الضغوط الأميركية على العراق ضمن ما بات يُطلق عليه بـ"فك الارتباط بإيران"

2025-09-24 09:25:28

 عربيةDraw:

أكد ثلاثة مسؤولين عراقيين في بغداد أن الإدارة الأميركية تواصل منذ أسابيع، حزمة من وسائل الضغط، وبشكل غير معلن على العراق، ضمن إجراءات ما بات يُعرف بـ"فك الارتباط بإيران"، تتعدى مسألة الفصائل المسلحة وسلاحها النوعي، إلى إجراءات تتعلق بإصلاحات في الجهاز القضائي، والقطاع المالي، بما يضمن لهما مزيداً من الاستقلالية عن هيمنة الجماعات الحليفة لإيران. ويأتي ذلك بعد أسبوع من إعلان وزارة الخارجية الأميركية، إدراج أربعة فصائل عراقية مسلّحة حليفة لإيران، على لائحة المنظمات الإرهابية، وهي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي.

وبحسب بيان للوزارة، فإن "القرار جاء استناداً لمذكرة الأمن القومي الرئاسية المقدمة للرئيس دونالد ترامب، والتي تُلزم بممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لقطع التمويل عن النظام ووكلائه وشركائه الإرهابيين". ويرتفع بذلك عدد الفصائل المُدرجة على لائحة الإرهاب إلى 8، أبرزها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، والنجباء، والإمام علي، وسيد الشهداء، وأنصار الله الأوفياء، بينما تبقى فصائل وشخصيات فصائلية أخرى مثل بابليون، وحشد الشبك، وفالح الفياض زعيم الحشد الشعبي، ضمن عقوبات لوزارة الخزانة الأميركية أصدرتها على نحو زمني متفاوت بالسنوات الأخيرة.

ويتفق ثلاثة مسؤولين عراقيين، أحدهم نائب في البرلمان العراقي، عن الائتلاف الحاكم (الإطار التنسيقي)، على مسألة تصاعد الضغوط الأميركية تجاه العراق ضمن ما بات يُطلق عليه بـ"فك الارتباط بإيران"، والتي شملت عدداً من القطاعات والمؤسسات العراقية المهمة، كان أبرزها قطاع البنوك، حيث تم إخضاع البنوك الحكومية والخاصة لآلية مراقبة أميركية تهدف لضمان منع استفادة إيران من النظام المالي العراقي. وأبلغ مسؤول عراقي في وزارة الخارجية في بغداد، "العربي الجديد"، أن الضغوط الأميركية، لا تقتصر على ملف "الحشد الشعبي"، أو حصر سلاح الفصائل المرتبطة بإيران بيد الدولة، بل تعدى إلى قطعات ومؤسسات أخرى كثيرة.

الدبلوماسي العراقي الذي عاد إلى بغداد أخيراً بعد انتهاء فترة ولايته بإحدى البعثات الدبلوماسية العراقية في أوروبا أكد، أن "واشنطن تريد محاكمات قضائية داخل العراق، لزعماء فصائل وشخصيات متهمة بجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات حقوقية". ولم يذكر المسؤول العراقي أياً من تلك الأسماء التي تطالب واشنطن بمحاكمات "شفافة" لهم داخل العراق، لكن بالعودة إلى قائمة الأسماء المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية، يُمكن ملاحظة أن أبرزهم، قيس الخزعلي، وأبو فدك، وشبل الزيدي، وريان الكلداني، وأبو آلاء الولائي، وحسين مؤنس.

وزاد المصدر ذاته، أن "القطاع المالي العراقي بشقيه الحكومي والخاص، بات تحت رقابة شبه تامة من الخزانة الأميركية، لضمان منع استفادة إيران أو أطراف تابعة لها، من النظام المالي العراقي"، مشيراً إلى أن "التحويلات المالية التي تتم من العراق للخارج تمر جميعها عبر بنوك وسيطة في الأردن والإمارات، ضمن إجراءات الرقابة الأميركية الحالية".

هذه المعلومات أكدها عضو في البرلمان العراقي، الذي قال إن ملف حل الفصائل المسلحة في العراق، أو دمجها مع القوات الأمنية النظامية، واحد من بين ثلاثة ملفات تضغط واشنطن تجاهها، مؤكداً أن القطاع المالي، وإنهاء تدخل الفصائل المسلحة بعمل القضاء وضغوطها عليه، مطروحة ضمن ما يعرف بفك الارتباط عن إيران، مشيراً إلى أن بعض الإجراءات بدأت بالفعل، وقادة الإطار التنسيقي مدركون أهمية عدم التماهي مع الرسائل الأميركية، في تحقيق إصلاحات بقطاعات ومفاصل مهمة بالدولة، بما يضمن إبعادها عن التأثير الإيراني.

لكن سلسلة إشارات وتسريبات ظهرت أخيراً، تفيد بأن تحالف "الإطار التنسيقي" الممثل السياسي للقوى السياسية الشيعية والفصائل المسلحة الموالية لإيران، مرتاب فعلاً من الإجراءات والقرارات الأميركية المستقبلية، والتي تمثل إعلان ضوء أخضر للكيان الإسرائيلي، لضرب أهدافه داخل العراق سواء من الجماعات، أو الأفراد، أو المؤسسات.

ونقلت وكالة "شفق نيوز" الإخبارية في العراق، عن مصدرٍ قوله إن "رسالة سرية حملها الوفد الرئاسي المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بدورتها الـ80، تخص طبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن". وأشارت

الوكالة إلى أن "الوفد حمل معه رسالة من قبل الإطار التنسيقي باعتباره الحزب الحاكم، تتضمن استفساراً للولايات المتحدة الأميركية حول التزامها بالاتفاقية الأمنية الأخيرة في حفظ أمن البلاد، إلى جانب الالتزام بجدول الانسحاب الرسمي المتفق عليه، وحماية البلاد من أي استهداف خارجي تحت أي ذريعة أو يافطة، على اعتبار أن العراق أوفى بكل التزاماته ضمن الاتفاق المبرم". وتأتي هذه الرسالة على خلفية تصريحات مسؤولين أميركيين، إزاء احتمالية فرض عقوبات على العراق وتعرضه لضربات إسرائيلية.

وفي السياق، قال الخبير الأمني العراقي سرمد البياتي، إن "التطورات الإقليمية لا تستثني العراق من أي تحديات مستقبلية، وأن العلاقة مع الولايات المتحدة لغاية الآن تُعتبر مستقرة، لكن واشنطن تريد من بغداد الالتزام بالتعهدات، ومنها ما يتعلق بحصر سلاح الفصائل، ومواجهة الفساد، وبقية الالتزامات المعروفة". وبيّن لـ"العربي الجديد"، أن "بغداد أمام تحديات خارجية كبيرة، ومن ضمنها تمكين مؤسسات الدولة لمواجهة أي مشاكل في المستقبل، ولا سيما تمكين الأجهزة الأمنية وحماية الأجواء العراقية المكشوفة أمام أي اعتداءات، ولعل حادثة قصف الدوحة خير دليل على الاستهتار الإسرائيلي، وأن الكيان لا يحترم أي سيادة الدولة في المنطقة، لذلك على العراق حماية مصالحه".

وفي يناير/كانون الثاني 2021، أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق مذكرة إلقاء القبض بحق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي الخاصة بالقتل مع سبق الإصرار والترصد، والتي يصل الحكم فيها إلى الإعدام، وذلك عن قضية مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني بعملية أميركية قرب مطار بغداد الدولي بالعام ذاته. ولاقى القرار ردود فعل واسعة داخل العراق، على اعتبار "عدم منطقية الحكم"، فيما اعتبر آخرون أنه يحمل طابعاً سياسياً.

وفي فبراير/شباط الماضي، أدرجت واشنطن 5 بنوك عراقية خاصة على لائحة العقوبات، التي تمنعها من تداول الدولار، ليرتفع عدد البنوك العراقية المُعاقبة إلى 28. ووفقا لنشرة قدمتها وزارة الخزانة، فإن البنوك متورطة بعمليات تعامل غير قانونية مع جهات إيرانية، وأخرى مرتبطة بغسل أموال وتمويل الإرهاب.

المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand