الحصاد draw: تقرير : روبرت ف. وورث - نيورك تايمز "في أوائل أكتوبر الماضي، أثناء العمل في مكتبه في بغداد، تلقي رجل أعمال يدعي حسين لقيس مكالمة هاتفية من رقم لم يسبق له رؤيته من قبل. قال المتصل "نحن بحاجة إلي التحدث". كان صوت الرجل واثقًا من نفسه، ومهددًا قليلاً. طلب أن يأتي "لقيس" للقائه لكنه رفض ذكر اسمه. تردد لقيس، وانتهت المكالمة. ربما يكون قد نسي المكالمة بأكملها، لولا مكالمة لاحقة من أحد الزملاء بعد بضع دقائق حملت أخباراً مقلقة. المتصل الغامض كان من كتائب حزب الله، وهي ميليشيا عراقية قوية لها علاقات قوية مع الحرس الثوري الإيراني، كان لديهم اقتراح عمل للمناقشة. عندما اتصل عناصر الميليشيا مرة أخري، وافق لقيس علي مضض علي عقد اجتماع. جمع بضع زملاء، وتوجهوا جميعًا إلي منزل بالقرب من شارع السعدون وسط مدينة بغداد، في الداخل، اقتيد إلي مكتب خافت الإضاءة، وقُدِّم إلي شخص أصلع، قال الرجل الأصلع: "أنت بحاجة إلي العمل معنا، وليس هناك خيار آخر، يمكنك الاحتفاظ بموظفيك، ولكن يجب أن تفعل ما نقول". وأوضح أن كتائب حزب الله ستأخذ 20 بالمائة من إجمالي عائدات شركة "لقيس"، حوالي 50 بالمائة من أرباحه. رفض "لقيس"، كان لشركته، "بالم جيت" عقد حكومي مدته خمس سنوات لإدارة صالة "في آي بي" في مطار بغداد الدولي، إلي جانب فندق قريب؛ كما أنها تعمل بشكل روتيني مع شركات الطيران الغربية مثل .Lockheed Martin لم يكن لديه أي تعاملات مع جماعة مثل كتائب حزب الله، التي أدرجتها الحكومة الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية (كما هو الحال مع الجماعة اللبنانية غير ذات الصلة التي تسمي أيضًا حزب الله). رد الرجل الأصلع بأنه إذا رفض "لقيس"، فسيستولي علي كل ما يملكه في بغداد. حدّق لقيس بالرجل الأصل، وقال له "أنا مستثمر، هناك قانون" رد الرجل الأصلع: "نحن القانون". وطلب من لقيس أن يجيبه ظهرًا في اليوم التالي. بعد ظهر اليوم التالي، توجهت خمس سيارات شيفروليه وخرج منها اثنا عشر رجلاً يرتدون ملابس شبه عسكرية سوداء ويحملون أسلحة. وجدوا "لقيس" في مقهي فندق المطار، كان يجري اتصالات مع الحكومة منذ الليلة السابقة، إلي جانب رؤساء أقسام المطار. لا أحد منهم أعاد الإتصال به، كان الأمر كما لو أنهم قد تم تحذيرهم، أو ربما استلموا حصصهم. أخذت الميليشيا هاتف "لقيس" وأمروه بالتوقيع علي وثيقة تتخلي عن عقده. لقد توقف لبعض الوقت. تسلل أحد موظفيه إلي الخارج لالتقاط صورة عبر الهاتف المحمول لمركبات عناصر الميليشيات، لكنهم أمسكوا به وحطموا هاتفه وضربوه. كان "لقيس"، وهو لبناني، يعمل في العراق منذ عام 2011. كان يعلم أن البلد يعاني من الجريمة والفساد، لكنه يعتقد أن المطار، مع مئات من مسؤولي الهجرة والأمن النظاميين، كان مختلفًا. قال لي "لقيس" في وقت لاحق: "انتظرت 20 دقيقة، ربما سيأتي شخص ما، الشرطة .. شيء". وأخيرًا، سار إلي صالة المغادرة وذهب في رحلة إلي دبي. بعد أيام، قامت كتائب حزب الله بتثبيت مقاولها المفضل في مكانه. ولم يعد "لقيس" إلي العراق منذ ذلك الحين. وقعت حادثة المطار هذه بعد أربعة أيام فقط من بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية (1 تشرين الأول 2019)، حيث كان آلاف المتظاهرين الشباب يغمرون شوارع بغداد ومدن أخري، وهم يرددون شعارهم المؤثر: "نريد وطن" أو "نريد دولة". ملأ المتظاهرون بسرعة ميدان التحرير في قلب بغداد، وأقاموا الخيام وخاضوا مواجهات ضارية مع الشرطة. علي الرغم من أن الفوضي تسببت بإغلاق الطرق في المدينة، إلا أنها اكتسبت تعاطف العرب في جميع أنحاء المنطقة، مما أشعل حركة احتجاج قوية في لبنان. بالنسبة لأولئك الذين شاركوا في المسيرات، فإن مجموعات مثل كتائب حزب الله ليست مجرد وكلاء إيرانيين. إنها أحدث وجوه كليبتوقراطية أثرت نفسها علي حساب شباب العراق الذين تركوا عاطلين عن العمل ومعوزين بأعداد متزايدة باستمرار. في غضون ذلك، انضم بعض قادة الميليشيات إلي صفوف أغني رجال العراق، وأصبحوا مشهورين بشراء مطاعم راقية، ونواد ليلية ومزارع غنية علي نهر دجلة. لقد كونت الميليشيات طبقة سياسية عراقية جديدة، أخلاقياتها الوحيدة هي إثراء الذات. علي مر السنين ، أتقنت هذه العصابة عبر الطوائف الحيل علي جميع المستويات: عمليات التضليل الروتينية لنقاط التفتيش، والاحتيال المصرفي، والاختلاس من الرواتب الحكومية. كان عادل عبد المهدي، الذي تم الترحيب به باعتباره مصلحًا محتملاً عندما أصبح رئيسًا للوزراء عام 2018، يأمل في إخضاع الميليشيات للدولة، لكن بدلا من ذلك، تمكنت الميليشيات من التغلب عليه، وضمت حكومته أشخاصاً لهم صلات ببعض أسوأ مشاريع الكسب غير المشروع التي ابتليت بها البلاد. الولايات المتحدة متورطة إن الولايات المتحدة متورطة بشدة في كل هذا، وليس فقط لأن غزواتها دمرت البلاد وساعدت علي تدمير الاقتصاد. بل تقدم أمريكا الأموال. ما يزال الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يمد العراق بما لا يقل عن 10 مليارات دولار سنويًا بالعملة الصعبة من مبيعات النفط في البلاد. وقد تم تمرير الكثير من ذلك إلي البنوك التجارية، ظاهريا للواردات، في عملية اختطفتها منذ فترة طويلة عصابات غسل الأموال في العراق. في الوقت نفسه، تفرض الولايات المتحدة عقوبات علي دولتين - إيران وسوريا - تشترك معهما العراق حدودياً، إنها أرض خصبة للفساد. ربما تكون إدارة ترامب قد صدمت الميليشيات العراقية بالاغتيال غير المتوقع في كانون الثاني / يناير لقاسم سليماني في مطار بغداد. لكن الوكلاء الإيرانيين مثل كتائب حزب الله لا يبدون قلقًا مفرطًا. إنهم يعرفون أن الرئيس ترامب ليس لديه شغف كبير للحرب، خاصة في ظل كوفيد 19. إن أولويتهم القصوي هي الحفاظ علي نظام عراقي يتم فيه بيع كل شيء حرفيا. لقد دفعت جائحة الفيروس التاجي العراق الآن إلي حافة أزمة وجودية. أدي الانهيار العالمي للطلب علي النفط إلي انخفاض الأسعار بشكل تاريخي، مما أدي إلي صدمة رهيبة لبلد يعتمد اقتصاده بالكامل تقريبًا علي عائدات النفط. لكنها قد توفر أيضا فرصة استثنائية لرئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفي الكاظمي لمواجهة أكثر مشاكل بلاده صعوبة. يمكن الآن اعتبار الفساد قضية حياة أو موت، يجب علي العراق أن يختار بين إطعام شعبه أو إثراء اللصوص الحاكمين. لقد وعد الكاظمي بمواجهة هذا التحدي. من غير المرجح أن ينجح ما لم تغتنم الولايات المتحدة هذه الفرصة لإلغاء بعض الأضرار التي ألحقتها بالعراق، ولخلق قضية مشتركة مع المتظاهرين الذين يأملون بإعادة بناء بلدهم علي أساس جديد. في سجلات الدبلوماسية الأمريكية، كان للفساد وضع ملتبس منذ فترة طويلة: إستنكار في العلن، ولكن في الممارسة العملية يُنظر إليه غالبًا علي أنه مقبول ومفيد. أخبرتني سارة تشايس في مايو / أيار أن "الفساد ليس مجرد مشكلة سياسية أساسية، ولكنه المحرك الأهم لمعظم المشاكل الأمنية التي من المفترض أن نحاول معالجتها". يوثق كتاب تشايس، عام 2015 ، "Thieves of State" ، الآثار المدمرة للفساد عبر مجموعة من البلدان في إفريقيا وآسيا. اعتمد الكتاب علي تجاربها في أفغانستان، حيث عاشت لسنوات قبل أن تصبح مستشارًا في البنتاغون ورأت كيف ساعد الابتزاز المتفشي وزرع حكومة مدعومة من الولايات المتحدة في دفع السكان المحليين إلي أحضان طالبان، وقد يكون العراق درسًا أكثر تجسيداً. نمو الفساد: من صدام إلي المالكي في الثمانينيات من القرن الماضي، كان الفساد نادرًا، وكانت الوزارات في حكومة صدام حسين الاستبدادية نظيفة ومعظمها جيدة. جاء التغيير خلال التسعينات، عندما فرضت الأمم المتحدة عقوبات معوقة بعد غزو صدام للكويت. وخلال سبع سنوات فقط، انخفض دخل الفرد في العراق من حوالي 3500 دولار إلي 450 دولارًا. مع انهيار قيمة رواتبهم، لم يستطع المسؤولون الحكوميون البقاء دون تلقي رشاوي، والتي أصبحت عملة الحياة اليومية. ازداد التعفن سوءًا بعد غزو عام 2003، عندما بدأ الضباط الأمريكيون بتوزيع الأموال في محاولة لتكوين صداقات ودفع الاقتصاد. ربما كانن نواياهم حسنة، لكن تسرعهم الأخرق كان كارثيًا، اصطفت مجموعة جديدة من الانتهازيين، بما في ذلك المنفيون العراقيون العائدون، للحصول علي عقود حكومية كبيرة. فُقدت المليارات واتسعت السرقة علي نطاق واسع بعد الطفرة النفطية عام 2008، بفضل شبكة من الأوليغارشيين بتمكين من رئيس الوزراء نوري كمال المالكي. عندما سيطر داعش علي شمال غرب العراق منتصف عام 2014، كانت القوات العراقية المكلفة بمواجهة التنظيم قوامها 350.000 جندياً، وهي أكبر بكثير من الألوية "الجهادية" المهاجمة. في الواقع، تم تدمير الجيش من خلال "الفضائيين" ، حيث كان القادة يحصلون علي مئات، بل آلاف، من الرواتب. دمرت هذه الممارسات الروح المعنوية داخل الجيش وغذت الغضب الشعبي بين المدنيين في الموصل، الذين أصبحوا أكثر تقبلاً لداعش مما كانوا عليه في السابق. وجدت دراسة حديثة لأشخاص في منطقة الموصل، بقيادة مبادرة هارفارد الإنسانية، أنهم رأوا الفساد سبباً رئيسياً لظهور داعش. مابين 125 إلي 300 مليار دولار! ليس من السهل تقدير التكلفة الكاملة لما سرق من العراق. تتم الصفقات نقدًا، ويصعب الحصول علي الوثائق وغالبًا ما تكون إحصاءات الحكومة غير موثوقة. ومع ذلك، تشير المعلومات المتاحة إلي أن العراق ربما يكون قد استنفد ثروته الوطنية بشكل غير مشروع في الخارج أكثر من أي دولة أخري. قام رجل دولة عراقي أقدم لديه خبرة طويلة في مجال التمويل بتجميع تقييم سري لمجلس الأطلنطي، وهو مركز أبحاث أمريكي، بناءً علي محادثات مع المصرفيين والمحققين والاتصالات في مجموعة متنوعة من الدول الأجنبية، وخلص إلي أن ما بين 125 مليار دولار و 150 مليار دولار يمتلكها عراقيون في الخارج، معظمها "تم الاستحواذ عليها بشكل غير قانوني". مشيراً إلي أن التقديرات الأخري تصل إلي 300 مليار دولار، وقدر أنه يتم استثمار نحو 10 مليارات دولار من الأموال المسروقة في عقارات لندن وحدها. إن الحساب الكامل يمتد إلي ما هو أبعد من الفاتورة المالية إلي الضرر الذي لحق بثقافة ومجتمع العراق، وهي النقطة التي سمعت في كثير من الأحيان أن العراقيين الأكبر سنا يثيرونها بحزن شديد خلال السنوات التي عشت فيها هناك. نماذج من حصص الأحزاب.. والوزير المستقيل قد تبدو الحياة السياسية وكأنها حرب عصابات، لكن سطحها المضطرب يخفي في معظم الأيام عملاً هادئًا ومبهجًا للنهب، في كل وزارة حكومية، يتم تخصيص أكبر الغنائم بالاتفاق غير المكتوب علي فصيل أو آخر. لدي الصدريين وزارة الصحة، ولدي منظمة بدر منذ فترة طويلة وزارة الداخلية، ووزارة النفط تابعة للحكمة. أحيانًا يواجه القادمون الجدد صعوبة في التكيف مع هذا الوضع، اكتشف أحد الوزراء السابقين -وهو تقني قضي عقودًا في الخارج- لدي وصوله إلي منصبه، أن وزارته كانت تشتري لقاحات بعقد 92 مليون دولار، وجد طريقة أخري لشراء نفس اللقاحات بأقل من 15 مليون دولار. قال لي "بمجرد أن فعلت ذلك، واجهت قدرا كبيرا من المقاومة، حملة شرسة ضدي". كانت أولويته معالجة الفجوة بين ثروة النفط العراقية ونظامها الصحي المدمر، الذي يفتقد الوصول إلي العديد من الأدوية الأساسية، أما بالنسبة لخصومه، فقد كانت الضرورة الوحيدة هي مصالحهم ومصالح أحزابهم. قرر الوزير في النهاية أن هاتين الفلسفتين لا يمكن التوفيق بينهما، واستقال. (مثل معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم في هذا المقال، تحدث بشرط ألا أستخدم اسمه. الفساد هو الطريق الثالث للسياسة العراقية: لمسه يمكن أن يقتلك أنت أو أقاربك بسهولة). الزعماء السياسيون الذين يرأسون هذا الكسب غير المشروع معروفون جيدًا. بعضهم حلفاء مخلصون للولايات المتحدة، استخدمت عائلات بارزاني وطالباني في كردستان سيطرتهم علي عقود تلك المنطقة وبنكها المركزي ليصبحوا أغنياء للغاية. المالكي وحلقة المقربين له ما زالوا يسجلون حضوراً علي الساحة السياسية العراقية. مقتدي الصدر، رجل الدين الشيعي الزئبقي، هو عراب آخر يشتهر أتباعه بمطالبتهم بعمولات ضخمة. 2014 وإثراء الفصائل كان من المفترض أن يتلقي هذا النظام هزة عام 2014، عندما استولي داعش علي المدن، لكن عوضاً عن ذلك، كانت النتيجة الرئيسية هي ظهور سلالة جديدة من الطفيليات: الميليشيات التي ساعدت في هزيمة داعش، والمعروفة مجتمعة باسم الحشد الشعبي، أو قوات الحشد الشعبي. الحشد هو اتحاد فضفاض للجماعات المسلحة، وبعضها موجود منذ عقود. في عام 2016، اعترف رئيس الوزراء حيدر العبادي بها كجزء من قوات الأمن في البلاد، ويتقاضون الآن رواتب منتظمة مثلما يحصل عليه الجنود وضباط الشرطة. من بين أقوي تلك الفصائل، كتائب حزب الله، التي تُتهم بشن هجوم علي قاعدة جوية عراقية في ديسمبر أسفرت عن مقتل مقاول أمريكي وأدت إلي اغتيال سليماني بعد أسبوع. علي الرغم من مكانتها البارزة، إلا أنها محاطة بالغموض، يقول مايكل نايتس، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني الذي تابع الفصيل منذ تأسيسه: "لا نعرف شيئًا تقريبًا عن القيادة"، إنهم مثل تنظيم الماسونيين، يمكنك أن تكون فيه وتكون في حركة أخري في نفس الوقت، لقد بنت إمبراطورية اقتصادية، من خلال شق طريقها إلي الشركات الشرعية والعقود الحكومية". مطار بغداد: هدف مشترك لكتائب حزب الله والعصائب من بين مشاريع الميليشيات الأقل شهرة والأكثر إثارة للقلق، تقدمها التدريجي للسيطرة علي مطار بغداد. بدأ الأمر قبل عدة سنوات، عندما بدأت كتائب حزب الله وميليشيا أخري مدعومة من إيران تسمي عصائب أهل الحق في وضع العمال الموالين لهما في جميع أنحاء المطار بشكل خفي، وفقا لمسؤول كبير في المطار تحدثت معه. وتمكنوا أيضًا من النفوذ إلي G4S، وهي شركة بريطانية لديها فترة طويلة. المسؤول قال أيضاً إن عقد الأمن في المطار ذهب لتوظيف عناصر الفصيلين. (لم توافق G4S علي الإدلاء بتعليق). ونتيجة لذلك، أصبح بإمكان الميليشيات الآن الوصول إلي جميع كاميرات CCTV بالمطار وإلي طريق محدود الوصول يسمي Kilometer One الذي يربط المدارج بمحيط المطار، متجاوزًا الحواجز الأمنية، قال لي المسؤول: عندما ضربت طائرة بدون طيار أمريكية قاسم سليماني وحاشيته في يناير/ كانون الثاني، كنت قد خرجت للتو من هذا الطريق). وأخبرني المسؤول، عندها كانت عناصر الميليشيات تحتجز مدير مطار بغداد تحت تهديد السلاح وأجبرته علي توظيف عنصر مخلص لها كنائب. في أواخر أكتوبر، حصلت شركة هي واجهة لكتائب حزب الله، علي عقد مدته 12 عامًا في مطاري بغداد والبصرة، تبلغ قيمته عشرات الملايين من الدولارات سنويًا، علي الرغم من أن الشركة كان عمرها شهرين فقط ولم تحصل علي الاعتماد أو الترخيص اللازم. تم إنهاء العقد في ذلك الحين، لكن الشركة التي استحوذت علي شركة صالة V.I.P. والفندق من "حسين لقيس" ما تزال في مكانها. إن مطار بغداد ليس سوي واحدة من البوابات الاقتصادية التي تسيطر عليها الميليشيات الآن. لقد استخدموا تهديد داعش لتثبيت أنفسهم في معظم الحدود البرية للبلاد. وقد سيطرت الميليشيات علي معظم التجارة عبر الموانئ الجنوبية للعراق لأكثر من عقد من الزمان. في الواقع، تعمل الميليشيات في الظل، وتفرض علي المستوردين رسومًا أعلي مقابل تسهيل الإدخال والتوصيل. لديها لجان اقتصادية وتفتتح مكاتب في بغداد، حيث يمكن للشركات الخاصة إبرام صفقات للتحايل علي القنوات القانونية في البلاد. قال لي مسؤول المطار: "علي سبيل المثال، إذا أحضرت 100 سيارة من دبي وقمت بالإجراءات القانونية، فقد يستغرق الأمر شهرين لإخلائها، أما إذا دفعت لكتائب حزب الله، علي سبيل المثال، 10000 دولار إلي 15000 دولار، فقد يستغرق الأمر يومين فقط". الوضع "مناسب" للولايات المتحدة الأموال التي غذت انحدار العراق إلي كليبتوقراطية، تنبع، في الغالب، من مجمع الاحتياطي الفيدرالي شديد الحراسة في شرق روثرفورد، نيوجيرسي. هناك، كل شهر أو نحو ذلك، شاحنة محملة بأكثر من 10 أطنان من العملة الأمريكية المغلفة بالبلاستيك، أموال بقيمة 1 مليار دولار إلي 2 مليار دولار يتم نقلها إلي قاعدة جوية وتتوجه جواً إلي بغداد. وهي تابعة للحكومة العراقية، التي توجه عائدات مبيعات النفط من خلال حساب في مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك. هذا الترتيب غير العادي هو إرث من الاحتلال الأمريكي، عندما سيطرت أمريكا مباشرة علي الحكومة العراقية وأموالها. وقد بقي الحال علي ماهو عليه لأنه يناسب كلا الجانبين: يحصل العراقيون علي وصول سريع وتفضيلي إلي الدولارات، وتحتفظ الولايات المتحدة بنفوذ هائل علي الاقتصاد العراقي. ظاهريا، الشحنات الدورية للدولار (جزء صغير من عائدات النفط الإجمالية للبلاد) هي لتلبية احتياجات شركات الصرافة والمستوردين العراقيين، الذين يحتاجون إلي أموال نقدية. أما من الناحية العملية، وجدت الكثير من الدولارات طريقها إلي أيدي من يقومون بغسل الأموال والجماعات الإرهابية والحرس الثوري الإيراني، وذلك بفضل طقوس غير معروفة يديرها البنك المركزي العراقي تحت مسمي "مزاد بيع الدولار". مزاد بيع الدولار كان مزاد بيع العملة يسمي "نظام الصرف الصحي للفساد العراقي"، ولكن نادرا ما يتم الكتابة عن أعماله الداخلية. إن مخططات الاحتيال التي تدور حوله قد غذت كل الأطراف في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك داعش. بذلت وزارة الخزانة الأمريكية جهودًا جادة لإبعاد دولارات المزاد عن أيدي داعش وإيران، لكنها غالبًا ما تغض الطرف عن أنواع أخري من غسيل الأموال. وقد وجد الإرهابيون مرارًا وتكرارًا شركات وأساليب جديدة لإخفاء مشاركتهم في المزاد، غالبًا بتواطؤ من مسؤولي البنك المركزي. تسمية مزاد مضللة؛ إنها عملية يومية يقدم فيها البنك المركزي العراقي دولارات لعدد محدود من البنوك التجارية في البلاد مقابل الدينار العراقي. قامت سلطات الاحتلال الأمريكية بتأسيسها في عام 2003 لخدمة غرضين: جمع ما يكفي من الدينارات لدفع المرتبات نقدا إلي أسطول الموظفين الحكوميين في العراق ومساعدة البلاد علي دفع ثمن الواردات التي تشتد الحاجة إليها بالدولار. من حيث المبدأ، يشبه المزاد العملية التي تستخدمها بعض الدول الأخري لتسهيل التجارة الخارجية. كان من المفترض أن تعمل علي النحو التالي: شركة تعتزم استيراد الأحذية من الهند، علي سبيل المثال، ستذهب إلي بنكها المحلي العراقي بفاتورة من شركة الأحذية الهندية. يقوم البنك المحلي بالتصديق علي المعاملة وإيداع المبلغ المطلوب بالدينار العراقي لدي البنك المركزي، والذي يقوم بتحويل الدولارات إلي حساب جهة التصدير. بدأت المشكلة بمد هائل من الأموال القذرة: العراقيون الذين سرقوا مبالغ كبيرة من خلال عقود احتيالية أو خطط رشاوي كانوا متعطشين لتداول دنانيرهم بالدولار، حتي يتمكنوا من استخدامها في الخارج. من أجل هذا، بدأت فئة جديدة من الانتهازيين بتسجيل الشركات المزيفة واختلاق الفواتير المطلوبة لمحاكاة صفقة الاستيراد، والتي سيتم تمويلها بعد ذلك عن طريق المزاد بالدولار. في غضون أيام، يمكن لشخص ما قام بالاحتيال علي بلده بالملايين، أن يصبح مالك منزل ريفي في لندن. تركت الواردات الزائفة أدلة شحيحة، لأنه تم توثيقها ببطاقات هوية وصور لأشخاص حقيقيين، يوافقون علي لعب دور مسؤولي الشركة مقابل رشوة. في كل مرة يشك فيها البنك المركزي العراقي أو بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن المحتالين سيعدلون لعبتهم في المقابل. قال لي مصرفي عراقي سابق، وهو واحد من العديد من الممولين والمسؤولين الحكوميين السابقين، "كانت هناك مكاتب صغيرة يديرها شباب لإنتاج أعمال تزوير محترفة، ثم يتكفلون بإنهاء الملف بأكمله". لتجنب دفع الضرائب علي الواردات المزيفة، سيسجل القائمون بغسيل الأموال عشرات الشركات، ويتركونها ويخلقون شركات جديدة كلما كانت ضرائبهم مستحقة. قاموا بإشراك سلطات المنافذ الحدودية، ودفعوا للمسؤولين لتزويدهم بالكشوف المزيفة بأختام تبدو حقيقية. سيطر غاسلو الأموال في نهاية المطاف علي معظم مبيعات الدولار اليومية للبنك المركزي، والتي بلغ مجموعها وفقًا لأرقام البنك المركزي أكثر من 500 مليار دولار منذ عام 2003. (هذا الرقم أعلي بكثير من كمية الدولارات الفعلية التي تم نقلها إلي العراق من الاحتياطي الفيدرالي، لأن معظم الدولارات التي يبيعها البنك المركزي هي تحويلات إلكترونية من عائدات النفط العراقي). بطيخ وطماطم إيرانية بمليارات الدولارات! كان الاحتيال واضحا في بعض الأحيان. في عام 2017، استورد العراق رسمياً ما قيمته 1.66 مليار دولار من الطماطم من إيران - أكثر من ألف مرة الكمية التي استوردها في عام 2016. كما أدرج واردات بقيمة 2.86 مليار دولار من البطيخ من إيران، بقيمة تفوق 16 مليون دولار عن العام السابق. هذه الكميات ستكون غير منطقية حتي لو لم يزرع العراق كميات كبيرة من الطماطم والبطيخ. أخبرني الاقتصاديون أن أرقام الاستيراد الرسمية هذه - التي لا تزال مرئية علي موقع وزارة التخطيط العراقية - يبدو أنها كانت محاولة تغطية سيئة لغسيل الأموال عبر المزاد بالدولار. وقد مكّن المزاد أيضًا مخططًا للاختلاس علي نطاق واسع، قام بتمرير مليارات الدولارات إلي وسطاء نافذين في العراق. استند هذا الاحتيال علي الفرق بين سعر الصرف الثابت الذي يقدمه البنك المركزي - المرتبط بالدولار - وسعر السوق المتذبذب، والذي غالبًا ما يكون أعلي بكثير. بعد فترة وجيزة من بدء المزاد في عام 2003، أدرك القائمون علي غسيل الأموال أنهم إذا تمكنوا من تزوير صفقة استيراد، يمكنهم بعد ذلك إعادة بيع الدولارات التي حصلوا عليها من البنك المركزي، وتحقيق ربح فوري من فارق السعر. بمجرد أن أدرك الزعماء السياسيون العراقيون حجم الأموال التي سيتم جنيها، سيطروا علي حق الوصول إلي المزاد. الشركات العادية والبنوك التي ترغب في القيام بالواردات أو الإقتراض المشروع تم طردها من قبل أولئك الذين يدعمون الأحزاب السياسية والميليشيات الرئيسية. ولإخفاء هذا الاستحواذ، اشتري الأثرياء البلوتوقراطيون (طبقة المتسلطين الأثرياء) الجدد، جميع البنوك التجارية المتبقية تقريبًا، وحولوها إلي مجرد معابر لأموال المزاد. من المستحيل تحديد عدد المليارات التي تمت سرقتها من خلال فارلق سعر الصرف، لكن العديد من المصرفيين السابقين والمسؤولين العراقيين أخبروني أن هذا النوع من الاحتيال يمثل معظم الواردات المزعومة التي يمولها مزاد الدولار منذ حوالي عام 2008. وتشير التقديرات بناء علي ارقام موقع البنك المركزي ومعلومات من مصرفيين عراقيين ومسؤولين ماليين، إلي نحو 20 مليار دولار، كلها سرقت من الشعب العراقي. بعض البنوك التي تحقق أرباحًا هائلة من المزاد ليست أكثر من واجهات، مع مكاتب فرعية متداعية ونادراً ما يوجد أي موظفين في تلك الشركات. اشتري أحد البنوك 4 مليارات دولار في المزاد، بإجمالي ربح 200 مليون دولار، قال لي أحد أعضاء البرلمان الذي حقق في قضايا الفساد: "لقد فحصنا هذا البنك، كان يحتوي علي غرفة واحدة وجهاز كمبيوتر وبعض الحراس". لم يكن الضرر الناتج عن الغش في المزاد يتعلق فقط بالأرباح غير المشروعة. مع تحول المصارف التجارية العراقية إلي أدوات للمراجحة (بفارق السعر)، تُركت الشركات العادية دون الحصول علي القروض التي تحتاجها للنمو. واضطر بعض المستوردين الشرعيين، غير القادرين علي الحصول علي دولارات من المزاد، إلي استخدام البنوك الأجنبية بدلاً من ذلك. من الصعب معرفة مقدار الضرر الذي ألحقه ذلك بالاقتصاد، لكن جميع المحللين الذين تحدثت إليهم قالوا إن ذلك كان مدمراً، ويجوع القطاع الخاص في البلاد ويجعل العراق أكثر اعتماداً علي عائداته النفطية، التي تم خفضها إلي النصف خلال الأشهر الأخيرة. "بطل غير مرغوب به" زعيم عراقي واحد فقط بذل جهودا جادة لكشف الجرائم المحيطة بمزاد الدولار، وكان بطلا غير مرغوب به. قاد أحمد الجلبي، المصرفي والسياسي الذي ساعد إدارة بوش في تبرير غزوها للعراق، تحقيقًا برلمانيًا في مزاد الدولار الذي بدأ عام 2014. وكشف عن وثائق تورط بعض أكبر البنوك في البلاد وأصحابها في عمليات احتيال واسعة النطاق. وبينما كان متوقعًا أن يكشف المزيد من الفضائح، توفي الجلبي بنوبة قلبية في نوفمبر 2015. (علي الرغم من التوقيت المشبوه، لم يجد تشريح الجثة أي دليل علي ارتكاب خطأ). لم يتعرض المصرفيون الذين حددهم الجلبي في تحقيقاته لأي عواقب وما يزالون يواصلون أعمالهم. يستمر المزاد حتي يومنا هذا، وكذلك غسيل الأموال والسرقة التي تحيط به. في بعض الأيام منتصف آذار الماضي، سجل الموقع الإلكتروني للبنك المركزي مبيعات بالدولار تجاوزت 200 مليون دولار - أكثر من مليار دولار في أسبوع عمل واحد- من المفترض أن تدفع جميعًا مقابل الواردات. في ذلك الوقت، كانت جائحة الفيروس التاجي تغلق الاقتصاد العراقي. قد تكون بعض هذه الواردات مشروعة، لكن المصرفيين الذين تحدثت إليهم قالوا إن الأرقام تشير إلي استمرار غسيل الأموال علي نطاق واسع. ومن العلامات الصارخة الأخري للاحتيال، إجمالي المبلغ اليومي للدولارات التي يبيعها البنك المركزي لمكاتب الصرافة العراقية، والتي من المفترض أن يستخدمها فقط العراقيون المسافرون إلي الخارج. في منتصف تموز، كانوا متوسط البيع مستمراً ما بين 10 إلي 11 مليون دولار يوميًا، علي الرغم من إغلاق مطار بغداد منذ آذار حتي 23 تموز، وما تزال قيود السفر قائمة. هناك أيضًا أدلة علي أن المزاد يواصل تقديم الأموال للجماعات الإرهابية. في تشرين الأول / أكتوبر، أصدر مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك رسالة إلي البنك المركزي العراقي يطالبه بمنع بنكين ومكتب صرافة من استخدام مزاد الدولار، مشيراً إلي أن لديه سبب للاعتقاد بأن الكيانات الثلاثة "تابعة أو متورطة في التعاملات المادية مع داعش أو جماعة لها علاقات معها. والكيانات الثلاثة مملوكة لممول يدعي حسن ناصر جعفر اللامي، المعروف أيضا في الدوائر المالية العراقية باسم "ملك الفواتير المزيفة". في كانون الثاني / يناير، أجري موظف في البنك المركزي العراقي مقابلة مع محطة تلفزيون لبنانية زعم فيها أن اللامي كان ما يزال يستخدم المزاد، من خلال بنوك أخري غير تلك التي ذكرها الاحتياطي الفيدرالي. في بعض الحالات، يبدو أن البنك المركزي تحايل عن عمد علي جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي أو وزارة الخزانة الأمريكية. في عام 2018، فرضت وزارة الخزانة عقوبات علي آراس حبيب كريم، وهو شخصية سياسية مكلفة بتوجيه الأموال إلي الحرس الثوري وحركة حزب الله اللبنانية. كما فرض عقوبات علي البنك الذي يديره، والمعروف باسم بنك البلاد الإسلامي. لكن بدلاً من تجميد أصول كريم، أمر البنك المركزي العراقي في أكتوبر بإعادة 40 مليون سهم في بنك البلاد يملكها كريم وعائلته، وفقًا لوثيقة للبنك المركزي حصلت عليها. عندما سألت مسؤولي الخزانة عن عمل البنك المركزي العراقي، قدموا بيانًا معلبًا: "تواصل الخزانة العمل بشكل وثيق مع حكومة العراق بشأن الامتثال للعقوبات الأمريكية." ضربة واحدة لن تكفي إن العراق قصة تحذير واعتبار لبقية دول العالم، توضح مدي السرعة التي يمكن أن تحققها عمليات الفساد ومدي صعوبة عكس هذه العملية. لا يستغرق غبار التواطؤ وقتًا طويلاً حتي يغطي الجميع تقريبًا، كما هو الحال في أفغانستان أو الصومال أو فنزويلا. يقول ريتشارد ميسيك، الذي أمضي عقودًا في دراسة الموضوع وهو المساهم الأول في مدونة مؤثرة تراقب الجهود العالمية لمكافحة الفساد: "يصبح نظامًا مستدامًا ذاتيًا، لا يمكنك اتخاذ إجراء في منطقة واحدة، لأنها كلها مرتبطة ببعضها البعض، لذلك عليك تغيير مؤسسات متعددة في نفس الوقت". من الصعب القيام بذلك بدون قوة خارجية، كان تدخل حكومة الولايات المتحدة ضرورياً في القضاء علي الكسب غير المشروع المنتشر في شيكاغو، الذي بلغ ذروته خلال عشرينيات القرن الماضي، عندما كان رجل العصابات آل كابوني يضع عمدة المدينة علي جدول رواتبه. هناك عدد قليل من السوابق التي نجحت فيها عملية تنظيف بلد بأكمله من الفساد في العصر الحديث، باستثناء بعض الدول الاستبدادية مثل سنغافورة، حيث قام رئيس الوزراء السابق لي كوان يو بالقمع بشدة في الستينيات. كي كارد أكبر عقبة منفردة للإصلاح في العراق هي اعتماد البلاد الساحق علي النقد، الذي يصعب تتبعه وبالتالي يسهل غسيل الأموال. إن نقل المزيد من العراقيين إلي النظام المصرفي - حيث تترك المدفوعات أثراً يمكن اقتفاؤه- كان هدفاً لدعاة مكافحة الفساد في البلاد لسنوات. لكن الانتقال من السيولة محفوف بالمخاطر بحد ذاته، فالتقنيات الجديدة عرضة للاستحواذ أيضاً من قبل الأوليغارشية، الذين يمكنهم تحويل تلك التقنيات إلي أدوات أكثر فاعلية لغسيل الأموال. تقدم واحدة من أكثر خطط الاختلاس وقاحة في العراق صورة شبه كاملة لهذا الخطر، حيث كان يهدف استخدام جهاز يسمي Qi Card، إلي دفع الدولة نحو المدفوعات الإلكترونية. تم تطويره من قبل شركة تسمي البطاقة الذكية الدولية، وهو يسمح للموظفين الحكوميين والمتقاعدين باسترداد مرتباتهم الشهرية نقدًا في أي من آلاف المحطات في جميع أنحاء البلاد. إنه ابتكار مرغوب به شعبياً، فقبل ظهور بطاقة Qi Card عام 2007، كان علي العمال في كثير من الأحيان الانتظار في الطابور لساعات خارج أحد البنوك الحكومية للحصول علي أموالهم. تتنافس الشركة الآن مع شركات بطاقات صغيرة أخري، وتعلن عن نفسها عبر لوحات إعلانية ضخمة تحت شعار "انضم إلي أكبر عائلة". إنها تقدم نفسها كشركة تقنية محلية تساعد في إدخال العراق إلي عصر المعلومات، مع صور علي موقعها علي الإنترنت لعمليات التسجيل البيومترية والعملاء السعداء الذين يسددون المدفوعات النقدية، لكن ارتباطها بتوزيع رواتب موظفي الدولة منحها قوة هائلة. عام 2019، وفقًا لتقرير صادر عن البنك المركزي، دفعت الحكومة ما يقارب 47.5 مليار دولار لموظفيها والمتقاعدين - وهو مبلغ ضخم لبلد بحجم العراق - وقد مر معظم ذلك من خلال Qi Card. هذا يجعل الأمر أكثر جاذبية، حيث يبدو أن الشركة تعمل دون إشراف تقريبًا، وفقًا للمسؤولين الذين تحدثت معهم والوثائق التي حصلت عليها من وزارة المالية العراقية والبنك المركزي. لقد تجاوزت متطلبًا قانونيًا لدمج نظام الدفع الخاص بها مع شبكة الدفع الوطنية للبطاقات. وهو ماكان سيسمح للبنك المركزي بمراقبة التعاملات. تصف الوثائق الجهود المحبطة لجعل Qi Card مسؤولة عن معاملاتها، إلي جانب شكاوي المتقاعدين العراقيين الذين يقولون إن Qi Card قد استُخدمت للاقتطاع من رواتبهم. (قال الرئيس التنفيذي لشركة Qi Card، الذي تم الوصول إليه عبر البريد الإلكتروني، إن الشركة تلتزم بجميع اللوائح ذات الصلة وأن معاملاتها تخضع للمراقبة المباشرة من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلي مراجعتها بشكل دوري من قبل المؤسسات المستقلة). "الفضائيون في الحشد الشعبي" تحت هذا التعتيم علي البيانات، يتم استخدام بطاقة Qi Card من قبل شخصيات الميليشيات المدعومة من إيران الذين يديرون مخطط "موظفين أشباح" (فضائيين) علي نطاق واسع لسرقة مئات الملايين من الدولارات من الرواتب الحكومية، أخبرني العديد من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك شخص قريب من المكتب المالي للحشد. أخبرني هذا المسؤول أن الحشد سجل حوالي 70.000 جندي (فضائي) للمدفوعات الإلكترونية عبر بطاقة Qi Card. (لم يكن من الواضح ما إذا كان هذا قد تم بمعرفة مدراء Qi Card أو دون علمهم). كان (الجنود الأشباح) نموذجاً من نماذج التمويل الذاتي لضباط كبار في الجيش والشرطة العراقية لسنوات، ولكن يبدو أن Qi Card قد سمحت بنقل هذه الخدعة إلي مستوي أعلي. يبلغ متوسط راتب أحد أعضاء الحشد حوالي 1000 دولار شهريًا، مما سيجعل إيرادات البرنامج أكثر من 800 مليون دولار سنويًا. أخبرني المسؤول أن هذه العملية تمت بسرية تامة من قبل شخصيات قوية ذات علاقات عميقة مع إيران، بما في ذلك أبو مهدي المهندس زعيم الميليشيا الذي اغتيل في يناير مع قاسم سليماني. تحقق Qi Card أيضًا أرباحًا هائلة من الرسوم التي تفرضها علي المعاملات الإلكترونية. أخبرني مسؤول عراقي كبير آخر أن بعض هذه الأرباح يتم تقاسمها مع شخصيات بارزة أخري تدعمها إيران. قال لي المسؤول إن مؤسس Qi Card، وهو رجل أعمال يدعي بهاء عبد الهادي، بقي بعيداً عن النقد لسنوات من خلال إقامة علاقات تجارية مع أقوي أفراد العراق، بما في ذلك قادة الميليشيات الذين تربطهم علاقات وثيقة بإيران. واحد منهم هو عمار الحكيم، وهو رجل دين شيعي بارز وثري سياسي. آخر هو شبل الزيدي، الأمين العام لميليشيا تدعي كتائب الإمام علي، الذي أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه في 2018 بسبب تعاملاته المالية مع الحرس الثوري وحزب الله. صلة ثالثة مع نصر الشمري، زعيم جماعة أخري مدعومة من إيران تسمي حزب الله النجباء. (لكن متحدثة باسم Qi Card أخبرتني أن عبد الهادي لا علاقة له بالحكيم أو الزيدي أو الشمري). في الوقت نفسه، بذلت Qi Card جهودًا للتعبير عن نفسها للمسؤولين الأمريكيين، والتي يبدو أن بعضها قد نجح. في أوائل عام 2018، اقترح أحد المساعدين الجدد لترامب، ماكس بريموراك، علي وكالة تابعة للأمم المتحدة أن تستخدم بطاقة Qi للمعاملات، وفقًا لتقرير نشر في مايو من قبل ProPublica. كان "بريموراك" يقوم بأعمال استشارية في ذلك الوقت لشركة Markez، وهي شركة أمريكية عراقية استأجرتها شركة Qi Card. أفادت ProPublica أن الأمم المتحدة لم تتعاقد مع شركة Qi Card، لكن عرض "بريموراك" أثارت شكوي أخلاقية من قبل مسؤول في وزارة الخارجية. (عندما سُئل عن الشكوي، رد "بريموراك" بإرسال مذكرة تشير إلي أنه لم يتم فتح تحقيق). ومضي ليصبح مساعدًا لنائب الرئيس مايك بنس. إن محاولات Qi Card في النفوذ إلي الأوساط الأميركية الأمريكية تذكر بأن الفساد يمكن أن يشمل أكثر بكثير من المكافآت والملاذات الضريبية. ساعدت الأزمة المالية العالمية لعام 2008، التي كشفت عن روابط مشبوهة بين السياسيين والمضاربين، في تغذية الحركات الشعبوية التي لا تزال تزعج أوروبا والتي تسببت بانتخاب دونالد ترامب، الذي جعل الفساد وصفًا مناسبًا بشكل متزايد لحياتنا السياسية الخاصة حتي عندما كان يلفظ الكلمة بشكل عشوائي علي خصومه. مشروع صدر القناة بعد ظهر يوم دافئ في شباط / فبراير، سافرت إلي موقع بناء في شرق بغداد يسمي صدر القناة. إنه شريط ضيق من الأراضي الشاغرة - متوسط تقريبًا - يمتد لمسافة 15 ميلًا بين جانبي طريق سريع رئيسي علي الحافة الغربية من حي مدينة الصدر الفقير، مع قناة في المنتصف. وقد تحدثت سلطات مدينة بغداد لسنوات عن مشروع طموح لتحويل الممر إلي منطقة ترفيهية واسعة في الهواء الطلق، تشمل الملاعب الرياضية والحدائق والمطاعم والملاعب. سيتم بناء الجسور المزخرفة فوق القناة، حيث يركب الزوار ذهابًا وإيابًا علي متن القوارب. في عام 2011، وقعت حكومة المحافظة عقدًا مع ثلاث شركات إنشاءات مقابل 148 مليون دولار تقريبًا. اليوم، الموقع عبارة عن مكب نفايات كئيب مع القليل من الدلائل علي أنه تم إنفاق أي شيء عليه. عند النزول من الطريق السريع علي العشب، غاصت أقدامي بالقمامة البلاستيكية. مشيت ذهاباً وعودة لمدة 20 دقيقة أو نحو ذلك ووجدت بعض علامات البناء فقط: ملعب أطفال جاهز رخيص يجمع الغبار، واثنين من المخابئ الخرسانية غير المكتملة، في القناة المبطنة بالخرسانة، بدت المياه نتنة. حوار مع أحد الحيتان! يبدو أن لا أحد يعرف بالضبط ما حدث للأموال التي ألقيت في صدر القناة، لكن تقرير هيئة النزاهة العراقية يشير إلي ملاحظات مألوفة للأسف: تأخيرات وخلافات ومحافظ سابق هرب مع أحد نوابه من البلاد بعد" مما تسبب في ضرر متعمد لأكثر من 12 مليون دولار، "معظمها، من المفترض، انتهي به الأمر في جيبه. هناك مشاريع مثل هذه في جميع أنحاء العراق. رافعات مهجورة تصدأ، مساجد نصفية ومشاريع إسكان. العديد منها مقيد في النزاعات القانونية والسياسية. أنفقت مليارات الدولارات علي الكهرباء، ومع ذلك لا يزال العراق يعاني من انقطاع التيار الكهربائي حتي 20 ساعة في اليوم. يستخدم العراقيون مفردة في وصف رجال الأعمال المشهورين وسماسرة النفوذ الذين ينموون ويثرون علي حساب بلادهم: "الحيتان". يقال علي نطاق واسع أنهم فوق القانون. لقد تم تحذيري مرارًا، أثناء كتابة هذا المقال، بأن حياتي ستكون في خطر كبير إذا واجهت أيًا منهم بشأن أنشطته غير المشروعة. لكنني تمكنت في النهاية من التحدث إلي حوت. لقد كان عملاق بناء عراقي وأخبرني أنه قضي سنوات في الدفع للسياسيين من أجل الحصول علي عقود بقيمة ملايين الدولارات. ووصف عالمًا من صفقات الغرف الخلفية التي تشترك فيها المنافسات القاتلة، وتتحول التحالفات السياسية بسهولة وتكون العملة النهائية هي "النقد، دائمًا بالدولار، مقدمًا دائمًا". كان من الواضح أنه وافق علي الكسب غير المشروع باعتباره أمراً واقعاً، لم يشعر بأي قلق أو ذنب حيال ذلك، كان لديه مكاتب ومنازل في بلدان متعددة، لكنه تحدث باللهجة العراقية الحزينة كرجل متواضع المستوي التعليمي. تعرفت عليه عبر مسؤول حكومي قابله من خلال صديق. كان من المستحيل بالنسبة لي التحقق من تفاصيل القصص التي رواها. لكنها متسقة مع كل شيء سمعته من المطلعين علي الحكومة والمصرفيين حول طريقة عمل الفساد علي مستوي عال. تحدثنا عبر الهاتف لمدة ساعتين تقريبًا، أخبرني عن صفقة واحدة تمكن من إدارتها، وهو مشروع بناء كبير خصصت فيه الحكومة حوالي 40 مليار دينار (حوالي 33.6 مليون دولار). "في الواقع، أنفقت حوالي 10 مليارات دينار فقط علي البناء. أما بقية المبلغ، فقد ذهب معظمه إلي الدفع للمسؤولين الحكوميين والحزبيين، إلي جانب نفقات أخري. والباقي، حوالي خمسة مليارات دينار (4.2 مليون دولار) ، كان ربحاً صافياً". أعضاء مجالس المحافظات يعرضون "خدماتهم" أخبرني أنه علي مدي السنوات الست أو السبع الماضية، تم انتخاب محافظي المحافظات العراقية - الذين يتمتعون بسلطة كبيرة علي العقود - بشكل حصري تقريبًا من خلال صفقات مع رجال الأعمال الذين يدفعون لأعضاء مجلس المحافظة (الذي ينتخب المحافظ) مقابل حصة من عقود المحافظة. وقال: "أي شخص لديه المال يمكنه التلاعب بهذه الأشياء". وقد صيغت الصفقات بشكل متقن، حيث قام نواب المحافظين الموالون للأحزاب السياسية المختلفة بتقسيم العائدات المتوقعة من العقود اتضخمة. وقال إن عقدا كبيرا يمكن أن يوفر عمولات كافية لتغطية تكاليف رشوة انتخاب المحافظ. إن المسؤولين الحكوميين ليسوا مجرد متلقين سلبيين للرشاوي. قال لي إن أعضاء مجلس المحافظة، "يطرقون أبواب رجال الأعمال ويقولون، كيف يمكننا المساعدة؟ هل لديك شخص تريد تسقيطه؟ هل هناك مؤامرة تريد الترويج لها؟ شخص تريد إحالته إلي هيئة النزاهة؟ "هذه الفنون المظلمة تتجاوز الولاء الحزبي. المال هو كل ما يهم. وقال: "إذا كنت تريد التآمر ضد حزب الدعوة، فإن أعضاء مجلس المحافظة من هذا الحزب سيتعاونون معك" إذا دفعت لهم. وأخبرني أنه خلف كل هذه الصفقات، تتواري الميليشيات وتقتحم تلك الصفقات، وتأخذ حصصها من المال. وقال: "إن أي رجل أعمال أو أي مالك بنك لا تدعمه ميليشيا لن يتمكن من العمل". لا شيء من هذا يمثل مفاجأة للعراقيين. لقد أصبحوا متشائمين لدرجة أنهم يرون الآن حتي مختلف هيئات مكافحة الفساد في البلاد كأدوات للابتزاز والرشوة. للأسف، هذه ليست تهمة لا أساس لها من الصحة تماما. عندما كنت في بغداد، ذهبت لرؤية مشعان الجبوري، وهو رجل أعمال وسياسي مشهور بتصريحاته ضد الفساد. الجبوري هو رجل كبير عمره 63 عاما وله رأس أصلع وعيون بارزة وأصبح أيقونة لصراع بلاده مع الفساد. كان رجل أعمال في الثمانينيات وهرب من البلاد في نهاية العقد للانضمام إلي المعارضة. في عام 2006، اضطر الجبوري إلي الفرار من العراق مرة أخري بعد اتهامه بمخطط ابتزاز متقن يتضمن هجمات علي أنابيب النفط. لكنه استعاد وضعه، وانتخب في البرلمان وانضم إلي لجنة مكافحة الفساد البرلمانية. قال لي الجبوري بينما كنا نجلس في منزل يمتلكه في حي الحارثية: "الكل متورط، متدين، علماني، في القري، في المدن، من كبار القادة إلي الحمالين، أصبحت ثقافة، إنه شيء يفخر به الناس". في عام 2016، تصدّر الجبوري عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم بإخبار أحد مراسلي الجارديان بأنه فاسد أيضًا. أخذ رشوة بقيمة 5 ملايين دولار من رجل أراد منه أن يتخلي عن تحقيق في الاحتيال. وقال للصحيفة "علي الأقل أنا صريح بشأن ذلك". عندما رأيته في فبراير، تخلي الجبوري عن اعترافه، مدعيا أنه اخترع قصة الرشوة البالغة 5 ملايين دولار. حدقت به بعدم ثقة. رد علي: "كنت بحاجة إلي هز المجتمع". وأضاف أن مثل هذه الأكاذيب لم تعد ضرورية الآن، "إن الاحتجاجات الحالية تفعل ذلك". تظاهرات تشرين بالنسبة لأولئك الذين يراقبون من قارة أخري، كانت التظاهرات التي انتشرت في مدن العراق أكتوبر الماضي، تبدو وكأنها انفجار مفاجئ للغضب. في الواقع، كان هذا الغضب يغلي لسنوات في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد. أحد قادة الاحتجاجات الذين التقيت بهم كان موسي البالغ من العمر 28 عامًا، ترعرع في أسرة زراعية فقيرة في مدينة السماوة جنوب العراق. (طالبني ألا أستخدم اسمه الأخير لأنه لا يزال مختبئًا ويخشي التداعيات) مثل العديد من الآخرين الذين تحدثت إليهم. اصطدم موسي مرارًا بوحشية اقتصاد العصابات في العراق، حيث تكون المؤهلات الحقيقية غالبًا غير مهمة، وتأتي معظم عروض العمل بسعر رشوة كبير، يعادل راتب عدة أشهر. بعد أن أمضي خمس سنوات في الحصول علي درجة متقدمة في العلوم البيطرية، لم يتمكن من العثور علي وظيفة بيطرية، باستثناءعقد لمدة عام واحد يستلم لقاءه 200 دولار شهريًا، تم فصله منه بعد أن رفض عرض رئيسه بالانضمام إلي ميليشيا. لم يكن لديه خيار سوي الحصول علي وظيفة في مديرية الكهرباء، التي كانت تدفع 375 دولارًا في الشهر. بدأ تمرد موسي قبل أكثر من عامين، عندما أخبرني أنه وجد وثائق تشير إلي أن مديره في وزارة الكهرباء أصبح ثريًا من خلال الحصول علي رشاوي علي العقود الحكومية. ساعد موسي في تنظيم احتجاجات تطالب بإقالة رئيسه. علي مدار العام التالي، بدأ في إجراء اتصالات مع شبان آخرين في جميع أنحاء العراق لديهم تجارب مماثلة ويبادلونه الهموم. يعتقد الكثير منهم أن بلادهم أصبحت تابعة لإيران والبلطجية المسلحين المحليين. بحلول صيف عام 2019، كانت مجموعات من شبكات الاحتجاج المحلية تتحول إلي شيء أكبر. كان موسي من بين المنظمين الذين دعوا إلي ثورة وطنية تبدأ في الأول من أكتوبر. بعد أسبوع، وجد نفسه جالسًا علي أريكة أمام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. خارج أبواب الوزارة الخشبية العالية، كانت البلاد مشتعلة. وقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات مع الشرطة، وكان الاقتصاد في حالة جمود. كان عبد المهدي يائساً من استعادة النظام، ودعا موسي وثمانية قادة احتجاج آخرين للاستماع إليهم. أعطاه موسي قصاصة ورقية تحدد مطالب المحتجين، قرأها بسرعة وصمت. كانت مكافحة الفساد إحدي المطالب، بعد حوار قصير، قال أحد مستشاري عبد المهدي: "أعطنا قائمة بأكثر الشخصيات فساداً". قال لي موسي إنه كان محتاراً وغاضبًا بسبب الطلب، كان يعلم بالفعل أنه مطلوب للقبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية. بعد ذلك بوقت قصير، سيُرغم علي الاختباء، مثل العديد من قادة الاحتجاج الآخرين. كان يعلم أيضًا أن بعض الشخصيات الأكثر فسادًا في البلاد قد تم الترحيب بهم علي الأريكة نفسها. أجاب: "هذه ليست وظيفتنا، هذه وظيفتك". توترت الأجواء، وانتهي الاجتماع بعد 10 دقائق فقط. أعلن رئيس الوزراء بعد فترة وجيزة أن الحركة الاحتجاجية كانت بلا قيادة. الشيء نفسه ربما قيل عن حكومة عبد المهدي المتعثرة. بعد أقل من شهرين، من مواجهة احتجاجات أوسع نطاقا وارتفاع حصيلة القتلي، أعلن عبدالمهدي استقالته. الميليشيات في وضع الدفاع للمرة الأولي لقد فاجأ عمق حركة الاحتجاج وغضبه الجميع. كانت الميليشيات في وضعية الدفاع للمرة الأولي مرة منذ سنوات، حيث سخر منها بعض المتظاهرين ووصفوها بالعمالة لإيران. حتي أن بعض أعضاء الحشد الشعبي شاركوا في الحراك. وصف لي أحدهم مكالمة هاتفية متوترة أخبر فيها رئيسه السابق: "إنها ثورة ضدك". في كانون الأول / ديسمبر، أقر البرلمان العراقي قانونًا تاريخيًا يسمح لهيئة النزاهة في البلاد بالتحقق من دخل الموظف العام مقابل أصوله وفرض غرامات كبيرة أو حتي السجن إذا لم يتمكن من إظهار مصدر شرعي للحصول علي المال. كان هناك طلب جديد علي المساءلة يتسرب إلي جميع أنواع الأماكن غير المتوقعة. في بغداد ، قابلت محامية شابة تدعي مروة عبد الرضا، أخرجت هاتفها الخلوي وعرضت لي وثائق عن فضيحة صغيرة غريبة في نقابة المحامين العراقيين، والتي قدمت نفقات عالية للغاية لبناء حمام سباحة. تم الكشف عن الاحتيال قبل يوم واحد فقط، قبل أن يتاح لأي من المحامين فرصة ارتداء ثوب السباحة. وقالت: "في الماضي، كان هناك الكثير من الإنفاق ولا شكاوي". "الآن، المحامون يتحدثون بصراحة." ساعدت روح الحركة الاحتجاجية التي لا هوادة فيها في إبقائها علي قيد الحياة - علي الأقل حتي تفشي الوباء – لكن تأثيرها أصبح محدوداً مع مرور أشهر، رفض المتظاهرون بشدة ترشيح أي شخص للمنصب. وبدا أنهم عالقون في حلقة مفرغة. أرادوا تغيير النظام، لكن أي شخص يقترب من هذا النظام، حتي نيابة عنهم، يصبح مشبوهًا علي الفور. أبطالهم الوحيدون هم رفاقهم الشهداء، الذين تظهر وجوههم في الكتابة علي الجدران والملصقات في جميع أنحاء ساحات الاحتجاج. في قلب حركة الاحتجاج في العراق، هناك صراع من أجل التحرر من تاريخ البلاد المعذّب. يفهم الكثير من الجيل الأصغر سنًا أن العراق - مثل العديد من المستعمرات السابقة الأخري عبر إفريقيا وآسيا - رفع في كثير من الأحيان رجاله العسكريين ورجال الدين إلي آلهة، ليتحولوا إلي وحوش. وهذا أحد أسباب رفض المتظاهرين تفويض أي زعيم لتمثيلهم. إنهم يعرفون أن ما يهم الآن هو العمل الدؤوب لبناء المؤسسات، وليس فكرة وجود منقذين. لكنهم أيضًا توّاقون لشخصيات عامة رائعة. مثل أي شخص آخر، يريدون أن يكون لهم مصدر إلهام وقيادة. عبدالوهاب الساعدي ظهر أحد القادة في وقت مبكر من الاحتجاجات، عبد الوهاب الساعدي هو أحد كبار مسؤولي مكافحة الإرهاب في العراق. إنه محبوب في جميع أنحاء البلاد ليس فقط بسبب سجله العسكري - فقد قاد سلسلة من المعارك الحاسمة ضد داعش - ولكن أيضًا لأنه، وحده تقريبًا بين الضباط العراقيين، ليس متحزباً، ويقال إنه غير متورط بالفساد والرشاوي. في سبتمبر الماضي، قام رئيس الوزراء العراقي بتهميشه فجأة. سرعان ما اعتبره المحتجون ضحية تم التخلص منه لأنه لم ينخرط في يلعب اللعبة. (كان هذا صحيحًا جزئيًا، علي الرغم من أن التنافسات بين الفصائل لعبت دورًا أيضًا). بدأ المحتجون بحمل صور الساعدي وهم يرددون اسمه. وطالب البعض بترشيح الساعدي خلفا لعبد المهدي رئيسا للوزراء. كان رد فعل الساعدي مثيراً، قال إنه رجل عسكري غير مؤهل لشغل منصب سياسي. أصيب بعض المتظاهرين بخيبة أمل، لكن البعض آخرين كانوا مسرورين، حيث اعتبروا تخليه إشارة إلي رفعته. الساعدي يبلغ من العمر 57 عامًا ، وله ملامح نحيفة، وله جو من الرصانة المنعزلة وشعر رمادي. علي الرغم من كونه شيعياً، إلا أن أهالي الموصل - وهم أغلبية سنية – يعتبرونه المحرر من داعش، وفي العام الماضي أقيم تمثال له هناك. (قامت الحكومة، -التي شعرت أنها مهددة- بإزالة التمثال قبل أن تتم إزاحة الستار عنه). عندما التقيت به في فبراير، بدا الساعدي مستمتعاً بشكل اعتيادي بالاهتمام الذي كان يحظي به. أخبرني عن سلسلة من المكالمات الهاتفية التي تلقاها من أصحاب النفوذ السياسي، وجميعهم يأملون في تجنيده أو الحصول علي تأييده. قال باستخفاف وهو يسحب سيجارة: "يريد رئيس الوزراء أن يوظفني لكسب الرأي العام". بدا الساعدي غير مرتاح في الحديث عن نفسه. لديه نوع من التواضع الصارم، وكثيرا ما تكون يداه محشورتان في جيوبه، ونظرته ثابتة كما لو كان يقيم بهدوء مناورة ميدانية. بالنسبة لأي شخص معتاد علي أخلاق الشخصيات السياسية العراقية، يشكل الساعدي نقطة فارقة. وحيث أنهم غالبًا ما يكونون ممتلئين بالحيوية بالثراء، فهو هزيل ومتذمر. غالبًا ما يمتلكون الساسة العراقيون منازل في لندن وعمان؛ لكن الساعدي يعيش في شقة في بغداد. ليس لدي دليل علي أن الساعدي لم يتورط بالفساد من قبل. ولكن هناك الكثير من الناس في العراق الذين يرغبون في إحراجه، ولم تظهر أي أدلة مساومة. إنه غير فاسد لدرجة أنه عندما انضم ابنه إلي الجيش، رفض استخدام منصبه الخاص لمساعدة الصبي بأي شكل من الأشكال - وهو مستوي من النزاهة الشخصية التي اعتبرها بعض زملائه غير طبيعية. عندما سألته عن ذلك، أخبرني أن والده توفي وهو صغير، وأعدم صدام حسين شقيقه الأكبر، واضطر إلي شق طريقه الخاص، أراد أن يمر ابنه بالتجربة ذاتها، قال لي الساعدي: "قلت له، عليك الاعتماد علي نفسك، ولا علاقة لي بذلك". "لم أساعده أبداً في الرتبة والعطلات والامتيازات". ذات مساء يوم الجمعة، التقيت الساعدي في مقهي يدعي رضا علوان، في حي من الطبقة المتوسطة. جلسنا علي مائدة في الهواء الطلق، محاطة بمسودات دافئة من القهوة والهيل والتبغ المنكه. لديه سلوك قاسٍ وصامت، لكنه استرخي قليلاً عندما تحدثنا عن السياسة والتاريخ، مع انقطاع متكرر من الزبائن الذين أرادوا مصافحة أو صورة شخصية مع بطل الموصل. منحهم الساعدي ابتسامة خجولة، وعندما سألوه عما إذا كان سيلعب دورًا في الحكومة الجديدة، كان يلوح لهم بعبارة "إن شاء الله" غير الملزمة. (بعد لقائنا، أعاد رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفي الكاظمي ترقية الساعدي). ثم حاولنا مغادرة المقهي. وبمجرد وقوفه، تعرف عليه الناس في الشارع، وكان محاطًا بحشد كبير من المعجبين. صبر علي الصور الشخصية وصافح. تباطأت السيارات للحصول علي نظرة. "مرحبًا، انظر، إنه الساعدي!" سمعت شخصاً يصرخ، بدأت امرأة بالهتاف،. كان حراسه الشخصيون يبدون متوترين، لكن لم يكن بإمكانهم فعل شيء. الكل أراد لحظة مع الساعدي. بعد 15 دقيقة، كان ما يزال علي بعد أمتار قليلة من المقهي، وكان الشارع غير سالك. بدأ رجل في منتصف العمر بارتجال أهزوجة عن الساعدي ودوره في إنقاذ العراق من داعش، صفق المتفرجون علي وسعدوا بها. ركض سائق تاكسي شاب يرتدي جلابية سوداء، وشق طريقه وسط الحشد وبدأ يخبر الساعدي أن شقيقه قتل في ساحة الاحتجاج في بغداد. وشكر الساعدي علي كل ما فعله. صعد جندي يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص وبدأ يتوسل الساعدي ليصبح وزير الدفاع المقبل. ثم دخل ضابط شرطة قائلاً: "نريده وزيراً للداخلية". وقفت في الظلام، تأثرت بمشاهدة تلك الوجوه الطموحة المليئة بالأمل. كل ما يطالبون به هو أمور مسلّم بها، علي الأقل في الوقت الحالي: موظفون صادقون نسبيًا، شوارع نظيفة، وضباط شرطة لا يطلبون الرشاوي، إنهم يريدون دولة. -------- روبرت ف. وورث، كاتب وصحفي أميركي، غطي النزاعات حول العالم، بما في ذلك في كوسوفو والعراق وأفغانستان. نص التقرير: https://www.nytimes.com/2020/07/29/magazine/iraq-corruption.html
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت اصدر مسرور البارزاني ثلاثة اوامر بعد اقل من اسبوعين من مباشرتة رئيساً لحكومة الاقليم، وذلك لتخويل آشتي هورامي للتعامل مع ملف نفط الاقليم، فالآن آشتي هورامي هو مساعد رئيس الوزراء ولكن بصلاحيات الوزير، نُشِرَ في وقائع كوردستان امران من الاوامر الثلاثة لمسرور البارزاني، والامر الثالث المرقم (١٢) سري ومكتوب باللغة الانطليزية، ينشر (الحصاد) تفاصيل هذا الامر لمسرور البارزاني. يوم مباشرة مسرور البارزاني أدّي مسرور البارزاني يوم العاشر من شهر تموز ٢٠١٩ اليمين القانوني رئيساً لمجلس وزراء حكومة اقليم كوردستان، لكنة باشر فعلياً في ١٥ تموز ٢٠١٩. اول عمل قام بة مسرور البارزاني في اليوم الاول من مباشرتة في منصب رئيس الوزراء كان اصدار الامر رقم (٤)، في هذا الامر عَيَّنَ رئيس الوزراء، (آشتي هورامي) مساعداً لة لشؤون الطاقة، وكان هذا الامر بمثابة سابقة في مجلس وزراء اقليم كوردستان بإستحداث منصبً كهذا، انْتُقِدَ هذا الامر لمسرور البارزاني كثيراً في وقتة، وتحديدا من لدن اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) الذي هو شريك اساسي للبارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) في تجربة الحكم في اقليم كوردستان منذ (٢٨) عاما، وكان مصدر انزعاج اليكيتي هو ان منصب مساعد رئيس الوزراء في حكومة اقليم كوردستان ليس منظما بأية فقرة قانونية لا في قانون مجلس الوزراء ولا في النظام الداخلي للحكومة ولا حتي في قانون النفط والغاز لم يتم ذكر هكذا منصب في الحكومة. رغما عن ان منصب مساعد رئيس الوزراء كان منصبا مستحدثا خارج القوانين النافذة في اقليم كوردستان، منح مسرور البارزاني في الامر رقم (٤) مجموعة من الصلاحيات لـ(آشتي هورامي) كمساعد لة في شؤون الطاقة، بمعني ان وظيفة هورامي تغير من مساعد مشاور الي مساعد لة صلاحيات التنفيذ، وهذا ما يقال لة "بناء الباطل علي الباطل". الصلاحيات التي منحها مسرور البارزاني في الامر رقم (٤) لـ(آشتي هورامي) هي : • متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات حكومة اقليم كوردستان – العراق في مجال النفط والغاز، وفقا للمادة السادسة من قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان – العراق، المرقم ٢٢ عام ٢٠١٧، وبالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء. • تقديم التوصيات لرئيس مجلس الوزراء في مجل الطاقة. • التنسيق مع الجهات المعنية في مجال الطاقة في حكومة اقليم كوردستان – العراق. • تنفيذ الوظائف الخاصة التي يكلف بها من قبل رئيس مجلس الوزراء في مجال الطاقة. • الحضور في اجتماعات مجلس النفط والغاز للإقليم وفقا للمادة الرابعة من قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان – العراق، المرقم ٢٢ عام ٢٠١٧، وصياغة اجندة الاجتماعات. منح صلاحيات وزير الموارد الطبيعية لـ(آشتي هورامي) من قبل مسرور البارزاني ينظر الية كخرق كبير للقوانين في اقليم كوردستان، لأن مسرور البارزاني ادي اليمين القانوني امام برمان كوردستان كرئيس للوزراء وليس كوزير للموارد الطبيعية، لذا ليس بمقدورة منح صلاحيات وزارة ليست في عهدتة لشخص آخر، وهذا يعني ان البارزاني منح ما ليس لة لشخص آخر. مضي عام وشهرين علي مباشرة الكابينة التاسعة لحكومة اقليم كوردستان، حتي الآن لم يملأ منصب وزير الموارد الطبيعية، وهذا المنصب في هذة الكابينة من نصيب البارتي، افاد المسؤولون في البارتي مؤخرا انهم بصدد ارسال اسم مرشحهم لشغل منصب وزير الموارد الطبيعية الي البرلمان بهدف منح الثقة، والظاهر للعيان حتي الآن انة من الممكن ان يكون (شيخ باز) المدير التنفيذي لشركة "كار" هو مرشح البارتي لمنصب وزير الموارد الطبيعية. أمران ومحتوي واحد! اللافت للنظر، بعد اصدار الامر رقم (٤) في اليوم الاول من مباشرتة، وبعد يومين وفي يوم ١٧ تموز اصدر مسرور البارزاني امرا آخر تحت رقم (٩) وبنفس محتوي الامر رقم (٤)، ومنح مجددا نفس الصلاحيات للهورامي. الامر رقم (٤) والامر رقم (٩) لمسرور البارزاني تم نشرهما في صحيفة وقائع كوردستان، ولا يُعْرَف لِمَ اصدر رئيس الوزراء في غضون يومين امرين للهورامي برقمين مختلفين ولكن بنفس المحتوي. امر سري! بعد اسبوع من اصدار الامر رقم (٩)، اصدر مسرور البارزاني رئيس مجلس الوزراء لحكومة الاقليم في يوم ٢٤ تموز ٢٠١٩ الامر الثالث لـ(آشتي هورامي)، وهذا الامر يوجد باللغة الانطليزية فقط و وُجِّةَ الي المحاكم والشركات النفطية، والملفت للنظر ان هذا الامر لم ينشر حتي الآن في صحيفة وقائع كوردستان، وهذا في حين انة وفقا للقوانين النافذة في اقليم كوردستان، ان اي امر او قانون يدخل حيز التنفيذ يجب نشرة في تلك الصحيفة باللغتين الكوردية والعربية لغرض معرفة المواطنين لمحتواة. الامر رقم (١٢) لمسرور البارزاني يمكن النظر الية كأمر سري من خلف مؤسسة الحكم في اقليم كوردستان، الامر الذي يخص ملف النفط، سريتة يؤكد مرة اخري ان ملف نفط الاقليم يدار بشكل غير شفاف. ماذا يقول الامر رقم (١٢)؟ حصل (الحصاد) علي نص ذلك الكتاب السري لمسرور البارزاني من شركات تعمل في مجال النفط في اوروبا. وفقا للامر رقم (١٢)، وضع مسرور البارزاني مجددا نفسة موضع وزير الموارد الطبيعية ومنح كافة صلاحيات الوزير لنفسة وقام بعد ذلك بنقل الصلاحيات الي آشتي هورامي مساعد رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، هذا في الوقت الذي لم يُسْنَدْ حقيبة وزارة الموارد الطبيعية لأي شخص ولم يُكَلَّفْ بأي قرار اي شخص حتي بالوكالة لشغل ذلك المنصب ليتم عن طريقة نقل الصلاحيات الي آشتي هورامي. وبحسب محتوي الامر رقم (١٢)، منح مسرور البارزاني هذة الصلاحيات والسلطات الي الهورامي : • يعتبر آشتي هورامي كوزير للموارد الطبيعية. • خُوِّلَ آشتي هورامي ومُنِحَ كافة صلاحيات وسلطات وزير الموارد الطبيعية. • مُنِحَ آشتي هورامي حق المشاركة في اجتماعات مجلس نفط وغاز اقليم كوردستان وتقديم الاستشارات والتعليمات، كما خُوِّلَ استخدام صوت وموقع وزير الموارد الطبيعية. • خُوِّلَ آشتي هورامي ان يصدر التعليمات والاوامر في مجال النفط والغاز، التصفية، نقل الوقود، العقود، وتحليل العقود، وسياسة الغاز. • جمع وقبض الاموال من الشركات النفطية العاملة في مجال نفط وغاز اقليم كوردستان. • إعطاء المستحقات المالية لشركات النفط مثل اموال عقود نقل وبيع النفط. • اجراء المفاوضات وتوقيع العقود مع الشركات الناقلة للوقود، المنتجات النفطية، التصفية، بيع المنتجات النفطية والعقود المماثلة. • اخذ القرارات بخصوص المشاكل مع الشركات النفطية، اجراء المفاوضات وعقد الاتفاقات وحسم مشاكل العقود. • تقديم التعليمات، التوجيهات، القرار علي توحيد الحقول النفطية، التنمية المشتركة. • صلاحيات ايقاف وصرف اموال المستشارين والخبراء والمستشارين القانونيين والمدققين والمحاسبين والمستشارين الآخرين بالشكل الذي يراة مساعد رئيس الوزراء (آشتي هورامي) مناسبا. • آشتي هورامي لة جميع السلطات والصلاحيات لصرف الاموال للحاكمين ومصاريف اللمحاكم واية مبالغ يطلبة لجنة التحكيم والمحاكم. ثلاثة اوامر ومجرد شكوي اصدر مسرور البارزاني في غضون اقل من اسبوعين بعد تولية منصب رئيس الوزراء ثلاثة اوامر لكي يمنح سلطات وصلاحيات وزير الموارد الطبيعية لـ(آشتي هورامي). بعد قرابة ٢٠ يوما من اصدار آخر امر سري لمسرور البارزاني، اي الامر رقم (١٢)، رفعت شركة "دايناستي بترليوم" في المحكمة الملكية في لندن شكوي علي آشتي هورامي في يوم ١٤ آب ٢٠١٩ وتطالب بتعويض قدرة (مليار و٦٨٠ مليون) دولار من حكومة الاقليم، وهذا لة علاقة بعقود شراء اسهم شركة "ريسبول" الاسبانية في كلا حَقْلَي (طوبخانة) و(كوردَمير) في منطقة طرميان من قِبَل شركة (دايناستي). يُحْتَمَل ان آشتي هورامي قد اخبر مسرور البارزاني مسبقا بأنة سيواجة شكوي قانونية جديدة في محكمة اوروبية، وخاصة ان مناقشاتة وحواراتة وتهديداتة مع اصحاب شركة "دايناستي" لم يُجْدِ نفعا، لهذا اصدر مسرور البارزاني متسرعا ثلاثة اوامر في غضون اقل من اسبوعين لـ(آشتي هورامي) ومنحة سلطات وصلاحيات وزير الموارد الطبيعية، سلطات وصلاحيات هي في الاساس فيها مشاكل قانونية. يواجة نفط الاقليم في محكمة لندن تحديا حاسما، فخسارة القضية من الممكن ان يضع نفط الاقليم كليا تحت سيطرة بغداد، ويحدث هذا بحسب معلومات (الحصاد) في حين اتصل مصطفي الكاظمي رئيس الوزراء العراقي مؤخرا بعدد من الشركات المحلية في اقليم كوردستان وأبلغهم انهم يستطيعون العمل من حقيبة الي قصر لندن! يعاني اقليم كوردستان مجددا في هذة الآونة بسبب انخفاض سعر النفط من ازمة مالية خانقة، وشَكَّلَ آشتي هورامي صعوبة اخري ودفع بموارد نفط الاقليم داخل دعوي قضائية في محكمة لندن وبخسارة هذة الدعوي فسوف يضاف مبلغ (مليار و٦٠٠ مليون) دولار آخر الي قائمة ديونة الطائلة والبالغة (٢٧ مليار) دولار. إسْتُحْدِثَ منصب وزير الموارد المالية في اقليم كوردستان منذ عام ٢٠٠٥، منذ ذلك الحين الي الآن كانت هذة الوزارة في عهدة البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، وبقت هذة الوزارة في الكابينة التاسعة التي يرأسها مسرور البارزاني حاليا في عهدة البارتي ايضا، ولكن البارتي لم يشغل هذا المنصب بأي شخص حتي الآن. منذ ان تم استحداث وزارة الموارد الطبيعية في السنوات (١٥) الماضية، شغل رجل واحد هذا المنصب ألا وهو آشتي هورامي، في البداية اسْتُرْجِعَ الهورامي من لندن من قبل برهم صالح الي اقليم كوردستان واُخْتِيرَ لتسلم منصب وزارة الموارد الطبيعية، لكنة فيما بعد اصبح احد المقربين من نيجيرفان البارزاني(رئيس الوزراء للكابينات الحكومية المتوالية لمدة ١٧ عاما). بقاء الهورامي لمدة ١٤ سنة في منصب الموارد الطبيعية جعلة يسيطر تماما علي القطاع النفطي في اقليم كوردستان واصبحت ادراة هذة الوزارة بدونة شبة مستحيلة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل مسرور البارزاني مضطرا لإسناد منصب جديد خارج القوانين النافذة الي الهورامي الذي تم استبعادة من وزارة الموارد الطبيعية في الكابينة التاسعة، وفضلا عن هذا كلة اضطر البارزاني مسرور ان يصدر في حقة في مدة اقل من اسبوعين ثلاثة اوامر منحة فيها السلطات والصلاحيات. بناءا علي اوامر مسرور البارزاني مُنِحَت صلاحيات وزير الموارد الطبيعية لآشتي هورامي، لكن بعد مباشرة الكابينة التاسعة لم يكن الهورامي عضوا في اي وفد من وفود حكومة الاقليم الذين زاروا بغداد للتفاوض حول ملف النفط، كما ان وزارة الموارد الطبيعية للاقليم عليها دعوي قضائية من المحكمة العراقية بسبب انها باعت النفط دون موافقة الحكومة العراقية، والهورامي هو الهدف في هذا ايضا. ما يلفت النظر ان الذين يتوجهون الي بغداد كممثلين عن الاقليم للتفاوض حول ملف النفط، لا احد منهم مطلع بدقة علي ذلك الملف وليس لهم علي آشتي هورامي اي سلطان، ويبقي الملف حتي الآن بشكل غير شفاف في حقيبة الهورامي. بحسب متابعات (الحصاد)، ان آشتي هورامي موجود في لندن ويقطن في بناية بجوار سفارة اسرائيل ويزاول اعمالة في منطقة خلف قصر (بكينطهام)، وهو حتي الآن يتعامل مع ملف النفط، كما يتواجد في البناية التي يداوم فيها الهورامي عدد من منتسبي وزارة الموارد الطبيعية بالاضافة الي مستشار اسمة (مايكل هاورد) الذي يقبض شهريا راتبا قدرة (٤٠ الف) دولار. شارك الهورامي مؤخرا في اجتماع حكومي عن طريق الانترنيت"اونلاين"، في ذلك الاجتماع وجة مسرور البارزاني ولعدة مرات انتقادات شديدة الي آشتي هورامي وحَمَّلَةُ مسؤولية جزء من الازمة الحالية للإقليم. كان آشتي هورامي طيلة بقائة في وزارة الموارد الطبيعية لمدة ١٤ عاما يحمل وزارتة داخل حقيبتة، لم تكن وزارتة تملك اية بناية او مقر معين في كوردستان، حتي يتسني لنواب البرلمان والمؤسسات الرقابية الاخري زيارتة ويدققون في كيفية ادارة ملف النفط. في الآونة الاخيرة وفي نهاية عهد رئاسة نيجيرفان البارزاني للحكومة والتي استمرت لمدة ١٧ عاما، امتلكت وزارة الموارد الطبيعية اول بناية خاصة بها، تقع البناية بالقرب من مصرف كوردستان في اربيل، لكن حينما ترك نيجيرفان البارزاني منصب رئيس الوزراء، جعل من تلك بناية مقرا لرئاسة الاقليم وجعل وزارة الموارد الطبيعية من دون مأوي من جديد. كان الهورامي احد اولئك الذين يساندون سياسات البارتي ونيجيرفان البارزاني لبيع نفط كوردستان بشكل مستقل بعيدا عن بغداد، وتحت مسمي "الاقتصاد المستقل" وكانت تُعْرَف كخطوة اولي نحو الاستقلال والانفصال عن العراق، خطوة تسبب في الاخير بقطع حصة الاقليم من الميزانية في بغداد وكانت تبلغ نحو (ترليون و٢٠٠ مليار) دينار شهريا. والآن تهاوي سعر النفط مرة اخري، وان حكومة اقليم كوردستان بدلا من الاقتصاد المستقل هي مستعدة لتسليم نفطها بالكامل الي بغداد من اجل العودة الي العصر الذهبي قبل اعلان الاقتصاد المستقل، لكن متي؟ حين فقد النفط لقب الذهب الاسود ولم يعد يحظي بذلك الاهتمام في الاسواق العالمية. ترجمة : ك. ق.
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت تمر سنة علي احداث 16 من تشرين الثاني ، التي يعتبرها الحزب الديمقراطي الكوردستاني خيانة فيما يصفها الاتحاد الوطني الكوردستاني بمواجهات واحداث مؤسفة ، في هذا التقرير يتم تسليط الاضواء علي حقيقة تلك الاحداث التي خسر فيها الحزبان اراض شاسعة من مناطق نفوذهما ، حيث خسر الاتحاد الوطني الكوردستاني ( 11,800 ) كم2 فيما الحزب الديمقراطي الكوردستاني ( 15,400 ) كم2. في 6 /7 / 2017 قررت اللجنة العليا للاستفتاء التي كان مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي و رئيس اقليم كوردستان آنذاك يرأسها إجراء الإستفتاء في 25 / 9 / 2017 للاقتراع علي استقلال الاقليم عن العراق ، وقد صادق برلمان كوردستان علي قرار إجراء الاستفتاء في جلسة عقدت بعد سنتين من تعطيل جلساته بحكم الامر الواقع الذي فرضه حزب البرزاني نفسه . جدير بالذكر ان اللجنة العليا للاستفتاء كانت تضم جميع الاطراف السياسية الرئيسة باستثناء حركة التغيير و الجماعة الاسلامية في كوردستان . بالرغم من التجاذبات والاعتراضات علي الصعيد الداخلي والضغوط الخارجية سيما من قبل الولايات المتحدة الاميركية وتركيا وايران أجريت عملية الاستفتاء في موعدها المحدد ، ولكن بعد 21 يوما غيرت الحكومة العراقية التي كانت تقترب من الانتهاء من الحرب ضد داعش غيرت وجهة المعارك نحو المناطق التي كانت تسيطر عليها القوي الكوردية منذ سقوط نظام صدام في 2003 . تحشيد القوات ... بداية الاحداث وجدت الحكومة العراقية الذريعة بعد إجراء الاستفتاء لشن حملة عسكرية ضد تواجد القوات الكوردية في المناطق المتنازع عليها بعد ان كانت تتحين الفرص لانهاء وجود القوات الكوردية في تلك المناطق خاصة بعد شمولها بعملية الاستفتاء . ومن الاشارات الجلية علي نية الجيش العراقي الدخول الي مناطق كركوك إرجائها شن حملة عسكرية ضد عناصر داعش في قضاء الحويجة في رسالة واضحة لسلطات اقليم كوردستان قبيل اجراء الاستفتاء ولكن القيادة الكوردية لم تاخذ هذا التهديد بعين الاعتبار. وبحجة الاستعداد لحملة الحويجة الجيش العراقي حشد قوات كبيرة في حدود محافظة كركوك قبل الحملة العسكرية ،وفي تلك الاثناء زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مدينة كركوك وقد اظهرت الحكومة العراقية انها ستهاجم عناصر داعش في الحويجة بمشاركة قوات البيشمركة في وقت كانت تحشد قواتها في المنطقة استعدادا للعودة الي داخل كركوك ، وكما كان مخططا شنت القوات العراقية حملتها ضد داعش في الحويجة واطرافها دون اشراك قوات البيشمركة باي شكل من الاشكال ، وبعد سيطرتها علي الحويجة تفرغت القوات العراقية لمواجهة قوات البيشمركة . الحكومة العراقية كانت تطالب في البداية بسحب قوات البيشمركة من المناطق التي سيطرت عليها في معاركها ضد داعش منذ عام 2014 ، ولكن عقب انتهاء الحرب علي داعش سعت الي اعادة سيطرة حكومة الاقليم الي ماقبل سقوط نظام صدام عام 2003 . تحصين المواقع القوات العراقية بدأت في حفر الخنادق قرب مواقع قوات البيشمركة ، تم نشر قوات الشرطة الاتحادية والفرقة الذهبية والحشد الشعبي المدججة بكميات كبيرة من الاسلحة الثقيلة والاعتدة المتنوعة في المنطقة ، وشرعت في تحريك قطعاتها في 14 من تشرين الاول لتصل التهديدات الي ذروتها ، مما حدا بمسؤولي الاتحاد الوطني الكوردستاني لاجراء محادثات مع قادة الحشد الشعبي في محاولة لمنع اندلاع المعارك ، فتم منح مهلة 48 ساعة اعقبتها مهلة اخري مدتها 24 ساعة ولكن ذلك لم يثمر عن شيء ولم يتم نزع فتيل النزاع . وفي تطور سريع زار الحاج إقبال بور و ابو عمار اللذين يقال انهما قائدان عسكريان ايرانيان ، زارا مقرالمحور الرابع لقوات البيشمركة في كركوك في الساعة 11 قبل الظهر يوم 15 من تشرين الاول ، وفي تصريح عقب الزيارة اعلن مسؤول المحور وستا رسول ان الزائرين ابلغاهم ان القوات العراقية عازمة علي السيطرة علي المناطق الاتية مهما كلف الامر : • المعسكرات القديمة في كركوك • الابار النفطية • الشارع الحولي حتي قرية كلهور بين مدينة كركوك وناحية آلتون كوبري والذي يتحكم بالطريق الرئيس بين اربيل وكركوك . قيادة البيشمركة رفضت تلك الشروط ، بعد ان تأكد المسؤولان الايرانيان ان قوات البيشمركة لن تقبل بتسليم تلك المناطق ابلغا مسؤول المحور الرابع لقوات البيشمركة ان يتوقعوا هجوما عراقيا من تلك اللحظة ، مضيفين ان السبب الوحيد الذي يعيق الهجوم هو انتظار ما يتمخض عنه اجتماع دوكان ، قائلين ان التزام القيادة الكوردية بحل مشاكلها مع الحكومة العراقية في اطار الدستور سيمنع الهجوم . اجتماع دوكان في ال 15 من شهر تشرين الاول عقد اجتماع بين المكتبين السياسيين للاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة مسعود برزاني ن حضره عن الاتحاد الوطني كوسرت رسول وهيرو ابراهيم احمد و ملا بختيار ومن ثم انضم اليهم بافل طالباني النجل الاكبر لجلال طالباني والذي شدد علي ضرورة التوصل الي تفاهم مع الحكومة العراقية وقال نحن مضطرين الي هذا التفاهم ، اثناء ذلك يوجه البرزاني كلامه لمسؤولي الاتحاد قائلا : " هل هناك اي اتفاق " فرد كوسرت رسول وملا بختيار بالنفي مؤكدين ان القوات تحت امرتنا واذا كان هناك اي اتفاق فلابد ان يتم بعلمنا ن لذلك لم يعر البرزاني اي اهتمام لحديث بافل طالباني . اجتماع دوكان لم يخرج بشيء يرد علي تهديدات إقبال بور وابو عمار سيما عدم اعلان اقليم كوردستان التزامه بحل مشاكله مع بغداد في اطار الدستور العراقي . اتفاق الاتحاد الوطني مع الحكومة العراقية في اعقاب احداث 16 من تشرين الاول وعند إشتداد الخلافات الداخلية في الاتحاد الوطني الكوردستاني حول فقدان السيطرة علي كركوك ومن جهة اخري الحملة الاعلامية الشرسة للحزب الديمقراطي علي منافسها الاتحاد وتخوينه ، اعلن بافل طالباني عن بنود اتفاق مبرم بين حزبه والحكومة العراقية في 14 من تشرين الاول والموقع من قبل 38 من اعضاء المكتب السياسي واللجنة القيادية والمتضمن البنود التالية : • تشكيل قيادة عسكرية مشتركة في كركوك تضم ممثلين عن القوات الاميركية والبيشمركة والجيش العراقي مقرها معسكر كي وان ، تتولي مسؤولية حفظ الامن والاستقرار في المنطقة. • عدم دخول اي قوة عسكرية الي مدينة كركوك . • حل جميع المشاكل العالقة بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية عن طريق الحوار وفي اطار الدستور . • ضمان دعم الامم المتحدة والولايات المتحدة لتنفيذ بنود الاتفاق . في ال 16 من تشرين الاول كشف عضو مجلس النواب مسعود حيدر عن اتفاق بين بافل طالباني و هادي العامري قائد قوات الحشد الشعبي يقضي بعودة القوات العراقية الي المناطق المستقطعة ، منوها الي ان ذلك الاتفاق ابرم برعاية رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وبوساطة قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس للحرس الثوري الايراني . وأشارالنائب الكوردي الي بنود الاتفاق مأخوذة من فكرة فرنسية لتقسيم اقليم كوردستان الي إدارتين او إقليمين بغية ابعاد فكرة تقرير المصير عن مخيلة الكورد في المستقبل القريب . ويتضمن الاتفاق المذكور حسب النائب مسعود حيدر النقاط التالية : • عودة القوات العراقية الي المناطق المستقطعة وانسحاب قوات البيشمركة منها دون قتال . • تسليم 17 وحدة ادارية ( اقضية ونواحي ومركز كركوك) تديرها حكومة الاقليم منذ 2014 للسلطات الاتحادية ، وفي حال رفض ذلك ستطالب الحكومة العراقية ب 11 وحدة ادارية اخري تديرها حكومة الاقليم منذ 2003 ، لتصبح 28 وحدة ادارية . • تشكيل ادارة مشتركة لمركز كركوك، سيدار15 حيا كورديا من قبل الكورد انفسهم فيما سيدار 25 حيا اخرمن قبل بقية مكونات المدينة وتستمر هذه الادارة لستة اشهر . • المواقع الاستراتيجية ستدار من قبل الحكومة الاتحادية ( معسكر كي وان و المطار و ابار النفط ) • استئناف الرحلات الدولية في مطار السليمانية . • صرف رواتب الموظفين في مناطق السليمانية وكركوك من قبل الحكومة الاتحادية . • صرف رواتب قوات البيشمركة في السليمانية بموجب القائمة المعدة من قبل بافل طالباني . • استحداث اقليم حلبجة – السليمانية – كركوك • تشكيل حكومة لهذا الاقليم . عدم ادراك البرزاني للمواقف الدولية قبل ان يكشف له بافل طالباني عن الاتفاق مع الحكومة العراقية ،تلقي مسعود برزاني العديد من مواقف الدول حيال الاستفتاء لكنه لم يعر لها اهتماما ، اعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا و فرنسا والاتحاد الاوربي وتركيا وايران رفضها لاجراء الاستفتاء فيما لم تبد روسيا موقفا واضحا ، (فقط اسرائيل ابدت مساندتها للاستفتاء رسميا )، لكن برزاني ادار ظهره لتلك المواقف الرافضة ، لذلك صمتت تلك الدول ازاء هجوم الجيش العراقي علي كركوك والمناطق المتنازع عليها . ماذا حدث في 16 من تشرين الاول بعد فشل كل المحاولات لمنع هجوم الجيش العراقي ، بدأت القوات العراقية الساعة 9:30 ليلة 15 علي 16 من تشرين الاول تحركاتها باتجاه مواقع قوات البيشمركة في كركوك ، وحسب المعلومات التي حصل عليها ( الحصاد ) ان القوات العراقية كانت قد حددت ساعة الصفر عند الواحدة بعد منتصف الليل ، لكنها ابكرت هجومها بعد انسحاب قوات البيشمركة من مواقعها في كركوك . المواطنون الكورد توقعوا انسحاب قوات البيشمركة من كركوك بعد ادلاء قائد قوات المحور الرابع وستا رسول بتصريح قال فيه " نتمني ان يأتوا ونقول لهم تعالوا ، الحشد الشعبي عدو لنا ، الي ذلك قال كمال كركوكي قائد قوات البيشمركة في القاطع الغربي " اذا هجموا سنلقنهم درسا لن ينسوه " بعد تلك التصريحات احتلت صور انسحاب قوات ال(70) التابع للاتحاد الوطني الكوردستاني بالتوازي مع انسحاب قوات ال(80) التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني ،صفحات وشاشات القنوات العالمية . الكثير من المواطنون الكورد نزحوا من كركوك باتجاه مدن ومناطق الاقليم ، فيما استقبل سكان مدن الاقليم خبر الانسحاب بحزن عميق ، في وقت كان محافظ كركوك نجم الدين كريم المحسوب علي الاتحاد الوطني قد ترك المدينة واتخذ من مدينة اربيل مقرا له ، وكان المتوقع ان يسكن السليمانية ، لذلك يتهمه البعض بالإنظمام الي الحزب الديمقراطي الكوردستاني رغم انه ينكر ذلك . انقسم مسؤولو الاتحاد الوطني الكوردستاني علي رأيين او اتجاهين ،الاتجاه الاول اعتبرالانسحاب خيانة فيا عد الاتجاه الاخر الانسحاب مسألة تكتيكية كان لابد منها نظرا لعدم تكافؤ قوات البيشمركة من القوات العراقية عددا وعدة واسلحة مما نتج عن اي مواجهة خسائر كبيرة في الارواح ، وقد ذكر بعض مسؤولي الاتحاد ان الانسحاب تم بموجب اتفاق مع الحكومة العراقية ، حيث طلب آراس الشيخ جنكي ابن اخ جلال طالباني واخو لاهور الشيخ جنكي مسؤول جهاز ( باراستن – زانياري ) اي الحماية والمعلومات الاستخباراتي في الاقليم ، طلب من سكان كركوك الكورد ان يعودوا لمنازلهم بعد دخول القوات العراقية للمدينة في 16 من تشرين الاول ( اكتوبر) ، هذا واتهم الحزب الديمقراطي( المنافس للاتحاد والشريك في حكومة الاقليم ) اراس شيخ جنكي بالخيانة ، لكن حزبه دافع عن موقفه وهو نفسه شدد علي انه الانسحاب جنب المحافظة والمنطقة كارثة انسانية ، مشيرا الي ان اعادة سيطرة القوات العراقية تمت بموجب توافق دولي مدعوم من قبل تركيا و ايران بل ان الولايات المتحدة نفسها ساندت خطة اعادة الاوضاع الي ماقبل 2003 . واتهم اراس شيخ جنكي عائلة مسعود البرزاني بالتسبب فيما حصل لمحافظة كركوك ، مشيرا الي نهب نفط محافظة كركوك من قبل افراد هذه العائلة ، وقال ان الاوضاع لن تكون سيئة مع عودة سلطة الحكومة المركزية الي المدينة وهذا افضل من وجود قوتين امنيتين تابعتين للاتحاد الوطني ومنافسه الديمقراطي الكوردستاني . هذا وكان الشخ جنكي قد تحدث في تلك الاونة عن تنصيب محافظ كوردي من حزبه للمحافظة خلال 24 ولكن ذلك لم يحصل لحد الان حيث اسندت الحكومة المركزية المنصب لشخص عربي بالوكالة وهو مازل في منصبه حتي الان ، ومع اقتراب ذكري الانسحاب وسيطرة القوات العراقية علي كركوك جدد الاتحاد الوطني مطالبته باستعادة المنصب كاستحقاق انتخابي . في يوم 12 / 12 / 2017 اكد آراس الشيخ جنكي في تصريح صحفي استعداده للحضور امام برلمان كوردستان والصحافة للكشف جميع الحقائق والملابسات المتعلقة بقرار الانسحاب من كركوك لجميع مواطنين لكن الحزب الديمقراطي يعرقل ذلك لمنع معرفة الحقيقة . دور النفط في احداث 16 من تشرين الاول – اكتوبر استيلاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني علي حقلي آفانه وباي حسن النفطيتين، في كركوك ، بعد دخول داعش للعراق وانسحاب القوات العراقية من المنطقة ، كان يؤرق الاتحاد الوطني الكوردستاني ويذهب البعض انه احد اسباب اتفاقه مع بغداد ، اذ كان الديمقراطي الكوردستاني يصدر من الحلقين اكثر من 260 الف برميل يوميا لصالحه ، وهناك من يرجع سبب احداث 16 من تشرين الاول ( اكتوبر) الي الاتفاق مع شركة روس نفت الروسية لادارة الحقلين فيما كانت بغداد كانت قد اسندت تلك المهمة الي شركة بريتش بتروليوم البريطانية ، وفور عودة القوات العراقية الي كركوك اتفق راكان الجبوري محافظ المدينة بالوكالة مع الشركة البريطانية ودخل الاتفاق حيز التنفيذ برعاية السفير البريطاني لدي العراق . الكورد خسروا اكثر من نصف اراضيهم الذي حدث في كركوك والمناطق الكوردستانية خارج الاقليم لم يكن حدثا عاديا او مجرد سيطرة قوات الحشد الشعبي والقوات العراقية الاخري ، بل كان خسارة قسم كبير من تراب كوردستان و لامد بعيد ، تلك الاراضي تمت استعادتها من داعش علي مدي ثلاث سنوات وبتضحيات قوات البيشمركة وبدماء 700 من الشهداء واكثر من 12 الف جريح من افراد البيشمركة . ان الذي حصل في كركوك والمناطق الكوردستانية خارج الاقليم هو خسارة اكثر 12 الف كيلومتر مربع يشمل جميع مناطق محافظة كركوك وقضاء دوز خورماتو في محافظة صلاح الدين ومناطق جلولاء و وقرتبة وجباره ... في محافظة ديالي . بالرغم من تبادل الاتهامات بين الحزبين الرئيسين الحاكمين في اقليم كوردستان الاتهامات بالوقوف وراء الانسحاب في 16 من تشرين الثاني – اكتوبر وتخوينهما بعضهما البعض ، الا ان الاحداث والمعطيات تشير الي ان الحزبين مسؤولان عن تلك الهزيمة والفشل التاريخي . اي الحزبين اكثر خسارة للاراضي ؟ في احداث ال 16 من تشرين الاول – اكتوبر خسر الاتحاد الوطني الكوردستاني ( 11 الف و 800 كيلومتر مربع ) ، فيما خسر غريمه الحزب الديمقراطي الكوردستاني ( 15 الف 400 كيلومتر مربع ) من الاراضي التي يسيطر عليها ، مما يكشف ان الرقعة الجغرافية التي خسرها الديمقراطي الكوردستاني اكبر من الاتحاد الوطني الا انه يتهم غريمه بالخيانة . تجدر الاشارة الي ان الرقعة الجغرافية للمناطق الكوردستانية المتنازع عليها تقدر ب ( 44 الف و 330 كيلومتر مربع ) وهذا يشكل 51،4 % من مجمل مساحة اقليم كوردستان . في احداث 16 تشرين الاول – اكتوبر خسر الاتحاد الوطني المناطق التالية : • كركوك • داقوق • دوز خورماتوو • دوبز - دبس • خانقين • جلولاء • قرتثة • ثرديَ وخسر الديمقراطي الكوردستاني المناطق التالية : • غرب كركوك • مخمور • طويَر • سنجار • سنوني • زمار • رةبيعة • بعشيقة
الحصاد DRAW: وكالة يقين للانباء تُعرّف المواقع المتخصصة الورقة البيضاء بأنها “وسيلة لعرض السياسات الحكومية قبل سنها كتشريعات” وبذلك تتمكن الحكومات من اختبار تقبل الرأي العام لقضية معينة وقياس ردود الأفعال تجاهها. ومن أشهرها الورقة التي كتبها ونستون تشرشل حين كان وزيرا للمستعمرات البريطانية، وهي وثيقة يؤكد فيها علي التزام بلاده بوعد بلفور الذي قطعته بلاده لليهود بإنشاء وطن لهم في فلسطين، وعرَضها في حزيران 1922.. في حزيران من هذا العام عرض مصطفي الكاظمي مشروعاً تحت مسمي “الورقة البيضاء” اقترحته حكومته علي البرلمان لمناقشته وإقراره فما هي ورقة الكاظمي وبماذا يعد شعبه؟ دفاع حكومي تقول مصادر حكومية إن الورقة عبارة عن خطة “إصلاحية” من خمسة محاور، كان الكاظمي قد عرضها في وقت سابق علي رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلي فائق زيدان وأطراف سياسية أخري، قبل أن تتسلمها اللجنة المالية النيابية من وزير ماليته علي عبد الأمير علاوي. والمحاور الخمسة للورقة تشمل “الاستقرار المالي المستدام وتحقيق إصلاحات اقتصادية كلية، توفير الخدمات الأساسية، تطوير الحوكمة والبيئة القانونية، تحسين البني التحتية الأساسية، وتوفير الخدمات الأساسية.” وتقترح الحكومة مدة ثلاث إلي خمس سنوات لتحقيقها ويصف الكاظمي ورقته بأنها “مشروع حل لأزمة إدارة الاقتصاد المزمنة والاعتماد الكامل علي النفط وعدم تنويع مصادر الدخل“. وزير المالية قال في مؤتمر صحافي إن “الورقة البيضاء تمثل برنامجاً إصلاحياً للشؤون الاقتصادية والمالية، وستكون خريطة طريق للموازنات اللاحقة“. وذهب المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء أحمد ملا طلال لأبعد من ذلك عندما قال إن “الورقة تتضمن مئات الإجراءات الكفيلة بإحياء الاقتصاد العراقي ودفعه نحو استثمار موارد البلد الهائلة، وإدارتها وتوظيفها بالطريقة العلمية“. لكن هناك من لا يري ما تراه الحكومة بهذه الورقة من مسوغات لتمريرها رأي خبراء الاقتصاد بالورقة يري خبراء اقتصاديون أن الورقة “لم تحدد كيفية التصدي لحال التردي السريع في الاقتصاد العراقي القائمة الآن“، و إن “الورقة تركز بشكل كبير علي خفض قيمة الدينار، وكأنه حل سحري سيخفف الأزمة الاقتصادية“، مبدياً اعتقاده بأن هذا الحل “خاطئ ويعد ترحيلاً لمشكلات الاقتصاد علي حساب العملة، مما قد يسبب إشكالات اجتماعية واقتصادية علي الأفراد“. وانتقد أكاديميون عراقيون، المقترحات التي تضمنتها الورقة معتبراً أنها تفاقم الوضع الإقتصادي إجمالاً وتتسبب بأضرار فادحة يدفع ثمنها المواطن، ومن هذه المقترحات “خفض الإجور والرواتب من 25% من الناتج المحلي الإجمالي يتناقص الي 12.5% خلال ثلاث سنوات، وفك ارتباط صندوق التقاعد بالموازنة العامة للبلاد، وصرف رواتبه من الصندوق وخفض الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة والدعم الحكومي للناتج المحلي الإجمالي، واستيفاء أجور الطاقة الكهربائية “وفق التسعيرة العالمية“، ورفع أجور الجمارك والضرائب، وإعادة هيكلة سلم الرواتب العامة من خلال إيقاف عمليات التوظيف والاستبدال الجديدة في القطاع العام، ووضع حد أعلي لرواتب الموظفين، وتطبيق ضريبة الدخل علي مخصصات الموظفين والحوافز والعلاوات.” هذه الورقة لا تقدم شيئا، يجب علي الحكومة أن تتجه نحو خطوات جادة بجرأة وشجاعة انتقادات برلمانية الكتل السياسية وممثلوها في البرلمان علي عادتهم وجدوها فرصة لتبادل الاتهامات بين برلمانهم وبين الحكومة. فما أن أعلن عن الورقة حتي انهالت الانتقادات من كل ركن من أركان البرلمان وأعضائه الذين قالوا إن الورقة لم تأت بجديد. النائب عن “تحالف الفتح” وليد السهلاني قال إنها “مجرد وعود” وإن “الإصلاح ليس بالكلام“، عبد الكريم عبطان المتحدث باسم “جبهة الإنقاذ والتنمية“، قال“لا أعتقد أن هذه الورقة ستقدم شيئا، يجب علي الحكومة أن تتجه نحو خطوات جادة بجرأة وشجاعة“، ولخصت آيات مظفر المتحدثة باسم تحالف “النصر” موقف تحالفها بأن “الورقة جاءت بيضاء من حيث المقصد والنوايا” مضيفة إن “البلاد لم تعد بحاجة إلي الدواء بقدر حاجتها إلي استئصال أعضاء فسدت” أما عضو مجلس النواب محمد الكربولي فقد وصف الورقة في تغريدة له بـ“المسكنات المؤقتة“ المواطن بين شد الحكومة وجذب البرلمان من المفترض أن تمثل السلطتان التشريعية والتنفيذية معني التسمية التي تحملانها ، فالسلطة التشريعية تشرع القوانين والسلطة التنفيذية تنفذها ويحدث أن تقترح الحكومة قانوناً أو مشروعاً علي مجلس النواب فيناقشه ويقره أو يقترح تعديله وهكذا حتي الوصول في نهاية الأمر إلي صيغة تخدم المواطن وتطلعاته ما يحدث أن كلا الطرفين متحفز لا لمناقشة الأفكار المطروحة بل لاستخراج أسوأ ما فيها وتناوله بالنقد والتسفيه، والمشكلة الكبري عندما يكون المطروح سيئاً بالفعل ولا يمكن تعديله ولا بديل له كما حدث في مقترح الإقتراض الداخلي الذي تقدمت به وزارة المالية والذي كان البديل الوحيد له هو توقف صرف الرواتب، والآن وجد البرلمانيون في الورقة البيضاء التي اقترحها الكاظمي مادة جديدة للنقد و تبادل الإتهامات. ومن جلسة مجلس الوزراء لجلسة البرلمان يبقي المواطن بانتظار ثمار يحس مرارتها حتي قبل قطافها.
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت قال البارزاني لـ(لاهور شيخ جنطي) والمناوئين لحزبه من قيادات اليكيتي (الإتحاد الوطني الكوردستاني)، انة يعتبر إبنا الراحل جلال الطالباني هما من يخلفانه فقط وهما اًصحاب اليكيتي الحقيقيين، وبهذا دخل البارزاني بوضوح علي خط الخلافات علي مصير اليكيتي(الإتحاد الوطني الكوردستاني)، قبل قرابة عقدين وحينما يَإِسَ الطالباني من الإطاحة بالبارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، فكر الطالباني ان يقوم بتأجيج نار الخلافات داخل العائلة البارزانية لإضعاف البارتي عن طريق نيجيرفان البارزاني، والآن يقوم البارزاني بتجربة نفس الحركة وبشكل اكثر وضوحاً علي العائلة الطالبانية. اليكيتي .. ثلاث سنوات بعد رحيل الطالباني تمضي ثلاثة اعوام علي رحيل جلال الطالباني اول سكرتير لليكيتي(الإتحاد الوطني الكوردستاني)، ولكن وضع اليكيتي وضع لا يُحْسَدُ علية، فالقيادة السابقة والمكتب السياسي السابق للحزب الذين إِستُبْعِدوا في المؤتمر الرابع أواخر ٢٠١٩، يراقبون بغضبٍ وعن بُعْد اوضاع حزبهم، وعائلة الطالباني الذين تولوا زمام الحزب بعد المؤتمر، ليسوا متفقين مع بعضهم البعض فـ(لاهور شيخ جنطي) في وادٍ وقوباد الطالباني واخوة بافل الطالباني في وادٍ آخر. شباب اليكيتي، وتحديداً احفاد الطالبانيين، حتي الوقت الذي تمكنوا فية من ابعاد اعضاء المكتب السياسي السابقين، كانوا يرون ان البارتي قد تغلغل داخل صفوف اليكيتي وخرقة من خلال هؤلاء الاعضاء، ولكن الآن هم ايضاً يواجهون هذا الخرق، وان البارزانيين يكادون يقسِمونهم تماماً علي جبهتين مضادتين. من البارزاني الي لاهور شيخ جنكي في اليوم الذي احيوا فية الذكري الثالثة لرحيل جلال الطالباني السكرتير التأريخي لحزبهم، كانت هذة المناسبة هي مناسبة مهمة لليكيتي لكي يُقَيِّمَ من جديد وضعة الداخلي وعلاقاتة مع البارتي والاطراف السياسية الاخري. بإرسالة رسالة بهذة المناسبة رمي مسعود البارزاني كرة(طلقة مدفع) نارية داخل العائلة الطالبانية ودَقَّ مجدداً مسمارا آخر في نعش نتائج المؤتمر الرابع لليكيتي. بدلاً من الرئيسين المشتركين والمكتب السياسي لليكيتي، قام البارزاني بتوجية رسالة الي إبْنَي جلال الطالباني ومَدَحَهُم اكثر من اللازم، الي الحد الذي وضع كلمة السيد قبل إسمَيهِما، وهذة خطوةٌ جديدة وغير مسبوقة مقارنةً بالرسائل السابقة للبارزاني الي اليكيتي وقياداتة. فضلاً عن هذا، وصف البارزاني في رسالتة كل من بافل الطالباني وقوباد الطالباني كإبنا اخية وطلب منهما "المضي والاستمرار علي نهج وطريق والدهما". رسالة البارزاني لذكري رحيل الطالباني كانت اكثر من رسالة عادية لأي شخص سياسي يكتبة لمناسبةٍ معينة، بهذا اوضح البارزاني لقيادات اليكيتي الذين تَوَلَّوا مناصبهم بعد المؤتمر الرابع لليكيتي، انة لا يعترف بغير ابنا الطالباني بأي احد آخر كرئيس او الصاحب الحقيقي لليكيتي، وبهذا يريد البارزاني ان يجعل اليكيتي مشابهاً للبارتي الي حزب عائلي من جهة، ومن جهةً اخري يضع ابنا الطالباني في مواجهة ابناء عمهم(اولاد شيخ جنطي). الخوض مع ابناء العم علي ملكية اليكيتي، واقعةٌ يخاف منها قوباد الطالباني ويحاول تجنبة، حيث ذكر في تعليق لة مؤخراً "انة إضافة الي اخية بافل الطالباني لة اخٌ آخر اسمة لاهور شيخ جنطي"، لكن هذة المرة فإن البارزاني قد اخذ بيدهم ويضعهم داخل ذلك الخلاف العائلي. وعلي شاكلة والدة بعث مسرور البارزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان رسالة الي إِبْنَي الطالباني وليس الي اليكيتي. قَسَّمَ البارزاني الابن ايضاً في رسالتة اليكيتي الي جبهتين بقولة : "اتوجة بتقديري الي السيدين بافل وقوباد والاتباع الحقيقيين لـ(مام جلال)"، بمعني انة حسب اعتقادهم هناك آخرين داخل صفوف اليكيتي ليسوا من الاتباع الحقيقيين للطالباني الراحل، وفي هذا يوجه اصبع الاشارة الي لاهور شيخ جنطي الرئيس المشترك لليكيتي. افرح رسالة مسعود البارزاني اسرة الطالباني الراحل، بينما ازعج اسرة شيخ جنطي وابنائة، ونشرت (هيرو ابراهيم احمد) عقيلة الطالباني الراحل والتي ابتعدت بسبب المرض من الساحة السياسية، نص رسالة مسعود البارزاني علي حسابها الخاص في الشبكة الاجتماعية الفيسبوك. البارزاني يُقَلِّد الطالباني البارزاني الذي كان منزعجاً من تدخلات الطالباني في المشاكل الخاصة داخل عائلتة لزمنٍ وتحديداً بعد اعوام ٢٠٠٠، واليوم امسي الطالباني غائباً عن الساحة، صار البارزاني يجرب نفس اللعبة علي اليكيتي ويمد يدة الي الاوتار الحساسة للمشاكل الموجودة داخل العائلة الطالبانية. الطالباني الذي خصص اياماً كثيرة من حياتة لإنهاء هيمنة البارزانيين تحت ذرائع معاداة الحكم القبلي والتخلف الغير معاصر، لكنة في النهاية تخلي عن حلمة وتصالح مع البارزاني. وفق روايات المقربين منة، فقد اسلم الطالباني بعد اعوام ٢٠٠٠ بأن البارزانيين لا يمكن محوهم إلاّ إذا اختلفوا داخليا فيما بينهم، منذ ذلك الحين كان الطالباني يأجج نار الخلافات داخل العائلة البارزانية، وقتها مثلما الآن كان نيجيرفان البارزاني آخذا علي خاطرة من عمة مسعود البارزاني، لكن الطالباني تمكن بدهائة الدبلوماسي من الأخذ بيدة وإرجاعة من امريكا الي كوردستان وتوسط لة عند عمة خيرا، وذلك لإعتقاد الطالباني بأن نيجيرفان شخصية مختلفة عن سائر الاعضاء الآخرين في العائلة البارزانية، وان نجاحة داخل البارتي سَيَدُّرُ بالخير لليكيتي ولكوردستان. فضلاً عن الإدارة المتقنة والدقيقة والحساسة للعبةٍ من قِبَل الطالباني، لكن مسعود البارزاني كان مايزال منزعجاً من تدخلات الطالباني في المشاكل الداخلية لعائلته والتَطَبْطُب علي كتف نيجيرفان البارزاني ومساندته. رحل طالباني الأب ولم يَرَ بعينية ابداً ان يلعب نيجيرفان ذلك الدور الذي كان الطالباني ينتظرة منة، لكن بعد مضي ثلاثة اعوام علي رحيلة، لقد انقلبت اللعبة الآن، فالبارزاني مسعود هو الذي بات يُطَبْطِب علي اكتاف ابناء الطالباني من اجل البدء بلعبةٍ جديدة داخل العائلة الطالبانية، فهل سيؤدي ابناء الطالباني الدور الذي يطلبة البارزاني منهم، اي مواجهة ابناء عمومتهم. ١٦ اكتوبر(تشرين الاول) .. مرحلة جديدة يوم ١٦ اكتوبر(تشرين الاول) ٢٠١٧ شَهِدَت العلاقات مابين العائلتين الطالبانية والبارزانية ظهور مرحلة جديدة. ففي هذا اليوم هاجمت قوات الحشد الشعبي كركوك وكافة المناطق التي سيطرت عليها قوات البيشمرطة من المناطق المتنازعة عليها بعد قتال داعش، انسحب البارتي من مناطق حدود قواتة، وكذلك فعل اليكيتي في كركوك والمناطق التي كانت حدود تَمَرْكُز قواتة، والقي البارتي فشل الاستفتاء علي عاتق انسحاب البيشمرطة من كركوك. مهندس اتفاق اليكيتي مع الحكومة العراقية لإنسحاب البيشمرطة من كركوك كان بافل الطالباني الإبن البِكْر للراحل جلال الطالباني، الذي لم يكن يشغل اي منصب سياسي في صفوف اليكيتي آنذاك، وظهر بافل الطالباني في تلك الايام علي شاشة التلفاز وتحدث باللغة الانطليزية حول تفاصيل اتفاق اليكيتي مع الحشد الشعبي، وهذا ما اغضب البارزاني عن اليكيتي، و وصف البارزاني مُهَنْدِسِي ذلك الاتفاق بـ"الخونة"، وأُطْلِقَ علي هؤلاء فيما بعد في القاموس السياسي للبارتي مصطلح "اصحاب اكتوبر". علي الرغم من ان بافل الطالباني كان مهندس(عراب) اتفاق ١٦ اكتوبر، لكن البارزاني اعاد العلاقات معة الي الحالة الطبيعة وهو(البارزاني) الآن يُوَجِة سهم الخيانة الي لاهور شيخ جنطي. لم يكن لاهور العامل الرئيسي ليوم ١٦ اكتوبر، لكن اخوة الاكبر (آراس شيخ جنطي) ظهر في كركوك في الايام التي تلت ١٦ اكتوبر وهاجم بشدة في حديثة عائلة البارزاني، وكان مشاركاً في اتفاق ١٦ اكتوبر، ربما هذا هو سبب انزعاج البارزاني مسعود حتي الآن من ابناء شيخ جنطي، في الوقت الذي قام فية بتطبيع علاقاتة مع بافل الطالباني حتي انهما التقيا مؤخراً. المؤتمر الرابع وقطيعة معاداة البارتي، كما اصبح اشبة بثقافة سياسية سائدة في منطقة السليمانية، حول ابناء الطالباني وابناء شيخ جنطي في مؤتمر اليكيتي الرابع الي ارقام كبيرة. المؤتمر الرابع يعد اول مؤتمر يتم انعقادة بعد رحيل جلال الطالباني القائد التأريخي للحزب، وفية قُدِّمَ اليكيتي علي طبق من ذهب الي افراد العائلة الطالبانية، وكان هذا اكبر احتكاك تأريخي، لانة منذ اكثر من نصف قرن وبالتحديد في منتصف الستينات من القرن المنصرم، انشق الطالباني الأب من البارتي والملا مصطفي البارزاني ضد التسلط والحكم العائلي، وأسس بعد قرابة عقد من الزمن حزباً جديداً تحت اسم الاتحاد الوطني الكوردستاني(اليكيتي). رغماً عن ان المؤتمر الرابع حَوَّلَ اليكيتي علي غرار البارتي الي حزبٍ عائلي، لكن البارتي انزعج من نتائج المؤتمر، حيث فاز لاهور شيخ جنطي المناويء للبارتي والشديد في كلامة علي البارتي والعائلة البارزانية بالأغلبية المطلقة لاعضاء القيادة الجديدة لليكيتي، وبعد ذلك وفي اطار اتفاق داخل العائلة الطالبانية، تسلم مع بافل الطالباني الإبن البِكْر لـ"مام جلال" منصب الرئيس المشترك لليكيتي. لم يعترف مسعود البارزاني رسمياً لحد كتابة هذا التقرير بنتائج المؤتمر الرابع لليكيتي، بحسب المعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من عدد من المصادر المطلعة، انة بالرغم من زيارة بافل الطالباني للبارزاني مسعود، فإن الاخير وافق علي لقائة مثل ابن اخية وابن الطالباني الراحل، وليس كالرئيس المشترك لليكيتي. بعد ان يَإِسَ البارتي والبارزاني من فوز الاعضاء السابقين للمكتب السياسي لليكيتي في المؤتمر الرابع، كانوا علي امل ان يجعل المؤتمر من قوباد الطالباني مركزاً للقرار وسكرتيراً لليكيتي في خضم المنافسة مابين بافل ولاهور، لكن هذا لم يحدث. اصبحت وظيفة قوباد الطالباني الرئيسية في حكومة الاقليم الآن هي فض الخلاف بين مسرور البارزاني ولاهور شيخ جنطي، مؤخراً وبسبب الخلاف بين ريبر احمد وزير الداخلية وجتو صالح وكيل وزارة الداخلية كادت العلاقات بين مسرور البارزاني ولاهور شيخ جنطي ان تؤول الي الاسوء، لكن قوباد الطالباني ادرك الموقف وعالج المشكلة. كتب قوباد للذكري الثالثة لرحيل والدة : "مع الاسف منذ ان ودعتنا ونحن متشرذمين اكثر ولسنا متحدين كالسابق... الآن تمضي ثلاث سنوات علي رحيلك اعدك ان استمر حتي الموت علي نهجك وخطاك. علي الرغم من محاولات العديد من افراد المافيا وآكلي السحت والمفسدين لوضع العراقيل امامي".. مصير لاهور شيخ جنطي يقف اكثر من (٨٠) عضوا من اعضاء القيادة الجديدة لليكيتي والبالغ عددهم (١٢١) مع لاهور شيخ جنطي، وبفضل هذة الوقفة والمساندة قرر لاهور شيخ جنطي قبل شهرين ان يُجَمِد الاتحاد جلساتة في البرلمان الي ان يجتمع البارتي واليكيتي معاً لحل مشاكلهما. وبمبادرةٍ من نيجيرفان البارزاني، الغي اليكيتي قرار تجميد جلساتة في البرلمان و زار بافل الطالباني الرئيس المشترك لليكيتي اربيل والتقي بكل من نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني واتفق مع البارتي لكي يجتمعا معاً من اجل حل المشاكل بينهما. في يوم ١١ من شهر آب الماضي اجتمع وفد المكتب السياسي للبارتي مع وفد اليكيتي برئاسة بافل الطالباني في مصيف دوكان، والاجتماع لم يتبعة اي اتفاق ماعدا ايقاف الحملة الاعلامية بين الطرفين، وتم خرق هذة النقطة ايضاً من قبل لاهور شيخ جنطي الرئيس المشترك لليكيتي في يوم ٣١ آب، حينما هاجم البارتي بوضوح حول احداث ٣١ آب عام ١٩٩٦. في اطار اتفاق بافل الطالباني، كان من المقرر ان يعقد البارتي واليكيتي سلسلة اجتماعات لحل المشاكل الموجودة بينهما، لكن بإستثناء الاجتماع الاول، لم يعقد حتي الآن اي اجتماعٍ آخر. لم يحصد لاهور شيخ جنطي ومؤيدة في قيادة اليكيتي بعد المؤتمر الرابع إلا الضرر في اية خطوة خَطَوها ضد البارتي، فَهُمْ وبعد مضي سنة لم يستطيعوا حتي الآن من إبعاد قوات البارتي من منطقة "زين ورتي"، كما لم يفعلوا اي شيء يُذْكَر في مسألة اللامركزية الادارية، وإعلان (تجميد البرلمان والانسحاب من الحكومة في حال استمرار الاستقطاع في الرواتب) في تغريدة نشرها لاهور شيخ جنطي، لم يثمر عن شيء حتي الآن وتوزيع رواتب الموظفين مع الاستقطاع مستمر كما كان حتي الآن. ما الخلاف بين اليكيتي والبارتي؟ ما مشكلة اليكيتي او بالاحري لاهور شيخ جنطي ومؤيدة مع البارتي؟ يدعي لاهور شيخ جنطي استعادة التوازن السياسي مابين اليكيتي والبارتي، التوازن السياسي الذي كان مختلاً إبان وجود الطالباني الأب لن يُعَدَّلَ الآن في وجود ابنائة واحفادة، فالطالباني الراحل حينما كان مستعداً لترك زمام الامور في كوردستان للبارزاني مقابل منصب رئيس جمهورية العراق، فقد اختل التوازن منذ ذلك الحين، فقد كان اليكيتي موجوداً في الساحة بشكلٍ اقوي حتي وقت توحيد الكابينة الحكومية بين الطرفين، لكن عند تشكيل الحكومة الموحدة في اربيل وذهاب الطالباني الي بغداد، بدأ مؤشر التوازن يميل نحو البارتي. حين يتحدث لاهور شيخ جنطي عن واردات كوردستان يقول : "واردات النفط غير شفافة والواردات الاخري غير شفافة بشكل عام"، وقد ارسل البارزاني برسالة اليهم عن طريق احد مسؤولي اليكيتي، انهم يعطون حصة اليكيتي من العائدات النفطية لأحد اعضاء العائلة الطالبانية، وحول العائدات النفطية عليهم ان يسألوا ذلك الشخص وليس البارتي. حاول لاهور شيخ جنطي مؤخراً تحت سِتار استقطاع رواتب الموظفين فتح باب حرب مع البارتي، لكن قوباد الطالباني استدرك الموقف سريعاً وبعثر اوراق اللعبة في يد لاهور شيخ جنطي وقام في ساعة متأخرة من الليل بتغيير بيان المكتب السياسي لليكيتي ونشرة كما يريد. لاهور الذي يَإِسَ من البارتي، وداخل اليكيتي فإن قوباد الطالباني وأخية بافل يشدون وثاقة، قد اوقف الحرب ضد البارتي منذ فترة وبدأ بلعبة جديدة داخل اليكيتي مع بافل الطالباني. تأسيس لجنة من ثلاثة اشخاص لتجميع الواردات المالية لليكيتي، آخر خطوة مشتركة يقوم بها لاهور شيخ جنطي الآن مع بافل الطالباني، هذة اللجنة سجلت واردات الادارة العامة لليكيتي الحالية والسابقة وتقول اللجنة "قرابة ثلاث مليارات دولار من واردات اليكيتي مفقودة"، فضلاً عن هذا فإن اليكيتي يملك (٤٦) شركة ويحصل شهرياً علي (مليونين و٥٠٠ الف) دولار فقط، فيما تبلغ المصاريف الشهرية للحزب (خمسة ملايين) دولار. وإن لم تنجح هذة الخطوة ايضاً، فسيواجة لاهور شيخ جنطي فشلاً آخر، لكن كل ماتبقي لة هو معاداة البارتي، الذي يعد حتي الآن في منطقة السليمانية ومحيطها سلعة سياسية اثناء الانتخابات، التي لم تفقد قيمتها بعد.
الحصاد: كركوك ناو المجلس الروحاني الايزيدي بالتشاور مع أمير الايزيديين و عدد من الشخصيات الدينية بصدد اختيار خليفة لـ(بابا شيخ)، الزعيم الروحي للايزيديين، وفقاً لعدد من الشروط و الاجراءات الخاصة. بابا شيخ، أعلى مرتبة دينية ايزيدية و يعد الزعيم الروحي للديانة الايزيدية يتم اختيار خليفته بعد مرور 40 يوماً على وفاة البابا شيخ السابق. خرتو الحاج اسماعيل، بابا شيخ الايزيديين وافته المنية في الأول من تشرين الأول الجاري في سن الـ87 في احدى مستشفيات أربيل بعد تدهور حالته الصحية. رجل الدين الايزيدي خواجه خوديدا قال لـ(كركوك ناو) "بعد مرور 40 يوم على وفاة بابا شيخ يقوم أمير الايزيديين مع المجلس الروحاني الأعلى، بالتشاور مع مجموعة من رؤساء العشائر و الشخصيات الدينية و الثقافية بانتخاب خليفة البابا شيخ." وفقاً لملمعلومات التي حصلت عليها (كركوك ناو)، هناك عدد من المرشحين الذين يطمعون في تولي المنصب الديني لكن واحداً منهم فقط أعلن ترشحه رسمياً. علي ألياس الحاج باب شيخ، و هو من أسرة بابا شيخ الايزيديين الراحل، أعلن في مؤتمر صحفي قبل أيام ترشحه لخلافة بابا شيخ. هادي بابا شيخ، مسؤول مكتب بابا شيخ، الزعيم الروحي للايزيديين، قال لـ(كركوك ناو) "ليس شرطاً أن يتم اختيار خليفة بابا شيخ بعد 40 يوماً من وفاته، الأمر منوط بالاتفاق الذي تتوصل اليه أسرة بابا شيخ و أمير الايزيديين و المجلس الروحاني." و دعا هادي بابا شيخ الجهات السياسية بعدم التدخل في عملية اختيار البابا شيخ الجديد. و يأتي ذلك، بعد أن شهد انتخاب أمير الايزيديين الجديد تدخلات من بعض الجهات السياسية أدت الى نشوء خلافات و اعتراضات. أمير الايزيديين يعتبر ممثل المكون الايزيدي في العالم، يأتي بعده البابا شيخ الذي يعتبر المرجع الديني الأعلى للايزيديين. هرمان ميرزا بك، نائب أمير الايزيديين، قال لـ(كركوك ناو) "لا نريد الاستعجال، لأن هذا الشخص يخلف البابا شيخ و سيبقى في منصبه لحين مماته، هذا المنصب هو منصب ديني و نطمإن الجميع بأنه لن تحدث هناك مشاكل في انتخاب ذلك الشخص." و أكد هرمان على وجود اشخاص أكفاء لتولى ذلك المنصب و سيختارون شخصاً في أقرب وقت. المرشح لمنصب البابا شيخ، بعد تقييمه من قبل المجلس الروحاني، سيخضع لسلسلة من الاجراءات و الشروط الخاصة. خواجه خوديدا شدد على ضرورة أن يكون المرشح من أسرة بابا شيخ و الشيخ فخري آديا، و أن يكون مُلِمّاً بالديانة الايزيدية. الشيخ فخري آديا، عالم و فيلسوف و رجل دين ايزيدي توفي قبل مئات السنين و عائلته تعد من العوائل المعروفة والمتنفذة بين الايزيديين. "نريد اختيار شخص مثل البابا شيخ الراحل لأننا بحاجة الى شخص كفوء و اجتماعي لهذه المرحلة"، حسبما قال خوديدا. البابا شيخ الراحل، خرتو الحاج اسماعيل، تسنم منصبه الديني منذ عام 1995 و قد تم تكريمه عديد المرات جراء توصياته و فتاويه الخاصة بضرورة احتضان المجتمع الايزيدي للنساء و الفتيات الايزيديات اللاتي اختطفهن تنظيم داعش. و يقول مسؤول مكتب البابا شيخ "الشخص الذي يخلف بابا شيخ يجب أن يكون ملماً بكافة المجالات الدينية، الثقافية و الاجتماعية للايزيديين، يجب أن لا يحلق لحيته، و لا يكون قد شرب المواد الكحولية أو يشربها في المستقبل، اضافة الى تحريم بعض الأطعمة عليه." الشروط الأخرى تتمثل في كونه، صادقاً، نزيهاً و أن لا يتعدى عمره 25 سنة و أن يكون من أسرة الشيخ فخري آديا. و قال هادي بابا شيخ "انتخاب البابا شيخ الجديد لن يكون مشابهاً لما حصل في انتخاب أمير الايزيديين لأن هذه قضية دينية لا تحتمل الصراعات." مؤسسة ادارة شؤون الايزيديين في المجلس الروحاني و رئيس المجلس (الأمير)، البابا شيخ، الشيخ الوزير و رئيس القوالين، و وجميع القرارات التي تخص المكون الايزيدي تُصدر من تلك المؤسسة. ينتشر اغلب الايزيديين في قضائي شيخان (شمال الموصل والذي يتبع محافظة دهوك ادارياً)، وفي قضاء سنجار (120) كم غرب الموصل.
تقرير : فاضل حمةرفعت – محمد رؤوف في غياب قائد يستجمع الغضب وعدم الرضا في إقليم كوردستان، اصبح مصطفي الكاظمي رئيس الوزراء العراقي رمزا لمعارضة السلطة ويعلق عليه بعض الناس املهم كي يشارك في الانتخابات المقبلة في اقليم كوردستان بقائمة تضم مرشحين مستقلين لكي يصوتوا له، وان الكاظمي الآن هو اقرب القيادات من الشارع في العراق والاقليم، فبمجيئه، غير صورة بغداد لدي الكورد من المحتل الي المنقذ، فقد وصل الي منصب رئيس الوزراء بدعم من الشارع الغاضب، فهل يبقي علي كرسيه بهذا الدعم لاحقاً؟ الكاظمي في ١٣٠ يوماً باشر منذ (١٣٠) يوما فقط، اذهل الجميع، المواطن في الشارع والسياسيين في مقراتهم الحزبية، الكل ينظر له، حتي انه اذهل دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الامريكية ايضاً، انه مصطفي الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي الحالي. الكاظمي الآن هو اقوي رجل سياسة في الشارع العراقي وحتي في اقليم كوردستان ايضاً، امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بمدحه، الكل يأملون ان يضمنوا بقائهم في الساحة في ظله في الانتخابات المقبلة. حدد الكاظمي كما وعد موعد الانتخابات المبكرة في العراق بعد مضي شهرين علي تسلمه المنصب، فالسادس من حزيران من العام القادم هو اليوم الذي حدده الكاظمي لإجراء الانتخابات، إنتخاباتٌ لا ترغب فيها اغلب الاطراف السياسية العراقية ويحاولون تأجيلها لحين استعادة ما فقدوه من مواقعهم لدي الشارع. المشهد الآن كالآتي، الكاظمي الذي ليس لديه اي حزب سياسي يريد اجراء الانتخابات، والاحزاب السياسية التي تتزايد اعدادهم يوما بعد يوم من بعد اسقاط نظام صدام، معظمهم يريدون تأجيل الانتخابات لحين كسر جزء من هيبة الكاظمي في الشارع العراقي. بعد اسقاط نظام صدام، اصبح عرفاً سياسياً ان يتسلم شخص شيعي منصب رئيس الوزراء، فالكاظمي شيعي المذهب، لكنه لا يمثل رغبات طهران، سانده الاطراف الشيعية لتسلم منصب رئيس الوزراء، شريطة ألّا يقوم مع وزرائه بترشيح انفسهم للانتخابات بعد انتهاء مدتهم، لكن هذا لا يمنع من ان يقوم الكاظمي بتأسيس كتلة برلمانية ويصَعِّدَ اشخاصا جدد الي البرلمان وخاصةً المستقلين ومن هذا الطريق يتسلم مجدداً منصب رئيس الوزراء. الكاظمي في العراق لأول مرة تواجه القوي الشيعية من بعد اسقاط نظام صدام موجة من الاحتجاجات بهذا المستوي من داخل الشارع ومن ناخبيهم، وكانت نسبة المشاركة في آخر انتخابات برلمانية في العراق التي اجريت في شهر آيار ٢٠١٨ لا تتجاوز ٤٥٪ فقط من الناخبين، والبعض يقولون ان النسبة كانت اقل من ذلك وتم التلاعب بها، وكانت هي النسبة الادني من المشاركة الشعبية في الانتخابات في الاعوام ١٧ الماضية، كانت هذه رسالة احتجاج من الشارع الي القيادات السياسية في العراق وتحديدا الشيعية منها التي كانت زمام السلطة بيدها في السنوات ١٧ الماضية. اجبرت الاحتجاجات في تشرين الاول من العام المنصرم عادل عبدالمهدي علي الاستقالة وبعد خمسة اشهر اوصلت الكاظمي الي منصب رئيس الوزراء، أي ان الكاظمي هو نتاج احتجاجات الشارع ضد الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، وليست الانتخابات، وبعض آخر يرونه مرحلة جديدة من الصراع الامريكي – الايراني في العراق. كان للشارع المحتج مطالب من الكاظمي، منها : • إلقاء القبض علي قتلة المتظاهرين في العام الماضي ومحاكمتهم وعقوبتهم. • تعديل قانون الانتخابات بشكل ينهي سيطرة الاحزاب السياسية التقليدية ويتيح فرصة الظهور للجيل الجديد في العراق. • تحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة وتجديد مفوضية الانتخابات. • بدأ الاصلاحات داخل الحكومة ومحاكمة المفسدين. خطي الكاظمي عدة خطوات منذ مباشرته في الشهور الاربعة الماضية لتنفيذ جزء من مطالب الشارع، فقد حدد المتظاهرون ثمانية اشهر للكاظمي لتلبية مطالبهم، مرت نصف المدة، لم يلبي الكاظمي كل المطالب ومن المرجح انه لن يقدر علي ما وعد حتي انتهاء مدته المحددة. ابرز وعد نفذه الكاظمي كان تحديد موعد الانتخابات المبكرة وإصراره علي اجراء تلك الانتخابات، لكن فيما يخص بعض المطالب الاخري التي وضعها الاطراف السياسية كشروط مقابل تسلمه منصب رئيس الوزراء، لم يخْطُ الكاظمي اية خطوة بعد، خصوصاً اخراج القوات الامريكية من العراق وهذا مطلب الاطراف الشيعية القريبة من ايران، اجتمع الكاظمي مع ترمب وابدي الاخير اعجابه بالأول، وحفاظاً علي الكاظمي من ايران واعوانه في العراق قرر الامريكيون سحب قسم من قواتهم قريباً، لكن دون الانسحاب الكامل الذي يطالب به اعوان ايران. علاوةً علي ذلك، حاول الكاظمي لفت انظار الشارع المحتج نحوه من خلال القيام بخطوات، منها : • استعادة السيطرة علي المنافذ الحدودية وإبعاد الميليشيات المسلحة العراقية نوعا ما من تلك الاماكن الكمركية وزيادة واردات تلك المنافذ. • محاولة السيطرة علي السلاح الموجود خارج القانون في المحافظات العراقية، وهذه محاولة بدائية ولم تُعْطِ بثمارها بعد، ويعتبر السلاح الموجود في يد الحشد الٍشعبي والميليشيات الشيعية من اكبر واكثر الاسلحة الموجودة خارج القانون في العراق، والذي يشكل تهديداً علي المنطقة الخضراء وبين الحين والآخر يقصفون السفارة الامريكية، لكن الكاظمي استطاع ان يحُدَّ نوعاً ما من هيمنة الحشد. • الاصلاح ومجابهة الفساد قسم آخر من وعود الكاظمي، ولم يخْطُ حتي الآن في هذا المجال خطوات عريضة، لكنه شكل لجنة في الآونة الاخيرة للقبض علي المسؤولين الحكوميين السابقين الذين ادينوا بقضايا الفساد وتم القاء القبض علي عدد من اولئك الاشخاص ولايعْرَف الي اين تصل تلك القضايا، وفي مجال الاصلاح، لم يقُم بإنجازات يذكر للتخلص من الازمة الحالية وان اغلب اعتماده هو علي استلام قروض داخلية وخارجية. لعل نقطة قوة الكاظمي مقارنة برئيس الوزراء السابق (عادل عبدالمهدي) تكمن انه اكثر شجاعة عند القرار ويجري التغييرات في المناصب الحساسة في الدولة دونما تردد وخوف. الكاظمي في اقليم كوردستان في اقليم كوردستان، بسبب عدم تواجد معارضة قوية تقود الشارع، هناك الكثير من الاصوات الغير راضية والمحتجة والتي عبرت عن نفسها في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بـ" المقاطعة". في إنتخابات ايلول ٢٠١٨ لبرلمان كوردستان كانت نسبة مشاركة الناخبين ٥٩٪، وسجلت ادني نسبة للمشاركة في تأريخ الانتخابات في كوردستان، بدأت مرحلة من الاحتجاجات ضد الاطراف المشاركين في السلطة في الاقليم، الرواد السياسيين لهذه الحملات الاحتجاجية غير معروفين والسلطة لا تعرف مع من تتعامل، عدم وجود رائد او منظم سياسي يعيد وجهة هذه الاحتجاجات الي اطارها الكوردستاني، من الممكن ان يؤدي في الاخير ان يضع المحتجون اصواتهم داخل سلة الكاظمي في بغداد، وخصوصا إذا تمت المصادقة في برلمان العراق علي قانون الانتخابات كما تم وضعه "تعدد الدوائر الانتخابية". في اقليم كوردستان هناك حاليا العديد من صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي للامتداح والثناء علي الكاظمي، فالعديد من الاشخاص يريدون ان يصوتوا للكاظمي في الانتخابات القادمة، وإن حدث ذلك، فسوف يكون المرة الاولي التي يشارك الناخب الكوردي بصوته بعيدا عن القضية القومية والمذهبية ويرسل رسالة قوية الي الطبقة السياسية التي تحكم قرابة ثلاثة عقود مثل نظرائهم في القيادات الشيعية العراقية من بعد اسقاط صدام، الذين لم يتمكنوا من معالجة المشاكل الاساسية للمواطن. من جهة اخري، ان حكومة اقليم كوردستان تعاني من ازمة مالية خانقة ولا تستطيع دفع رواتب الموظفين كما يلزم شهرياً، وفقاً للسياسة التي اتبعتها حكومة الاقليم دائماً بإلقاء مسؤولية عدم توفر الرواتب علي عاتق بغداد، وبذلك أظهرت بغداد كمنقذ لقضية تأمين رواتب الموظفين اكثر مما تريد بأن يصب مواطنوا الاقليم كأس غضبهم علي بغداد. سجل الكاظمي انتصاراً آخر داخل الشارع الكوردستاني المحتج ضد اصحاب السلطة في الاقليم، حينما زار منافذ (ابراهيم الخليل) و(باشماخ) الحدودية في الاقليم كأول رئيس للوزراء من بعد صدام، واللذان يعتبران من اهم مصادر الواردات في الاقليم ويحوم حولهما شكوك وجود الفساد والتهريب، كما ان اتفاق الاقليم مع بغداد حول الميزانية والواردات في ميزانية العراق لعام ٢٠٢١ يظهر قوة تأثير الكاظمي علي الاقليم بشكل اكبر. مع كل هذا، وعلي الرغم من ان الوضع في العراق ليس احسن منه في الاقليم، إلًا ان الشارع الكوردستاني المحتج واقع تحت تأثير مظاهرات شهر تشرين الاول الماضي في العراق والذي استطاع اجراء التغييرات في السلطة، ولم يستطع اي حراك شعبي في الاقليم اجراء اية تغييرات في هرم السلطة في الاقليم منذ العقود الثلاثة الماضية. بعض السياسيين الشيعة من الذين تسلموا السلطة من بعد اسقاط نظام صدام كانوا من اصدقاء الكورد، وتحديدا رئيس الوزراء السابق المستقيل عادل عبدالمهدي، لكن ما يميز الكاظمي عن سالفيه، هو ان الاخرين كانوا اصدقاء للسياسيين الكورد، لا الشارع الكوردي، وان الكاظمي يحاول التقرب من الشارع من دون حدوث اية مواجهة بينه وبين اصحاب السلطة في الاقليم، كل هذه الاوضاع كانت في صالح الكاظمي ويُنْظَرُ اليه من الشارع الكوردي كمنقذ. في الخامس من شهر ايلول عندما كان الكاظمي في منطقة دهوك يزور قلعة "نزاركي" الموقع الذي جُمِعَ فيه المؤنفلين في بادينان، قالت له سيدة هي ام لستة اولاد مؤنفلين : "كوردستان امانة عندك"، وبعد يوم زار السليمانية وقال له فلاح كوردي : "اذا شكلت قائمة في الانتخابات المقبلة فإن الكورد جميعهم سيصوتون لك"، وإمتلأت شبكات التواصل الاجتماعي سريعا بهذه الاحاديث، ومن جانب آخر قام جمال بنجويني المصور الخاص للكاظمي من خلال عدسته بتكبير ظل الكاظمي علي الناخبين الكورد، وهذا ما ازعج اصحاب السلطة في الاقليم. ليس لدي الكاظمي اصدقاء او مقربين داخل شريحة السياسيين في الاقليم وليس معروفا لدي معظمهم، لكنه يعرف القضية الكوردية ومآسيها حين هروبه من ايدي نظام صدام ومروره بكوردستان، إضافة الي هذا انه مطلع علي وثائق الانفال وكتابات هيئة الاستخبارات العراقية ولديه ملفات الكثير من المسؤولين الكورد مثلما لديه وثائق ومستمسكات علي المسؤولين السياسيين العراقيين وهذا يعتبر من اهم الاسلحة التي بحوزته. من اقرب المقربين من الكاظمي داخل الشريحة السياسية في كوردستان الآن هو برهم صالح رئيس جمهورية العراق، عاش الكاظمي فترة ما بين عامي ٢٠١٠-٢٠١١ في السليمانية، وكان حينها رئيس تحرير مجلة "الاسبوعية" التي كان صاحب امتيازها هو برهم صالح. إنشق برهم صالح عن الاتحاد الوطني الكوردستاني عام ٢٠١٨ وشكل حزبا جديدا، لم يمض عام ورجع الي صفوف الاتحاد وتسلم منصب رئيس جمهورية العراق، لم يكن عودة برهم صالح الي صفوف الاتحاد بالشكل المرجو من انصار الاتحاد وتحديدا من القيادات السابقة، انه حتي الآن يمارس السياسة خارج الاتحاد ويريد جذب الاتحاد نحو مساره، أو نحو مسار بغداد والكاظمي إن صح التعبير. لا يرجح مشاركة برهم صالح في حملة الاتحاد للانتخابات المبكرة، إلا اذا تمكن من ان يضع الاتحاد علي مسار الكاظمي وجمعهم في اطار اتفاق سياسي، او ادخل الاتحاد في اطار الوضع السياسي الجديد بشكل يضمن لنفسه منصب رئيس الجمهورية لدورة اخري، فهل يقبل الكاظمي بهذه الشراكة، ام يريد ان يغرد وسط الناخبين وخارج سرب جميع السياسيين الحاليين في العراق والاقليم. حتي الآن ينظر الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقلق الي الوضع الجديد في العراق ولا يريد ان يشدد الخلاف مع الكاظمي الي حد القطيعة وذلك لعدم معرفة ما يؤول اليه مصير العراق، وهل يعود القيادات الشيعية القديمة الي الساحة، ام الوضع سيسير نحو اتجاه آخر. من الصحافة الي الاستخبارات مصطفي عبد اللطيف مشتت الغريباوي هو الاسم الكامل لمصطفي الكاظمي، يبلغ من العمر ٥٣ عاما، وُلِدَ في بغداد لكن اصله يرجع لعائلة الغريباوي من قضاء شطرة في محافظة ذيقار. اكمل دراسة القانون في العراق وغادر العراق عن طريق اقليم كوردستان في منتصف الثمانينات من القرن الماضي كمعارض لنظام البعث. عمل خلال فترة وجوده في الخارج في ايران والسويد وبريطانيا ضد نظام البعث وكتَبَ ضده. وكان كاتب مقالات ومدير قسم العراق في موقع "مونيتور" الامريكي. خلال فترة تواجده في الخارج شغل منصب مدير مؤسسة "ذاكرة العراق"، مؤسسة كانت تجمع وثائق وأدلة نظام البعث وتعمل علي توثيق جرائم البعث، وخلال هذه الفترة اصدر الكاظمي عددا من الكتب، منها : • مسألة العراق • انشغالات إسلامية • علي بن أبي طالب الإمام والإنسان • المصالحة بين الماضي والمستقبل بعد اسقاط نظام البعث في ٢٠٠٣ عاد الكاظمي الي العراق، لكنه لم ينتمي الي اي حزب سياسي واشترك في تأسيس شبكة الاعلام العراقي، في حزيران ٢٠١٦ حينما كان العراق يخوض حربا شرسة ضد تنظيم "داعش"،عُيِّنَ الكاظمي رئيسا لجهاز الاستخبارات الوطني، وقام بتوسيع علاقاته مع المسؤولين ورؤساء الدول في هذه الفترة. عندما زار حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الاسبق السعودية في ٢٠١٧، كان قد اصطحب الكاظمي معه، لوحظ حينها كيف تعانق الكاظمي مع محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وهذا اظهر العلاقات الواسعة والقدرة القوية للكاظمي في مجال التفاوض. الكاظمي بين ايران وامريكا في السابق لم يكن الكاظمي معروفا كفاية لدي الشارع الكوردي، لكن اسمه كان موجودا في الوسط السياسي العراقي، وفي عام ٢٠١٨ تردد اسمه كخليفة لحيدر العبادي، لكن تم معاداته من قبل بعض الاطراف الشيعية وقتئذ، واتهم بأنه "مُوالٍ لأمريكا"، لكن ضعف عادل عبد المهدي جعل الحظ يقف الي جانب الكاظمي اخيرا. بعد مباشرته في منصب رئيس الوزراء العراقي، قال احد السياسيين المقربين منه لوكالة (فرانس برس) الخبرية : "شخصية الكاظمي لا تعادي اي شخص، له عقلية نشطة وذرائعية ونفعية – براغماتية– وهو علي علاقة بجميع اللاعبين الرئيسيين علي الساحة السياسية في العراق وأمريكا وايران ايضا". زار الكاظمي بعد تسلمه المنصب طهران و واشنطن، واستثني العراق من تلك العقوبات المفروضة علي ايران من قبل امريكا. يتم اتهام الكاظمي من قبل الاطراف الشيعية القريبة من ايران بأن له يد في مقتل قاسم السليماني قائد فيلق القدس للحرس الثوري الايراني وابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في هجوم امريكي مطلع العام الحالي، وذلك بصفته رئيسا لجهاز الاستخبارات العراقي. عند مباشرته في منصب رئيس الوزراء امتحنه معارضوه بإغتيال احد اصدقائه المقربين الكاتب والباحث (هشام الهاشمي)، يعمل الكاظمي سرا في ملف اغتيال صديقه ولم يعلن حتي الآن اية نتيجة للتحقيقات للرأي العام. ترجمة : ك. ق.
تقریر : فاضل حمةرفعت – محمد رؤوف في اليوم الذي تقرر فيه اجراء الكورد لإستفتاء الاستقلال، قال البارزاني لممثلي الاطراف السياسية : "إن اجراء الاستفتاء لا يعني تأسيس دولة"، لكن سكرتير الحزب الشيوعي ود. روز نوري شاويس عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني كانا يقولان يجب ان تكون الدولة المُنْتَظَرَة "علمانياً"، وممثل الحركة الاسلامية كان يُطالِب ان تُصْرَفَ عدد من الرواتب للموظفين بشارةً للاستفتاء، وتنبأ مُلّا بختيار عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني في ذلك الحين بهجوم الحشد الشعبي ومحمد الحاج محمود صرح بإنه لا يعتقد ان الشيعة سيهجمون علي الكورد، كما ان سعدي بيره حسم موعد اجراء الاستفتاء، يومٌ لم يستطع احد تأخيره عن موعده حتي وزير الخارجية الامريكي فشل في ذلك، نستعرض في هذا التقرير معلومات جديدة حول مناقشات البارزاني مع الاطراف السياسية الاخري في الايام التي سبقت اجراء الاستفتاء. وضع الكورد في زمن الاستفتاء نيسان عام ٢٠١٧ عندما كانت الحرب ضد "داعش" تقترب من نهايتها، شَكلَ الحزب الديموقراطي الكوردستاني(البارتي) والاتحاد الوطني الكوردستاني(اليكيتي) وفداً مشتركاً و زار الوفد الاطراف الكوردستانية الاخري، وتباحثوا عن رغبتهم في اجراء استفتاء للانفصال عن العراق وتأسيس دولة كوردستان المستقلة. في الوقت الذي اثار فيه البارتي واليكيتي موضوع الاستفتاء، كانت حكومة الاقليم في أزمة مالية خانقة، وكانت لا تستطيع تأمين رواتب الموظفين الشهرية علي الرغم من الادخار الاجباري لنسبة من الرواتب. ومن الناحية السياسية كان الاقليم يمر بأزمات متنوعة، وكانت ابواب البرلمان مؤصدة من قبل البارتي بسبب تمديد مدة رئاسة مسعود مصطفي البارزاني، وكان البارتي قد طرد حركة التغيير من الحكومة، ولا يسمح لـ(يوسف محمد) رئيس البرلمان في دورته الرابعة بالعودة الي أربيل العاصمة لمزاولة مهام عمله. من كان يقول ماذا؟ في هذه الظروف، اجتمعت الاطراف السياسية في السابع من نيسان عام ٢٠١٧ برئاسة البارزاني مسعود وبغياب حركة التغيير والجماعة الاسلامية، تحدث البارزاني قائلاً : "انني علي علم بوجود مشاكل في كوردستان، ولكن لايمكن ربط الاستفتاء بتلك المشاكل، فالاستفتاء موضوع قومي ولا يرتبط بأي شخصٍ أو أية جهة.. كان من المفروض ان يشارك كل من حركة التغيير والجماعة الاسلامية في هذا الاجتماع لأنه مسألة مصيرية، لكن مع الاسف لم يشاركا فيه". وفقاً لتقصيات (الحصاد) سرد البارزاني لمحة عن وضع الكورد في العراق قائلاً لقد وصلنا لوضعٍ "هدد فيه علي غيدان بإحتلال اربيل، وقال له نوري المالكي لا تستعجل حتي تصلنا طائرات (F16) وحينها نقوم بالهجوم". في ختام حديثه قال البارزاني لممثلي الاحزاب : "امامنا الآن خياران، إما البقاء كعراقيين، او ان نتخذ قراراً تأريخياً، فليكن حياتنا وموتنا معاً، فالفرص تأتي وتزول". علي الرغم من طلب البارزاني من الاحزاب في الاجتماع تحديد موعد اجراء الاستفتاء، لكن وفقاً لتقصيات (الحصاد) فإن البارزاني ابلغ ممثلي الاحزاب المشاركة في الاجتماع : "ان اجراء الاستفتاء لايعني تأسيس الدولة". عقب انتهاء حديث البارزاني، كانت مواقف الاطراف السياسية حول الاستفتاء علي هذه الشاكلة: • كوسرت رسول علي النائب الاول للسكرتير العام لليكيتي في ذلك الوقت وممثله في الاجتماع، وفقاً لتقصيات (الحصاد) فإن كوسرت رسول قال : "اساند اجراء الاستفتاء". • مُلّا بختيار العضو العامل للمكتب السياسي لليكيتي تحدث حينها بالقول : "بعد داعش هناك خطر بأن يهجم الحشد الشعبي علي كوردستان، لا تستهينوا بالمشاكل الداخلية، ليس من السهل اجراء الاستفتاء دون معالجة المشاكل وإعادة تفعيل البرلمان، اقترح تشكيل وفد من الاطراف السياسية من دون البارتي واليكيتي لزيارة حركة التغيير والجماعة الاسلامية، وإن إظهار المرونة تجاههما مِنْ قِبَل السيد مسعود البارزاني لَهُوَ شرفٌ كبير". • وقال روز نوري شاويس عضو المكتب السياسي للبارتي : "في بداية زياراتنا للاحزاب كان مواقفهم ايجابية بخصوص الاستفتاء، ونحن مع تشكيل دولة ديمقراطية علمانية". • شارك هادي علي ممثل الاتحاد الاسلامي في الحديث قائلاً : "ان الاتحاد الاسلامي مبدئياً مع اجراء الاستفتاء ويرون إن لم يفرض الكورد امر الواقع بنفسه فلا يقوم احد بفرضه بدلاً منه"، لكن ممثل الاتحاد الاسلامي طالب بتأمين كافة مستلزمات اجراء الاستفتاء، من ضمنها اعادة تفعيل البرلمان قبل كل شيء. • وتحدث كاوه محمود سكرتير الحزب الشيوعي بالقول "انهم في الحزب الشيوعي يطالبون تأسيس دولة كوردستان المستقلة، لكن بهوية مدنية وعلمانية وديموقراطية"، علي العكس مما قال البارزاني في الاجتماع بأن "الاستفتاء ليس بمعني تأسيس دولة"، وأوضح سكرتير الحزب الشيوعي في حديثه "ينبغي حسم ما الذي نحن بصدد اجراء الاستفتاء عنه؟ هل الاستفتاء عبارة عن رد فعل تجاه بغداد؟". • شارك كامل الحاج علي في الاجتماع ممثلاً عن الحركة الاسلامية، وقال "تزامنا مع اجراء الاستفتاء يجب ان يعْطي بشري للناس" وكان يقصد من هذا قيام الحكومة بتوزيع رواتب عدة اشهر للموظفين، وكان الموظفون حينئذ يعانون من مشكلة عدم تسلم الرواتب كما الآن. • كما قال بةلين عبدالله سكرتير حزب الكادحين : "نحن نساند اجراء الاستفتاء ويجب ان نسارع في اجرائه لأنه أتي متأخراً". • كانت مني القهوةجي المشاركة في الاجتماع كممثلة عن حزبها التركماني، مسانِدَةً قوية للأستفتاء لأن بإعتقادها ان اجراء الاستفتاء قد تأخر وأفادت قائلة : "كان ينبغي اجراء الاستفتاء في عام ٢٠٠٣". • وتحدث محمد الحاج محمود سكرتير الحزب الاشتراكي الديموقراطي الكوردستاني بأنه : "كان علي حركة التغيير والجماعة الاسلامية المشاركة في الاجتماع، وإنني ضد تأخير اجراء الاستفتاء، صحيح هناك أزمة، لكن الاستفتاء اكبر من الأزمات". • وقال مسرور البارزاني مستشار مجلس أمن اقليم كوردستان وقتئذ ان : "الاستفتاء عـملية قومية ولا يستطيع احد من الوقوف ضده". نقطة الخلاف كان معظم الاطراف المشاركة في الاجتماع قد اجمعوا علي نقطتين، هما : • ان يشارك جميع الاطراف في تلك العملية حتي حركة التغيير والجماعة الاسلامية ايضاً. • كان الجميع مبدئيا مع اجراء الاستفتاء. • طالب اغلب الاطراف بإعادة تفعيل برلمان كوردستان، حيث طالب أبو كاروان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي والمشارك في الاجتماع من البارزاني إعادة تفعيل البرلمان والسماح لـ(يوسف محمد) رئيس البرلمان بالعودة الي البرلمان، لكن البارزاني رفض ذلك وقال ان يوسف محمد كان مصدر كافة المشاكل ولايسمحون له بالعودة، واقترح البارزاني ان يتسلم ابو كاروان منصب رئيس البرلمان، لكن ابو كاروان امتنع عن ذلك، لأن سبب طلبه كان لرأب الصدع ومعالجة الخلاف وليس لتولي المنصب، وقبل اجراء الاستفتاء وتحديداً في منتصف شهر ايلول، قام البارزاني وبدعم ومساندة اليكيتي والاطراف المساندة له في المجلس الاعلي للاستفتاء بتفعيل البرلمان من جديد، من دون عودة يوسف محمد ، وصادق البرلمان علي قرار اجراء الاستفتاء. • تحدث اغلب الاطراف حول تحسين الوضع المعيشي وتوزيع رواتب للموظفين قبل اجراء الاستفتاء. في الاجتماع عارض طرفان اثنان فقط علي اجراء الاستفتاء : • آيدن معروف المشارك في اجتماع الاطراف الكوردستانية كممثل عن الجبهة التركمانية، وطالب قيام اقليم كوردستان بالتفاوض مع بغداد، كما طالب ايضاً تحديد دور المكونات في الاستفتاء. • الآشوريون ايضاً كانوا معارضين علي اجراء الاستفتاء، وكان ممثلهم المدعو (يعقوب) قد قال : "نحن نساند حقوق الكورد، لكن يجب ان يكون هناك اتفاق مع الكلدوآشور، لأنهم مضطهدون في كوردستان". شاركت الجبهة التركمانية والآشوريين في ذلك الاجتماع فقط ولم يشاركوا فيما بعد في اي اجتماع آخر للجنة العليا للاستفتاء. بيره حسم موعد الاستفتاء عندما انهي مسعود البارزاني الذي كان يترأس اجتماع الاطراف السياسية حديثه حول الاستفتاء، إلتفت الي (هندرين محمد) رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في كوردستان وسأله : - كم من الوقت تحتاجون للإستعداد لإجراء الاستفتاء؟ + نحتاج مدة (١٢٠) يوماً من يوم تحديد الميزانية للاستفتاء. - البارزاني بغضب : هذا مضيعة للوقت، الامر لا يحتاج لكل هذه المدة، ان كنتم لا تجرونها فلنعلن ان الاستفتاء لن يجرَ، حتي لو كانت الولايات المتحدة الامريكية معارضة فإنني سأقوم بإجراء هذا الاستفتاء، ان كنتم لا تجرونها سأحدد موعد اجرائها بنفسي. في هذه الآونة تدخل سعدي احمد بيره عضو المكتب السياسي لليكيتي وإقترح اجراء الاستفتاء في يوم ٢٥ من شهر ايلول عام ٢٠١٧، بحسب متابعات (الحصاد) لم يكن اقتراح سعدي بيره مُرْضِياً للبارزاني وكان يرغب بإجراء الاستفتاء في مطلع ايلول، لكنه قَبِلَ بذلك رغماً عنه، كما ان اقتراح سعدي بيره كان لتأخير اجراء الاستفتاء مدة زمنية لتوفير مجال اكبر للتفكير والتقرير. في ذلك الاجتماع ايضاً اتفقت الاطراف علي تشكيل اللجنة العليا للاستفتاء وان يحدد كل طرف ممثله في تلك اللجنة في اليوم التالي. اجتماع لجنة الاستفتاء تم تشكيل اللجنة العليا للاستفتاء في الاجتماع التالي وعقدت اللجنة اجتماعها الاول في ٧ / ٨ / ٢٠١٧ برئاسة مسعود البارزاني، وكان هذا الاجتماع مختلفاً عن اجتماع الاطراف السياسية التي تم فيه تحديد موعد اجراء الاستفتاء، بعد معرفة آراء وتصورات دول العالم، تراجع البارزاني وممثلي الاطراف في اللجنة العليا للاستفتاء بعض الشيء عن قرارهم المتشدد بخصوص إجراء الاستفتاء وعلي العكس من اجتماعهم السابق التي غلب عليها طابع الحس القومي، فقد كانت المباحثات حول اجراء الاستفتاء في هذا الاجتماع يغلب عليها طابع الدقة والحكمة. وبحسب معلومات (الحصاد) فإن البارزاني تحدث في هذا الاجتماع عن انه التقي بممثل الامين العام للأمم المتحدة والسفير الامريكي والاتحاد الاوروبي وقناصل الدول وان جميعهم لا يتفقون مع اجراء الاستفتاء بذريعة ان الوقت غير مناسب لاجرائه. وفقاً لما يقال ان البارزاني قد غَيرَ من رأيه في الاجتماع بعد معرفة رأي الولايات المتحدة الامريكية والامم المتحدة وقناصل الدول وتراجع عن كلامه نوعاً ما وأبلغ ممثلي الاطراف السياسية : "انكم تعلمون انه في اجتماع الاطراف السياسية انتم حددتم موعد الاستفتاء ولست انا"، اي انه القي بالمسؤولية علي عاتق الاطراف السياسية، هذا في الوقت الذي كان البارزاني يصر ويضغط في الاجتماع علي اجراء الاستفتاء في اقرب وقت ممكن قبل ٢٥ ايلول وانه قال حتي لو كانت الولايات المتحدة الامريكية معارضة فإنه سيقوم بإجراء الاستفتاء. نجم الدين كريم محافظ كركوك آنذاك كان من الذين تحدثوا في اول اجتماع للجنة العليا للاستفتاء وقال : "تأييداً لما قاله كاك مسعود، كنت قد اجتمعت مع السفير الامريكي وأخبرني نفس الكلام بأن الوقت غير مناسب، لكنني اخبرته إذا قمنا بتأخير اجراء الاستفتاء لحين موعد انتخابات برلمان العراق في ٢٠١٨، هل تعدوننا بالمساعدة، فلم يرد عَلَيَّ السفير ولم يعدني بشيء، كاك مسعود إنني متفق معك في ان العبادي احسن من المالكي". حول موقف اليكيتي من الاستفتاء، اوضح نجم الدين كرين بأن لا احد في المكتب السياسي والقيادة في اليكيتي ضد الاستفتاء و ان المجلس المركزي قد صوت لصالح اجراء الاستفتاء. في هذا الاجتماع كان هناك بعض الانتقادات الموجهة للبارتي بأنه يقوم بتخوين الذين يقولون بأنهم لن يشاركوا في الاستفتاء ولا يصوتون له، وقال البارزاني مسعود حول هذا الموضوع : "لست مع التخوين، لكن ما يفعلونه ويقولونه حول الاستفتاء ليس صحيحاً". بعد هذا الاجتماع قام البارزاني بجولة اوروبية حتي يقوم في الاوساط السياسية هناك بالدعاية للاستفتاء وجمع المؤيدين له، لكنه سُئِلَ هناك لماذا قام بغلق ابواب برلمان كوردستان، وهذا ما ازعج البارزاني وانهي جولته بسرعة عائداً الي كوردستان. اخذ البارزاني ومناصري الاستفتاء الموضوع بجدية، حتي انهم شكلوا لجنة لكتابة دستور دولة كوردستان قبل اجراء الاستفتاء، ولم تكن افق رد فعل العراق ودول المنطقة واضحةً بعد. رسالة تيلرسن بعث ريكس تيلرسن وزير الخارجية الامريكي آنذاك برسالة الي مسعود البارزاني في ٢٣ ايلول اي قبل اجراء الاستفتاء بيومين، وطلب من البارزاني تأخير عملية الاستفتاء وقبول بديل الولايات المتحدة الامريكية والحلفاء. المقصود بالحلفاء، بريطانيا والمانيا وفرنسا والامم المتحدة كانوا مساندين لما ورد في رسالة تيلرسن للبارزاني. بديل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائه المذكور في الرسالة التي كانت تحتوي علي (٧٠٠) كلمة كان عدم اجراء الاستفتاء من قبل الكورد والدخول في المفاوضات لمدة عام واحد مع بغداد لمعالجة المشاكل مع احتمال تمديد فترة العام الواحد. في رسالته كان قد اوضح ان امريكا مع بريطانيا وفرنسا يحاولون تصديق بديل الاستفتاء الذي هو الحوار مع بغداد لمعالجة المشاكل، في مجلس الامن الدولي، وإن لم تُبْدِ البديل اية نتيجة، حينها هم سيساندون الكورد لاجراء الاستفتاء، وحَذَّرَ في المقابل ان لم يقبل اقليم كوردستان بالبديل وفي حالة اصراره علي اجراء الاستفتاء فإن العواقب ستكون وخيمة. تلك الرسالة اعترفت رسمياً بأن الكورد يظْلَمون تأريخياً منذ عام ١٩٢١، وتحدثت بأن البديل الامريكي هو بمثابة فرصة تأريخية للكورد، و"تستحق ان تُجَرَّبْ". كانت الولايات المتحدة الامريكية قد عرضت في رسالة تيلرسن في مقابل ان يقوم البارزاني بتأخير اجراء الاسفتتاء، انها مستعدة ان تفعل هذه الامور للكورد : • الاتفاق التام وذو المعني علي توزيع السلطة والواردات. • تنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور العراقي. • معالجة المشاكل الاخري حول البيشمركة، الطيران المدني، التمثيل الدبلوماسي... الخ. قام فؤاد حسين الذي كان في منصب رئيس ديوان رئاسة اقليم كوردستان آنذاك بقراءة رسالة تيلرسن وترجمتها الي اللغة الكوردية في ٢٣ ايلول في اجتماع اللجنة العليا للاستفتاء، كان معظم الحضور مع اجراء الاستفتاء وبعد ذلك البدء بالمفاوضات مع بغداد. في الوقت الذي بعثت الولايات المتحدة برسالتها الي البارزاني، قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية بتشديد ضغوطها علي اليكيتي، وتم دعوة وفد من اليكيتي الي طهران، وهناك تلقوا بلاغاً شديداً حول ما إذا قاموا بإجراء الاستفتاء فإنهم سيخسرون المناطق التي تقع تحت سلطتهم. كشف مُلّا بختيار التهديدات الايرانية لليكيتي في اجتماع اللجنة العليا للاستفتاء، وكان محمد الحاج محمود من الذين توقعوا انه علي الرغم من التهديدات فإن الشيعة او "الحشد الشعبي" تحديداً لا يقاتلون الكورد. طالب مُلّا بختيار بتأخير القرار النهائي بخصوص اجراء او عدم اجراء الاستفتاء الي اللحظات الاخيرة وذلك لكي يتوضح مواقف دول المنطقة كلياً، وجاء هذا الكلام لمُلّا بختيار بعد زيارة وفد اليكيتي لطهران. في اليوم نفسه قام بافل الطالباني الإبن البِكر لجلال الطالباني بزيارة مسعود البارزاني وبعد عودته اعلن لوسائل اعلام اليكيتي بأن الاستفتاء لن يجْرَ وأن الكورد قد قبلوا بمقترحات امريكا وحلفائه، وفقاً لمعلومات (الحصاد)، ان بافل الطالباني في زيارته صافح البارزاني بشدة وطلب منه عدم اجراء الاستفتاء، و وعده البارزاني بذلك، وهذا كان سبب اعلان بافل الطالباني بأن الاستفتاء لن يجْرَ. في يوم ٢٥ ايلول ٢٠١٧ وفي ظروف اقتصادية وسياسية داخلية سيئة لاقليم كوردستان وتحت ضغوط وتهديدات دول المنطقة (ايران، تركيا) ومعارضة امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي، قام البارزاني مسعود ومسانديه بإجراء الاستفتاء، وأُجْرِيَ الاستفتاء ايضاً في عدد من المناطق المتنازعة عليها. وفقا لتصريحات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الاقليم ان نسبة ٧٢٪ مِمَّن يحق لهم التصويت شاركوا في الاستفتاء، محافظة دهوك سجلت اعلي نسبة للمشاركة بينما كانت ادني نسبة للمشاركة في محافظتي السليمانية وحلبجة، وفقاً لتصريحات المفوضية ان المشاركين في الاستفتاء قد صوتوا بنعم لاستقلال كوردستان بنسبة فاقت ٩٢٪، وقالت حركة "كلا في هذا الحين" برئاسة شاسوار عبدالواحد انه اجريت تزويرات في عملية الاستفتاء. حركة التغيير والجماعة الاسلامية الغير مشاركان في المجلس الاعلي للاستفتاء، في يوم الاستفتاء انضما الي صفه وصوت كل من عمر سيد علي المنسق العام لحركة التغيير وعلي بابير امير الجماعة الاسلامية بـ"نعم" للانفصال عن العراق. اجتمع المجلس الاعلي للاستفتاء في اول يوم من شهر اوكتوبر(تشرين الاول) في اربيل برئاسة مسعود البارزاني وتقرر في الاجتماع تغيير اسم المجلس الي "مجلس القيادة السياسية لكوردستان"، وقرر المجلس تحت مسماه الجديد ان يباشَرَ بالبدء بالمفاوضات من دون الغاء نتيجة الاستفتاء، لكن بغداد اعلنت انها غير مستعدة للتفاوض قبل الغاء نتيجة الاستفتاء، مع هذا اغلقت كل من ايران وتركيا كافة منافذهما الحدودية مع الاقليم، واشتركا مع القوات العراقية في مناورات عسكرية علي حدود اقليم كوردستان. في صبيحة يوم ٢٥ نوفمبر(تشرين الثاني)، وبعد احداث ١٦ اوكتوبر(تشرين الاول) وخسارة نسبة ٥١٪ من اراضي المناطق المتنازعة عليها، اصدرت المحكمة الاتحادية العراقية قراراً بتجميد العمل بنتيجة استفتاء اقليم كوردستان، وكان الاقليم قد وافق قبل ذلك علي دعوة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني للبدء بالتفاوض مع بغداد، وبهذا قَبِلَ الاقليم قرار المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء نتيجة الاستفتاء من اجل بدء التفاوض مع العراق ورفع الحصار عن المنافذ الحدودية والمطارات في الاقليم. ترجمة : ك. ق.