افاق المواجهة الدستورية بين الاطراف الفائزة في انتخابات 2021 العراقية

2022-03-27 20:12:12


    
د. ابوبكر صديق
بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 16/ اتحادية/ 2022 والذي ينص على ان "ينتخب مجلس النواب رئيسا للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد اعضاء مجلس النواب الكلي " تحولت المعادلة السياسية الناتجة عن نتائج انتخابات 2021في العراق الى معركة دستورية وقانونية بحتة . ونظرا لكون قرارات المحكمة الاتحادية تكتسي طابعا باتا وملزماَ للجميع ، فلا يمكن ان تتلاعب بالنصوص الدستورية والقوانين المرعية المنظمة للعمل السياسي وخصوصا في مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الكابينة الوزارية .فهذا القرار (16/ اتحادية /2022)اصبح حجر الاساس للانطلاق او الشروع باعادة تشكيل السلطة التنفيذية ( رئيس الجمهورية وتسمية رئيس مجلس الوزراء) على اساس نتائج الانتخابات التي جرت في 10/10/2021 .وعليه فان الشروع بانتخاب رئيس الجمهورية يتم بحضور ثلثي اعضاء مجلس النواب الكلي ، بمعنى ان جلسة اجتماع مجلس النواب لاتنعقد الا بحضور 220 نائبا والا يعد ذلك خرقا لقرار المحكمة الاتحادية ومساسا بنصوص دستور 2005 .وتزامنا مع هذا القرار ، اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا مثيرأ للجدل وفي غاية الخطورة ،وهو قرارها المرقم 23 وموحدتها25/اتحادية /2022 ) حول دستورية او عدم دستورية قرار رقم 4 لسنة 2022 الصادر من قبل رئاسة البرلمان ، والذي يقضي بفتح باب الترشيح للمرة الثانية لرئيس الجمهورية بعد انتهاء المدة الدستورية المرسومة لانتخاب رئيس الجمهورية.فوفقا لقرار رقم 23 و25 / اتحادية / 2022 المذكور، ان مجلس النواب متمثلاً باعضائه مجتمعة ، له الحق بتمديد مدة تقديم الترشيحات لانتخاب رئيس الجمهورية ولكن فقط لمرة واحدة .وبمقتضى قرار المذكور للمحكمة ، عكف مجلس النواب باصدار قرار تمديد الترشيح لانتخاب رئيس الجمهورية .
وبالرجوع الى الفقرة ب- من البند ثانيا من المادة 72 من دستور 2005 ، حدد المشرع الدستوري مدة 30 يوما لانتخاب رئيس الجمهورية . هذه المدة 30 يوما لايمكن تمديدها لاية جهة من جهات السلطات الاتحادية ، طالما ان الدستور حدد المدة المذكورة بصورة قاطعة ولايمكن تمديدها وفقا للفقرة الثانية من قرار المحكمة الاتحادية 23 وموحداتها 25/ اتحادية لسنة 2022 ،لذلك نجد بان مجلس النواب اصبح مكتوف الايدي تجاه قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم امكانية تمديد هذه المدة وتجاه المدة 30 يوما التي حددها المشرع الدستوري طبقا لما اوجبتها المادة 72-ثانيا-ب- من دستور 2005 .ووفقا لما اسلفنا نجد بان المحكمة الاتحادية متمثلة بقراراتها تطال اعمال السلطة التشريعية شكلا وموضوعا. لذلك نجد بان مجلس النواب ، خاضع لقيد زمني محدود وهو 30 يوما لانتخاب رئيس الجمهورية ، فصحيح ان المجلس له الحق بتحديد مواعيد اخرى لانتخاب رئيس الجمهورية طبقا للمادة 23 و24 من النظام الداخلي لمجلس النواب ، على ان يكتمل النصاب القانوني الذي حددته المحكمة الاتحادية وهي 220 عضوا والا لاينعقد الاجتماع ، وبالتالي لم يتم انتخاب رئيس الجمهورية . فكل ما يستطيع مجلس النواب ان يقوم به لانتخاب رئيس الجمهورية ، هو ان يعمل ضمن المدة 30يوما المحددة في صلب الدستور متمثلة بالمادة 72-ثانيا –ب- منها . اي ان المجلس يمتلك ان يحدد مواعيد متتالية ،وفقا للمادة 24 من النظام الداخلي لمجلس النواب ، بغية اكتمال النصاب ليكون اجتماعه منعقدا وفقا لما انتهجته المحكمة الاتحادية في قرارها 23 و25 / اتحادية . ولكن السؤال المطروح والمثير لمخاوف دستورية ، هو كيف يتم انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الوزراء بعد نفاذ مدة 30 يوما المحددة وفقا للمادة 72 من دستور 2005 سالفة الذكر؟
فعندما نطلع على النصوص الدستورية المنظمة لعمل مجلس النواب وما عليه ان يقوم به الاخير ، لانطلاق السلطة التنفيذية متمثلة بتشكيل حكومة جديدة ، في ظل نتائج الانتخابات ، نجد بان احكام دستور 2005 خالية من معالجة المنازعات الدستورية التي تنجم عن سياقات ومسار العملية السياسية التي تترتب عن نتائج العمليات الانتخابية . فالمنازعات او المعركة الدستورية الراهنة في ظل نتائج انتخابات 2021 وما قامت بها المحكمة الاتحادية من اصدار رزمة من الاوامر والقرارات التي طالت اعمال مجلس النواب في انطلاقه الاولى، يتبين الباحث بان مجلس النواب والاطراف الفائزة المتنافرة ، لديها خيارين لا ثالثة لهما، وهما ، اما ان تتفق هذه الاطراف حول صيغة توافقية لتشكيل حكومة اغلبية بنكهة توافقية خلال المدة المتبقية من المدة 30 يوما التي حددتها المادة 72-ثانيا-ب- من دستور، كي يتمكن مجلس النواب ان يحصل على حضور 220 نوابا حسب ما قضت بها المحكمة الاتحادية في قرارها رقم 16 ومن ثم العمل بما يدعو اليه قرار 23 وموحدتها 25/ اتحادية ،وسياقاتها . واما ان يطلب مجلس النواب ،المحكمة الاتحادية بان يفسر مفهوم هذه الفقرة - والتي تنص على ان " يكون فقط لمرةٍ واحدة لايقبل التمديد" - بماذا تقصد المحكمة وراءها ، فهل المقصود به ان كلمة مرة واحدة فقط تشمل الترشيحات او تشمل تمديد المدة 30 يوما التي اتت بها البند ثانيا –فقرة ب- من المادة 72 من الدستور ؟ فاذا قبلت المحكمة طلب المجلس واجابت المحكمة بان المقصود بهذه الفقرة هو فقط مدة الترشيحات، فرغم ان المحكمة تجانب الصواب على هذا النحو ، الا انها يكون رأيه في هذا المجال معمولا به وملزما .وعلى هذا المنوال يملك مجلس النواب انذاك ان يقوم بتمديد الفترة 30 يوما المذكورة طبقا لفحوى الفقرة –اولاَ-من قرار 23 و25 ، الى ان تصل الاطراف المتنافرة الى حل مرضٍ لتشكيل الكابنة الوزارية . اما اذا افتت المحكمة بان مفهوم الفقرة ثانيا من قرار المحكمة ذي رقم 23 و25 اتحادية ،يفيد بان التجديد لمرة واحدة تشمل كلا من عملية الترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة 30 يوما لمرة واحدة ، فان المجلس يكون منحلا بقوة القانون وليس بحكم القانون . لان تفكير البعض ومن ضمنها السلطة القضائية متمثلة بالمحكمة الاتحادية ،بان المادة 64 هي المعمول به للجوء الى حل البرلمان لا ينسجم مع المعضلة القانونية التي ورط فيها مجلس النواب في اعقاب الانتخابات الاخيرة ، ذلك ان المادة 64 نظمت حالات حل البرلمان في الحالات غير الحالة الحالية التي اوقع فيه مجلس النواب .وفي كل تلك الحالات التي اسلفنا يرى الباحث بان فشل مجلس النواب للوصول الى حصول نصاب قانوني بمقتضى قرار المحكمة الاتحادية رقم 16 خلال المدة 30 يوما التي حددتها المادة 72 –ثانيا-ب- من دستور 2005 ، وبالتالي عدم انتخاب رئيس الجمهورية ،يؤدي بصورة اضطرارية الى الانتخابات المبكرة . وهذا هو الحل الدستوري الامثل .


 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand