واقع العدالة الإعلامية في ظل الهيمنة السياسية

2023-10-08 20:05:57

عربية:Draw

تحتل وسائل الإعلام؛ من مكتوبة إلى مسموعة ومرئية، ومن ثم إلكترونية، مكانة مميزة في المجتمعات كافّة. وتزداد هذه المكانة اتساعاً وأهمية، وتحاول الدول والأحزاب والمجتمعات المختلفة أن تحوز على أكبر عدد من هذه الوسائل، من ناحية الكم، ومن ناحية الكيف، وأن تسيطر على أكبر قدر من المساحة الإعلامية، على اعتبار أن امتلاك وسيلة إعلامية صنو ورديف للنفوذ والهيمنة السياسية

وقد استُخدمت هذه الوسائل، في معظم الأحيان، كسلاح بيد مالكيها، لبسط النفوذ والسيطرة على عقول الآخرين، ومحاولة تغيير سلوكهم. وحاولت الدول الاستعمارية أول ما حاولت السيطرة على أكبر عدد ممكن من هذه الوسائل، باعتبار أن من يمتلك أكبر عدد منها؛ فإنه سيمتلك عقول الآخرين، ويُوجِّه أحاسيسَهم وتصـرفاتِهم. ومن ثمَّ، فإن هذه الدول والحكومات تخصّص ميزانيات ضخمة لامتلاك الوسائل الإعلامية المتطوّرة، وتضع بناء المؤسسات الإعلامية العملاقة في أجندة سياساتها الداخلية والخارجية؛ منذ مطابع الاحتلال الفرنسـي، إلى عصـرنا الرّاهن والصـراع (الإعلامي – التكنولوجي - السياسي) بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين!

هذا الواقع (السياسي – الإعلامي) خلق حالة من (اللاتوازن) الإعلامي بين الدول المهيمنة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وبين الدول المتخلفة والمغلوبة على أمرها، وانعكس ذلك على محتواها الإعلامي، حيث صارت مجرد متلق سلبي لما تنشـره هذه المؤسسات الإعلامية، من ناحية، ومن ناحية أخرى، ونتيجة لضعفها الاقتصادي، وعدم قدرتها على مجاراة الدول الكبيرة، فإن هذه الدول (المتخلفة) قد عانت – وتعاني - من فقدان الوسائل الإعلامية المتطورة، وغياب الحضور والتواجد في ساحة المنافسة الإعلامية.

وقد حاولت الأمم المتحدة، وعن طريق منظمة (اليونسكو)، أن تملأ هذه الفجوة الإعلامية بين ما يسمى بدول الشمال والجنوب، وعقدت العديد من المؤتمرات الدولية لحلحلة المشكلات الإعلامية في العالم، ومن بينها موضوع غياب العدالة الإعلامية، وغيرها من القضايا الإعلامية المهمة والحساسة. وعلى الرغم من أن الدول المتخلفة قد استفادت من نتائج بعض هذه المؤتمرات، والتوصيات الناجمة عنها، إلّا أن التوازن الإعلامي في العالم ما زال يعاني من مشاكل وتحديات جمّة، تحتاج إلى المزيد والمزيد من الجهود الدولية.

بقي أن نقول إن التطور التكنولوجي في مجال الإعلام قد ساهم في ردم شيء من هذه الفجوة الإعلامية، حيث إن سهولة الاستخدام، وانخفاض تكلفة شراء الوسائل الإعلامية، عاملان مهمان في وصول الجميع إلى مصادر المعلومات، وربما - في بعض الأحيان - القدرة على التحول إلى مصدر للمعلومات، ومن ثمّ تحقيق شيء - ولو يسير - من (العدالة الإعلامية) المرجوة!

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand