في الحديث عن اسباب ارتفاع نسب البطالة في العراق

2023-04-27 16:37:19

 عربية:Draw

 عندما نتحدث عن طموح الشباب في الحصول على فرص عمل (وهو طموح مشروع ولا شك) فان الخطا الاكبر الذي يقع فيه الجميع ابتداءا من الحكومة مرورا بالبرلمان والنخب وانتهاء بالشباب انفسهم؛ هو هذا الاصرار والتدافع الكبيرين في الحصول على فرصة عمل حكومية.

ومايزيد من “فداحة” هذا الخطا هو الكيفية التي تعاملت بها السلطة التنفيذية طوال عقدين من الزمن، مع هذه المطالب. وكانت النتيجة هو ان اعداد العاملين في القطاع الحكومي وصل اربعة او خمس ملايين شخص لدرجة ان الموازنة التشغيلية وصلت الى ٧٥٪؜ من القيمة الكلية للموازنة الفيدرالية. وهذه طامة كبرى بكل المقاييس.

الخطا في هذا التعاطي هو انه لا السلطة التنفيذية ولا التشريعية بادروا طوال عقدين من الزمن الى تشريع قوانين حقيقية قادرة على انعاش القطاع الخاص، وهو بلا شك، الجهة الوحيدة القادرة على ايجاد حلول حقيقية لهذا العدد الكبير جدا من العاطلين عن العمل.

وعندما نتحدث عن التشريعات لانعاش القطاع الخاص فان اول القوانين التي تفرض نفسها هنا هو قانون التقاعد للقطاع الخاص، او كما يطلق عليه البعض قانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص.

من المعيب انه لا يوجد حتى اللحظة قانون تقاعد يعنى بشريحة العاملين في القطاع الخاص.

البرلمان في دورته الماضية كان قرأ مسودة قانون بهذا الشان لمرتين ولم تاخذ المسودة انذاك طريقها للتشريع. والامر تكرر مرة اخرى مع البرلمان الحالي.

هذا الامر قد يعطي انطباعا انه لا توجد ارادة حقيقية، سواء حكومية او برلمانية، في تشريع القانون.

بل من المعيب ايضا ان يكون هناك قانونان للتقاعد، الاول للعاملين في القطاع العام واخر للعاملين في القطاع الخاص.

لا اعتقد ان هناك دولة في العالم لديها قانونان للضمان الاجتماعي. ووجود مثل هذا الامر يعطي انطباعا للوهلة الاولى ان هناك امتيازات كبيرة يوفرها القانون العام (الحكومي) وهي امتيازات لن تجدها في القانون الاخر الذي يعني بالقطاع الخاص.

وان صح هذا الكلام فان هذا يعتبر كيل بمكياليين في طريقة التعاطي مع شريحتين كلاهما يخدم المجتمع ولا غنى عن خدمات اي منهما لديمومة المجتمع.

السوال هو:-

لماذا لم يشرع البرلمان قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للقطاع الخاص حتى الان؟.

والسوال الاخر هو:-

لماذا الاصرار على تشريع قانون تقاعد للقطاع الخاص يختلف بالامتيازات عن القانون الحكومي؟. الم يكن من الاجدر ان يكون هناك قانون موحد للتقاعد كما هو الحال في اغلب دول العالم ان لم يكن جميعها؟.

ان وجود قانون موحد للتقاعد سيساهم بكل تاكيد في تخفيف اعداد العاملين في القطاع الحكومي، وسيساهم ايضا في وقف المطالبات بالحصول على فرص عمل حكومية. بل قد نشهد “هجرة” للعاملين من القطاع الحكومي باتجاه القطاع الخاص في حال وجود هكذا قانون، لانه لن يكون هناك سبب يدعو الناس بالتوجه للقطاع الحكومي، خاصة وان المتعارف عليه ان رواتب القطاع الخاص افضل من الحكومي.

بحكم عملي الصحفي، كنت قبل ايام اغطي تظاهرة لخريجين عاطلين عن العمل ويطالبون الحكومة بتوفر فرص عمل لهم. بعضهم كان يعمل في القطاع الخاص لكنه يريد وظيفة حكومية، ودار بيني وبين مجموعة منهم هذا الحوار:-

لماذا تتظاهرون؟

للحصول على فرصة عمل.

ولماذا لا تذهبون للعمل في القطاع الخاص، او ان تعملوا على ايجاد مشاريع لكم وان كانت صغيرة قادرة على ان توفر لكم العيش الكريم ولو بالحد الادني؟.

لان العمل بالقطاع الخاص لا يوفر راتب تقاعدي كما هو الحال في القطاع الحكومي.

ولماذا لا تتظاهرون وتطالبوا الحكومة بان يكون للقطاع الخاص قانون ضمان اجتماعي يساوي بالامتيازات والحقول مع العاملين بالقطاع الحكومي؟

هنا ساد الصمت. وتبين ان هؤلاء لا يمتلكون الثقافة وما يجب ان تكون عليه المطالبة بالحقوق فيما يتعلق وقانون الضمان الاجماعي للقطاع الخاص. ولم تكن عملية افهامهم للامر صعبة لانهم نخبة متعلمة ومثقفة.

الكرة بمرمى السلطات التشريعية والتنفيذية، هم المسؤلون عما الت اليه الامور في البلاد وهذا العدد الكبير من العاطلين عن العمل.

ولا مناص من التحرك في سبيل :-

اولا: تشريع قانون موحد للضمان الاجتماعي، يشمل العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص على حد سواء. ( لان وجود قانونين سيكون بمثابة التعاطي بازدواجية في موضوع واحد يخص العراقيين جميعا).

ثانيا: تشريع قوانين تنعش القطاع الخاص، قد يكون من بينها ارغام اي شركة اجنبية على تعيين نسبة معينة من العراقيين مقارنة بالكادر الاجنبي.

وجود محاسبة حقيقية لاي شركة او مؤسسة او اي جهة، عراقية كانت ام غير عراقية، تقوم بتوظيف عاملين لديها ولا تدفع لهم الضمان الاجتماعي كل شهر.

هذا هو السبيل الوحيد لانهاء مشكلة البطالة في العراق وتخفيف حدتها، وبغيره ستكون عملية التعاطي مع هذا الموضوع سياسية بامتياز ولها دوافعها الخاصة.

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand