوحي بأن البلد مدفوع نحو أيام رهيبة. والسودان شاسع لا يستطيع الانتحار وحيداً. إنه بلاد هشّة مجاورة لسبع دول لا يستطيع بعضها إخفاء هشاشته وقابليته للاشتعال. السودان بلد متعدد. «جيوش» وانتماءات وولاءات وكراهيات. غياب أي خيط عسكري ناظم للخريطة الحالية سيُغري بعض الأطراف بالقفز من القطار للعيش في ظل جيوش صغيرة تشبهها. لا تحتاج بعض الميليشيات إلى إعلان ولادتها فهي موجودة أصلاً. يكفيها نزع عباءات التنكر. ولا يحتاج الانتقال إلى الحرب الأهلية إلى الكثير من عيدان الثقاب. المشهد السوداني مخيف والمشهد الإقليمي معقَّد. التجاذب الدولي في القارة السمراء والسودان يصبّ الزيت على نار المعارك. والحديث عن جماعة «فاغنر» وأخواتها لم يعد مجرد همس خلف ستائر مسدلة. انفجار السودان يطرح موضوع مياه النيل وأمن شريان تجاري حيوي هو البحر الأحمر. يطرح أيضاً انتقال النار السودانية إلى الجوار وإمكان عثور «القاعدة» و«داعش» على مواقع للتحصن داخل الخراب السوداني. كما يطرح حصول أمواج جديدة من اللاجئين والنازحين. للمنطقة والعالم مصلحة فعلية في إنقاذ السودان من الانتحار الكامل بشعبه ومنطقته. لا يمكن إخماد حريق بهذا الحجم إذا طال. لا بد من دولة وشرعية لمنع تطاير شرارات الانهيار السوداني في الداخل والخارج. المؤسف أنَّ الجنرالين يتصرفان كأن السودان انزلق إلى مرحلة فوات الأوان. قال البرهان إنه لن يخرج إلا في نعش. حميدتي يفكر بالأسلوب نفسه. إنها مدرسة القصر أو القبر. يتصارع حميدتي والبرهان على فوهة البركان. وضبط انبعاثات البركان الأوكراني أسهل من ضبط حمم البركان السوداني إذا اشتعل على مصراعيه.


عربية:Draw تصادف اليوم الذكرى السنوية العشرون على سقوط النظام البعثي الذي حكم العراق بالدكتاتورية والاستبداد منذ عام ١٩٦٨ وحتى نهايته في صبيحة التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ على وقع دخول دبابات الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية. سوف لن أتطرق في هذا المقال لمجمل الأحداث التي جرت بعد عام ٢٠٠٣، والذي أشبعها الكُتاب والباحثون نقداً وتحليلاً، ولن أتحدث عن حال العراقيين تحت وطأة النظام الصدامي الذي حكمهم بقبضة من حديد وأنهك البلاد والعباد بحروبه العبثية ومقابره الجماعية وسجون الرعب والتعذيب التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان بالتفصيل الممل، لكنني سأعرّج على أبرز الإيجابيات والسلبيات التي واكبت عملية التغيير بالمؤشرات الرقمية المُعتمدة مقارنة بمؤشرات الماضي، لبيان الحقيقة عن الوهم، وبعيداً عن الآراء الشخصية التي قد يتحكم فيها الميل العاطفي. بعد مرور عقدين من الزمن على سقوط النظام الدكتاتوري وما رافق مرحلة التغيير من تداعيات أمنية وتغيرات جذرية على النحو السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لا يزال الجدل قائماً بين أوساط بعض شرائح المجتمع حول جدوى التغيير ومدى تقدم أو تراجع العراق. حسب استطلاعات الرأي التي أعدتها مؤسسة غالوب الدولية بهذه المناسبة، فإن العنوان العام الذي طغى على مجمل نتائج تقريرها قد اختزل المشهد في ٦٠٪ مؤيداً لأن وضع العراقيين كان أفضل حالاً قبل عام ٢٠٠٣ مقابل ٤٠٪ يرون أن أوضاع البلاد تحسنت بعد سقوط النظام ورغم كل العقبات. هذه النسب تثير الكثير من التساؤلات والجدل حتى لو أخذت على محمل حسن الظن من مصدر الإعداد. بعد مضي ثلاث سنوات انتقالية من تغيير النظام انتدبت سلطة الاحتلال الأمريكي خلالها إدارات وحكومات مؤقتة، طُرح استفتاء على دستور دائم للبلاد في عام ٢٠٠٥ ثم أقيمت أول انتخابات دستورية وُلدت من رحمها أول حكومة فيدرالية في عام ٢٠٠٦ انتقلت البلاد على إثرها من دولة مركزية إلى دولة اتحادية، ليعتمد العراق نظاماً ديمقراطياً يسمح بالتعددية السياسية ويتبنّى اقتصادَ السوق منهجاً ليُعلن النظام الجديد نهاية موروث الدكتاتورية والاشتراكية والمركزية، حيث صُرفت خلال عشرين سنة تلت التغيير قرابة ١٥٠٠ مليون دولار أمريكي من موازنات الدولة الاتحادية جلها من واردات النفط التي ساهمت في عمليات إعادة الإعمار. لكن رغم كل هذه الواردات العملاقة والتقدم الذي واكب ولادة العملية السياسية الجديدة، تعثرت مسيرة البلاد بسبب بدايات غير موفقة وأخطاء فادحة ارتكبها آباء هذه العملية من ضمنها حل الجيش العراقي السابق وتفكيك المؤسسات الأمنية السابقة مما دفع بمنتسبيها إلى الالتحاق بالمجاميع المسلحة المعارضة لنظام الحكم الجديد، وكذلك تسييس آليات المساءلة والعدالة التي قادت إلى الاقتصاص والإقصاء السياسي، فضلاً عن اعتمادهم المحاصصة الطائفية في تقاسم السلطة ومرافق جميع المؤسسات في هرم الدولة، حتى تحكمت واستحكمت الفئوية السياسية بأعلى منصب تنفيذي وتشريعي وقضائي وانتهاءً بأبسط موظف على الملاك الوظيفي للدولة. هذه السياسات الارتجالية والمحاصصة الفئوية خلقت أساساً ركيكاً لدولة هشة ومخترقة أمنياً وسياسياً ومستنزفة مالياً، متعددة الانتماءات وفاقدة للهوية الوطنية مما شجع على تفشي سوء الإدارة والفساد والتخادم النفعي لأغلب منتسبي مؤسسات القطاع العام وعلى كل المستويات، فضلاً عن ممارسات غير محسوبة سارعت في فتح جبهات مواجهة أخلت بالأمن العام وزادت من تكاثر خلايا الإرهاب وصولاً إلى أزمة داعش وسقوط المدن تحت احتلال قوى الإرهاب. كما شجعت الطبقة السياسية على شرعنة الحكم باستغلال النظام الديمقراطي في شراء الولاءات وخلق دولة زبائنية من خلال التوظيف الحكومي مقابل الانتماء السياسي، وهذه كانت رُشى موسمية تقدمها أغلب الحكومات لكبح جماح الاحتجاجات الشعبية وكسب القواعد الجماهيرية في مواسم الانتخابات العامة. ولا ننسى إقحام المرجعية الدينية في النجف الأشرف بكل صغيرة وكبيرة حتى أوصدت المرجعية أبوابها بوجه السياسيين عام 2010 ولم تتدخل إلا لانتشال العراق في الأوقات المصيرية من حافة الانهيار كوأدها للفتنة الطائفية في حادثة تفجير الروضة العسكرية في سامراء عام 2007 وإصدارها فتوى الجهاد الكفائي للملمة شتات القوات المسلحة بعد انهيارها إثر اجتياح عصابات داعش لأربع محافظات عراقية. لقد استغلت بعض القوى السياسية واردات النفط بأبشع صورة للسيطرة على مقدرات الخزينة الاتحادية من خلال اقتصادياتها الحزبية ورجالاتها في الدولة العميقة محمية بالمجاميع المسلحة الموالية لها واللجان النيابية والأجهزة الرقابية الحامية للتحالفات الحاكمة بعد أن تحاصصوا على التخصيصات المالية للوزارات وشركات القطاع العام. حيث خلقت هذه الفوضى دولة الأوليغارشيا الموازية بكل ما تمتلكه من حضور سياسي بأعلى المناصب وبحيازة ترسانة سلاح منفلت وإمبراطوريات إعلامية توجه الرأي العام وعلاقات خارجية لا تخضع لأي مساءلة ولا يمكن المساس بمصالحها حتى أصبحت تُعرف بالخطوط الحمر. كل هذا وغيره خلق جواً شعبياً وشعبوياً عاماً ضد الأحزاب والعملية السياسية خصوصاً بين أوساط الشباب الذي يُشكل 60% من المجتمع العراقي مما زاد وتيرة الاحتجاجات ورفع سقف المطالب منذ عام 2011 وحتى تشكيل آخر حكومة في تشرين الأول 2022. لكن رغم كل هذه التحديات والتشظي، لم يصل العراق في ظل النظام الحالي إلى ما وصل إليه قبل 2003 من سوداوية في عهد الدكتاتورية، على مستويات العنف والظلم وتغييب الحريات وغياب الخدمات وسلب الحقوق وانتهاك كرامة الإنسان. وبإجراء مقارنة سريعة بالعهد البائد فقد ارتفع الناتج المحلي إلى عشرة أضعاف، وازداد دخل الفرد السنوي إلى ستة أضعاف، وارتفع انتاج النفط إلى ثلاثة أضعاف، وإنتاج الغاز إلى ستة أضعاف، والطاقة التكريرية إلى الضعف، والطاقة الكهربائية الى سبعة أضعاف، حتى أعداد النخيل ارتفعت للضعف، كما انخفضت ديون العراق بنسبة 33% وارتفع الاحتياطي النقدي إلى 115 مليار دولار واحتياطي الذهب إلى 135 طناً بعد أن كانت هذه الأرقام تحت الصفر في صبيحة 2003. هذا فضلاً عن التوسع العمراني وتحسن سلم الرواتب، بعد أن كان الراتب الشهري للموظف لا يتجاوز دولاراً واحداً, كما أن مساحة الحريات والتعبير عن الرأي اتسعت بعد أن كانت معدومة في زمن الدكتاتورية حتى بات عامة الناس وبسطاؤهم ينتقدون أعلى مسؤول تنفيذي دون خوف. لذا علينا أن نتأمل كيف سيكون حال العراق إذا ما انعدمت مظاهر الفساد والمحاصصة بعد مرور عقدين من الزمن!! لعل الغاضب مما يحدث في المشهد العراقي من غياب للعدالة الاجتماعية وتفشي الفساد مقارنة بالدول الديمقراطية الناجزة يُعبر عن غضبه بالتحيز إلى الماضي، ربما ليس حباً به بل نكاية بالحاضر، خاصةً أن معظم المعارضين للطبقة السياسية هم من الشباب الذين لم يشهدوا عذابات العهد الدكتاتوري الذي أذاق العراقيين جحيم الحروب والظلم وضنك العيش. لذا وجب على الطبقة السياسية قراءة تطلعات الشعب بجدية وأن لا تختبر صبرهم أكثر، خصوصاً أن العالم مُقدم على تغيرات سياسية واقتصادية وتكنولوجية بعد جائحة كورونا وانهيار المؤسسات المالية وتفاقم النزاعات العسكرية واستحواذ الذكاء الاصطناعي على فرص العمل التقليدية مما سيؤثر حتماً على طبيعة الحياة الاجتماعية ومصالح الشعوب ما سيولد تهديداً على السلم الأهلي والأمن الغذائي وأمن الطاقة بشكل عام. وحتى يتحول العراق إلى دولة رصينة وديمقراطية ناجزة واقتصاد حر يوفر العدالة الاجتماعية للجميع ويضمن التداول السلمي للسلطة عملياً بعيداً عن سياسة الاقتصاص والانتقام، على الطبقة السياسية العمل بمسؤولية تجاه أولويات بناء الدولة وتطبيق مضامين الدستور الاتحادي وتشريع قوانينه المعطلة وإلغاء موروث قوانين العهد البائد التي تصطدم بالديمقراطية والنظام الاتحادي، وكذلك ترسيخ الهوية الوطنية باعتماد عقد اجتماعي يؤسس لمرحلة جديدة تضمن حقوق الشعب والأجيال القادمة.


عربية:Draw يشهد العالم تطوراً تكنولوجياً سـريعاً ومذهلاً، تطوراً لم تشهده البشرية من قبل، بصورة أثرت على البشـرية جمعاء، فالتكنولوجيا الآن تحرك أروقة الصـراعات السياسية، وعملية الانتخابات، واقتراع المواطنين، وتؤثر عليها. وهي الآن في الاقتصاد، وفي البورصة، وفي الأسواق، والبنوك، وحركة النقود، وعمليات البيع والشـراء اللحظاتية! انسلت التكنولوجيا -وبخفة- إلى علاقاتنا الاجتماعية، وتبرز نفسها في السوشيالميديا ومواقع التواصل الاجتماعي.. التكنولوجيا في رحلات الطيران، وداخل السفن البحرية، وفي تحريك سكك القطارات الحديدية.. التكنولوجيا في الأرض لإطلاق الصواريخ الحربية، وهي أيضاً في السماء داخل الأقمار الاصطناعية.. التكنولوجيا في فنادقنا، وسياراتنا، ومطابخنا، وبيوتنا، وحتى داخل حماماتنا، وفي ساعاتنا اليدوية.. التكنولوجيا محرك للأجهزة الذكية، ومسهل لطلب قطعة بيتزا من المطاعم السياحية. باختصار صارت التكنولوجيا رديفة لكل نشاط أو حركة نقوم بها في حياتنا اليومية. وعلى مستوى العالم هناك جدل حول ما إذا كانت هذه التكنولوجيا نعمة ورحمة، أم نقمة نزلت على البشـرية؟! ونقطة الجدل تكمن في من يرون أن التكنولوجيا أثرت سلباً على علاقاتنا الاجتماعية، وكانت سبباً في تسريح آلاف الأيدي العاملة، وبالتالي ازدياد نسبة البطالة والعاطلين عن العمل، وغيرها من المساوئ والنقاط السلبية. وفي الجانب التربوي يرى هؤلاء أن التكنولوجيا صعبت من عملية التربية بالنسبة للآباء والأمهات والمؤسسات التربوية، حيث بات الأطفال أسـرى الأجهزة الذكية، والإدمان على استخدام التكنولوجيا بصورة مفرطة، ونجم عن ذلك ظهور العديد من الأمراض الجسمية والنفسية، وأبعدت هذه التكنولوجيا الأطفال والمراهقين عن الأجواء الاجتماعية الطبيعية، والرياضات البدنية، والعديد من الظواهر السلبية الأخرى. وفي المقابل، ينظر آخرون إلى الجانب الآخر من المشهد، ويرون أن التطورات التكنولوجية حالة طبيعية للتطور البشـري، وبالتالي فإنها ساعدت المؤسسات التربوية على خلق نوع من التشويق في عملية التربية، وجذب الأطفال والمراهقين إلى التعلم، وبسـرعة أكبر من ذي قبل. وأن هذه التكنولوجيا شجعت الآباء والأمهات على الانخراط مع أطفالهم في أجواء التعليم، والعيش في البيئة التعليمية نفسها التي يعيش فيها أبناؤهم. وبالتالي، فإن على الآباء والأمهات، وكذلك المؤسسات التربوية، استغلال هذه التطورات التكنولوجية لتسهيل عملية التربية والتعليم، وعدم الوقوف بوجهها، وقد شهد العالم الدور المهم لهذه التكنولوجيا أثناء انتشار وباء كورونا، وكيف لجأ الجميع؛ دولاً وشـركات، وعوائل ومؤسسات، إلى استخدام التكنولوجيا في سبيل استمرار عملية التربية والتعليم، والتي تمثلت في دخول الجميع إلى الفضاء الانترنتي، وخلق عالم افتراضي تواجد فيه الجميع. من كل ذلك، فإن التكنولوجيا نقمة حين تأسـرنا، ونبالغ في الانشغال بها، وهي نعمة حين نوظفها ونترجمها إلى تطبيقات عملية وحياتية.. هي نقمة حين تستغلنا، ونعمة حين نستغلها!


عربية:Draw تجد جبالَ ووديانَ كردستان العِراق زاخرةً بالطُّرق الصُّوفيَّة والعقائد الدِّينيَّة، مِن الإسلام والمذهب السَّائد الشَّافعي، ولعله منذ (القرن السَّادس الهجريّ) عهد الأتابكة السَّلاجقة، و«الأتابك» تركية النَّجار تعني مربي الأمير (حسين، أربيل في العهد السُّلجوقيّ)، مع وجود المسيحيَّة والإيزيديَّة، واليهوديَّة (العماديَّة تاريخاً)، والزَّرادشتيَّة، والكاكائيَّة، وأهل الحقِّ، والبرزانيَّة، والشَّبك، والبهائيَّة والمندائية حديثاً. سادت في التَّصوف: القادرية والنّقشبنديَّة، ومؤسس الأخيرة بالعراق خالد النَّقشبندي. عُقد بالسُّليمانيَّة «المؤتمر الدُّولي لمولانا خالد النَّقشبنديّ»، وكان مهماً حضره مختصون بالصّوفيَّة، مِن مختلف البلدان. تبناه «مركز عزّ الدِّين رسول الثَّقافيّ»، نسبة للأديب الأكاديمي عزَّ الدِّين رسول (ت: 2019). صار للمركز شأنٌ الآن، بما يحويه مِن مكتبةٍ متعددةِ اللُّغات، تولى تأسيسه شقيقه فاروق رسول رجل الأعمال الذي ما زال يعتز بيساريته كتاريخ، نقل له مكتبات رفاقه السَّابقين، مِن لندن مكتبة ضخمة لرفيقه الشِّيوعي العراقي إبراهيم علاويّ (ت: 2015)، وهي بادرة قيمة، إذا علمنا أنَّ أصحاب المكتبات الغرباء عن العراق حاروا بمصائر مكتباتهم. يُثار التَّساؤل، لماذا يُحيي مركز ثقافي مدني، صاحبه وراعيه يساريان، شخصية صوفيَّة، شافعيّ الفروع أشعريّ الأُصول (رسالته العقد الجوهريّ)؟! هل لأنَّ النّقشبندي، النَّاقل الطريقة مِن الهند إلى العراق، وعُرفت بالنَّقشبندية الخالديَّة، والبداية بالسُّليمانيّة، برز مِن طبقة معدمة، ومعلوم ما لأهل اليسار مِن صِلةٍ بهذه الطَّبقة، وبعد انتشار طريقته واجهه مَن كان مسيطراً بالقادرية، وهم السَّادة البرزنجيّة مِن الطَّبقة العليا؟ أم هل لصلة النّقشبنديّ بالسُّليمانيَّة وبأسرة آل رسول، وفق ما ورد في كتاب راعي المؤتمر فاروق رسول (ذكرياتي)، كانت دافعاً؟ أقول: ربَّما يكون ذلك. لكن الراجح أنّ التصوف النقشبنديّ، الذي جعل بينه وبين السياسة والعنف حداً، يصلح لمواجهة الإسلام السياسيّ، السَّاعي لممارسة السُّلطة باسم الدين. صحيح هناك مشاركة للقوى الدينية في البرلمان والحكومة، لكنَّ القلق مِن توظيف الدين في السياسة، والهيمنة باسمه، جعل صحيفة «وشه الكردية» (21/8/2013) ثم «المدى البغداديَّة»(18/9/2013) تنشر صورةَ رسالةِ نائب المرشد خيرت الشَّاطر، إلى «الاتحاد الإسلاميّ الكردستانيّ»، والإخوان هم أصل العمل الإسلامي بالمنطقة، والآخرون فروع، بعد الانشطار عن الإخوان ببغداد، فكانوا قبلها كتلةً واحدةً. مع عدم تأكيد صحة الرِّسالة، لأنها جاءت بعد اعتقال قيادات الإخوان بمصر، ونفاها الإخوان الكردستانيون، إلا أنَّ طرحها والضجة التي أثيرت حولها، يبينان حجم المواجهة مع الإسلام السِّياسيّ. استلهم النقشبندي الطريقة مِن الهند، وله رسالة «الرّحلة الهنديَّة»- المؤسس الأول شاه نقشبند (ت: 791هج) مِن أوزبكستان- تعرض بعدها بالسُّليمانية وبغداد ودمشق إلى فتاوى تكفير كالرَّسالةِ التي وجهها شيخ صوفي ضده إلى والي بغداد "تحرير الخطاب في الرَّدِ على خالد الكذاب»، فنصره أحد مريديه بـ «الحِسام الهنديّ لنصرة الشَّيخ خالد النَّقشبنديّ". لم ينته الأمر عند هذا الحد، وصل تكفيره إلى السلطان العثمانيّ نفسه. أخيراً نجا مِن القتل (البيطار، حلية البشر). لكنه تحدى الطَّاعون بدمشق (1242هج): «ما نحن فيه مِن مصابرة الطَّاعون خير ثواباً» (الخاني، الحدائق الورديَّة)، فمات به. بما أنّ الماضي حاضرٌ، اعترضت فتاة داخل القاعة بغضب على اتهام القادريّة بمحاولة قتله، ولما سألتها قالت: إنّها قادرية كسنزانيّة، فقدرتُ سبب غضبها. لا تعتقدوا بالتَّصوف الصَّفاء التَّام، فالمصالح لا تدع المشاربَ صافيةً. يأتي التَّوضيح مِن المعريّ (ت: 449هج): «إِنَّما هذه المَذاهِبُ أسبَابٌ/ لجَذبِ الدُّنيا إِلى الرُّؤساءِ/ كالَّذي قامَ يَجمعُ الزِّنج بِالبَصْرةِ/ والقَرمطِيُّ بالأَحَساءِ/ فانفردْ ما استطعتَ فالقائلُ الصَّا/ دقُ يُضْحي ثقلاً على الجلساءِ» (اللزوميات). لا أظن أنَّ رئيسَ مذهبٍ دينيّ لم يستثقل أبا العلاء! أمَّا عن يساري يحتفي بشخصيّة دينيَّة، فلها تاريخ، فاليساريون العراقيون طالما احتفوا بـ «لاهوت التَّحرير»، والعبارة استعرتها مِن هاديّ العلويّ (ت: (1998)*كاتب عراقي


عربية:Draw نظام “سانت ليغو” لتقسيم الأصوات الانتخابية، “سيء الصيت” في العراق، إلا أنه ليس سيء الصيت في النرويج ولا في السويد وغيرهما. وهو يثير الجدل في العراق منذ عدة سنوات. وكانت المعركة الأخيرة في البرلمان العراقي أحد الأمثلة على أن هذا الصراع لن ينتهي اليوم ولا غدا. بكلام مجرد، النظام يفيد الأحزاب والتحالفات الكبيرة. يحدّ من التشرذم السياسي. ويقلص عدد النواب الأفراد الذين غالبا ما يُطلق عليهم لقب “المستقلين”. زيادة في التجريد، فإن النظام يقوم على تقسيم عدد أصوات الكيانات الانتخابية على تسلسل أرقام، يبدأ في العراق من 1.7، ثم 3، ثم 5، ثم 7.. الخ. فإذا كانت المنافسة في الدائرة الواحدة تجري على عشرة مقاعد، فإن عدد الأصوات التي فاز بها كل كيان تُقسّم على المُعامل الأول 1.7، ثم الثاني فالثالث إذا اقتضت الحاجة. والغاية من أعمال التقسيم هي الحصول على أكبر عشرة أرقام. أي أن ما تحصل عليه الكيانات المتنافسة من أصوات يتم تقسيمه على 1.7، ثم 3 ثم 5 حتى تظهر أكبر عشرة أرقام. وهذه الأرقام ستكون هي المقاعد التي حصل عليها كل كيان. وفي الغالب فإن كتلتين أو ثلاثة هي التي سوف تحصد حصصا من تلك المقاعد العشرة، حسب ما حصلت عليه من أصوات، بينما يذهب الباقي هدرا. لسؤال الأهم لا يتعلق بالآلية الحسابية أو جدواها، وإنما بجدوى التشرذم السياسي. وفي العراق فإن السؤال يتجاوز التشرذم ليتعلق بجدوى أن يكون هناك مستقلون أصلا. فهؤلاء يتبعون أهواءهم أو تصوراتهم السياسية الخاصة، ويكسبون مقاعدهم في العادة، إما لاعتبارات عشائرية، أو لكونهم شخصيات اجتماعية محلية مؤثرة. وفي الغالب، فإنهم يدخلون البرلمان لمصالح أو تطلعات ضيقة. ولم تعرف برلمانات ما بعد الاحتلال، سوى أنهم: 1ـ أفراد يمكن بيعهم وشراؤهم. وهو الحال السائد، حتى أصبح “المستقلون” تجارا في التصويت على كل مشروع قانون. 2ـ نشطاء متناحرون فيما بينهم، لم يتوافقوا على رؤية وطنية محددة. 3ـ ممثلون لأسوأ ما في المجتمع من معايير عشائرية أو فئوية، ما يجعلهم من دون رؤية وطنية أيضا. ولقد سبقت البرلمان الحالي أزمة كان بوسع المستقلين أن يشكلوا بيضة القبان في النزاع بين التيار الصدري وجماعات الإطار التنسيقي، ففشلوا في أن يلعبوا دورا يحسم النزاع، على تصور وطني، أو قيمي، أو أخلاقي، أو قانوني من أيّ نوع. كان بوسعهم، على سبيل المثال، أن يشكلوا قوة تُلزم الطرف الفائز بدعمهم على تطهير الدولة العراقية من الفساد. فقط. فيكونون قوة تغيير لإعادة بناء الدولة وتصويب مسارات إنفاق الأموال فيها، فيخدمون شعبهم من هذه الزاوية وحدها على الأقل. كان بوسعهم أن يشترطوا إلغاء نظام المحاصصة الطائفية أو توفير ضمانات صارمة لنزاهة الانتخابات، أو غيرها من المطالب الجوهرية الأخرى، التي يمكن للطرف الراغب بتشكيل الحكومة أن يقبل بها. إلا أنهم لم يفعلوا ذلك. فشلوا حتى عندما عُرض عليهم أن يشكلوا الحكومة بأنفسهم. والسبب هو أنهم شرذمة أهواء، يغنّي كل واحد منهم على ليلاه. وبكل تأكيد فإنهم أدنى مستوى في السياسة والثقافة من أن يتوصلوا إلى تصور مشترك فيما بينهم، أو أن يتوافقوا على هدف وطني واحد، مهما كان صغيرا، أو أن يستغلوا عددهم الكبير نسبيا لتشكيل كتلة تفرض ولو تغييرا واحدا من بين العشرات من التغييرات المطلوبة لإصلاح النظام السياسي، أو للحد من الفساد، أو لحماية استقلال البلاد وسيادتها. لم يفعلوا ذلك، ولم يكن بوسعهم أن يتوافقوا، فيما بينهم هم أنفسهم، على أي شيء. وهناك سبب جدير بالاعتبار لهذه الحال. الميليشياوية السائدة في العراق حوّلت الأحزاب الكبيرة إلى عصابات نهب وامتيازات وتنافس على الحصص. وككل مائدة كبيرة، فإن المنازعات من حولها تسفر عن فتات. والمستقلون إنما يرتعون من هذا الفتات. هذا هو شغلهم الشاغل. دع عنك أن بعضهم يطرح شعارات كبيرة، ويزعم مزاعم أكبر منها، ويقدم عن نفسه انطباعات وطنية أو تحررية أو “تشرينية” أو غير ذلك. فالقاسم المشترك بينهم هو أنهم لا يتوافقون فيما بينهم على رؤية محددة. ولا حتى على كنس شارع واحد في العراق من قاذورات نظامه السياسي الراهن. هم يعارضون “سانت ليغو” ليس لأنه نظام سيء بحد ذاته، بل لأنهم أسوأ منه، بعجزهم عن تشكيل كتلة إصلاح أو تغيير.تجارة الفتات مربحة للكثيرين منهم. لا تنس، أن شراء كل تصويت بمليون دولار أو ما يناهز ذلك، يشكل ثروة طائلة في نهاية المطاف. ومع كل أزمة أو اختناق، فإن الأسعار تزداد. ومن الناحية العملية، فإن تمزقهم بالذات يقيم المعادلات فيما بينهم على نظام ضمني مماثل لـ”سانت ليغو”، يقسم الأشياء على معايير فردية، تدّعي كل منها ما تدّعيه. القسمة على 1، بدلا من 1.7 أنفع لكل من يعتقد أنه أبوزيد الهلالي في الحرية والتغيير والإصلاح، إنما على مقاسه الخاص. خذ مزاعم الوطنية على سبيل المثال. حاول أن تجد تعريفا لهذا المفهوم. ثم اجعل لهذا التعريف معايير مجردة أشبه بتجريد الرياضيات. وحاول أن تدعو المستقلين إلى أن يمتثلوا لها، أو أن يلتفوا من حولها. ثم انظر إليهم.يجب أن تصاب بخيبة أمل من النتيجة. لأن ليلى كل واحد منهم غير ليلى الآخر. والتغييرُ موضوعٌ لتصوراتٍ وأهواء، وليس منظومةَ خططٍ وإجراءات. بعض الوطنيين في العراق، ظل يرفض الانخراط في “العملية السياسية” لأنها في الأساس كانت عملية هدم خالصة ومتواصلة لا عملية إعادة بناء. أدلة العشرين عاما الماضية لم تثبت شيئا أكثر وضوحا من هذه الحقيقة. ولكن قُيّض للظروف، التي أعقبت انتفاضة تشرين أن تسمح بقبول الانخراط في برلمان تلك العملية. صحيح أنه ظل برلمان عصابات وصعاليك وشذاذ آفاق، إلا أن قليلا من جذوة الأمل ظلت تتقد في العثور على كتلة وطنية تلتئم فيما بينها على رؤية مشتركة، ولو محدودة قد تفتح الطريق إلى سياق للتغيير والإصلاح. لم يحصل ذلك العودة إلى نظام “سانت ليغو” في انتخابات المجالس المحلية المقررة في نوفمبر المقبل سوف يلزمهم بذلك. وفي الحقيقة، فإنهم بدلا من الإدانات والصخب، يجب أن يتوجهوا بالشكر للعصابات الميليشياوية التي تفرض عليهم هذا الخيار. إنه خيار يقول لهم: توحدوا، أو اخسروا.لن يتوحدوا، لأن مائدة الفتات كبيرة، ولأن تجارة المزاعم الوطنية لا تقوم على معايير مجردة، وإنما على أهواء.


عربيةDraw  لم نعرف في قاموس العراق السياسي او الاجتماعي او الدبلوماسي العراقي منصبا عنوانه السيدة الأولى، منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921 حتى الآن، ولم ينص اي دستور عراقي جمهوري على هذا المنصب او يكون له صلاحيات وواجبات وحقوق، حتى في النظام الملكي الذي يوجب ان تكون هنالك ملكة الى جانب الملك على عرش البلاد، لم يعرف العراقيون للملكتين اللتين حظيتا بهذا اللقب وهما (حزيمة بنت ناصر) زوجة الملك فيصل الأول ولا عالية بنت علي بن الحسين اي نشاط او ظهور او ممارسة سلطوية تذكر رغم فرادة اللقب الذي حملتاه وشرعيته. وفي العراق الجمهوري منذ 1958 حتى 2003 لم يعرف او يعترف العراقيون بسيدة أولى (زوجة رئيس الدولة او المسؤول الاول فيها)، فعبد الكريم قاسم رأس الجمهورية الأولى ظلّ اعزبا حتى يوم اعدامه في 8 شباط 1963، ولم تحظ زوجة الرئيس عبد السلام عارف السيدة ناهدة الريّس باي لقب او منصب او صلاحية او امتياز او حتى ظهور عام طوال فترة حكم زوجها 1963-1966 ، وربما اختلف الامر قليلا في زمن اخيه الذي اعقبه الرئيس عبد الرحمن عارف 1966-1968، حيث بدأ يصطحب زوجته السيدة فائقة عبد المجيد احياناً في بعض الاستقبالات الرسمية عندما تحضر زوجات الرؤساء الضيوف في زياراتهم للعراق، من باب العرف البروتكولي الواجب، ولكنها لم تحمل لقب السيدة الأولى ابدا. ولم يعرف العراقيون شكل او اسم زوجة الرئيس العراقي احمد حسن البكر السيدة غيداء الندا طوال فترة حكمه من 1968 حتى 1979، ولم تحظ باي لقب او ظهور رسمي. على عكس السيدة ساجدة خير الله طلفاح زوجة الرئيس صدام حسين التي بدأت ببعض الظهور المعلن المحدود في مناسبات قليلة تعدّ على اصابع اليد. وكان ذلك بتشجيع من رئيسة الاتحاد النسائي العراقي وقتها، منال الآلوسي التي حاولت ان تزرع في داخلها فكرة السيدة الأولى اسوةً بالسيدة سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري حسني مبارك او جيهان السادات زوجة الرئيس انور السادات. الا ان محاولات منال الالوسي لاضفاء لقب السيدة الاولى على ساجدة طلفاح باءت بالفشل بعد ان اظهر الرئيس صدام حسين امتعاضه من هذا الامر وعدم رضاه عن الظهور الاعلامي للسيدة زوجته او تسميتها بالسيدة الاولى، حيث قال لمنال الالوسي عندما عرضت الامر عليه : كل عراقية في نظر الدولة واعتبارها هي سيدة أولى، ولا يجوز ان ينحصر هذا اللقب بزوجة رئيس الجمهورية. وفي العراق الديمقراطي الجديد بعد 2003، عندما تحوّل منصب رئيس الجمهورية الى مجرد منصب اعتباري بلا سلطات حسبما نصّ الدستور، كان من الطبيعي ان لايكون هنالك حديث عن سيدة أولى رغم طموحات بعض زوجات الرؤساء الذين تواتروا على المنصب، حيث ابدين اهتماماً وشغفاً بارتداء تاج هذا اللقب الوهمي او ممارسة اي نشاط ضمن إطاره، حتى لو كان شكلياً وبغطاء دبلوماسي افتراضي. لذلك كان من المفاجئ بل والتنطّع الرخيص ماقام به السيد علي شكري مستشار رئيس الجمهورية العراقية الحالي عبد اللطيف رشيد ، حين تقدّم بشكوى ضد الاعلامية الزميلة جيهان الطائي، بحجة اصدارها مطبوع ورقي (مجلة) اسمها (السيدة الأولى) لانها على حد زعمه (تنتهك) لقب السيدة الأولى زوجة الرئيس رشيد وتستعمله بغير وجه حق !!!!!؟؟؟؟؟ لا اعرف كيف يهتدي المطبلون والمزمرون وماسحو الاكتاف الى هذه (الدروب) والالاعيب الملتوية لتبييض صفحاتهم امام سادتهم ورؤسائهم ؟! ربما بوهم ان هذا اللهاث المتهافت وهذه (اللگلگة) ستكون بطاقتهم الخضراء الى مرتبة أعلى او ربما منصب دسم يرضعون من ضروع فساده بغطاء رئاسي. والا مامعنى هذه (الفرّارة) السخيفة المثيرة للسخرية والازدراء ؟؟؟ مجلّة السيدة الأولى المرخصة رسمياً و المزمع صدورها في الاسابيع المقبلة عن مؤسسة ارض بابل الثقافية اصبحت على حين فجأة جريمة صحفية وانتهاكاً رئاسياً واعتداءً دبلوماسياً على حقق السيدة زوجة فخامة الرئيس دون ان نعلم ماهي جريرتها باستعمال هذا العنوان. يقول بعض الخبثاء ان السيد علي شكري مجرد واجهة لهذه الشكوى، أريد له ان يكون ماشة (ملقط) النار في هذه القضية، وان اثارتها ضد رئيس تحرير المجلة جيهان الطائي وارهـ ابها بمحاولة اقتحام دارها واعتقالها ، كان برغبة وتوجيه وامر مباشر من السيدة شاناز ابراهيم احمد زوجة فخامة الرئيس عبد اللطيف رشيد،، فاذا صح ذلك (( لاسمح الله )) فانا اقول للسيدة (شاناز) باسمي وباسم تجمع الاعلاميين العراقيين الذي اتشرف برئاسته، وباسم جميع الاقلام والاصوات الحرة في الاعلام العراقي،، اننا نرفض ونستنكر بشدة ماجرى مع الزميلة جيهان، لانه لا يتناسب مع نص الدستور الذي بموجبه تسنم فخامة الرئيس زوجك منصبه، والذي يؤكد أكثر من نصٍّ فيه على حرية الرأي وحرية التعبير ووجوب احترام الاعلام ، وانه ليس لسلطة مهما علت ان تكون سيف ظلمٍ على رقاب الافكار والأصوات، وانه ليس من نصّ قي القانون يكرّس منصباً عنوانه (السيدة الأولى)، وان العراقيين يرون في كل سيدة عراقية سيدةً اولى، واننا في دولة ديمقراطية، ليس فيها اسياد وعبيد ، واننا جميعا (مواطنين ومسؤولين) متساوون في الحقوق والواجبات، وان المسؤولية في الدولة هي تكليف وليست تشريفا يمنح صاحبه علوّاً على رقاب الشعب، وان المسؤول مجرد موظف مؤقت يعينه الشعب، اي انه خادم للشعب وليس سيده، واننا كأعلاميين نذرنا انفسنا من اجل ان تسود مفاهيم العدالة والمساواة، نقاتل من اجل تحقيقها، ولن نسمح لاقدام السلطة الثقيلة ان تدوس على كرامة اصغر طفل في شعبنا مهما كان الثمن باهضاً وقاسياً. وان الشعب الذي ناضل وانتصر على الديكتاتورية ، لن يسمح بعودة اي شكل من اشكالها الأخرى، حتى ولو بادنى صورها. ياسيدة شاناز و يا علي شكري : الحكام الطغاة والجبابرة لم يفرضوا علينا سيدّةً اولى وهم بكامل سلطاتهم المطلقة المتفرّدة الباطشة فهل تريدون التسيّد علينا اليوم وانتم بسلطة اعتبارية تشريفية ليس إلا ؟؟؟ اتقوا الله واحترموا شعبكم وتذكّروا انها مجرد اربع سنوات فحسب ، وربما كانت اقلّ من ذلك اليس كذلك ؟؟ عرض أقل


عربية:Draw تواجه عدداً من الدول في المنطقة والعالم أزمات اقتصادية حادة سوف يكون لها تأثيرات كبيرة سياسية واجتماعية.هذه التأثيرات ستجلب معها ربيع عربي جديد سيكون سببه الرئيسي هو الاقتصاد خصوصاً أن المواطن في بعض البلدان وصلوا إلى مرحلة لا يملكون شيئا يخسرونه وهو ما يجعل من لحظة الانفجار ممكنة في إي وقت. في منطقتنا مصر، لبنان، الأردن، تونس وتركيا أصبحت الأزمات الاقتصادية فيها معقدة بشكل تحتاج فيه الحلول إلى سنوات وقرارات قاسية. الربيع الاقتصادي سوف يحمل مواجهات قاسية ومدمرة وقد تكون طويلة في بعض البلدان وهو ما سوف يترك آثاره على باقي الدول التي سيكون عليها تحديد موقفها من هذه الثورات. الدول العظمى ومع ما تعانيه من وضع اقتصادي داخلي صعب بسبب تداعيات وباء كورونا والحرب الاوكرانية لن تتورط بالتدخل في الربيع الاقتصادي كما تدخلت في الربيع العربي وحرفت مساره في بعض البلدان لان تدخلها سيرتب عليها التزامات اقتصادية اضافية.  المعلومات الأولية تشير إلى أن الأقطاب العالمية تعرف بالضبط مايجري وأنها هذه المرة سوف تنتظر النتائج لتحدد بعدها سياستها اتجاه التغيير.


 عربية:    Draw غيّر الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري المعطيات السياسيّة في المنطقتين، خصوصا لجهة استكمال تركيا للمنطقة العازلة التي قررت إقامتها بعمق يراوح بين 30 و35 كيلومترا داخل الأراضي السوريّة. ستنهمك تركيا، المقبلة على انتخابات رئاسيّة متوقّعة في أيّار – مايو المقبل، في عملية إعادة بناء المناطق المنكوبة في عشر من ولاياتها. دمّر الزلزال  معظم البنية التحتية في تلك الولايات التركية. ستتطلب إعادة تلك البنية إلى وضعها الطبيعي العشرات من المليارات من الدولارات. كشف الزلزال أنّ تركيا، التي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية، ليست بتلك العظمة التي يتصورها الرئيس رجب طيب أردوغان وأنّ عليه تقليص تطلعاته إلى لعب دور مهيمن في المنطقة… وصولا إلى ليبيا. أكثر من ذلك، سيكون على أردوغان إعادة النظر في خططه للسنة 2023 والدور التركي إقليميا بعدما كان بنى الكثير على انتهاء مفاعيل المعاهدات الدولية الموقعة في 1923 والتي فرضت على تركيا، في ضوء انهيار الدولة العثمانيّة، قيودا في مجالات عدّة من بينها السيطرة على الملاحة في ممر البوسفور. جعل الزلزال أردوغان يكتشف كم تركيا في حاجة إلى العالم، خصوصا إلى الولايات المتحدة وأوروبا، في حال كانت تريد بالفعل أن تكون دولة محترمة ذات شأن في المنطقة وخارجها… بدل السعي إلى مناورات لا فائدة تذكر منها. من بين هذه المناورات شراء شبكة صواريخ مضادة للطائرات من نوع “إس – 400” الروسيّة في محاولة لكسب ودّ فلاديمير بوتين. فعل ذلك، على الرغم من أن تركيا عضو أساسي في حلف شمال الأطلسي (ناتو). في الوقت ذاته، يستطيع رئيس النظام السوري بشّار الأسد تنفّس الصعداء في ضوء زوال كابوس اضطراره إلى مصالحة أردوغان والرضوخ في الوقت ذاته لشروط معيّنة واتفاق جديد يكون نسخة مطوّرة لاتفاق أضنة الموقّع في العام 1998. سمح ذلك الاتفاق الذي مهّد لتسليم النظام السوري عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، لتركيا بدخول القوات التركيّة الأرضي السورية متى دعت الحاجة إلى ذلك. فوق ذلك كلّه، تخلّى النظام السوري رسميا عن المطالبة بلواء الإسكندرون الذي كان يسميه “اللواء السليب”. لن يطول تنفس بشار الأسد الصعداء طويلا وذلك مهما حاول نظامه توزيع أنباء عن اتصال زعماء المنطقة والعالم به. كلّ ما في الأمر أنّ اهتمام العالم، بما في ذلك الدول العربيّة القادرة، بسوريا سيزداد. لكنّ هذا الاهتمام سيكون من زاوية إنسانيّة وليس من زاوية إعادة تأهيل لنظام يعرف الصغير والكبير أنّه في حرب مع شعبه ولا يمتلك حريّة قراره. ليس النظام السوري، بتركيبته الحاليّة، سوى تابع لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة”، خصوصا بعد غرق فلاديمير بوتين في الوحول الأوكرانيّة واضطراه، من أجل متابعة حربه على الشعب الأوكراني، إلى الارتماء في الحضن الإيراني. من سيتنفس الصعداء فعلا هم أكراد سوريا الممثلون بـ”قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) الذين ستخفّ الضغوط التركية عنهم ولن يعودوا مجبرين في الوقت ذاته على الأخذ والردّ مع النظام السوري. ستزداد علاقة “قسد” بالأميركيين قوّة وسيتوسع هامش المناورة لديهم بفضل العلاقة بالأميركيين من جهة وتراجع الضغوط التركيّة من جهة أخرى. غيّر الزلزال الطبيعي المعطيات السياسية، إن تجاه تركيا ورجب طيب أردوغان وموقعه السياسي ودور تركيا الإقليمي، وإن تجاه النظام السوري الذي لا يستطيع التعاطي مع مستقبل سوريا أو أن يكون جزءا من هذا المستقبل. بات مصير النظام السوري رهينة لمصير النظام الإيراني والملفات الإقليمية المتنوعة التي ارتبط بها. عاجلا أم آجلا، سيعود العالم الغربي إلى الاهتمام بكيفية التعاطي مع إيران ومع الوضع الداخلي فيها ومع برنامجها النووي. سيعود إلى الاهتمام بالدور التخريبي الذي تلعبه في العراق وسوريا ولبنان واليمن بأدوار أخرى في مختلف أنحاء العالم، خصوصا بعد تحولها إلى شريك لروسيا في الحرب الأوكرانيّة. سيعود العالم إلى الاهتمام بالميليشيات الإيرانية والوجود الإيراني في الجنوب السوري وما إذا كانت “الجمهوريّة الإسلاميّة” ستردّ على الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت هدفا عسكريا مهمّا، قد يكون مرتبطا بإنتاج صواريخ باليستيّة، في أصفهان. ماذا إذا ردّت إيران وكيف سيكون الردّ عليها، علما أن معظم المعلومات المتوافرة تشير إلى تنسيق أميركي – إسرائيلي في شأن كلّ ما له علاقة بما يجري في داخل “الجمهوريّة الإسلاميّة” ونشاطاتها خارج حدودها أيضا. لا شكّ أن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا كان مأساة إنسانية ضخمة طغت على بقية الأحداث في العالم. لكنّ هذا العالم سيعود إلى مشاكله الأخرى، بما في ذلك المنطاد الصيني الذي كان يحلّق في الأجواء الأميركيّة. تبيّن أن هذا المنطاد جزء من شبكة صينيّة تستهدف الاطلاع على ما يدور على الكرة الأرضية، خصوصا في الأراضي الأميركيّة. كان الزلزال مأساة ذات طابع إنساني، لكنه كان أيضا ذا أبعاد سياسية على الرغم من العدد الكبير للضحايا، وهو عدد مرشح لأن يصل إلى نحو عشرين ألف قتيل وعشرات الآلاف من المشرّدين الذين فقدوا منازلهم. ثمة أحياء في مدن عدة، في تركيا وسوريا، زالت نهائيا عن الخريطة. سيطرح الزلزال سؤالا يتعلّق بوضع تركيا ومكانتها في المنطقة والعالم في ضوء اضطرارها إلى أخذ حجمها الحقيقي سياسيا واقتصاديا وحتّى عسكريا. قضى الزلزال على أحلام يقظة لرجب طيب أردوغان الذي كان يعتقد أن سنة 2023 بداية جديدة لدور تركي أكثر نشاطا في ضوء التخلص من قيود فرضتها معاهدات وقّعتها تركيا قبل قرن. سيتوقف الكثير على أمرين. أولهما انتصار الرئيس التركي الحالي في انتخابات أيّار – مايو المقبل. الأمر الآخر قدرة رجب طيب أردوغان على التعاطي مع الواقع بعيدا من الأوهام. يشمل ذلك أن يكون الرئيس التركي، على سبيل المثال، أكثر واقعية في طريقة تعامله مع اليونان بدل أن يعتبر التصعيد معها جزءا من حملته الانتخابيّة والتعبئة الداخلية.


عربية:Draw كل مؤامرة تحمل آثار وشواهد يحاول القائم عليها مسحها وطمسها ولا أبرع من أجهزة المخابرات العالمية وعلماء العالم الخفي ذوي  الرداء الأسود في ذلك ••• فلا يكون للمؤامرة رغم وجاهتها أي دلائل علمية مؤكدة ومثبتة لان العلم هنا يكون هو الخصم وهو الحكم حين يفقد العلم نزاهته وصورته المقدسة داخل مربع الحقيقة ••• لكن المؤكد أن مشروع هارب ( HARP ) الأمريكي او مشروع الشفق النشط عالي التردد ( ألاسكا 1997) لصناعة كوارث مناخية وطبيعية هو أمر مؤكد وهو مشروع سري واقعي إستخباراتي عسكري بإمتياز وصراع علمي عسكري سري ( أمريكي روسي صيني) ••• وإلا فكيف نفسر إذن تويتة لعالم هولندي من أصل إسترالي توقع حدوث زلزال تركيا بقوة 7.8 ريختر  قبل حدوثه بثلاثة أيام لا مكان للصدفة في هذا العالم كل شيء يحدث بترتيب وذكاء إحترافي شديد وعلميا لا يمكن توقع الزلازل قبل حدوثها فهل تويتة هذا العالم هي نبوءة علمية أم نبوءة إستخباراتية ورسالة مسبقة مقصودة هذا ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية عن العالم الهولندي الذي تحول حسابه علي تويتر لملايين المتابعين بعد زلزال تركيا بدقائق ••• لكن الأهم والاخطر هو ما لم تتناقله وسائل الإعلام العالمية وهو أن قيادة القوات الأمريكية في أوروبا ( EUCOM ) قامت بمناورات عسكرية من أيام مع قبرص واليونان للتدريب علي عمليات أجلاء لزلزال خطير في تركيا يقترب من 8 ريختر !!! فكيف توقعت المخابرات الأمريكية الزلزال قبل حدوثه واستعد الجيش الأمريكي بمناورات علي جزيرة كريت والمناورات كانت بحوالي 60 الف عسكري ومدني أمريكي متخصص في الاجلاء هم الآن علي أرض تركيا للمساعدة في عمليات الاغاثة ويتحركون لوجيستيا بحرية إلي شمال سوريا للمناطق المتضررة اي فرصة كبيرة لأي عمل مخابراتي لوجيستي كما أن مشاركة الحكومة القبرصية في المناورات قبل الزلزال ثم بعده في الاغاثة حقق شبه إعتراف رسمي تركي بجمهورية قبرص ... كل هذا مكاسب أمريكية فكيف علم وإستعد الجيش الأمريكي للزلزال إذن ؟!!! وضع خطة لإجلاء  كامل وبروفة كاملة لإخلاء قاعدة ( انترلخت) النووية الأمريكية في تركيا الي ألمانيا عبر جسر جوي ؟!!! هذا هو السؤال الشائك والغامض وهل ما حدث هو رفض دولي لتطورات المشروع النووي التركي ؟!!! وانذار لأي مشروع إقليمي آخر وسيطرة بالتهديد علي غاز المتوسط هنا الأزمة يجب أن توحدنا جميعا كأمة وإقليم في منطق تفكير واحد ••• ووسط تلك المنطقة الشائكة أصبح الزلزال التركي مثل كرة التنس بين أجهزة مخابرات الدول المنافسة علي نفوذ في الداخل التركي من نفوذ تكنولوجي وعسكري في الاغاثة الي تنافس وحرب  معلومات الكل يقذف كرة التنس للآخر ••• فقد صرحت وكالة  ( AVIA-PRO ) الروسية القريبة من جهاز المخابرات الروسي أن زلزال تركيا ناتج عن قنبلة نووية صغيرة في القاعدة الأمريكية النووية في تركيا بمنطقة ( إنترلخت ) التركية وقدم الموقع الروسي بعض الشواهد ... فمثلا  لماذا طلبت الولايات المتحدة من وكالة الطاقة الذرية إصدار بيان رسمي عن سلامة قاعدة ( أنترلخت ) النووية بعد الزلزال ؟ ووضع الموقع علامات إستفهام حول عرض وكالة الطاقة النووية المساعدة علي تركيا  رغم ان الامر يخص كارثة طبيعية ؟ وتساءل الروس كيف نجت قاعدة (انترلخت )وهي علي خط الزلازل أم أن زلزال تركيا لم يكن زلزالا جيولوجيا طبيعيا بل هو زلزال إرتدادي ناتج عن تفجير نووي اصلا من القاعدة نفسها أو من البحر ؟ ••• وعلي الجانب الآخر رد جهاز المخابرات الأمريكية عبر محلليه ومدونيه بأن الأمر ربما يكون ناتج عن انفجار قنبلة نووية صغيرة في غواصة روسية في عمق البحر او نتيجة تجربة نووية خاطئة للمشروع النووي الروسي التركي في مفاعل ( أكويو Akkuyu ( الروسي النووي في تركيا فالكل يتقاذف كرة التنس وينشر الفزع من تفكير اي دولة في امتلاك مشروع نووي ولو سلمي ولا عزاء للعلم والحقيقة لكن، ربما من المؤكد علميا أن الشق الأرضي الذي حدث بعمق ( 10 كم )تحت سطح الأرض لا يمكن أن يحدث زلزالا جيولوجيا طبيعيا وأن التفجير ربما كان قادما من عمق البحر وخاصة بحر ( مرمرة)  التركي والجدير بالذكر هو إعلان الحكومة الإيطالية بعد الزلزال بإحتمالية حدوث تسونامي في شرق البحر المتوسط يؤثر علي 12 دولة !!! التحذير الذي رغم تقليل حدته لكنه يؤكد أن مخابرات الناتو والمخابرات الإيطالية كانت  تعلم جيدا أن التفجير جاء من المياه ولذلك حذرت من ( تسونامي ) محتمل فالروس لديهم كل المعلومات من خلال قياس نسب الإشعاع وقياس نسب الإشعاع  بمنطقة الزلزال هي القول الفصل في كل هذا الطحين ••• لكن المؤكد أنه كان هناك تدريبات عسكرية أمريكية علي الاجلاء في تركيا قبل حدوث الكارثة ب 60 الف جندي انتظروا جميعا علي جزيرة كريت للتدريب والآن هم علي أرض تركيا وشمال سوريا لمواجهة دمار قدر ب 3/4 دمار الحرب الاوكرانيا الروسية في ضربة واحدة ••• ومنذ ساعات قليلة دخلت الصحافة التركية علي خط المؤامرة وعنونت صحيفة ( حرييت) التركية إصدارها بسؤال خطير هل زلزال تركيا إرتداديا أم هو الزلزال الأول ...؟!!! وهل كان سببا لاستخدام سلاح الهارب من سفينة أمريكية  ...؟!!! وحللت الجريدة التركية أنه كيف يمكن لشق أرضي بعمق ( 10 كم ) أن يحدث كل هذا التأثير التدميري علميا فالشقوق  تحت ( 12 كم ) علميا لا تحدث أي تأثير زلزالي ••• وبعيدا عن نبوءة العالم الهولندي وتدرب الامريكيين علي زلزال قبل حدوثه كان هناك لغزا آخرهي السفينة الأمريكية التي بلغ طولها 150 متر والتي عبرت ببحر الفوسفور قبل الزلزال والمحسوبة علي سلاح الهارب ومشروع تسلا السري الأمريكي، وكان مرورها قبيل التفجير، بجانب غلق جميع القنصليات في تركيا قبل الزلزال، وسيبقي الملف مفتوحا. كل العزاء للشعب التركي والسوري.      


عربيةDraw: الجريمة الاقتصادية، هي كل فعل يضر بالنظام الاقتصادي والسياسة الاقتصادية في العراق وهناك نصوص كثيرة تعاقب على هذه الجريمة ..منها المادة 164 من قانون العقوبات والتي عاقبت بالإعدام على الاضرار بالمركز الاقتصادي للعراق دوليا وهي من الجرائم الماسة بامن الدولة الخارجي، وايضا عاقبت المواد 179 و180 على إثارة الإشاعات وهي جناية...كما عاقب قانون غسيل الأموال 39 لسنة 2015 بالسجن 20 سنة وغرامة لاتقل عن قيمة المال محل الجريمة وتصل الى 5 أضعاف المال المهرب. وأما تزوير العملة فقد عاقب عليه قانون البنك المركزي 56 لسنة 2004 بالحبس وبالغرامة ..أما تزييف العملة فقد تناولها قانون العقوبات في المواد 280 الى 286 وتعاقب بالسجن تصل إلى 10 سنوات على ذلك، من ناحية التجار فقد عاقب قانون حماية المستهلك وقانون منع الاحتكار الصادرين عام 2010 بالحبس سنتين وغرامة تصل إلى 30 مليون دينار عن ذلك. أما الدول التي تقوم بزعزعة الاقتصاد العراقي، فان ذلك يخالف المواد 1 و2 و3 من ميثاق الامم المتحدة ويحق للعراق مقاضاة هذه الدول في الامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ...لان من مقومات الدولة الأرض والشعب والعملة، بالتالي هي أي العملة محمية دوليا ....العراق مرتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقية ستراتيحية لعام 2008 ونصت في المادة 27 منها على حق العراق بطلب المساعدة الاقتصادية من أميركا عند الحاجة، وهذه الاتفاقية مودعة في الامم المتحدة بموجب المادة 102 من ميثاق الامم المتحدة. جهود مباركة تلك التي تقوم بها حكومة الاستاذ محمد شياع السوداني، في السيطرة على الأسعار، هذه الإجراءات فعلا ستكون متعددة الفوائد والنتائج الايجابية المباشرة وغير المباشرة تجاه الشعب.


 عربية:Draw منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يشهد العالم هذا الكم من الفوضى في العلاقات الدولية وغياباً للأطر التوافقية، ولو بحدودها الدنيا، التي تمنع تطور الأحداث وحصول الكوارث. فعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان عالم القطبين الكبيرين؛ الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وكان يدور في فلكهما باقي الدول عدا محاولات البعض تشكيل مجموعة عدم الانحياز التي لم تعمر طويلاً. ورغم تشنجات الحرب الباردة التي وصلت إلى الذروة في أزمة صواريخ كوبا، فإن عالم ذلك الزمان كان منتظماً بتفاهمات القطبين على خطوط حمراء لا يتم تجاوزها، وإذا حصل فإن حداً أدنى بالبقاء ينهي التجاوزات. وتحول العالم مع انهيار الاتحاد السوفياتي إلى عالم بقطب واحد. وقد ظهر جلياً سعي الصين لتحل مكان الاتحاد السوفياتي كقطب ثانٍ في مواجهة الولايات المتحدة، إلا أن هذا حتى اليوم لم يحصل رغم عرض العضلات في تايوان، وإرسال بالونات تجسس فوق أراضي الولايات المتحدة. منذ نشوء العالم ذي القطب الواحد قبل 34 عاماً، كانت كل الأنظار تتجه سراً وعلانية إلى واشنطن لاستنباط الرأي والقرار في الأحداث. وقد أصبحت العاصمة الأميركية على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وجهة القادة الزعماء والطامحين الذين يسعون إلى أخذ التوجيهات والرضا. وقد أقدمت الإدارات الأميركية المتعاقبة على قرارات وإجراءات دولية أصابت في بعض منها وأخطأت في كثير من الأحيان. وربما عدم وجود قطب آخر منافس ورادع جعل الولايات المتحدة صاحبة القرار النهائي الذي لا يحاسبه أحد على صوابه أو خطئه. وقد تعثرت السياسة الأميركية في أماكن عديدة واعتبر هذا من ضمن سياسة الفوضى الخلاقة التي أتحفتنا بها يوماً كوندوليزا رايس عندما كانت وزيرة للخارجية الأميركية. ومع تراكم التعثرات ومن حيث لا تريد، أصبحت الولايات المتحدة تقود عالماً فيه الكثير من المشكلات التي يصعب حلها والتي لا ينفع فائض القوة العسكرية بعلاجها، عالم الفوضى المدمرة التي تشكل خطراً وجودياً. ومثالاً على ذلك، فإن الحرب الدائرة في أوكرانيا أحدثت فوضى يمكن الاعتقاد أنها لصالح الولايات المتحدة، كونها تضعف روسيا وتوسع حلف الناتو بانضمام السويد وفنلندا، وصار أساسي على مؤازرة الولايات المتحدة في مواجهة الدب الروسي، وفي هذا تصح سياسة الفوضى الخلاقة. ولكن هناك أيضاً عواقب لهذه الحرب طالت أوروبا بشكل خاص والعالم عموماً، فالتضخم العالمي يعود بدرجة كبيرة إلى هذه الحرب بين بلدين يشكلان مصدراً مهماً للمواد الأولية والطاقة في كثير من بقاع الأرض. ومع توقف الإمدادات تصاعدت الأسعار وتباطأ نمو الاقتصاد العالمي وتراجع مستوى معيشة ملايين البشر وليس من مؤشر على أي نفع للولايات المتحدة، بل قد يكون على العكس من ذلك، إذ إن كيفن مكارثي رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي، حذر ليل الاثنين الماضي: «لدينا الآن 31 تريليون دولار من الديون. هذا أكثر من حجم الاقتصاد الأميركي بأكمله... أصبحت ديوننا الآن عبئاً أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية». والمشكلة كما يقول مراقبون ألا تنجر القرارات الأميركية على ما يتردد من إشاعات. قال لاعب الشطرنج غاري كاسباروف والرئيس السابق لشركة النفط «يوكوس» ميخائيل خودوركوفسكي: «كل شيء؛ من تَقدم أوكرانيا في ساحة المعركة إلى وحدة الغرب وعزمه الدائم على مواجهة عدوان فلاديمير بوتين، يشير إلى أن عام 2023 عام حاسم (…) إذا صمد الغرب، فمن المرجح أن ينهار نظام بوتين في المستقبل القريب». لم تتخلص واشنطن من اقتناعها بأن الفوضى الخلاقة تنتج استقراراً أو تفوقاً لها. الاثنين الماضي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بنيت ما كان يمكن أن يستنتجه أي مراقب عقلاني: توصلت روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق أولي خلال المرحلة المبكرة من الحرب - قال بنيت: «كان الجانبان يريدان بشدة وقف إطلاق النار» - لكن الولايات المتحدة «منعته». والشرق الأوسط ليس إلا مثالاً على الفوضى التي يفترض أنها خلاقة وأضحت عكس ذلك. فالولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما توصلت إلى اتفاق مع إيران رفعت بموجبه الحظر عن أموال الجمهورية الإسلامية المجمدة في بنوك الغرب، لقاء وعود بتوقيف البرنامج النووي الإيراني. وكان هذا تعثراً أميركياً بكل ما في الكلمة من معنى، لأنه أطلق يد إيران في المنطقة، مقابل وعود تبين أنها تسويف وخديعة. وقد أدرك الرئيس الذي خلفه دونالد ترمب هذا، فأبطل الاتفاق واستمر الرئيس الحالي جو بايدن بالتشدد حيال الاتفاق مع إيران، إلا أن التعثر الأميركي أيام أوباما أفقد الولايات المتحدة مصداقيتها لدى الشعوب وقادتها، وإبطال الاتفاق النووي فيما بعد فتح باباً واسعاً لدخول الصين إلى المنطقة، وكذلك حوّل إيران إلى وحش كاسر يهدد أمن مجتمعات المنطقة بأذرعه المافياوية التي تعيث بالأرض فساداً، لإثبات أن الأمر له إذا أرادت الولايات المتحدة استقراراً في الشرق الأوسط. ونصيحة لكل اللبنانيين والعرب والغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا بمشاهدة الوثائقي الفرنسي: «حزب الله القصة الممنوعة»، الذي عرضه التلفزيون 5 الفرنسي ليل الأحد الماضي، ليعرفوا كيف عليهم التعامل مع أخطبوط مافياوي، يمول عملياته بطلب من إيران، من خلال المتاجرة بالمخدرات والأسلحة وكل الممنوعات التي تسبب الموت لجماعات وجماعات، وأول عمل يجب على السياسيين اللبنانيين الذين يؤمنون بلبنان وطناً حراً وسيداً ومستقلاً، القيام به هو قطع كل العلاقات مع حزب الله. إذ لا يمكن لأي حزب لبناني الجلوس إلى طاولة واحدة مع وزراء يمثلون مافيا منتشرة في العالم للأسباب الخطأ. وكل تجار الموت الذين تعتمد عليهم، ولعقد صفقات غربية تجارية مع إيران، يتم ترحيلهم إلى لبنان. إنه الغرب الذي لديه أكثر من موقف ومبدأ ووجه. وتسرب مؤخراً أن الولايات المتحدة خففت الإعفاءات فيما يتعلق بالعمل الروسي في منشأة بوشهر، لتقييد «الأنشطة المتعلقة ببناء وحدات مفاعلات جديدة»، وهو مشروع تأخر كثيراً تقوده شركة «روساتوم». وتم تجديد الإعفاءات الأخرى من التعاون النووي المدني. وكانت إدارة جو بايدن جددت سلسلة من الإعفاءات من العقوبات التي تسمح لإيران وروسيا بمواصلة العمل النووي، وفقاً لإخطار غير عام أرسل إلى الكونغرس. ومع استمرار حرب أوكرانيا إلى أجل غير مسمى وحاجة أوروبا إلى مصادر بديلة للطاقة لتشغيل عجلات الإنتاج، اتجهت الأنظار إلى مصادر النفط والغاز في المنطقة، فمن يسيطر عليها يصبح الآمر الناهي في أوروبا، وهكذا تحول الشرق الأوسط مجدداً إلى ساحة صراع طويل مدمر وليس واضحاً لمن ستكون الغلبة فيه.


عربية:Draw تنص المادة (111) من الدستورعلى ان:"النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات"، ولكن الجانب التطبيقي لهذا النص الاستحقاقي لم يؤخذ به منذ تثبيت الدستور الجديد، لهذا نطرح مشروع وطني يهدف الى منح العراقيين كافة استحقاقهم المالي الدستوري، لاعادة الاعتبار الى المواطنة العراقية، ولتوفير المقومات المعيشية والحياتية الكريمة لكافة ابناء البلد، وللقضاء على فساد الحكومة والاحزاب والمافيات، وقطع الطريق لسرقة وتهريب الايرادات العامة التي قدرت كمية تهريبها لحد الان باكثر من 500 مليار دولار. وهدف المشروع هو تخصيص نصف الايرادات العامة، نسبة 50% من موارد الموازنة العامة السنوية لكل المواطنين في البلاد في كل سنة، وذلك لتحقیق مبدأ ان الثروة ومنها النفط والغاز هو ملك للشعب العراقی، وذلك وفقا للمادة الدستورية اعلاه، وطيقا للفقرة أولا من المادة 33 من الدستور "لكل فرد حق العيش في ظروفٍ بيئيةٍ سليمة". ويمكن تنفيذ المشروع من خلال فتح حساب مصرفي لكل مواطن، وتزويد الحساب كل شهر بحصة مالية حسب ما تقرره الحكومة وفقا لخطة سنوية ملحقة بقانون الموازنة العامة للدولة، ويحق لكل مواطن حق السحب من الحساب المصرفي له بعد مرور سنتين من فتحه، وتتواصل العملية بنفس الطريقة في السنوات اللاحقة، وكل مواطن لم يكمل السن 18 تبقى اموال حصته في الحساب لحين الوصول الى سن البلوغ ثم يحق له السحب.ويستلزم تثبيت المشروع اصدار قانون من مجلس النواب يضمن تامين الاستحقاق المالي الدستوري لكل المواطنين، وتضمين فقرة ضمن قانون الموازنة السنوية العامة للدولة، وتشكيل هيئة مستقلة للمشروع تابعة لمجلس النواب، وفتح حسابات مصرفية لكل المواطنين في المصارف الحكومية، وتخصيص موارد مالية شهرية للحسابات، وباشراف رقابة برلمانية ومالية من قبل ديوان الرقابة وهيئة النزاهة. ونؤكد ان للمشروع اساس شرعي وقانوني يستند الى نصوص مواد من الدستور الدائم الذي يضمن الحق الطبيعي لكل مواطن بالاستفادة المباشرة من الثروات والواردات والموارد العامة، خاصة النفط والغاز والمعادن، باعتبارها ثروات ملك للشغب، وفق المادة 111 من الدستور، وذلك لتحقيق العدالة والمساواة والكرامة لكل مواطن، وذلك لتوفير الظروف الحياتية الكريمة لكل فرد يحمل الهوية والجنسية العراقية. واكثر الاهداف خدمة ومصلحة للعراقيين من هذا المشروع، هي السيطرة الحقيقية والاستخدام الامثل لايرادات الدولة، وتأمين حياة كريمة للمواطنين، والقضاء على الفساد، وغلق ابواب سرفة وتهريب اموال الشعب، وارساء الدولة والحكومة على اسس صحيحة من الحوكمة الصالحة والادارة الرشيدة. والأسباب الموجبة لهذا المشروع العراقي الوطني، هي  صعوبة السيطرة على الفساد الجاري والمتفشي في العراق على الصعيد الحكومي والحزبي والاهلي، وهدر أموال طائلة على حساب الحق الدستوري والشرعي للمواطنين، وضياع نسبة كبيرة من الواردات العامة من النفط والغاز، والغرض هو تخصيص نسبة من الموارد المالية العامة السنوية التي تذهب هدرا من الخزينة الى المواطنين، وذلك طيقا لضرورات دستورية وحقوقية وشرعية من اجل تأمين الحياة الكريمة لكل مواطن، من اجل ذلك طرح هذا المشروع بناءا لمقتضيات المصلحة الوطنية العامة وخدمة لكل العراقيين، والله من وراء القصد.  


 عربية Draw : أتخذ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال الأيام القلائل الماضية جملة من القرارات والإجراءات للحد من ارتفاع قيمة الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي في الأسواق العراقية، ومنع تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلد نتيجة ذلك، وما يمكن أن يترتب على ذلك الارتفاع من تبعات سياسية تقوض الاستقرار وتعيد مشهد الارتباك والاضطراب الذي ألقى بظلاله الثقيلة على الشارع العراقي في الجزء الأكبر من العام الماضي. ومن بين القرارات والإجراءات التي اتخذها السوداني، إعفاء محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف وتعيين محافظ البنك السابق علي العلاق، وإحالة مدير عام البنك العراقي للتجارة (TBI) الذي يعد أحد أكبر البنوك الحكومية، سالم الجلبي على التقاعد، وتعيين الخبير المالي بلال الحمداني بدلا عنه. إلى جانب جملة إجراءات أقرها مجلس الوزراء بالإجماع، تتعلق بتسهيل وتسريع التعاملات المصرفية، وزيادة عدد منافذ بيع العملة الصعبة (الدولار) للمواطنين وبأسعار مدعومة، وتقديم التسهيلات المالية والمصرفية للتجار، لاسيما الصغار منهم، وتقليص الحلقات الإدارية ذات الطابع البيروقراطي الرتيب، التي تتيح عمليات التلاعب والفساد والاحتكار. فضلا عن ذلك فإن جهاز الأمن الاقتصادي في وزارة الداخلية شن قبل عدة أيام حملات في البعض من أسواق بيع وتداول العملات (البورصات) في العاصمة بغداد، واعتقل عددا من المضاربين والمتلاعبين بالأسعار. وبعدما كان الدولار قد ارتفع مقابل الدينار إلى مستويات قياسية خلال فترة زمنية قصيرة جدا، ليستتبعه ارتفاع واضح في أسعار السلع والبضائع الأساسية المختلفة، وخصوصا ذات الاستهلاك اليومي، فإن القرارات والإجراءات المتخذة ساهمت بتراجعه بشكل طفيف، مع وعود وتعهدات قطعها محافظ البنك المركزي الجديد بإعادة خفض قيمة الدولار خلال وقت قصير، وبالتالي عودة الاستقرار إلى السوق. ولكن هل انتهت القصة عند هذا الحد؟ بالتأكيد ليس الأمر كذلك، لأن هناك أسبابا وعوامل وظروفا مختلفة أدت إلى ذلك الارتباك، دون استبعاد فرضية النوايا المبيتة والأجندات المخطط لها. ومن الطبيعي أن تتوجه بعض أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة، لأنها ومنذ الإطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003، باتت تتحكم بمختلف مفاصل الدولة العراقية، وخصوصا المالية والاقتصادية منها. ولعل أبرز وأوضح دليل على ذلك، هو أنه منذ عشرين عاما، تودع عائدات النفط العراقي في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ضمن حساب خاص أطلق عليه صندوق تنمية العراق (DFI) وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 والصادر في الثاني والعشرين من مايو 2003، تدفع منه التعويضات المستحقة لدولة الكويت، وعموم التحويلات والإنفاقات المالية منه تخضع لإشراف ورقابة الاحتياطي الفيدرالي. وقبل حوالي عشرة أعوام أو أكثر، ارتفعت أصوات شعبية وبرلمانية تطالب بتحرير الأموال العراقية وإنهاء الهيمنة الأميركية عليها، إلا أن جملة من التجاذبات والإشكاليات السياسية والفنية حالت دون ذلك، رغم إعلان الرئيس الأميركي الأسبق نيته رفع الحصانة عن صندوق تنمية العراق في ذلك الحين. ومثلما ظل الملف الأمني العراقي خاضعا ومرتهنا لحسابات واشنطن السياسية، فإن الملف المالي هو الآخر بقي كذلك، ولم تكن الأخيرة بعيدة عن الصعود المفاجئ للدولار، وهذا ما كشفه بعض البرلمانيين وخبراء المال والاقتصاد. إذ أكد النائب مصطفى سند أواخر الشهر الماضي أن “صعود الدولار هذه الأيام هو بسبب إيقاف تحويل استحقاق العراق من الدولار من قبل الفيدرالي الأميركي لغرض الابتزاز السياسي والتفاهم”. هذا في الوقت الذي أصدر فيه البنك المركزي قرارا يقضي بمنع أربعة بنوك أهلية من التعامل بالدولار لأغراض تدقيقية، وهي مصرف الأنصاري الإسلامي للاستثمار والتمويل، ومصرف القابض الإسلامي للاستثمار والتمويل، ومصرف آسيا العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل، ومصرف الشرق الأوسط العراقي للاستثمار. وتذهب أوساط مطلعة إلى أن القرار المذكور جاء بضغط وإيعاز من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والسبب الحقيقي هو وجود معلومات عن قيام البنوك الأربعة المشار إليها بتحويل مبالغ مالية إلى جهات وأشخاص مدرجين في القوائم الأميركية السوداء المشمولة بالعقوبات، وهذه الجهات إما إيرانية أو أنها مرتبطة بإيران. في هذا السياق، حاولت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي التخفيف من وقع وحدّة الأنباء المتداولة عن دور حكومة بلادها في تقلبات وتذبذب الأسعار بين الدولار والدينار العراقي، قائلة في آخر تصريح لها “إن الولايات المتحدة لا تضع ولا تحدد سعر التصريف بين الدولار والدينار، وإنها لم تفرض عقوبات جديدة على بنك في العراق، بل تواصل آلية استغرقت عدة سنوات لتقوية القطاع المصرفي العراقي لمساعدته على الامتثال للنظام المصرفي العالمي، وضمان منع استعمال النظام المصرفي لغسيل أموال الشعب العراقي وتهريبها إلى خارج العراق”. وتضيف رومانوسكي “إنّ هذه الإجراءات بدأت قبل سنتين بتطبيق تدريجي من قبل البنوك العراقية، وفق اتفاق بين البنك الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي العراقي، وأن تلك الإجراءات مصممة لمنع وتقييد غسيل الأموال، وأن تعليقها أو تأجيلها يؤدي إلى العودة بالمنظومة إلى الوراء”، وتؤكد “ركزنا على ملف الفساد في العراق، وما حصل كان مصادفة مع تسلم السوداني للسلطة”. ولا شك أن كلام السفيرة الأميركية واضح إلى حد كبير، وهو إقرار واعتراف صريح بهيمنة وسطوة واشنطن على الملف المالي العراقي، وإلا ما هو الغطاء الشرعي والقانوني الذي يتيح لها التدخل وفرض السياقات والإجراءات التي تراها وتقرر ما الذي تطبقها فيه؟ وقد كان رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي واضحا جدا، حينما أكد في تصريحات إعلامية أن “أزمة الدولار مرتبطة بمخالفات، منها التهريب والتلاعب من قبل بعض البنوك والتجار، وأن الحل الوحيد للأزمة هو التفاهم مع الجانب الأميركي.. إذ أن الولايات المتحدة تستخدم الدولار كسلاح وهي تراقب الوضع في العراق”. في ذات الوقت فإن وسائل إعلام غربية نقلت عن مسؤولين أميركان تأكيدهم “إن النظام المصرفي المزمع العمل به من قبل البنك الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي العراقي، يهدف إلى الحد من استخدام النظام المصرفي العراقي لتهريب الدولارات إلى طهران ودمشق وملاذات غسيل الأموال في أنحاء الشرق الأوسط”.وإذا عدنا قليلا إلى الوراء، نجد أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت قبل عدة أعوام حزمة عقوبات على بنوك أهلية عراقية تحت ذريعة تقديمها تسهيلات للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، علما أن بعض أصحاب ومدراء تلك البنوك يرتبطون بعلاقات جيدة مع الأوساط والمحافل السياسية الأميركية. والمفارقة هنا، أن واشنطن التي تزعم أنها تريد مساعدة العراق لوضع حد لعمليات التهريب والفساد عبر بناء نظام مصرفي رصين، كان لها الدور الأكبر في تبديد المليارات من الدولارات من أموال العراق، حيث أنها كانت تعلم جيدا الجهات التي تقف وراء ذلك، وتعلم جيدا حركة الأموال المنهوبة وطرق غسيلها، إلا أنها التزمت الصمت ولم تحرك ساكنا، لأن ذلك لم يكن يتعارض مع حساباتها ومصالحها من جانب، ومن جانب آخر لا يعود بالنفع على خصومها وأعدائها في المنطقة. وبينما لا يحتمل كلام السفيرة الأميركية الكثير من التأويل والتفسير بشأن تورط واشنطن في الارتباك الكبير الذي تعرض له العراق مؤخرا جراء ارتفاع قيمة الدولار، فإن ادعائها بأن تزامن تفعيل إجراءات التدقيق والمراقبة المالية مع الفترة الأولى لتولي السوداني رئاسة الوزراء كان محض مصادفة، لا يمكن له، أي الادعاء، الصمود أمام قراءات ومعطيات وحقائق تذهب إلى أن الإدارة الأميركية غير مرتاحة لبعض توجهات وسياسات وقرارات السوداني، رغم الإعلان عن دعمها ومساندتها له، لذلك فهي تحاول إشغاله بملفات جانبية بهدف تشديد الضغوط الداخلية عليه. وكما أكد برلمانيون عراقيون أن “واشنطن تحاول ابتزاز السوداني من خلال العمل على إسقاط حكومته باستخدام أزمة الدولار في حال لم يتعاون مع الأهداف الأميركية في العراق، وهي تقول له باختصار إننا سنسقط الحكومة في حال لم تعمل معنا ضد إيران”. هذا في الوقت الذي يرى فيه بعض الساسة وأصحاب الرأي أن “السوداني يواجه الآن تحديا كبيرا في الحفاظ على التوازن في العلاقات العراقية مع كل من واشنطن وطهران دون أن يتخذ جانبا ضد آخر، وأن هذه المهمة صعبة جدا وتتطلب من السوداني أن يسير على الحبل”! وحتى الآن يبدو أن رئيس الوزراء العراقي يسير في الاتجاه الصحيح، وأن قراراته وخطواته وإجراءاته تنسجم من حيث واقعيتها وأولوياتها مع طبيعة الأزمة والسبل الكفيلة لحلها ومعالجتها، وقد لا تستطيع الإدارة الأميركية أن تفرض وتقرر كل ما تريده وترغب فيه، لأن هناك رأيا عاما يمكن أن يتحرك بشكل ما، وهناك ثقلا سياسيا كبيرا داعما للسوداني يتمثل بالإطار التنسيقي الشيعي، وعلى نطاق أوسع تحالف إدارة الدولة، الذي يضم قوى رئيسية من المكونين السني والكردي، التي وإن كانت ترتبط بعلاقات جيدة مع واشنطن، إلا أنه ليس من مصلحتها أن تختلط الأوراق وتضطرب الأوضاع، خصوصا وأن التقاطعات والخلافات في داخل هذه المكونات تجعل قواها تحرص على السير والتحرك باتجاه تهدئة الأمور وحلحلة الأزمات واحتواء التوترات، فليس هناك من يتمنى، وتحديدا المشاركون في الحكومة، العودة إلى منطق التصعيد والتأزيم من جديد، سواء تعلق الأمر بملفات الاقتصاد أو سواها من الملفات الأخرى.


عربية:Draw منتصف العام الحالي ستشهد تركيا انتخابات رئاسية ستكون حاسمة نظراً لأهميتها الداخلية والخارجية خصوصاً على العراق الملف المهم في المشاريع التركية.التحديات الداخلية التركية تتمثل في بروز أحزاب جديدة خلال الفترة الماضية استثمرت الوضع الاقتصادي السيء وخلقت قاعدة جماهيرية. الأحزاب الجديدة شكلت مع الأحزاب المحافظة وحزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد التركي وحزب السعادة والحزب الديمقراطي ما يعرف بالطاولة السداسية وهو ائتلاف معارض لمواجهة ائتلاف الشعب الذي يضم كلٌّ من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وهي المرة الأولى التي يواجه فيها أردوغان جبهة معارضة قوية ومنظمة. الجبهة المعارضة لديها أوراق مهمة تستخدمها لجذب الداخل التركي منها ملف اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم 3.7 مليون لاجئ بالإضافة إلى ملف التواجد العسكري في العراق وهي ملفات تثير حفيظة الشعب التركي الرافض للتدخلات الخارجية. ائتلاف المعارضة أخر الإعلان عن مرشحه الرئاسي رغم بقاء مدة قصيرة على الانتخابات وهو ما سيكون له تأثيراته في النتائج وسيجعل أردوغان غير قادر على التعامل مع مرشح لا يعرف نقاط ضعفه وقوته. خارجياً تزداد الضغوط على تركيا من دول الاتحاد الأوروبي بسبب العلاقات التركية الروسية بالإضافة إلى المشاكل الحدودية الدائمة مع اليونان والمنافسة الدائمة بين تركيا من جهة ومصر والسعودية من جهة أخر


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand