رسائل تركية من الملاذات الآمنة.. بديل داعش بدأ بالتحرك 

2022-06-23 15:57:37

 

محمد محمود بشار* 

 

احترقت الورقة الأخيرة في مشروع إعادة احياء داعش في نهاية الشهر الأول من العام الحالي، عندما اصطدم مقاتلوا التنظيم بحائط قوات سوريا الديمقراطية، التي هزمت داعش مرة أخرة بعد الهزيمة التي الحقتها القوات بالتنظيم في الباغوز قبل عدة سنوات، فكانت معركة سجن الصناعة في مدينة الحسكة، النهاية الفعلية لاندثار حلم عودة داعش كقوة تسيطر على الأراضي. 

 حيث افرزت معركة سجن الحسكة واقعا ملموسا ألا و هو أن داعش بات محصوراً في الحالة (العصاباتية) أي أن سقف ما يستطيع أن يفعله التنظيم، هو تنشيط للبعض من خلاياه و مهاجمة سيارة على طريق مهجور أو تفجير دراجة نارية داخل قرية أو مدينة سورية. 

 

- عفرين و الطريق إلى القدس 

مع ارتفاع درجات الحرارة في شهر حزيران، ارتفعت حدة المواجهات المسلحة بين الفصائل العسكرية التي ترعاها الدولة التركية داخل مناطق سورية مختلفة، أبرز تلك المناطق عفرين و الباب و اعزاز و جرابلس. 

جبهة النصرة التي تعمل تحت اسم هيئة تحرير الشام حالياً، تدخلت في هذه المعركة لدعم الفصائل و القيادات العسكرية المبايعة لأميرها أبو محمد الجولاني، فكانت كلمة الحسم في هذه التطورات الأخيرة مربوطة بفوهات بنادق انغماسيي النصرة، حيث كانت لهم الغلبة. 

في المحصلة ازداد نفوذ النصرة و باتت الفصائل التي بايعت الجولاني تمتلك مساحة أوسع من الأراضي و حيز أكبر من النفوذ و اتخاذ القرارات الحاسمة. 

طبعا الجيش التركي لم يتدخل بقواته، و لم يكتفي بمهمة مراقبة الأوضاع، بل كان يشرف على المعركة عن قرب. 

أحد أنصار فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا كتب في تغريدة له: (الطريق إلى القدس يمر من عفرين لأن الطريق مزفت) وذلك كتعبير عن استياء مناصري تلك الفصائل ضد تحرك النصرة. 

وبمجرد العودة إلى الخلف أي لبدايات الاجتياح التركي لمدينة عفرين و احتلالها، يظهر بوضوح مدى تأثير الخطاب الديني الجهادي المتزمت على تلك الفصائل، عندما تم نعت وحدات حماية الشعب ذات الاغلبية الكردية و التي تشكل ابرز تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية بالكفر و الالحاد و التصهين، مما استوجب قتالها شرعاً – بحسب تفسيراتهم المختلفة للشرع و الدين - و رفع راية الجهاد، هذه الراية التي سيدفع جميع العالم ضريبتها في الفترة القادمة. 

 

- من البغدادي إلى الجولاني.. النصرة بديل داعش 

من خلال التغطية على التحرك الأخير للنصرة في المنطقتين التي تمت تسميتهما من قبل تركيا بـ(غصن الزيتون) و (درع الفرات)، يبعث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسائله الجديدة إلى العالم الغربي و الرأي العام الاسلامي. 

تلك الرسائل تقول، انتهى خطر داعش و لكن الخطر الذي تشكله النصرة أكبر، لأن النصرة ترتبط بعلاقات خفية و معقدة بتنظيم القاعدة لا يعلمها إلا الأمراء و السلاطين. 

 و مازالت آثار الهجمات الانتحارية التي نفذتها القاعدة في الولايات المتحدة الامريكية و بقايا الدول الغربية عالقة في ذاكرة الساسة و القادة الغربيين والرأي العام العالمي. 

اردوغان يقولها بكل وضوح، بأن مفاتيح بيت النصرة مخبأة في قصره بأنقرة، وهو يستطيع أن يُحَرّكَ (الانغماسيين) في النصرة متي ما أراد و يوجههم أينما شاء. 

احترقت ورقة داعش، و اهترأت ورقة المساومة على ثلاثة ملايين لاجئ سوري، فتوجهت أنقرة إلى استخدام البديل الأهم و الأخطر، وهذا البديل هو هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني. 

عندما تم قتل خليفة داعش أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019 وذلك في قرية على الحدود السورية التركية ضمن محافظة إدلب، كان حديث العامة آنذاك ماذا يفعل البغدادي في تلك البقعة و كيف وصل إليها. 

 و لكن عندما تم قتل الخليفة الثاني لداعش أبو ابراهيم القرشي و ايضا بالقرب من الحدود السورية التركية داخل محافظة إدلب. حينها انفكت بعض الألغاز التي كانت عصية على الفهم، و بات الجزء الأكبر من هذه الحقيقة واضحاً، و هو أن (بلاد النصرة) و من خلفها تركيا بقيادة أدروغان، هي أكثر الملاذات الآمنة لأكثر الحركات الارهابية عنفاً و تطرفاً. 

وهنا تكمن كلمة سر قوة أدروغان الخفية. 

*كاتب سوري 

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand