كردستان العراق بلا حكومة بعد عام من انتخاب البرلمان
.jpg)
2025-10-01 10:49:08
عربيةDraw:
مضى نحو عام على انتخابات أجريت في كردستان لاختيار برلمان الإقليم، من دون أن تتمكن الأحزاب الفاعلة من تشكيل حكومة جديدة والتصويت عليها، في مؤشر على عمق الخلاف السياسي وتعقيدات تتعلق بقرب الانتخابات العراقية العامة، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وأسفر الاقتراع الإقليمي، الذي أجري في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، عن انتخاب 100 نائب يشكلون قوام البرلمان الجديد، في حين يتركز الصراع بين الفائزين الرئيسيين؛ «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني بـ39 مقعداً، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني، الذي حصل على 23 مقعداً.
وبإمكان الحزبين، الذين يؤمّنان النصف زائد واحد من مقاعد البرلمان، تشكيل الحكومة بسهولة، إلا أن خلافات معقدة أخّرت تشكيل الحكومة طيلة الأشهر الماضية.
ومع أن هذين الحزبين يجريان مفاوضات مكثفة هذه الإيام لتشكيل الحكومة، فإن ترجيحات مراقبين تستبعد نجاحها في هذه الفترة، وتتحدث عن ولادة حكومة كردستان الجديدة، مع الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية العامة، ذلك أن الحزبين "سيتمكنان من تقاسم المناصب الحكومية في الإقليم وفي الحكومة الاتحادية في بغداد، في ضوء نتائجهما في برلمان الإقليم والبرلمان الاتحادي، ضمن صفقة واحدة أكثر وضوحاً".
وغالباً ما ذهبت رئاستا الإقليم والحكومة في كردستان إلى الحزب الديمقراطي، فيما يذهب منصب رئاسة الجمهورية الاتحادية إلى حزب الاتحاد الوطني.
ومنذ بضعة أيام، تتصاعد وتيرة الاجتماعات بين «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني». والتقى، السبت الماضي، مسعود بارزاني مع بافل طالباني، في إطار المساعي للانتهاء من تشكيل الحكومة.
وقال مصدر رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي الكردستاني «(الديمقراطي) و(الاتحاد) أحرزا خطوات جيدة نحو تشكيل الحكومة الجديدة في كردستان".
وتوقع المصدر أن تبدأ اجتماعات برلمان إقليم كردستان خلال الأسبوعين الأولين من شهر أكتوبر المقبل.
وأضاف المصدر أنه من المتوقع أن تبدأ اجتماعات برلمان كردستان خلال الشهر المقبل، وخاصة في الأسبوعين المقبلين.
وتؤكد مصادر الحزبين أن اجتماعات مكثفة ولاحقة ستعقد خلال الأيام القريبة المقبلة للتوصل إلى صيغة إعلان الحكومة العاشرة للإقليم التي تشكلت عام 1992، بعد «انفصال» الإقليم عن حكومة بغداد، التي غزت الكويت عام 1991.
وربطت مصادر كردية بين زيارة زعيم حزب «الاتحاد الوطني»، بافل طالباني، من واشنطن قبل 4 أيام، وبين التطور الإيجابي في سياق المفاوضات بين الحزبين، وأكّدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن "واشنطن تمارس منذ فترة ضغطاً مباشراً على الحزبين للانتهاء من تشكيل الحكومة".
وبعد إعلان الاتفاق على استئناف تصدير النفط الكردي إلى ميناء جيهان التركي، الأسبوع الماضي، توقع مراقبون أن تشهد مفاوضات تشكيل الحكومة حركة أكثر نشاطاً، وصولاً إلى إعلان الكابينة الجديدة، إلا أن مصادر من الحزبين تحدثت عن انشغالهما خلال الفترة المقبلة بالحملات الدعائية لخوض الانتخابات العامة.
الحكومة الأكثر تأخيراً
يترك الإخفاق في تشكيل الحكومة آثاره السلبية على أوضاع الإقليم بشكل عام، طبقاً لمراقبين، كما أنه يضع الأحزاب الفائزة، وخاصة «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، في حرج أمام الناخبين.
يقول تقرير منظمة «ستوب» غير الربحية العاملة في إقليم كردستان، والمعنية بالرقابة والتطوير، إن "التشكيلة الوزارية العاشرة لحكومة إقليم كردستان هي الكابينة الأكثر تأخيراً التي لم تتشكل بعد، مع تأخير يصل إلى 3 أضعاف مدة تشكيل الوزارة الأولى".
ورغم الصلاحيات المحدودة لـ«تصريف الأعمال»، يشير التقرير إلى أن «حكومة الإقليم استمرت في إصدار القرارات والمشاريع وتوقيع العقود الاستراتيجية منذ 9 أكتوبر 2022»، وهو التاريخ الذي بدأ به فعلياً سريان تعريف حكومة تصريف الأعمال.
وتحدث التقرير عن تعرض «الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية»، التي تتمثل مهمتها في القضاء على الفساد ومنع هدر المال العام وإجراء تدقيق للنفقات، إلى «إشكالات قانونية»، نتيجة انتهاء فترة ولاية رئيس هيئة النزاهة وهيئة ديوان الرقابة المالية في الإقليم، الناجم عن تأخر تشكيل الحكومة.
ويأخذ تقرير المنظمة على أعضاء برلمان الإقليم الجديد، أنهم يحصلون على مرتباتهم بشكل كامل منذ تأديتهم اليمين الدستورية في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، من «دون أن يقوموا بمهامهم النيابية»، ما يشكل هدراً للمال العام.
أخير له أسبابه
يرفض كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم الحزب الديمقراطي، إطلاق توصيف «الإخفاق» على ما جرى في كردستان بالنسبة لمسألة تشكيل الحكومة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن "التأخير يعود لأسباب كثيرة، غالبيتها في الاتحاد الوطني، وأخرى تتعلق بالوضع السياسي العراقي، وتدخلات أطراف لا تحمل خيراً للإقليم".
ويرى محمود أن «التأخير لم يؤثر إجمالاً على أداء الحكومة، بل إن التعاون بين قيادتي حزبي الديمقراطي والاتحاد واجتماعاتهما أسندت للحكومة قوة إضافية، خاصة لقاءات الرئيس بارزاني مع بافل طالباني، وما نجم عن ذلك من توقيع اتفاق استئناف النفط الأخير، وتدفقه إلى ميناء جيهان التركي".
ويشير إلى أن "تعاون الحزبين الرئيسيين أحدهما مع الآخر في حكومة الإقليم، ومع الحكومة الاتحادية، وما حصل خلال السنتين الماضيتين، يسجل إنجازاً كبيراً لها في الاستثمار والكهرباء والماء والخدمات الأخرى".
ويرجح محمود أن حكومة الإقليم الجديدة "ربما ستعلن قبل الانتخابات العراقية العامة نهاية هذا العام، لأن عملية تشكيلها في مراحلها الأخيرة".
بدوره، أكّد القيادي في حزب «الاتحاد الوطني»، سوران داوودي، حرص حزبه على تشكيل حكومة الإقليم في أقرب وقت.
وقال داوودي لـ«الشرق الأوسط» إن زيارات رئيس الحزب بافل جلال طالباني المتكررة لأربيل دليل على الرغبة في تشكيل الحكومة بأقرب وقت.
وأكّد داوودي أن حزبه "غير مسؤول عن تأخير تشكيل الحكومة»، مشيراً إلى «ظروف موضوعية وعملية، ربما ساهمت في مسألة التأخير، لكن الجميع يعي أهمية تشكيلها، ولعل الاجتماعات المركزة الحالية بين الرئيسين بافل طالباني ومسعود البارزاني ستسهم في ولادة الحكومة قريباً".
ارتفاع سقف المطالب
يرى المحلل السياسي، كاظم ياور، أن «أسباب كثيرة ومعقدة» حالت دون تشكيل حكومة إقليم كردستان، من بينها "ارتفاع سقف المطالب بالنسبة للحزبين، فكل منهما يسعى إلى الحصول على مزيد من المواقع والمناصب الحكومية".
وقال ياور لـ«الشرق الأوسط» إن "هذا الارتفاع في سقف المطالب يؤدي غالباً إلى الإخلال بمبدأ التوازن القائم في الإقليم بنظر كل من الحزبين، وهذا بدوره يدفع كل منها إلى التفاوض وتكملة وضبط إيقاع هذا التوازن عبر إعادة توزيع الحصص والوزارات المتاحة في الحكومة الاتحادية في بغداد".
ويشير ياور إلى أن «معظم المناصب الاتحادية والسيادية في الحكومة الاتحادية غالباً ما تكون عرضة للمقايضة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان».