عدالت عبدالله   ليس هناك إتفاق عراقي – تركي ما، على وجود قوات تركية مسلحة على الأراضي العراقية، خصوصاً مع زوال النظام السابق(1968-2003) وإتفاقياته المشؤومة. ولا ثمة أي قبول رسمي وشعبي حتى الآن لبقاء القواعد التركية العسكرية ومقراتها الأمنية، التي تضم– حسب بعض المعلومات المخابراتية - حوالي ثلاثة آلاف مسلح، أُنتُشِروا في أكثر من 21 معسكراً تم إنشائه في مناطق مختلفة منذ أكثر من عقدين، وأصبحت الأراضي العراقية، بموجبه، منذ ذلك الحين الى يومنا هذا، مسرحاً مفتوحاً لمرور وإستعراض ارتال من الدبابات والمدرعات والمدافع التركية والقيام بعمليات عسكرية مكثفة بكامل الحرية. وقد لوحِظ إنتهاكات هذه القوات ومساويء وجودها العسكري داخل الأراضي العراقية، في التحشدات والعمليات العسكرية المتواصلة، التي تشنها بين حين وآخر وتستهدف بها قرى كردستانية ومرافق حكومية وأهلية، لاسيما في مناطقة قريبة من عاصمة الإقليم أربيل، وكذلك بالقرب مناطق بامرني وشيلادزي و باتوفان و كاني ماسي و كيريبز و سنكي و سيري و كوبكي و كومري و كوخي سبي و سري زير، فضلاً عن مدن مثل زاخو والعمادية و دهوك و سوران وبعشيقة..الخ. ومن المعلوم أن كُل هذا يَحدُث دوماً بذرائع مختلفة، هي إما محاربة الحزب العمال الكردستاني PKK، أو تدريب قوات عراقية في المناطق ذات الغالبية السنية، أو بحجة حماية الأقلية التركمانية من تهديدات داعش وجهات أخرى متفرقة يُمكن لأنقرة إتهامها في أي وقت! تسويغاً منها لتدخلات سياسية وعسكرية في الشأن العراقي الداخلي، بل تعظيم دورها، تدريجياً، كقوة محورية أخرى يمكنها التحكم متى ما شاءت بالمعادلة العراقية وبمستقبل العراقيين، وذلك على غرار نظيراتها الإقليمية تماماً وإملاءآتها على العملية السياسية والقوى المتنفذة في البلد. والحقيقة، برأيي، أن الأمر، في مجمله، أو في النهاية، لا يتعلق وحسب بمرامٍ سياسية وإقتصادية لمثل هذه الدول التي تدعي حُسن الجوار وتتعاطى بخطاب سياسي مخادع للرأي العام العراقي والإقليمي والعالمي، لاسيما إذا ما تأملنا في تدخلاتها الإقليمية المعهودة ومطامعها التوسعية في المنطقة، وإنما العلة، بل كل العلة، تكمن أساساً في الحالة العراقية البائسة نفسها، وفي وصول البلد بفضل (الساسة) غير الوطنيين الى حد القبول بالإذلال والركوع المجاني أمام كل أجنبي وفقدان الحد الأدنى من المناعة إزاء ما تتعرض لها يومياً السيادة العراقية وأراضي البلد وأهالي المناطق المختلفة في العراق نتيجةً لوجود مثل هذه القوات المُنتهكة لسيادة العراق وحقوق العراقيين وحقهم في العيش بسلام وأمان على أرضهم وفي بلدهم. نعم أن الأمر مرتبط بغياب دولة عراقية تعي، قبل أي شيء، خطورة التعود على هذه الإنتهاكات والإعتداءآت التركية وغير التركية، والتعامل معها بعقلية دولة مستقلة ذات سيادة وكرامة. ولا تكتفي بإصدار البيانات والتنديدات تجاه التهديدات الأجنبية وإعتداءآتها، أو إستدعاء الدبلوماسيين فقط وتسليمهم مذكرات الإحتجاج. أن الأمر لم يعد قابلاً للمعالجة أو التغطية بهذه الطرق التقليدية غير المُجدية، وإنما يستوجب على النخبة الحاكمة في العراق أن ترفض تماماً أي تعاون أو تواطؤ مع الأجنبي على حساب سمعة البلاد وأرواح أبنائها، أو لقاء ثمن بخس هو بمثابة رشاوي للخضوع والقبول بالصمت إزاء جرائم أُقتُرِفَت بحق ضباط وجنود عراقيين تعرضوا للقصف التركي كما حدث في غارة جوية على دورية عسكرية تابعة لحرس الحدود العراقي في الصيف الماضي(2020م) وكما تتعرض له أسبوعياً أبناء كُردستان وقراها الحدودية منذ أكثر من ثلاثة عقود متتالية. كما أن على الحكومة العراقية أن تُطالب المجلس الأمن بإتخاذ موقف دولي إزاء الإعتداءآت التركية داخل الأراضي العراقية، خصوصاً مع تزايد أعداد الضحايا في صفوف المدنيين في المناطق الحدودية والتي وصلت الى أكثر من 500 مواطن عراقي كُردستاني منذ عام 1991 الى اليوم، وتدمير أو تهجير مئات القرى وحرق المناطق المأهولة بالسكان والأراضي الزراعية وتشريد أهاليها بطريقة مأساوية فضيعة. وأن تُطالب الحزب العمال الكُردستاني PKK أيضاً بنقل مقراتها العسكرية الى داخل الأراضي التركية. من جانب آخر، ينبغي على الدولة، بكافة مؤسساتها الرسمية، أن تُعيد الهيبة الى الدولة العراقية وترفض تعاون أي طرف أو حزب سياسي في العراق أو إقليم كُردستان مع القوات التركية والإستقواء بها لحسم خلافاته مع الخصوم، ويجب أن يُناقَش هذا الملف في مجلس النواب وتُتخذ قرارات أو تُشَرَّع قوانين تَحظُر أي حزب أو تيار ما من مزاولة النشاط السياسي إذا ما تعاون مع قوى إقليمية لمصالح حزبية ذاتية ودون أخذ قوانين الدولة الإتحادية وقواعدها في التعاطي مع الدول بعين الإعتبار. كاتب وأكاديمي – من كُردستان العراق


صلاح حسن بابان بعد نحو شهرين على آخر هجوم استهدف، مجمعاً عسكرياً في مطارها الدولي، عادت أربيل مرةّ جديدة لتكون ساحة صراع إقليمي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، بعد هجوم بطائرة مسيّرة مفخخة بمادة “تي أن تي” على قاعدة لقوات التحالف داخل مطار أربيل الدولي. إلا أن الفصل الجديد الذي أضيف لفصول هذا الصراع هو دخول الجانب التركي على الخط. تزامن الهجوم على المطار، مع وقوع هجوم آخر في محافظة نينوى المحاذية لأربيل استهدف قاعدة زليكان العسكرية التركية في جبل بعشيقة بخمسة صواريخ، ثلاثة منها سقطت داخل المعسكر، و اثنان سقطا على قرية مجاورة، ليتسبب الهجوم الصاروخي بمقتل جندي واحد بحسب الإعلام التركي. وتتولى قوات حرس نينوى التابعة لمحافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي المقرّب من تركيا، حراسة بوابات المعسكر الرئيسية، بينما تتواجد القوات التركية داخله. هجوم صاروخي ثالث استهدف معسكر اللواء 30 في الحشد الشبكي وهو لواء يتكوّن عناصره من جماعة الشبك، وهو تابع للحشد الشعبي في ناحية برطلة ذات الغالبية المسيحية في مناطق سهل نينوى، وقد جاء “كردّ فعل” على استهداف مطار اربيل، بحسب تفسير عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى قصي عباس وهو من الشبك أيضاً، من دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة عن ذلك. في المقابل يوجه كثيرون اصابع الاتهام نحو حزب العمال الكردستاني. لكن عضو العلاقات الخارجية في الحزب كاوه شيخ موس ينفي أي صلة لهم بالهجوم: “ليس لدينا أي تواجد في المنطقة أو المناطق المجاورة لها، ولكن إذا قامت جهات رافضة للوجود التركي بهذا الاستهداف فهو يُعبّر عن رفض الشعوب لهذا التواجد، وإذا أردنا استهداف القوات التركية فنستهدفها داخل الأراضي التركية ونتبنى العملية دون خشية من أحد”. الكاتب والمحلل السياسي الكردي عدالت عبدالله يصف وجود القواعد العسكرية التركية داخل أراضي إقليم كردستان بـ”غير الشرعية” وهو شكل لا يختلف أبداً عن “الإحتلال”. لكن بالعودة إلى استهداف مطار اربيل، فإن المؤشر الأخطر في الحادثة أنها نُفذت بتكتيك مغاير وغير مألوف عن الهجمات السابقة، بإستخدام طائرة مسيّرة هذه المرة، على غرار ما يقوم به الحوثيون في استهدافهم المواقع السعودية. وقد جرى التلميح بوضوح إلى ضلوع الميليشيات التابعة لايران بهذا الهجوم، وهو ما ظهر في تغريدة القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ووزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري: “يبدو أن المليشيا نفسها التي استهدفت المطار قبل شهرين تعاود الكرّة. هذا تصعيد ملموس وخطير”. يعزو المحلل السياسي الكردي كوران قادر في حديثه لـ"درج" استهداف أربيل دون غيرها من المدن الكردية الأخرى إلى أن موقعها جغرافياً يجاور مدينتي نينوى وكركوك، كما انها متاخمة للحدود التركية وكذلك الايرانية، و”يمكن ان يكون استهدافها بمثابة رسالة الى تركيا المتصارعة الأزلية مع إيران في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أنها عاصمة الاقليم وفيها الحكومة والبرلمان وتصدر القرارات الحكومية الرسمية منها”. أربعة أحداث مُتتالية، في أربعة أوقاتٍ متقاربة جداً، يمكن لقراءتها ان تساعد  في فكّ طلاسم لغز القصف الأخير على أربيل والقاعدة التركية. الأوّل يتمثل في الزيارة “المستغربة” لرئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني “المقرّب” من أنقرة إلى فرنسا قبل أيام ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويبدو أنه حمل معه رسالة تركية إلى فرنسا، تُطالبها بوقف دعم الفصائل الكردية “المتمردة” في سوريا. أما الثاني فيتمثل بزيارة نيجيرفان إلى بغداد فور عودته من فرنسا، وما قاله في مؤتمر صحفي أثناء تواجده في العاصمة العراقية أن “مشكلة إقليم كردستان مع بغداد لا تنحصر في مسألة الموازنة، بل ترتبط بقضية المادة 140 الدستورية، وترتبط بكركوك وسنجار والمناطق الأخرى”. الحدث الثالث، يتمثل باستئناف “الحوار الإستراتيجي” افتراضياً بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي، وجاءت نتائجه لتزعج ايران والميليشيات العراقية التابعة لها. أما الرابع فهو الهجوم الذي تعرضت له منشأة نطنز النووية الإيرانية الأحد الماضي، وما تلاه من رد فعل “إعلامي” عليه. ويبدو أن الرد الإيراني جاء عبر تسريب أخبار عبر وسائل إعلام إيرانية ، أبرزها “برس تي في”  و”ايران بالعربية”، عن استهداف مركز معلومات وعمليات خاصة تابع للموساد الإسرائيلي في مدينة أربيل من قبل مجموعة مجهولة الهوية. مؤكدةً مقتل وإصابة عدد من عناصر الموساد، واصفةً العملية بأنها “ضربة جدية” لإسرائيل، واعدةً بنشر تفاصيل إضافية عن العملية في وقت لاحق.     المتحدث الرسمي باسم حكومة الاقليم جوتيار عادل سارع إلى نفي وجود أي مركز استخباراتي إسرائيلي في الإقليم. والقيادة الكردية، كما يرى الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، ليست على هذه الدرجة من عدم الدراية بمغبّة إقامة علاقات استخباراتية مع دولة مثل اسرائيل. ويرى البيدر أن الهدف من نشر هذه الشائعات، هو “شيطنة” القيادة الكردية ومحاولة تحقيق انتصار معنوي للجهات المرتبطة بإيران عبر ايهام جمهورها بوجود مخططات كبيرة لاستهدافهم. الردّ الرسمي على استهداف اربيل اقتصر هذه المرة أيضاً، كما هي الحال مع الهجمات السابقة التي تعرضت لها العاصمة الكردية، على بيانات الاستنكار فقط. بارازاني اتصل بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو وأدان “الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت أربيل وبعشيقة”. ثم قام بالاتصال برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي “لإعادة التأكيد على هدفنا المشترك المتمثل في محاسبة هذه الجماعات الخارجة على القانون”. مؤكداً لشعب إقليم كردستان أن “أعضاء الجماعة الإرهابية المسؤولة عن هذا الهجوم سيُحاسبون على أعمالهم”. الممثلة الأممية الخاصة في العراق جینین بلاسخارت، اعتبرت بدورها في تغريدة لها على تويتر، إن ما حدث في أربيل “مثال آخر على المحاولات الطائشة لتأجيج التوترات وتهديد استقرار العراق”. داعية الحكومتين الاتحادية وإقلیم کردستان إلى “التحرك بسرعة وانسجام لمنع المزيد من التصعيد”. أما رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي فقد أمر بفتح تحقيق فوري، واصفاً عملية استهداف مطار أربيل بـ”الإرهابية”. وبما ان الرسميين لا يشيرون بوضوح إلى الجهة الفاعلة، ولا تتبنى أي جهة هذه العمليات التي تبقى مجهولة المصدر، ينتظر الأكراد تكرارها، طالما ان الكباش الأميركي- الايراني مستمر، والى جانبه كباشات أخرى تستخدم الطاولة الكردية في لعبة “ليّ الأذرع” الإقليمية.


گۆران قادر لمحة تأريخية تعتبر منطقة الشرق الاوسط منطقة ساخنة ومليئة بالصراعات والمشاكل والمصالح المضادة والمتشابكة، من ابرز هذه الصراعات (الصراع الايراني-التركي) الذي هو امتداد للصراع (العثماني-الفارسي) القديم في المنطقة، وأيضاً الصراع (الامريكي -الايراني) حول العراق. وهناك صراع آخر وهو الصراع (العربي-الاسرائيلي)، اضافة الى صراعات اخرى دينية لأن الشرق الاوسط تعتبر مهداً للأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، كما هناك صراعات بين المذاهب داخل الدين الواحد مثل الصراع (السني-الشيعي). وفي هذه المنطقة(الشرق الأوسط) هناك دول مثل (تركيا، ايران، العراق) لها مجتمعات ذات تركيبة فسيفسائية، فمثلاً المجتمع العراقي مجتمع غير متناسق من حيث تركيبته لأنه يتكون من قوميات مختلفة تعتنق ادياناً مختلفة وحتى مذاهب مختلفة داخل الدين الواحد، ولهذه الاطياف المختلفة مصالح مشتركة وصراعات مختلفة فيما بينها. العراق والتغيير منذ بدء حرب الخليج الثانية في مطلع التسعينات من القرن الماضي، والدولة العراقية تأن تحت وطأة الضغوط الدولية عن طريق اصدار قرارات دولية ملزمة وعلى العراق تنفيذ تلك القرارات إما طوعياً وإما بالاكراه، بالإضافة الى التدخلات السياسية والعسكرية الأخرى وخصوصاً بعد حرب الخليج الثالثة مطلع الألفية الجديدة والقرن الحالي، والتي أدت الى اسقاط النظام العراقي السابق. ان هذه الضغوط والقرارات الدولية من جهة، والتدخلات السياسية والعسكرية من جهةٍ اخرى تعتبر إنتهاكات للسيادة العراقية، وتحديداً بعد عام 2003 ازدادت تلك الانتهاكات تارةً تحت غطاء قانوني دولي تقوم بتنفيذه قوات التحالف الدولي، وتارةً عن طريق الاتفاقات مع الحكومات العراقية المتعاقبة من قِبَل القوى الاقليمية في المنطقة والمتمثلة في دول جوار العراق، العربية منها وغير العربية. بعد حروب الخليج الثلاث والتي غيرت من التكوين السياسي للعراق من دولة مركزية بسيطة إلى دولة فدرالية اتحادية، ففي السابق كان نظام الحزب الواحد هو الموجود في العراق وكان هو الحاكم الوحيد(الدكتاتور)، اما بعد اسقاط هذا النظام وكتابة دستور جديد للعراق، بدأت الديمقراطية وتعددت الأحزاب السياسية ولهذه القوى والأحزاب آراء ورؤى واهداف ومصالح مختلفة بحيث تقترب بعضها مع بعض وتبتعد قسم من قسم آخر داخلياً وخارجياً، وتتوازى اهداف البعض من هذه القوى والأحزاب العراقية مع خطط وبرامج القوى الاقليمية والدول المجاورة وبذلك تبدأ بالاقتراب فيما بينها وتصل الى الاقتران السياسي في بعض الحالات. الصراع بالوكالة في غياب السيادة ويشهد العراق الفدرالي(الحكومة الاتحادية +حكومة إقليم كوردستان) حالياً هذه الصراعات بين الاطراف مباشرةً أو بالوكالة عن طريق جهات موالية لهذا الطرف أو ذاك، بإلاضافة الى الصراع السياسي الموجود داخلياً بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان. لذلك يمكن ان تكون اية بقعة من العراق ارضاً مناسبة او خصبة للإدامة بهذه الصراعات وأيضاً في غياب حكومة قوية قادرة على حفظ سيادة دولتها، فستزداد التدخلات وتسهل العمل الخفي (المخابراتي) للجهات المتصارعة أو الدول الراعية للصراعات، وكما ذكرنا فإن قسم من مكونات المجتمع العراقي (القومية والدينية)، بإرادتها ام رغماً عنها اصبحت بشكلٍ من الأشكال داخل هذه الصراعات، مرات برغبتها بغية الحفاظ على مصالحها والحصول على مكتسبات مغرية، ومراتٍ اخرى مرغمة بغية المحافظة على بقائها وعدم اخراجها من الساحة السياسية، ولهذه الاسباب انقسمت بعض القوى السياسية الى مقرب من (امريكا أو اسرائيل او تركيا او ايران...)، وتنفيذاً لايعازات من تلكم الدول تظهر دلائل الصراع احياناً عن طريق عمليات ارهابية من قبل جماعات موالية لطرف ضد تواجد جماعات اخرى موالية لطرف آخر (الصراع بالوكالة) وفي الإقليم كما في العراق هناك آراء سياسية مختلفة وهناك تقارب بين بعض الاحزاب من طرف اقليمي معين، مقابل تقارب لأحزاب اخرى من طرف اقليمي معين، ولهذا تظهر الآراء المختلفة فيما بين القوى السياسية في العراق والاقليم، وتظهر الآراء المضادة، وبعدها نرى الافعال و ردات الافعال، فمثلاً ايران واسرائيل بينهما صراع عدائي شديد في الظاهر والعلن، ولكن تظهر حيثيات هذا الصراع في العراق بشكلٍ غير مباشر بين الجماعات الموالية لإيران وجماعات اخرى غير موالية لها وموالية لطرف اخر، او غير موالية لأي طرف من الأطراف المتصارعة. بإختصار شديد الصراع العربي الاسرائيلي بدء منذ اعلان دولة إسرائيل في منتصف القرن الماضي وتحديداً عام 1948، في بداية الصراع كان للعرب رأي موحد وهو دعم الفلسطينيين سياسياً ومادياً وعسكرياً، وخاضوا حروباً مع إسرائيل، لكن الآن فإن معظم الدول العربية لهم اتفاقيات سياسية مع إسرائيل بدأت بـ(كامب ديفد) وصولاً الى احدثها وليس آخرها (صفقة القرن)، وحتى الفلسطينيين أنفسهم الذين هم اصحاب القضية لهم اتفاقات مع إسرائيل مثل (اوسلو، واشنطن). ثغرة نقص السيادة أما بخصوص تواجد إسرائيلي في اربيل، فلا يمكن جزم واثبات ذلك قطعياً، خصوصاً ان حكومة الاقليم نفت هذه الانباء جملةً وتفصيلاً، وفي هذا الصدد نعود ونؤكد على ما ذكرناه : في غياب حكومة قوية قادرة على حفظ سيادة دولتها(العراق)، يمكن ان تكون أية بقعة من ارض العراق مكاناً خصباً ومناسباً للإدامة بهذه الصراعات وستزداد التدخلات وتسهل العمل الخفي (المخابراتي) للجهات المتصارعة أو الدول الراعية للصراعات. اتهام غير منطقي إن اتهام إقليم كوردستان ببناء علاقات مع إسرائيل، اتهام غير منطقي وليس في محله، لأن الصراع العربي -الاسرائيلي والذي تحول رويداً رويداً مع مرور الزمن الى (فلسطيني-إسرائيلي) فيه اتفاقات سياسية وتتواجد القوى الفلسطينية على أرض فلسطين بموجب إتفاق مع إسرائيل، فإذا كان الصراع بين العرب واسرائيل صراعاً قومياً، فما دخل الكورد فيه! و هُم قومية مختلفة وليسوا المسؤولين عن قيام دولة إسرائيل، فالأحرى بهذه الجماعات ان تجتهد من اجل استعادة العراق مكانتها الدولية وان تكون مواليةً لها(للدولة العراقية) بَدَل ان تكون موالاتها لدولة اخرى تهيمن على العراق بالكامل إذا سنحت الفرصة لذلك. تهديد بهدف الضغط كما اشرنا هناك اعداد من الاحزاب السياسية في العراق تصل الى نحو 300 حزبا ً سياسياً ولها آراء وتوجهات مختلفة، وإقليم كوردستان كجزء من العراق فيه احزاب مختلفة كذلك، ولها آراء وتوجهات مختلفة ايضاً، ونظراً لإنقسام معظم القوى العراقية في اقترابها وولائها بين امريكا وإيران، يمكن ان تكون هذه الرسائل المعدنية لهذه الجماعات (الموالية لإيران) من خلال هذه العمليات على انها ترى وتعتقد ان الاقليم له رؤياه الخاص غير موالٍ لجهة معينة، لذلك تريد إجبار الاقليم ليكون في صفها. ارسال رسالة ارهابية أما استهداف أربيل دون مدن الإقليم الأخرى، فيعود ذلك الى ان مدينة اربيل هي عاصمة الاقليم وفيها الحكومة والبرلمان وتصدر القرارات الحكومية الرسمية منها، بالإضافة الى كونها مركزاً تجارياً واسعاً، وموقع أربيل جغرافياً تجاور مدينتي نينوى وكركوك، كما انها متاخمة للحدود التركية وكذلك الايرانية، ويمكن ان يكون استهدافها بمثابة رسالة الى تركيا المتصارعة الازلية مع ايران في الشرق الاوسط.


سعد الهموندي قبل عدة أيام نشر مسرور بارزاني تغريدة على حسابه بتويتر قال فيها: " أرحب بالجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق"، مضيفاً "إن حكومة إقليم كوردستان تؤكد دعمها للمحادثات، فهي السبيل إلى المزيد من الشراكة والتعاون في منطقة الشرق الأوسط من أجل الإصلاح والأمن والتجارة والاستثمار والبيئة والطاقة النظيفة".  فكيف تمكن هذا القائد السياسي من فهم المتغيرات السياسية التي تعصف في منطقة الشرق عامة والعراق خاصة، في ظل التصعيدات المتتالية بين واشنطن وطهران من جهة، وبين طهران والرياض من جهة ثانية خاصة بعد أن كشفت الكثير من التقارير الدولية وصور الأقمار الصناعية عن طائرات مسيرة مفخخة خرجت من الحدود العراقية الجنوبية واستهدفت منشآت سعودية حيوية.  فمسرور البارزاني تمكن قبل عدة أعوام من قراءة المتغيرات الفكرية والسياسية التي وضعت العراق في حالة عنف واضطراب، مما شكل تهديداً للجغرافيا السياسية للعراق خاصة بعد تكاثر المجاميع والفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة في بغداد، وهو ما لم يحصل في إقليم كردستان، كما أنه الرجل الأول الذي تنبأ أن الانقسام وتمدد المشروعات الإقليمية والدولية نحو العراق سيستمر حتى بعد مغادرة ترامب للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، فالكثير من الدول الإقليمية المتنفذة تسعى إلى إخضاع السيادة الوطنية العراقية لمصالحها، وكان تهديد حزب العمال الكردستاني من جهة والفصائل المسلحة من جهة ثانية واضحاً تجاه أربيل، فاتخذ مسرور البارزاني قراره واضحاً كوضوح الشمس، أنه لا سلطة ولا قوة ولا سياسة مسلحة أو غير مسلحة أن تقترب من كيان إقليم كردستان، وهنا نرى الحكمة السياسية في قدرته على جعل إقليم كردستان صمام الآمان للعراق وللمنطقة، وهو ما توضح جلياً في زيارة الأمين العام للجامعة العربية "أحمد أبو الغيط" لأربيل وجلوسه مع رئيس الحكومة مسرور البارزاني من أجل إنقاذ بغداد من التطرف الذي وقعت فيه بعد تهديد العديد من الفصائل المسلحة للملكة العربية السعودية. فزيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للسعودية ومن ثم إلى الإمارات كانت لهدف واضح المعالم، وهو إرجاع العراق إلى الحضن العربي بعيداً عن الأحضان الإقليمية المتطرفة، والجامعة العربية تدرك أن إتمام مثل هذا الهدف يجب أن يمر عبر حكومة إقليم كردستان، فبنية العلاقات الاستراتيجية الواضحة التي تمكن مسرور البارزاني من بنائها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة الخليج العربي، جعلت أربيل ساحة الآمان لصناعة السلام. وهنا نصل إلى نتيجة واضحة وهي أن حكومة مسرور البارزاني نجحت في صناعة نظام استراتيجي سياسي قادر على إدارة القدرات التفاوضية في منطقة الشرق الأوسط، ونجحت كذلك في حل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، وهي اليوم تسعى جاهدة إلى التعاون لإخراج بغداد من هيمنة السلاح المنفلت الذي لا يهدد أمن بغداد لوحدها، بل بات يهدد الدول المجاورة كالمملكة العربية السعودية وتركيا والأردن. وتصريح رئيس الجامعة العربية الأخير؛ بأنه يحمل التقدير الكبير لزعامة مسعود البارزاني التاريخية ودوره في الحفاظ على أمن المنطقة، وأن رئاسة الحكومة قادرة على تقوية الروابط بين بغداد وباقي دول المنطقة لهو دليل واضح على الدور القيادي الذي وصلت إليه أربيل في علاقاتها الدولية الاستراتيجية بفضل إدارة مسرور البارزاني للعملية السياسة في حكومة الإقليم .


لميس أندوني كشفت الأحداث الدرامية التي شهدها الأردن، الأسبوع الماضي، عن عمق أزمة الثقة في الحكم، وطريقة إدارته واتساعها، وعن عمق غضب الشعب الذي لم يصدق أيّاً من الروايات الرسمية بشأن حقيقة الخلاف بين الملك عبد الله الثاني وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة، إلى درجة بروز تعاطف، أو حتى تأييد واسع لولي العهد السابق، في اصطفاف غير مسبوق في تاريخ الأردن. حالة الاستقطاب التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مثيرة للقلق، إذ لها تداعياتها على المجتمع الأردني، وتحجب المطالب الشعبية المحقّة في الإصلاح، وتغيير النهج السياسي الذي يفتقر للشفافية والمساءلة، وضمان التمثيل الحقيقي وإطلاق الحريات وحقوق المواطنة، إضافة إلى تساؤلاتٍ بشأن اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن والولايات المتحدة، وهي تحديث لاتفاقية سابقة، وانتقاصها من السيادة الأردنية. صُعق الشعب الأردني بخبرٍ تم تسريبه إلى صحيفة واشنطن بوست الأميركية، يفيد باحتجاز الأمير حمزة، ومدير مكتبه، ورجالات عشائر، "بتهمة التحضير لانقلاب". وتبع الخبر نشر بيان رسمي عن اعتقال رئيس الديوان الملكي السابق، باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، ولكليهما علاقات قوية مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. اللافت أنّه، منذ اللحظة الأولى، لم يصدّق معظم الأردنيين أنّ الأمير الذي يحظى بشعبية واسعة يتآمر على شقيقه أو على الأردن. وجاءت مقاطع الفيديو التي سرّبها مقرّبون منه لتشعل موجة تأييد وتعاطف، فقد تحدّث كأنّه مواطن عادي، يدافع عن نفسه، متبنّياً جزءاً مهماً من المطالب الشعبية. وقد زادت الرواية الحكومية التي أعلنها وزير الخارجية، أيمن الصفدي، وربطت الأمير حمزة بمحاولة زعزعة الأمن بالتنسيق مع قوى خارجية، وربطته أيضاً مع عوض الله الذي يعتبر شخصية أردنية إشكالية، زادت الأمور غموضاً، والنفوس غضباً ونفوراً مما يحدث مع الأمير. لحالة الاستقطاب على وسائل التواصل الاجتماعي تداعياتها على المجتمع الأردني، وتحجب المطالب الشعبية المحقّة في الإصلاح، وتغيير النهج السياسي الذي يفتقر للشفافية شحّ المعلومات وسوء إدارة الأزمة التي تعكس مدى غضب الملك عبد الله، وصدمته من محتوى معلومات أمنية، زرعت الشكّ لديه، أدّيا إلى تخبط وتحشيد موالين لتأييده، فجاء نفاقهم وتسابقهم في ذمّ الأمير بنتيجة عكسية تماماً، صبّت في إذكاء نار فقدان الثقة في النظام، بدلاً من اللجوء إلى تهدئة الوضع، لمنع إحداث شرخ عمودي في الشارع الأردني. فلا يساعد شحّ المعلومات في تقديم رواية لما يحدث، غير أنّ من المعلومات المعروفة بين الأردنيين أنّ علاقة الملك بشقيقه الأمير حمزة افتقرت إلى الثقة، منذ عزله عام 2004 من ولاية العهد، وعيّن لاحقاً نجله الأمير الحسين في المنصب، إذ أزاح الملك من هذا الموقع حمزة الذي كان مقرّباً جداً من والده الراحل الملك حسين، بالإضافة إلى أنّ الأمير الأخ غير الشقيق كانت له زياراته المتكررة إلى عشائر في مناطق عدة من الأردن، واستماعه إلى مطالبهم وشكاواهم، المحقة وغير المحقّة، وكذا تغريداته التي انتقد بها طريقة إدارة الحكم، الأمر الذي لم يعتد عليه الشعب الأردني ويعدّه خروجاً عن تقاليد القصر. وكان رجالات الدولة يتداولون في مجالسهم الخاصة أنّ هناك صراعاً مستعراً بين الملكتين نور، زوجة الملك الراحل الحسين، والملكة رانيا زوجة الملك عبد الله، على وراثة العرش كلٍّ منهما لابنها، وكان الحديث يتم عن الأمر وكأنّه "معركة نسوان"، وكأنّ الصراع على السلطة يكون تافهاً فقط حين يتعلق بخلاف بين امرأتين. تعامل الأمير حمزة بذكاء لافت مع "محنته"؛ فقد كسب الناس بتسريباته الصوتية والمرئية حول ما حدث معه، وقد ضرب وتراً حساساً لدى الناس، برفضه الأمر الذي أبلغه إيّاه رئيس هيئة الأركان، اللواء يوسف الحنيطي، أن يوقف تحركاته، فكان أن ردّ عليه من جملة ما قاله: "أنا أردني حر" معبراً، من دون أن يعرف، عن صرخة مكبوتة لدى معظم الأردنيين. لكنّ ذلك كله لا يعني أنّه ليست ثمة قصة ما، أو على الأقل شكوك غذّتها الأجهزة الأمنية، أخرجت الملك عن طوره. ولم تنفع الرواية الحكومية التي تلاها وزير الخارجية، أيمن الصفدي، ولا حتى رسالة الملك إلى الأردنيين تالياً، وإن طمأن الناس أنّ الأمير حمزة في القصر وتحت رعايته، في إقناع كثيرين، إن لم تكن الأغلبية، من الأردنيين، بأنّ الأمير حمزة متورّط مع قوى أجنبية في زراعة الفتنة، كما وصفها الملك في بيانه المكتوب. كسب الأمير حمزة الناس بتسريباته الصوتية والمرئية حول ما حدث معه، وقد ضرب وتراً حساساً لدى الناس، برفضه الأمر الذي أبلغه إيّاه رئيس هيئة الأركان وقد يكون بعضٌ من غضب الملك مفهوما إلى درجة ما، إذ ربما وجد في تحرّك الأمير حمزة ونقده العلني تحديا لسلطاته، أو محاولة لفرض نفسه بديلاً، في مرحلةٍ يجد فيها الملك الخطر آتياً من جهات مختلفة، كما حكام في دول خليجية، يضغطون على الأردن لقبول شروط صفقة القرن، بما فيها ما يهدّد أمن الأردن والعرش معاً، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قطع الملك اتصالاته به، ويتعامل حصرياً مع وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس. وليست مخاوف الملك متخيلة، لكنّ أكثر من سؤال يطرأ هنا: ما هو شأن شقيقه حمزة وخلافه معه في ذلك؟ وما شأن حمزة بمخاوفه من مواقف الإمارات والسعودية اللتين سارعتا بإعلان تأييدهما للملك؟ وما هو الرابط بين الأمير حمزة والموقوفين بباسم عوض الله؟ وهل جرى تحقق، أو تحقيق، في الادّعاءات التي وصلت إلى مسامع الملك؟ رحّب كثيرون بتوقيف عوض الله، لدوره في عملية الخصخصة التي طاولت مقدّرات استراتيجية في الأردن، وهذه العملية خيار، في الأردن، سابق على تولي الرجل مواقعه (مستشار اقتصادي في رئاسة الحكومة، ومدير الدائرة الاقتصادية في الديوان الملكي، ووزير التخطيط، ووزير المالية) لكن لا يبدو لاعتقاله رابط بتلك القضية، ومن المستبعد فتح أيّ تحقيق في المسألة معه، فالخصخصة في الأردن بدأت في عام 1992، وفقاً لاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي في عام 1989، وفتح تحقيق في هذا الشأن سيطاول شخصيات نافذة، ورؤساء وزراء، ووزراء، وكلّ من كانت له علاقة بالملف منذ ذلك العام، وهذا لن يحصل. هناك صراع عروش، وأيضاً هناك أزمة حكم وتغييب للشعب، وتقاطع الوضعين لا يشي بالخير في غياب الأجوبة، تبقى أسئلة عن مصير الأمير حمزة الذي لن يكون في خطر، لكن ما مستقبله؟ الاحتواء في موقع إلى جانب الملك (إذ يستطيع الاستفادة من علاقاته لتنفيس وضع متأزم مع العشائر) أو إبعاده؟ ومن هي الجهة المستفيدة من استمرار الاستقطاب؟ والسؤال الأهم: أين الشعب الأردني ومستقبله ومطالبه المحقة في فصول صراع العروش؟ لا شك أنّ احتواء الخلاف بين الشقيقين يصبّ في المصلحة الوطنية، فالتصدّع في العائلة المالكة يهدّد بشرخ المجتمع الأردني، ولذا تجنبت بعض الأحزاب والحراكات الشعبية المعارضة الدخول في خلاف العائلة المالكة، ودعت إلى التركيز على الإصلاحات وإطلاق الحريات. ومع تفهّم مخاوف الملك من التدخلات الإقليمية، يبقى من غير المفهوم استمرار الأردن في تعميق التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وتوسيعه، في مشاريع تهدّد سيادة الأردن على ثرواته، وتحقق مسعى إسرائيل في جعل الأردن جسر التطبيع الاقتصادي إلى دول المنطقة. ولماذا يعتقد الملك أنّ تحديث "اتفاقية التعاون الدفاعي" مع الولايات المتحدة بشروطٍ تنتقص من السيادة الأردنية، توفر حماية للأردن والعرش؟ ... نعم هناك صراع عروش، وأيضاً هناك أزمة حكم وتغييب للشعب، وتقاطع الوضعين لا يشي بالخير، إلاّ إذا خرج الملك عبد الله الثاني، وأعلن خطة إصلاح حقيقية، مبنية على الحوار الوطني، فالحماية للدولة الأردنية تأتي من الداخل أولاً.


هدى رزق  ركّزت معظم التحليلات السياسية على رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب من الشرق الأوسط وإعادة تركيز جهودها على تعزيز موقعها في آسيا. رغم ذلك، تدل الوقائع على أنَّ للولايات المتحدة مصالح دائمة في الشرق الأوسط. ومن أجل ذلك، حدّدت الإدارة الجديدة أهدافها بإعادة بناء العلاقات مع حلفائها التقليدين ولمّ شملهم، وتأمين "إسرائيل" وتعزيز السلام بينها وبين العرب، والتصميم على إنهاء الحروب في اليمن وليبيا، عبر الضغط على دول المنطقة لتقديم تنازلات وتوفير حوافز للخصوم لإنهاء الصراعات. وقد أعلنت أنّ استراتيجيَّتها الأساسية تركّز على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، إذ يرى الرئيس الديمقراطي جو بايدن أن البرنامج النووي والصواريخ الباليستية تشكل خطراً على أمن "إسرائيل" والمنطقة. أما هدفه الحقيقي من إعلان رغبته في العودة إلى المفاوضات، فهو السعي مرة أخرى لاتفاق جديد يهدف إلى بحث قضيّة منشآتها النووية وتفتيشها، والسعي إلى الحد من تأثيرها في المنطقة، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان. أدى بايدن دوراً حاسماً، ليس في الحرب على العراق فقط، إنما في الفوضى التي سادت في أعقابها أيضاً، وهو يعتبر تجربته في السياسة الخارجية واحدةً من مؤهلاته، ويشكّل العراق تحدياً شخصياً له، إذ يعتقد أنَّ سجله الطويل في الشؤون الخارجية، وفي العراق على وجه الخصوص، يؤهّله لمعرفة تناقضات التركيبة الداخلية وإيجاد الحلول لها. أما منتقدو سياسته، فيعتبرون أن العراق مثال رئيسي على تناقض ادعاءاته. وفي إطار سعيه لتنفيذ استراتيجيّته، ولأسباب تتعلَّق بأهمية تحقيق مصالح بلاده الدائمة في المنطقة، أعلن أن العراق يكتسب أهمية قصوى لتوحيد الحلفاء واحتواء توسع قوة الجمهورية الإسلامية. ضمن هذا الإطار، صرح السّفير الأميركيّ في العراق ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة ستسعى لمساعدة العراق على تأكيد سيادته في الداخل والخارج، من خلال منع عودة ظهور "داعش" والعمل على استقراره، ما يعني الرهان على تسهيل إجراء الانتخابات، والمساعدة في القضاء على الفساد، وترشيد السياسة المالية نحو التنمية الاقتصادية والخدمات الإنسانية، إذ أكّد أنَّ واشنطن ستبقى شريكاً ثابتاً للعراق وشعبه، وسيكون لها وجود عسكري وقائمة بمشاريع بناء الدولة المرتبطة بها لعقود قادمة.   جرى تقليص وجود القوات الأميركية في البلاد إلى 2500 جندي في شهر يناير/كانون الثاني 2020، بأمر من ترامب، الذي صادق على هذه الخطوة قبل أن يترك منصبه، أي بعد حوالى سنة تقريباً على اغتيال الفريق قاسم سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس في الأراضي العراقية، وإثر تصويت البرلمان العراقي على قرار طرد جميع الجنود الأجانب من الأراضي العراقية، وفي أعقاب عشرات الهجمات على القواعد العسكرية التي تستضيف قوات أجنبية في جميع أنحاء البلاد، لكن يبدو أنَّ من غير المرجح حتى الآن أن تسحب إدارة بايدن القوات الأميركية المتبقية من العراق، وقد تستخدم المحادثات الدبلوماسية لإعادة ضبط وجود قواتها في إطار توسيع مهمة الناتو. ضمن هذا المشروع، أعلن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، الشّهر الماضي، أنَّ الحلف سيوسّع نطاق وجوده بشكل كبير إلى 4000 مستشار وموظّف تدريب، إذ تقلّص وجود التحالف بعد الهزيمة الإقليمية لتنظيم "داعش". تعتبر الدوائر المقرّبة من إدارة بايدن أنَّ أفضل طريقة تتماشى مع اهتمامه بالعراق تتمثّل في المضي قدماً بالدبلوماسية والعودة إلى القوة الذكية، باستخدام الأدوات والسياسات، للتأثير من خلال وسائل أخرى غير الجيش. وتتمثَّل إحدى الطرق في تحميل الحكومات المسؤولية عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان وممارسة الضغط لتحمل تلك التبعات من أجل تغيير مستدام في السلوك. سيتطلَّب هذا النهج من الإدارة أن تستخدم جميع الأدوات المتاحة لها، حتى مع بعض الحلفاء. وتتمثل الاستراتيجية الفعالة في دعم الأجيال الشابة في الدول المستهدفة، لتكون أكثر قدرة وأفضل تجهيزاً للتنظيم وقيادة الإصلاحات والتغيير في بلدانها، بحيث يمكنهم الاستفادة من برامج التواصل بين الناس، مثل التكنولوجيا، ومن نقاط القوة الأميركية. قد لا تكون مثل هذه البرامج براقة مثل المساعدات العسكرية، ولكنها أقل كلفة، وتتجنب الحكومات الصلبة، ولديها فرصة لتغيير مجتمعي.  في ظل هذه التوجهات، جرى الإعلان عن جولة جديدة من المحادثات الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة في 7 نيسان/أبريل الجاري. تأتي هذه الجولة في أعقاب جولات الحوار السابقة التي عقدت بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في آب/أغسطس وحزيران/يونيو من العام الماضي مع إدارة ترامب، حيث تم الاتفاق على توسيع الدعم لقطاع الطاقة العراقي وإبرام عقود مع شركات أميركية. رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وصف استئناف الحوار بأنه فرصة للضغط من أجل سحب قوات الولايات المتحدة المتبقية في العراق، والتي يبلغ قوامها 2500 جندي، ويرى أن 60% من هذه القوات تم سحبها. تستند العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، بما في ذلك وجودها العسكري في البلاد، إلى اتفاقية إطار عمل استراتيجي تم توقيعها في العام 2008، تدعو إلى تعاون دفاعي وثيق لردع التهديدات الموجهة إلى "سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه".  ويسعى رئيس الوزراء العراقي في ظل الدعم الأميركي إلى سياسة متعددة الاتجاهات في المنطقة، لتهدئة التوترات في الداخل وفتح قنوات الحوار بين مختلف الأطراف المتصارعة. وتأتي المحادثات المطلوبة مؤخراً بين العراق والولايات المتحدة في هذا السياق، إذ ينبغي، بحسب التصوّرات، أن تزيد من تمكين العراق في المنطقة. وكان الكاظمي قد أطلق تصريحات حول مشروع "الشام الجديد" أثناء زيارته لواشنطن، وهو المشروع الذي كان يعدّه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وهو مستنسخ عن مشروع للبنك الدولي، ويتحدث عن إطار يجمع العراق والأردن وسوريا ولبنان مصر وتركيا، ويضم "إسرائيل" في حال التطبيع، ويتضمَّن إنشاء سكة حديد تربط دول الخليج بالعراق عبر إنشاء شبكة مصالح. إنها خطوة من أجل تشكيل محور عربي بات اليوم واضحاً، من خلال دخول السعودية على خط المشاريع الاستثمارية، وليس خافياً أنه محاولة من الكاظمي للابتعاد عن المظلة الإيرانية. لا يقتصر هذا المشروع على الاقتصاد، ومدّ أنبوب النفط إلى الأردن، واستجلاب الكهرباء من مصر، وفتح المجال لليد العاملة المصرية فحسب، بل ستليه أيضاً، بحسب المسؤولين العراقيين، خطوات أمنية وعسكرية. وتقوم سلسلة من الوفود من دول الخليج والدول المجاورة الأخرى بزيارة العراق بانتظام، كجزء من الحملة الدبلوماسية العراقية. وقد عقدت 3 اجتماعات بين وزراء خارجية هذه الدول.  ومن المقرّر أن يستضيف الكاظمي قمّة ثلاثية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله في وقت لاحق من الشهر الجاري. إنها خطوات تنفذها الدول الثلاث المتأزمة اقتصادياً لحلّ بعض مشكلاتها الحيوية، لكنها لا تخرج عن الإطار الأميركي المرسوم، في ظل سعيه إلى الحد من تأثير إيران وتطويقها واحتوائها، وإن كانت هذه المبادرات ضرورية في ظلّ الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا.


صلاح حسن بابان بخطوط وجه منفتحة، وابتسامة عريضة، ، تحدّثت المطربة الإستعراضية "جاني حيران" وهي من أكراد تركيا تعيشُ في إقليم كردستان العراق منذ سنوات عن إسقاطها أو "رميها" جنينها حسب تعبيرها دون ندم، وترى فيه المفخرة، أثناء رفضها دخول حبيبها السابق الذي قدّمت اسمه "مقدمة البرنامج" في لقاءٍ تلفزيوني بثته إحدى القنوات الكردية مكتوباً على قصّاصة صغيرة أعطتها إياها المقدمة، لتزيد من شعورها بالسعادة من "إسقاط" الجنين بإبتسامة عريضة وتأكيدها أنها غير "نادمة أبداً" معزّزة حديثها بإشارات لا تختلف قطعاً عن فرحة مقاتل خرج منتصراً من معركةٍ خاضها لعقودٍ من الزمن.   أشعلت "حيران" التي تجني 50 ألف دولار أميركي شهرياً - كما تقول- من غنائها في الحفلات بإعلانها إسقاط أو رمي جنينها الذي حبلت به من حبيبها سابق مواقع التواصل الإجتماعي في إقليم كردستان، وجعلته على صفيح من نار ملتهب، لتُكثر مطالبات تقديمها للقضاء ومحاسبتها قانونياً بتهمة "القتل العمد"، لتظهر مضطرةً وعلى وجهٍ سريع وخجول من على فضائية كردية أخرى لتسرد تفاصيل الحادث بأنّه حصل قبل نحو 15 عاماً عندما تزوّجت من شخصٍ إرتبطت به بعلاقة حبّ خلال تواجدها في تركيا. مبرّرة إسقاطها الجنين الذي لم يبلغ الشهرين من عمره داخل بطن أمه لخيانة الحبيب لها، مؤكدةً أنّها على علاقة به الآن لكنّه ليس سوى "حبيب" فقط وليس زوج.   لم تكُ حالة "حيران" هي الظهور الإعلامي الصاخب حصراً في الشاشات الكردية، بل سبقتها العديد من عارضات الأزياء والفنانات الإستعراضيات الكرديّات القادمات من تركيا وإيران وسوريا وغيرهن، ووجدنا في "بعض" القنوات الكردية المحلية التي تتبع في "الأغلب" لمسؤولين أو أبناؤهم بيئة خصبة لعرض أجسادهن ومؤخراتهن وصدورهن وشفايفهن المنتفخات، وعادةً يكون تمويل هذه القنوات من أموال النفط والتي تصل الى ملايين الدولارات شهرياً.   إتخذت الكثير من عارضات الأزياء أو الفنانات الإستعراضيات، أمثال "حيران" وغيرها من الفن غطاءً لتمرير ما يخدش المجتمع الكردي في السنوات الأخيرة تزامناً مع الإنكسارات والضربات السياسية والإقتصادية والإجتماعية الموجعة التي يتلاقها الإقليم الكردي سواء في صراعاته السياسية مع العاصمة بغداد حول حصته من الموازنة أو تأخر صرف رواتبه، أو الحرب الدائرة بين العمال الكردستاني والجمهورية التركية على أراضيه، وغيرها من الأزمات الداخلية الأخرى.   اعتقلت الشرطة المحلية في أربيل قبل أيام امرأةً كانت كثير الظهور في مواقع التواصل الإجتماعي تدعى "بيان" وهي متهمة بإدارة شبكة للدعارة في عاصمة الإقليم الكردي، إضافةً الى زج بعض "الفتيات" الهاربات من عوائلهن في أعمال الدعارة، كما حصل مع فتاة هربت من ذويها، لتجدها في ما بعد عند أحد الزبائن، بعد إعتقال "بيان" برفع دعوى قضائية ضدها من أمّ الفتاة.   لم تكُ الغرابة في إعتقال "بيان" التُهم الموجهة لها فحسب، بل الأدهى من ذلك أنها كانت تظهر على وسائل إعلام وقنوات كردية معروفة كأنها صاحبة إنجاز عظيم أو فنانة صاحبة أعمال ومشاريع فنية ضخمة، فضلاً عن متابعتها ومشاهدة مقاطعها الفيديوية آلاف الأشخاص، وهذه الحالة تتكرّر بإستمرار مع غيرها من "عارضات الأزياء" أو الفنانات الإستعراضيات.   المصادفة الغريبة واللافتة في أي ظهور إعلامي لـ"عارضات الجسد" أو فنانة إستعراضية أنها تصبح صاحبة مشاريع "ضخمة وعملاقة" إضافةً الى إمتلاكها سيارات فخمة وإرتدائها أرقى الموديلات من الفساتين والمجوهرات والملحقات الأخرى، ناهيك عن الثروة الكبيرة المحقّقة من عملهن، وتظهرها الشاشات الكردية كأنها سيّدة مجتمع وصاحبة الفضل على الناس، في وقتٍ لا يتعدى أعظم إنجاز لها حدود صدرها المنتفخ أو خصرها النحيف بعمليات التجميل أو فخذيها أو البوتكس في شفايفها.   عادةً تعزو بعض "العارضات" في لقاءاتهن التلفزيونية جمع ثرواتهن وإمتلاكهن السيارات الفاخرة والملابس المستوردة من ماركات عالمية من عملهن الذي غالباً يكون الترويج لإعلانات تجارية مختلفة، ليخرج الفنان الكردي الشعبي المعروف "حمكو" ويُزيل الستار عن المستور بمقطع فيديويّ قصير جداً يُمثّل فيه دور "عارضة أزياء" وهي تردّ على سؤالٍ يوجه لها: ما أسمكٍ وعملكِ، ومنذ متى وأنتِ تعلمين بهذا المجال، ومن أين جمعتِ كل هذه الأموال، وكم سيّارة تملكين وما نوعها؟ لتُجيب بردٍ أشبه ما يكون بقنبلةٍ من العيار الثقيل بالنسبة "لهن" بأنها تعمل "موديلة" منذ سنةٍ تقريباً ولها سيارتين من نورع جكلاس ورنجروفو وتملكُ صالون تجميل، إضافةً الى نيّتها فتح شركة".   لم يقف المتحاور عن توجيه هذه الأسئلة لـ"حمكو" العارضة فقط، بل زاد من إستفزازه لها بإستفسار عن السرّ من وراء ذلك في وقتٍ هناك العديد من الناس يعملون منذ سنوات طوال ولم يتمكنوا حتى الآن من جمع مثل هذه الثروة؟، ليكتفي "حمكو" العارضة بالإجابة من خلال الإشارة بيديه إلى "ما بين فخذيه" لأكثر من مرّة، دون أن يفهمه المتحاور، لتضطر إلى رفع وفتح "ساقيها" والقول بشكل واضحٍ وجريء: من خلال هذا.." أي "الجنس".   يكتفي "حمكو" العارضة في ردها على سؤالٍ للمتحاور عن الشخص الذي تدعمه بالقول فقط أنه "كثير الظهور في وسائل الإعلام، ويحضر اجتماعات مهمة..". في إشارة منه إلى "مسؤول رفيع صاحب سلطة ونفوذ"، وهي معلومة ليست بغريبة أو جديدة لدى الشعب الكردي.   يؤيد الصحافي الكردي بشدار فرج ما كشفه المقطع الفيديوي لـ"حمكو" عن وقوف "مسؤولين" داعمين للعارضات أو ممن يشبهن والظهور في القنوات والشاشات الكردية، في حين يُشير إلى الغاية من دعم أحزاب السلطة هكذا قنوات ودعم العارضات ومثيلاتهن بمشاريع ضخمة لتحقيق أهداف معينة أبرزها الوصول لجماهير أوسع تخدمهم أثناء الإنتخابات، فضلاً عن تحقيق أرباحاً طائلة من خلال المشاهدات الكبيرة التي تحقّقها البرامج التي تعرضُ هذه النماذج.   وما يعزّز رأي فرج أن الكثير من مقدّمات البرامج تقوم بالإضافة الى التقديم بالرقص والغناء وعارضة أزياء بإظهار المفاتن لتحقيق مشاهدات أكبر، لتختلط وتتشابك الصورة أمام المتلقي حول الشخصية الظاهرة في الشاشة، هل هي "مقدّمة برنامج" أم "عارضة أزياء" أم "راقصة"، دون أي مراعاةً للعادات والتقاليد المجتمعية السائدة في الإقليم وإن شهِد إنفتاحاً ثقافياً وفنياً  وحرية أوسع خلال السنوات الماضية لاسيما بعد  1991.   ينتقدُ الصحافي الكردي ضعف القوانين أو عدم وجودها أصلاً لمحاسبة هذه القنوات والمؤسسات الإعلامية التي تروّج لهكذا شخصيات، ويصفها بـ"الإنتهازية" تخلق وتنشر الفوضى والفساد.   بدوره يحذر الباحث الإجتماعي فريق حمه غيب من إستمرار هذه الظاهرة وإزيادها يوما بعد آخر في المجتمع الكردي التي مازالت الأسرة فيه تفتقد إلى الوعي الكافي للسيطرة على هكذا قنوات وعدم السماح لأبنائها بمشاهدتها، وينتقد غياب المستشار النفسي أو الإجتماعي في القنوات الكردية ليقوم بواجبه من خلال التحذير من بث أو نشر ما يضّر المجتمع والأسرة على حدٍ سواء.   يرى غريب أن المجتمع الكردي يكادُ يكون الوحيد على مستوى المنطقة يعاني من هذه الفوضى الخلابة والإنفلات المتعلق بالعمل الإعلامي والأعمال والبرامج الخاصّة بالذوق العام، مؤكداً ضرورة تشريع قانون لتنظيم ذلك وإلا أنّ إستمراره يعني إضطرابات وتراجع أكثر وحادّ على المستوى التعليمي والتربوي والنفسي على حدٍ سواء.


سعد الهموندي  التوازن موجود في الكون وفي كل شيء خاصة في ميزان القوى بين الدول، كذلك بين القوى السياسية والاجتماعية وغيرها في المجتمعات وحتى في عناصر الغذاء. وحالة عدم التوازن السياسي هي الحالة التي يكون فيها الصدام كما هو الحال بين اللاعبين في الملاعب أو بين الأحزاب أو القوى السياسية وغيرها.. وهنا تأتي أهمية بناء التوازن في حياتنا وفي أعمالنا وفي سياساتنا حتى تكون الممارسة سليمة وذات فاعلية إيجابية لتحقيق نتائج مرضية في حياتنا. وفي الحزب الديمقراطي الكوردستاني  تتمثل أفضل وأقوى أنواع التوازن والتكامل السياسي.. فإذا ما نظرنا إلى رئيس الحكومة مسرور البارزاني، سنرى سياسة عادلة ومبنية على التوازنات الداخلية والكفاءة والإبداع، وهذا الأمر هو الذي حقق الكفاءة في العمل السياسي وتجاوز الأزمات الخطيرة التي عصفت وتعصف في بلادنا بداية من الأزمة الاقتصادية العالمية، وثانياً من الضغوطات الاقتصادية والسياسية الداخلية وانتهاءً بجائحة كورونا التي واجهها الكورد بفضل سياسة التكامل كما البلاد المتقدمة سياسياً واقتصادياً.. أما على الطرف المتمم والمُكمل لحالة الديمقراطية والنضوج السياسي فنرى رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، الذي يعرف كيف يقود السياسة الخارجية بنفس النهج الذي أطلقه الزعيم مسعود البارزاني والذي عرف أن السياسة الكوردية تحتاج إلى التكتل والتجمع والتحالف وأن يكون القلب على القلب والفكر على الفكر وهذا هو مفتاح قوتنا، وهذا بالضبط ما يمثله كلاً من الرئيسين  والهرمين نيجرفان ومسرور البارزاني.. ففي الحزب الديمقراطي لايوجد حزبين او رأيين متضادين أو متصارعين كما يظن البعض أو كما يروج البعض أو كما يدس البعض السم بالعسل . فنحن هنا لسنا ديمقراطي أو جمهوري.. ولسنا اشتراكي أو رأسمالي ولسنا يساري أو يميني نحن هنا كلٌ موحدٌ نكمل بعضنا البعض، فقوتنا بتكاملنا وقوتنا بجذورنا وقوتنا بقدوتنا وقوتنا بتوحدنا.. وهذا بالضبط ما أراده المناضل الخالد مصطفى البارزاني من أولاده وأحفاده.. وهذا بالضبط ما زرعه المرجع مسعود البارزاني ، وهذا بالضبط ما نحن عليه.. أما أؤلئك المشككين والانتهازيين والفاسدين، فيسعون دائماً لأن يزرعوا التفرقة والعفونة في الجسد الواحد.. وجسدنا كان ومازال وسيبقى واحد فإن كان مسرور هو العقل فنيجرفان هو القلب.. وإن كان نيجرفان العقل فمسرور هو قلبنا.. هذه هي جذورنا وهذه هي أخلاقنا وهذه هي حقيقتنا   فقيادتنا كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً.


صلاح رشيد توجد في اغلب الدول الديمقراطية مؤسسة تُعنى بمراقبة السوق ووظيفتها عدم السماح لإحتكار عموم السق من قِبَل عدة شركات عملاقة ومتغولة. هذه المؤسسة تُدعى كارتيل (Cartel)، وتراقب مجالات السوق كافة وتهيئ ارضية مناسبة للمنافسة التجارية لكي يحظى كل تاجر وتحظى كل شركة بفرصتها ويكون لدى الجميع حق مساوٍ وكامل وأن يقدر على الخوض في صولاته وجولاته في السوق الحر وفي الاطار القانوني ولا يمنعه من ذلك احد. يوجد قانون ينظم المنافسة ويسمى قانون ضد تحديد المنافسة، ويُعمَل بهذا القانون منذ عام 1870 في امريكا ومنذ 1958 في المانيا. وهذه المؤسسة تراقب السوق وهل حاولت اية شركة ان تحتكر السوق باكمله وتستخدمه خدمةً لمصالحها. تراقب كارتيل كبرى الشركات من اجل عدم استخدام سلطاتهم التجارية بالسوء، على سبيل المثال عدم بيع المنتجات بأسعار غالية ومرتفعة والا يضطر المواطن الى التعامل مع منتجات هذه الشركات الكبرى فقط. كما تراقب كارتيل اتحاد وانصهار الشركات العملاقة في شركة متغولة، لكي لا تتمكن تلك الشركات من خلال مسخها التجاري الجديد احتكار الأسواق بالكامل ويسيطروا على من يقابلهم وينافسهم في السوق. ينبغي ان تكون كارتيل موافقة عند اتحاد شركتي طيران او رغبة شركتَين او أكثر من الشركات المنتجة للأدوية من ان يتحدوا ويقوموا بتحديد الاسعار على السلع بحسب ما يرغبون، بسبب غياب المنافسة، لذلك ينبغي على الحكومة ان تراقب احتكار الاسواق بشكل علني وبوضوح ولا تسمح بتهميش اية شركة بالباطل و ان يتم تقديم الشركات القريبة من السلطة والاشخاص المنتقدون وتحال اليهم الاعمال دون اية منافسة تذكر، او احالة الاعمال اليهم بشكل غامض ومريب بواسطة دفع الرشاوى و رش اموال كثيرة من اجل تمشية اعمالهم بشكل غير قانوني. اما في كوردستان فبالتأكيد لا وجود لأي قانون يمنع احتكار الاسواق، وإن يكن هناك قانون، فلا يُعمَل به. وإن لم يكن كذلك فكيف يُسمح لبعض الشركتان تعمل في شتى المجالات، مثلاً ثمة شركة واحدة تعمل في كل هذه المجالات : النفط، تصفية النفط، محطات الوقود، الطرق، المستشفيات، الفندقة، انشاء الشقق والفلل والعمارات، الملابس والكماليات، إستيراد الأدوية، المواد الغذائية، أستيراد الأرز، الزيوت، معجون الطماطم والعدس والحمص وعشرات الانواع الاخرى.. طيب، هل من الضروري ان تعمل شركة واحدة فقط في كل هذه المجالات؟؟ اذن ماذا يفعل الشركات الأخرى، طبعاً تستطيع هذه الشركات الثرية والعملاقة ان تقوم بتسعيرة سلعها وفقاً لرغبتها وتستطيع كذلك ان تسير بالشركات الصغيرة والمتوسطة الى حافة الافلاس. ظاهر للعيان ان هذه الشركات لها باع طويل عند الحكومة والأحزاب ويقدمون الرشاوى ويوزعون المال بطرق عديدة واساليب مختلفة وان المتنفذين داخل الحكومة وداخل الحزب هم شركاء معهم المستفيدين منهم بشكل مباشر او غير مباشر، ولهذا تحصل هذه الشركات على حصة الاسد من كافة الاعمال والإحالات الضخمة الحكومية والحزبية والشركات التي لا تُعطي الرشاوى لا تحصغعلى شيء وتخرج فارغة اليدين.. ليس جديراً بهيبة هذه الشركات وهي تملك المليارات من الدولارات، لكنها منشغلة بإستيراد العدس والحمص!! مام علي يملك دكاناً صغيراً في السوق لبيع المواد الغذائية وهو مضطر لغلق دكانه، لأن العدس والفاصوليا التي يستوردها الشركة المتغولة ارخص سعراً في السوق ومام علي غير قادر على منافسة الشركة!! هذه السياسة الاقتصادية الغير عادلة لا تنسجم لا مع مبدأ السوق الحر ولا مع الديمقراطية ولا مع الاسس الدينية، فلينشغل كلٌ بمجاله. ما علاقة تصفية النفط واستيراد الأدوية وبناء وتأسيس المستشفيات والخ.. بإستيراد الأرز والزيت والبرغل وما الذي يربط بينها؟


صلاح حسن بابان اختار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الحرب والمواجهة العسكرية برفضه في 18 مارس/آذار 2003 الذهاب إلى المنفى الذي منحه إياه الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، لتواجه "بلاد الرافدين" بعدها مصيرا صعبا، بدأ بالغزو الأميركي في أبريل/نيسان 2003 وما تخللها من عمليات حربية وقتل وتدمير، ثم ليعاني العراق بعدها الكثير من المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية التي لا زال يكابدها. كبرياء ويرى اللواء المتقاعد ماجد القيسي أن "الغرور والكبرياء لدى صدام حسين دفعه للذهاب إلى خيار المواجهة العسكرية مع بوش الذي كان مُصرّاً على الحرب بتحشيداته العسكرية في المنطقة آنذاك التي استحال عودتها حتى في حالة تنحي صدام". وأضاف أن صدام كان يعتقد أنه بإمكانه مقاومة هذه الهجمة الشرسة، والوقوف بوجهها بمراهنته على أن هناك من سيقف معه، لكن العالم خذله. وقال القيسي -الذي كان ضابطاً في الجيش برتبة لواء- إنه بالمقارنة بين حربي 1991 و2003 اللتين شنتهما أميركا على العراق نجد أن في الأولى استطاع بوش الأب تحشيد المجتمع الدولي ضد صدام وإجباره على الخروج من الكويت، إلا أن بوش الابن عام 2003 فشل في حشد الرأي الدولي للهجوم على العراق باستثناء البريطانيين وبعض الدول الشرقية التي أغرتها واشنطن بالمال. وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن سبب لجوء صدام للمواجهة العسكرية بدلا من التنحي رغم إدراكه بضعف القدرات العسكرية لجيشه وعدم إمكانية صد الجيش الأميركي، يؤكد القيسي أن قرار التنحي أو اختيار النفي لم يكن في حسابات صدام، مضيفا أن رؤساء الأنظمة الدكتاتورية تختار تدمير البلاد (كما حدث في العراق ثم ليبيا وسوريا لاحقا) من أجل البقاء على كرسي الحُكم. لكن الصحفي العراقي مصطفى كامل يرى أن صدام كان رئيسا للجمهورية ولا يجوز دستوريا وأخلاقيا أن يتخلى عن هذه المسؤولية، ويهرب من المواجهة ويؤمن نفسه والبلد يقع فريسة الغزاة، مشيرا إلى أن الجانب الأميركي لم يعط الأمان للعراق والعراقيين في حال تنحي صدام. ويضيف الصحفي -الذي شغل منصب سكرتير صحيفة الجمهورية التي كانت تصدر في عهد صدام- أن إدارة بوش كانت أعلنت أنها ماضية في غزو العراق حتى لو غادر صدام السلطة. وواصل حديث للجزيرة نت بالقول إنه ثبت لاحقا كذب كل الأسباب والذرائع التي ساقتها أميركا لتبرير غزو العراق، سواء ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل أو الإرهاب أو الإتيان بالديمقراطية للعراق. أميركا أرادت الصدام من جهته اعتبر الباحث النفسي الدكتور علاء الصفار أن حالة اليأس التي وصل إليها الشعب عام 2003 أثرت بشكل سلبي على القوات المسلحة ومنعتها والتي تمثلت على أرض الواقع بعدم إمكانية المقاومة لأكثر من 3 أسابيع بآليات ضعيفة ومتواضعة لا ترتقى إلى الآليات والقدرات لدى القوات الأميركية. ويضيف: ظاهريا وضعت أميركا خيار المنفى أمام صدام، لكنّها في الحقيقة كانت تُريد الاصطدام به لأنها كانت على دراية تامّة بضعف قدرات الجيش العراقي "المُصاب بالإحباط واليأس" فضلا عن عدم الحرفية والمهنية في إدارة المعارك من قبل صدام، وهذا ما جعل المعنويات العسكريّة والمدنيّة والتعبويّة العامّة في تدن ملحوظ، لتتجه نحو الانهيار التدريجي وبوتيرة مسرعة مع بدء الحرب رغم ادعاء صدام القدرة على مواجهة أميركا. نظام حديدي ويعلق السياسي العراقي مثال الألوسي على الموضوع بالقول إن صدام نجح في بناء نظام حديدي خليط من المدرسة الروسية الكوبية الصينية والتي من أبرز أسسها عدم الثقة بالمواطن، والبطش ليس بالمعارض فقط بل بالمخالف كذلك، إلى جانب أن استعانته بالمدرسة المخابراتية الألمانية الشرقية لتدريب رجاله بالأجهزة الأمنية والمخابراتية جعلت هناك استحالة للإطاحة به وإسقاط نظامه من داخل العراق، وهذا ما دفع أميركا إلى شنّ الحرب عليه. ويصف الألوسي محاولة تغيير نظام صدام بأنها أشبه ما كانت بـ "المجازفة" التي لا يقترب منها أحد، مما جعل واشنطن أمام خيار واحد وهو الإطاحة بصدام من خلال حرب عسكرية. وأضاف أن صدام كان مع خيار الحرب لاعتقاده بأن أميركا لن تقْدم على ذلك أبداً. غير أن الخبير العسكري ربيع الجواري يرى -في حديث للجزيرة نت- أنّ صدام رفض خيار النفي لأنه كان يعرف جيدا أن المحاكم الدولية ستلاحقه في منفاه وتأتي به "لجرائمه التي نفذها بحقّ شعبه أولاً بالإضافة لغزوه الكويت ثانيا". ويؤكد الجواري، وهو ضابط سابق في الجيش، أن صدام لم يفكّر بالشعب بقدر ما فكرّ بنفسه من خلال قراره الذهاب إلى الحرب التي خلّفت دماراً شاملاً للبلد.


عدالت عبدالله     يؤسفنا حقاً أن نرى المثقف العراقي اليوم بهذه الوضعية المُتردية والمُتشرذمة التي يعيشها، والموقف المتفرج الذي لا يتمظهر سوى في التحسر على أحوال البلاد والعباد وإبتلاع النطق وكل ما على اللسان ليعيش فقط في(مأمن) و بـ(أمان)!. المثقف العراقي يعلم تماماً، وقبل الجميع، بأن هذه الوضعية ليست من مصلحته على المدى البعيد حتى وإن ضمِنت له الى أجل تجنب شرور الأقدار و غدور الأنذال من أهل السياسة و وجوه السلطان. أنه يعي بأن الموقف هذا- التفرج والتجنب- غير مُشَرّف له أبداً ولا يعكس تطلعاته أو طموحاته المجتمعية، التي ينبغي العمل من أجلها بل التضحية في سبيلها دون الرهان على من ظَهَرَ فشله الذريع للجميع بل وصل الأمر معه الى إنحدار البلد كله صوب الهاوية تماماً. المثقف العراقي، للأسف، لم يستطع، قبل كل شيء، أن يجسد هوية عراقية جديدة، مُنعكسة للتركيبة الفسيفسائية للمجتمع، وإن إدعت البعض هذا سرعان ما نجد إختزاله لهذه الهوية فقط في الصورة النمطية التي رسمها البعث في مخيلته، والتي تتمثل في طغيان البعد العربي لها على حساب مكونات أخرى مجتمعية لا ترى ما يمثلها في هذه الهوية - ومن حقها أن تكون كذلك - طالما كان خطاب الهوية هذه، خطاباً إقصائياً، أو على الأقل غير محتويٍ لعناصر أساسية نعلم بأنها لم تُمنح حق الوجود والمشاركة بفعل سيطرة الآيديولوجية الشوفينية التي كانت سائدة في حقبة النظام البعثي البائد(1968-2003م). المثقف العراقي فشل في إستقطاب نفسه كشريحة إجتماعية متميزة، تقود لنا مسيرة فكرية وثقافية مثمرة في المجتمع وتؤثر على حقل السياسة وعقول الساسة وظاهرة التحزبات السائدة، المفرطة اللاعقلانية والمُتحاربة، التي شتتت المجتمع وفك إرتباط إجزائه ببعضها البعض لحد قتل وتصفية البعض على الأسماء والإنتماء الى مذهب دون آخر أو قومية دون أخرى. المثقف العراقي أخفق أيضاً في إنتاج ثقافة جديدة وحداثية تجعل المواطن يتمسك بهويته الوطنية العريضة و لايتحصن خلف الإنتماءآت الثانوية وتفضيلها على أي إجتماع وطني حضاري متسامح ومنفتح. المثقف العراقي، لم يقدر حتى الآن أن يشكل وسطاً مجتمعياً مؤثراً تُراهن القوى الإجتماعية الأخرى على تماسكه وتعاضده وجعله إنموذجاً يحتذى به على مبدأ الإحتكام بالمُثل العليا وتقليد أهل الصفوة في المجتمع وتقاليدهم الفكرية والسلوكية تجاه الإنسان والمجتمع والعالم وكل القيم الأخرى الكفيلة بإرتقاء المجتمعات وتحضرها. المثقف العراقي لم يستعن بل لم يهتم أصلاً حتى بتجارب المثقفين والنخب المتنورة في الدول المتقدمة ودورهم الرمزي والمعنوي الكبير في بناء الوطن والمواطن وترسيخ القيم الجماعية الجديدة التي تعجز أي أمة على وجه المعمورة أن تنهض بدونها ومن دون القطيعة مع كل ما يسبب لها التقوقع والتخلف إن كان بإسم (الأصالة) أو محاربة (الغزو الثقافي) اللَذين أصبحا أمثلة على عناوين ذرائعية لاترمي اليوم الى شيء ما إلا المزيد من الإنغلاق أمام حركة التاريخ ومساره. المثقف العراقي لم يعد يتمتع بأي مناعة فكرية أو ثقافية أيضاً تجاه مخططات الأحزاب والمذاهب لإحتواء مواقفهم وأفكارهم وجعلهم مجرد شريحة تابعة مُتبنية لكل ما يفتون و يقولون ويعملون دون أي إعتراض قوي لاتعقبه الخيبة، ولم يعد يقاوم المغريات المادية والمعونية، التي تمنحها الأحزاب والتيارات وترشها لشراء الذِمم وتفريغ البلد من أي أصوات مجتمعية أو تكتلات إجتماعية ترفض التفاعل والقبول بالواقع القائم في البلد، والذي لم يُعد يطيقه أحد حتى المتحزبين والمتمذهبين أنفسهم، اللذين لايمثلون الآن أي دور يُذكر سوى إنتهازية الطاعة للأجنبي وتنفيذ الإملاءآت الخارجية لا غيرها. المثقف العراقي فشل حتى في بيان أي رغبة حقيقية للمشاركة في مظاهرات القوى الإجتماعية الفاعلة في المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة الى الآن، وقيادتها لهذه الإعتراضات الجماعية ضد الوضع القائم، ولم يشكل كتلة موحدة فكرياً وعملياً لتكثيف الضغوط على القوى المتنفذة في البلاد وإرضاخهم لإرادة الشعب ومطالبه المتمثلة في الحد من الفساد والبطالة والعنف المؤسسي والسرقة المنظمة، التي يشهدها البلد منذ حوالي عقدين من الزمن دون حد أو حدود!. المثقف العراقي لم يقدر أن يلم شمله حتى في المنفى وبلاد الحرية، حيث لا رقابة على القول والفعل والنظيم والدعوة السياسية والفكرية، وإنما ظل مشتتاً ومتشرذماً الى الآن، يُتابع وحسب الأوضاع كبقية الناس العاديين، الذين لا يفقهون الأمور، بينما المثقف، في كل مجتمع، يُعرف تقليدياً وبخطاب فكري وسياسي، على أنه يُشكل دوماً ضمير الأمة والأنسانية، ومُستَوجب عليه إبداء مواقف تُماهي هويته المعنوية ورصيده المجتمعي وتؤثر بها على الوقائع والأحداث أو الشؤون والشجون. أي أن لايقف هذا الكائن، في النهاية، مكتوفة الأيدي وخالٍ من كل شعور بالمسؤولية الوطنية، أو على الأقل لا يتستر على ما يجري في البلد على أيدي أحزاب وتيارات ومذاهب سياسية ودينية يُدرك تماماً بأنها حطمت العراق ومجتمعه في وضح النهار ودمرت أبسط مقومات النهوض ثانيةً بسبب غيابه هو وقوى أخرى إجتماعية قادرة على أن تواجهها وتحد من غطرستها وسلبها ونهبها المُنَظَّمين لكل خيرات البلد وثرواته. كاتب وأكايمي من كُردستان العراق


  صلاح حسن بابان يربط كثيرون بين عودة مسلسل الاعتداءات على الصحافيين والنشطاء وبين اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية التي يتوقع إجراؤها في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. لكن هذا يفتح الباب على احتمالات تجدد مشاهد الاغتيالات والتصفيات والخطف على أبواب الانتخابات.  هذه المخاوف عادت مجدداً إلى الواجهة مع اغتيال مدير الحملة الدعائية الانتخابية لعضو مجلس النواب رعد الدهلكي المنتمي لكتلة “اتّحاد القوى”، والمعروف بمعارضته الشديدة للميليشيات والفصائل المقرّبة من إيران. قتل الدهلكي مع ابن شقيقه بمسدساتٍ كاتمة للصوت في منطقة “المرادية” جنوب غربي قضاء بعقوبة التابع لمحافظة ديالى، لكن مدير شرطة المحافظة يقول إن الحادثة لها علاقة بـ”ثأر عشائري”. الذاكرة العراقية ما زالت تحتفظ بصدمتها حتى الآن من هول فاجعة الاغتيال الذي تعرّض له المحلّل والباحث والناشط السياسي هشام الهاشمي (47 سنة) أمام منزله شرق العاصمة بغداد مساء الاثنين في السادس من حزيران/ يونيو من العام الماضي على يد مسلّحين مجهولين يستقلون دراجتين ناريتين، في هجوم أثار موجة غضب وتنديد في العراق وخارجه، ليخرج أحمد ملا طلال الناطق باسم رئيس الوزراء بعد أشهر قليلة من الحادثة ليؤكد أن “لجنة التحقيق توصلت إلى القتلة، لكن لا يجوز التصريح بهويتهم، حفاظاً على سير التحقيقات وسريتها”. ليتسبب هذا الكلام، على ما يبدو، بتقديمه استقالته لاحقاً.  لا يُمكن فصل الاغتيالات عن التنافس السياسي في العراق بين القوى المتنازعة على السلطة منذ عام 2003، مع الاختلاف في الأساليب، لكن يبقى المشترك هو صناعة الموت. يترافق ذلك مع عجز واضح لدى الأجهزة الأمنية في معالجة هذه الظاهرة، فضلاً عن فشلها في كشف الجهات التي تقف وراء عمليات الاغتيال، مع ان الجهات التي تقتل تترك، غالباً، بصمتها السياسية على الجرائم، ومن الواضح أنه لا يمكن لأي جهة تنفيذ اغتيالات معقدة، لم تمتلك أسلحة وفصائل عسكرية وامكانية حركة على الأرض، تمكّنها من العمل بحرية، والإفلات من العقاب. الغريب في هذه الظاهرة أيضاً، أنّها بقيّت فاعلة وجارية في العراق منذ تأسيس الدولة فيه عام 1921، من العهد الملكي، مروراً بالحكم الجمهوري وحتى بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لتتخذ أشكالاً ومسارات وأساليب متعدّدة وجديدة بعد ذلك، لكنها حافظت على هدفها: إسكات الأصوات المعارضة والترهيب. ليبقى الاختلاف بين زمن صدام وزمن ما بعد صدّام، أن الاغتيالات كانت تحدث قبل عام 2003 بتوقيع وتوجيه من السلطة مباشرةً، ليختلف الأمر بعد سقوط الطاغية، عبر استخدام فرق مدرّبة ومجهّزة عسكرياً، وتعمل وفق أجندات مموليها الخارجيين. رئيس مجلس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي يتوعّد دائماً مثل أسلافه بعدم السماح للجناة الإفلات من العقاب مها طال الزمن، لكن حتى الآن لم يكشف إلا عن عصابة موت واحدة اعلن الكاظمي القاء القبض عليها فيما لا يزال معظم القتلة طليقين.  تزايد الاغتيالات مع قرب الانتخابات يرتبط برغبة لدى الميليشيات التي تنفذها بإقصاء أي احتمال للتغيير في المشهد السياسي العراقي الذي طالب به النشطاء في حراك تشرين، حينما رفعوا شعارات انتخابات نيابية حرة خالية من السلاح. الاغتيال يأتي لتأكيد ان السلاح سيكون حاضراً كناخب أساسي في الانتخابات النيابية العراقية المقبلة. محمد نعناع، محلل سياسي، يقول إن هذه الجهات التي تغتال، لا تقبل بصعود أيّ مشروع آخر يعارض توجهاتها. وتنفّذ اغتيالاتها باعتماد أسلوبين: “الاغتيال المباشر بأيدي عناصرها المنتمين المحترفين بعد جمع معلومات من طريق المراقبة الدقيقة للأهداف، والطريقة الثانية من طريق اختراق الأجهزة الأمنية أو الضغط على ضباط وعناصر في القوى الأمنية لتوجيههم بما يخدم توجهاتها ومشاريعها”. يؤكد نعناع لـ”درج” أنّ هذه الجهات لها من القوة والنفوذ والتمويل ما يجعلها فوق القانون وفوق المؤسسات: “هذا ما يصعّب الكشف عن عملياتها للرأي العام بسهولة”. أمّا الاغتيالات العشوائية غير مفهومة الدوافع، فسببها ضعف القانون وعدم سيطرة الأجهزة الأمنيّة على عصابات الجريمة المنظمة، بحسب نعناع، “وأحياناً تنسّق الجهات ذات الدوافع السياسية والايديولوجية مع عصابات الجريمة المنظمة لتنفيذ الاغتيالات”. يرى نعناع أن تأثير الاغتيالات سياسياً وانتخابياً يطاول بضرره الحركات المنبثقة عن الانتفاضة التشرينية، عبر استهداف نشطائها أمنياً، لثني القيمين عليها عن طرح مرشحين للانتخابات. مع اعتقاده أن الكتل التقليدية لا تتأثر بهذا الجو، لأنها تتحكم بجماهيرها، وكتلتها الناخبة، ولها نفوذها في المناطق التي تسيطر عليها.  من هنا تضع الجهات التي تقوم بالإغتيالات – بحسب نعناع- في أولوياتها عدم السماح بصعود كيانات انتخابية لها توجهات مغايرة. لكن وعي جماهير تشرين الذين اختاروا طريق التغيير، يجعل النشطاء مصممين على مواجهة هذه الاغتيالات وكشف الجهات السياسية التي تقف وراءها والتركيز على خطورتها على مستقبل العراق والعراقيين. وفي السابق كانت المحافظات ذات الغالبية السنّية، وأجزاء من العاصمة بغداد أكثر المناطق تحدث فيها الإغتيالات مع اقتراب الانتخابات، إلا أن المعادلة إنقلبت هذه المرّة مع اندلاع الثورة التشرينية الغاضبة ضد السلطة والفساد، لتزيد من احتمال أن تكون المحافظات الشيعية بيئة ساخنة للاغتيالات مع ازدياد التيارات الشبابية الجديدة المناهضة للأحزاب الشيعية التقليدية وللتدخل الإيراني. يرى الخبير الأمني سرمد البياتي صعوبة سيطرة السلطات الأمنية على ظاهرة الاغتيالات، لا سيما في بغداد لأسباب عدة، أبزرها عدم وجود منظومة كاميرات في شوارع العاصمة: “من الصعب مراقبة المنفذين لعمليات الاغتيال التي عادة تستخدم الدراجات النارية للهرب بعد التنفيذ، ومرتكبوها مدربون بشكل جيد، إذ يظهر ذلك من خلال اختيارهم مواقيت الهجوم والتنفيذ”. ولكن إذا كانت هناك كاميرات، فذلك يصعّب عليهم المهمة، ويمكّن السلطات من الوصول اليهم بسهولة.


 وفيق السامرائي 1.عندما تتهم  أميركا أطرافا (ولو تنويها) بشن عشرات آلاف الهجمات الإلكترونية على مؤسساتها فهذا ليس تنافسا بل صراع خطير.  وعندما يتحدث الأميركيون عن وجود قدرات ليزرية صينية وروسية يمكن أن/ أو قد تهدد الأقمار الصناعية الأميركية ومنظومات الانترنت مستقبلا، فالقارئ يتوجس من أن يشمل التهديد وسائط ووسائل التويتر والفيسبوك وغيرهما.. أيضا فيعود العالم إلى مرحلة البداءة.  2. أما قصص الصواريخ الفرط صوتية فتدخل ضمن صراع الفضاء وعلى الأرض.  3. الاقتصاد الصيني يتوسع بسرعة والاقتصاد الأميركي في مرحلة مراجعة السياسات الخاطئة السابقة لتأمين ظروف تنافسية مناسبة.  4. التنافس الصراعي في جنوب شرق آسيا صعب ومعقد وهناك توجه أميركي قوي.  5. نفط الخليج كان مهما جدا قبل تطور النفط الصخري الأميركي، وعودة ارتفاع أسعاره كانت بسبب تراجع كورونا والتزام حصص التصدير النفطي، وبعد عقد زمني ومع تطور الطاقة الخضراء لن تبقى أسعاره وتأثيره كما هي.  6. قيل إن وزارة الدفاع الأميركية تقول إنها ستحافظ على دور ووجود قوي في الخليج والقول شيء والمعطيات على الأرض شيء آخر.  7. خلال عشرين عاما خسرت أميركا كما متداول ترليونات الدولارات في الشرق الأوسط، وما حصلت عليه من الخليج ليس إلا جزءً بسيطا وأخطأت إن أعطت أسبقية عالية من جهدها هناك، فبسبب خلل في فلسفة ادارتها السياسية لم تقترب من الشعوب، ولم تتمم حسم موقف، وبقيت قواتها ومؤسساتها مشغولة بحروب متناثرة وبحماية نفسها. ولم تستطع أن تضمن علاقة تتمناها مع حليف شرق أوسطي إلا قليلا منهم، فكثيرون باتوا يبحثون عن تعدد الحلفاء والأصدقاء لضعف ثقتهم بثبات مواقف الادارات الأميركية المتغيرة.  8.المؤشرات الأولية للمتغيرات الاستراتيجية/ التكتيكية في اليمن وملامح التفاهم المستقبلي مع إيران، وفرض ضوابط وقيود على حالات التدخل، وتجنب الاحتكاك بالقيادات، ورفع مستوى قرار استخدام الطائرات المسيرة عدا في ثلاث دول وجعله بيد البيت الأبيض وليس الدفاع، والحاجة إلى صرف المال لمعالجة الوضع الداخلي، ومتطلبات حماية الأمن الداخلي من التدخلات الخارجية، وقصص الليزر الجوي البعيد المدى، كلها تدل على أن كل شيء تحت مراجعة أميركية شاملة ودقيقة لا تتحمل وجع رأس يشغلها على طرفي الخليج، وقد يعود التاريخ الى نصف قرن، وسنرى معادلات أخرى.


القاضي / عبدالكريم حيدر علي بخصوص الحكم الصادر بحق المتهمين الخمس وفق المادة ١٥٦ من قانون العقوبات وعلى النحو المعدل في اقليم كوردستان بموجب المادة (١) من القانون رقم ٢١ لسنة ٢٠٠٣ الصادر عن البرلمان الكوردستاني اود ان اتطرق الى بعض الجوانب القانونية :-  الاعتراف الجنائي  :  ان الاعتراف اذا كان سليماً ومستوفياً لشروطه القانونية ومن تلك الشروط صدوره من المتهم وهو متمتع بارادة حرة وان يكون صريحاً  وان يكون الاعتراف امام المحكمة وقاضي التحقيق  ،  فاذا كان الاعتراف قد صدر نتيجة الاكراه المادي او المعنوي فلايؤخذ به في حالة ثبوت الاكراه ، الرجوع عن الاعتراف :-  وان قاضي التحقيق وعند مثول المتهم امامه والذي اعترف امام المحقق ولكنه انكر التهمة المسندة اليه امامه وادعى المتهم بانه قد تعرض للاكراه عند تدوين افادته من قبل ضابط الشرطة او المحقق فانه يتعين عليه   ارساله الى الفحص الطبي من قبله مباشرة دون ارجاعه الى الجهة التي تجري التحقيق معه هذا في حالة الاكراه المادي اما اذا كان معنوياً فعلى قاضي التحقيق الاستماع الى اقوال اي شخص يمكن ان يكون شاهداً بخصوص تلك الواقعة كل ذلك من اجل فتح قضية مستقلة بحق القائم بالتحقيق واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه وفق المادة ٣٣٣ من قانون العقوبات العراقي ،  اما اذا اعترف المتهم امام قاضي التحقيق فانه يحق له الادعاء امام محكمة الموضوع التي تجرى محاكمته بعد الانكار بان اعترافه بالتهمة في مرحلة التحقيق الابتدائي قد صدر منه نتيجة الاكراه وهنا ايظاً يتوجب على المحكمة ان تجري تحقيقاتها بخصوص ذلك الادعاء ولايجوز لها اهمال ذلك لكي تسير العدالة الجنائية في مسارها القانوني والصحيح واذا ثبت لديها صحة الادعاء فان ذلك الاعتراف كدليل جنائي يتم اهدارها لان القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٣ الصادر عن برلمان كوردستان وفي المادة ٩ منه التي نصت على انه ( يوقف العمل بالمادة ٢١٨ من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ويحل محلها في اقليم كوردستان مايلي ( يشترط في الاقرار ان لايكون قد صدر نتيجة الاكراه ) في حين كان الاصلي على النحو التالي في القانون المشار اليه ( يشترط في الاقرار ان لايكون قد صدر نتيجة اكراه مادي او ادبي او وعد او وعيد . ومع ذلك اذا انتفت رابطة السببية بينها وبين الاقرار او كان الاقرار قد ايد بادلة اخرى تقتنع معها المحكمة بصحة مطابقته للواقع او ادى الى اكتشاف حقيقة ما جاز للمحكمة ان تأخذ به )  ان المشرع الكوردستاني حسناً فعل عندما قرر بعدم الاخذ بالاقرار  الصادر نتيجة الاكراه بمعنى ان على المحكمة طرح ذلك الاقرار في مثل تلك الحالة وكانه غير موجود ضمن ملف القضية حتى وان أنتفت الرابطة السببية بينه وبين الاقرار او كان ذلك الاقرار الصادر عن الاكراه مؤيداً بادلة اخرى او ادى الى كشف حقيقة ما ، ولكن المشرع قد اخطأ في الحالات الاخرى غير الاكراه والتي تجعل منه معيباً وغير مقبولاً وهي الاقرار الصادر نتيجة الوعد او الوعيد ، فانه من الضروري على قضاتنا الانتباه الى الفرق الموجود في هذه المسألة بين القانون العراقي وبين التعديل الجاري في اقليم كوردستان  مما يتعين على المحاكم الجزائية في كوردستان ملاحظة كل تلك القواعد القانونية عند تقييمها لاقرار المتهم خاصة في حالة رجوعه عنه امام محكمة الجنايات المختصة او محكمة الجنح ، كما ان محكمة التمييز المختصة لها سلطة الرقابة على كل ذلك فاذا لم تكن محكمة الموضوع منتبهة الى ذلك فانها من جانبها تقوم بتقييم ذلك الاعتراف والادلة الاخرى على ضوء القواعد المشار اليه واذا تولدت الشك في الادلة المتحصلة بشكل عام فان عليها تفسير الشك لمصلحة المتهم باعتبار ان الاصل في الانسان البراءة. واعتقد ان محكمة التمييز لايزال في هيئاتها قضاة جديرين بالاحترام وانهم علم بتلك القواعد ولهم خبرة طويلة في ذلك الشأن ، وكما هو معلوم وكما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية ومحكمة تمييز اقليم كوردستان بان المحكمة لايمكن لها ان تعتمد على القرائن في اصدار حكمها بالادانة والعقوبة الا اذا كانت مجموعة من القرائن ولايرقى الشك اليها وكافية لتوليد القناعة والوجدان ( هنا نؤكد على الوجدان القضائي الصرف )  - * عضو محكمة تمييز اقليم كوردستان سابقاً


د. اراس حسين دارتاش  الجميع  في العراق على علم بطبيعة المناقشات الداىًرة الان  حول مشروع  موازنة العراق لعام 2021 بصورة و اخرى ، وكل من ينظر الى بنودها حسب مصلحته التي تنطلق من خلفيته الاقتصادية و السياسية ، لذلك هناك من يوًيد بنودها  او يعارضها  ، و هناك من يفضل اعادة صياغتها ...الى اخره من الاّراء بشاًنها. و اكثر المناقشات حدةً بشاًن هذه الموازنة ، هي التي  تتعلق بحصة الاقليم في مشروع الموازنة ، و حسب ما جاءت من الحكومة الى البرلمان ، بنسبة ( 12،67٪؜ ) مقابل تسليم الاقليم لبغداد يوميا ، واردات مقدار ( 250 الف برميل ) من بيع النفط المصدر  إضافةً الى ( نصف) واردات المتاًتية من الكماركُ من المنافذ الحدودية . رغم اننا على شبه قناعة بان النسبة المذكورة  لن تحظى بموافقة الاًغلبية البرلمانية ، الا انها اصبحت هذه الفقرة محط الجدال و النقاش و التاًويل  لدى عدد كبير من أعضاءالبرلمان المحترمين ، سواءً بصورة مقصودة او غير مقصودة ، او قد تكون لأغراض انتخابية و سياسية او غيرها ، الامر الذي ، وكما يبدو ، خلق راًيا عاما لدى بعض  المواطنين العراقيين المحترمين في  محافظات الوسط و الجنوب   ، يفهم منه  ، بان محافظات الاقليم ، و بموجب الفقرة المذكورة اعلاه ، تستحوذ  على حصة اكبر  من الموازنة مقارنةً  ببقية  المحافظات الاخرى ، لذلك فان الاًغلبية البرلمانية التابعة للكتل السياسية  تصر على عدم الموافقة على هذه الفقرة ،  بل و محاولة تعديلها من خلال فرض شروط اقسى على حصة الاقليم من موازنة 2021 ، قد تكون غير دستورية وتكون مجحفة بحق الاقليم و مواطنيه .   على اي حال......وإذا مضت الاًمور على ما يرام ...... وجدنا من الضروري و حسب تقديرنا  المتواضع ، ان نبين للراًى العام  حصة الاقليم ( الفعلية  او الحقيقية ) و كما اقرت من قبل الحكومة في مشروع الموازنة العامة و قبل اجراء فرض شروط غير واقعيةِ و  اشد على حصة الاقليم من قبل الاًغلبية البرلمانية ، و لكي يطلع  الرأي العام العراقي على هذه المساًلة الحساسة  في طبيعة العلاقة بين حكومة الاقليم و الحكومة الاتحادية ، ارتاًينا ان نوضح الامر ومن خلال النقاط التالية  :- أولاً - اذا افترضنا بان البرلمان سوف  يصادق على ( مقترح ) اللجنة المالية  بتخفيض  حجم الموازنة من ( 164 الى 127 ترليون دينار ) ، فانه يترتب عليه ما يلي :- 1- ان حصة الاقليم البالغة نسبة (12،67 ٪؜) من الموازنة العامة  تحدد عادةً بعد (طرح ) مقدار ( النفقات السيادية و الحاكمة ) من الموازنة العامة . 2- ومن خلال مراجعة مقدار النفقات السيادية و الحاكمة التي قدرت في الموازنة العامة في السنوات السابقة   فانها تشكل سنوياً نسبة لاتقل عن ( 30٪؜) من حجم الموازنة العامة ، و حسب هذه النسبة،  فان مجموعها يقدر ب ( 127 في 30٪؜ ) =  38 ترليون دينار تقريباً، ثانياً- وبعد طرح مجموع  النفقات السيادية و الحاكمة  المقدرة اعلاه  بـ ( 38 ترليون دينار ) من مجموع الموازنة العامة المفترضة حسب مقترح البرلمان بـ ( 127 ترليون ) ، يبقى مقدار الموازنة بحدود ( 89 ترليون دينار  ) الذي يحدد بموجبه حصة الاقليم و كما يلي :- 1- ان حصة الاقليم المفترضة بموجب الموازنة العامة المفترضة تبلغ ( 89 في 12،67 ٪؜ ) = 11،3 ترليون دينار تقريباً. 2- لكن بموجب مشروع  قانون الموازنة العامة 2021١ ، فان حصة الاقليم تحتسب من ( النفقات العامة الفعلية ) وليست من (النفقات العامة المفترضة  او المقدرة ) في مشروع القانون  . 2- و كما هو معروف و منذ عام  ( 2005 و لحد الان ) فان الحكومة الاتحادية لم تستطيع  و في احسن الأحوال ان تنفذ ( تنفق فعلياً ) اكثر  من نسبة ( ٧٠٪؜) من مجموع النفقات  العامة المقدرة   . 4- و بموجب الفرضيات اعلاه سوف يبلغ مقدار ( النفقات العامة  الغير فعلية  ) اي غير منفذة لعام 2021  من قبل الحكومه الاتحادية بحدود  ( 89 في 30٪؜ ) =  27 ترليون دينار  ، بينما سوف يبلغ مقدار  ( النفقات العامة  الفعلية ) بحدود ( 62 ترليون ) و التي تحتسب بموجبها  حصة الاقليم الفعلية  بنسبة ( 12،67٪؜ ). خلاصة القول ...... حتى في حالة مصادقة البرلمان على الفقرة المقرة من قبل الحكومة حول  تخصيص نسبة الاقليم  بـ ( 12،67٪ )  في مشروع موازنة 2021 ، فان حصة الاقليم الحقيقية تبلغ ( 62 في 12،67 ٪؜  8 ترليون دينار  تقربياً . ختاماً..... ان تحققت الفرضيات المذكورة اعلاه ، فان  (الحصة الفعلية )  للإقليم تشكل نسبة  ( 6.3٪؜  ) من الموازنة ،  وليست نسبة (  12،67٪؜ ) ، و يستلم الاقليم بموجبها  بحدود ( 8 ترليون دينار ) من حصته  لأربع محافظات الاقليم بحدود ( 6 مليون ) نسمة ، و كل هذا يتحقق ان قام الاقليم  بتسليم واردات مقدار 250 الف برميل لنفط الاقليم المصدر يوميا  و نصف وارداته من المنافذ الحدودية لبغداد. والسوًال الختامي ..... ماذا سوف يحصل للإقليم و لطبيعة العلاقة بين الحكومتين  لو فرضت الاًغلبية البرلمانية شروطاً اقسى من شروط الحكومة على الاقليم في الموازنة ...!!؟؟؟. والبقية اتركها للراًى العام العراقي عسى و لعل ...... مع التحيات .... ‌


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand