هل ينجح العراق في إيجاد بدائل لتمويل ميزانيته؟

2022-04-08 14:42:36

عربية Draw:

صلاح حسن بابان - الجزيرة 

تقف السلطات العراقية عاجزة عن إيجاد مصادر أخرى لميزانية الدولة إلى جانب النفط الذي تغذي مبيعاته أكثر من 90% من الإيرادات، وهذا ما جعل البلاد رهينة تقلبات أسعار الخام العالمية رغم أنها تمتلك الكثير من المصادر المرشحة لتعزيز الميزانية السنوية لو استغلت بشكل صحيح.

غياب الحلول الإستراتيجية لتفعيل أو تنشيط القطاعات الأخرى والاعتماد شبه المطلق على النفط، زاد من تفشي البطالة وغياب فرص العمل لأصحاب الشهادات والخبرات مع استمرار ارتفاع معدل النمو السكاني إلى نحو 2.7%، وبلوغ نسبة الفقر نحو 25%، وفقا لوزارة التخطيط.

 

blogs البطالة فى العراق

تزاحم عدد من العراقيين لتقديم أوراقهم بهدف الحصول على فرصة عمل أمام أحد المؤسسات (رويترز)

ويُشير تقرير للبنك الدولي إلى أن نحو 13 مليون عراقي يكسبون يوميا أقل من دولارين، مع توقعات بأن يصل عدد سُكان العراق إلى 80 مليونا بحدود العام 2050.

مليار برميل سنويا

ويصدر العراق سنويا أكثر من مليار برميل من النفط الخام، ويحتاج إلى نحو 90 مليار دولار سنويا لتغطية موازنته السنوية التي ترتبط في جزء كبير منها بصادرات النفط الخام.

ويحتاج العراق سنويا نحو 90 تريليون دينار (60 مليار دولار) للإنفاق التشغيلي -حسب تقارير سابقة- نصفها لرواتب موظفي الدولة والقطاع العام، بالإضافة إلى نحو 18 تريليون دينار (12 مليار دولار) تذهب إلى رواتب الرعاية الاجتماعية والمتقاعدين، وما يتبقى يكون للنفقات الأخرى.

الخبير النفطي والباحث الإقتصادي البصري د. نبيل المرسومي

المرسومي يرى ضرورة استغلال العراق لفوائض النفط الحالية لبناء قاعدة إنتاجية متنوعة (الجزيرة نت)

صانع القرار السياسي

ورغم التحذيرات من انخفاض الطلب على النفط مستقبلا، فإن الخبير النفطي الدكتور نبيل المرسومي يقفُ مُدافعا عن النفط بتأكيده أنه سيكون المصدر الأول للطاقة على الأقل حتى العام 2050، مع إشارته إلى وجود نقص في الاستثمارات بقطاعات النفط وانخفاض بـ 30% في هذا العام مقارنة مع 2019، يقابله شح في المعروض وزيادة في الطلب.

هذا المعطيات دفعت المرسومي للمطالبة بضرورة استثمار العراق للعوامل النفطية المُتاحة مع الارتفاع الكبير للأسعار التي كسرت مؤخرا حاجز 100 دولار بسبب العوامل الجيوسياسية، على أن تستغل فوائض النفط لبناء قاعدة إنتاجية متنوعة تحقق مصادر دخل بديلة.

ومع ذلك، يرى الخبير النفطي أن العراق يعتمد على النفط بشكل مفرط بحيث يشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 90% من الموازنة، ما يضع البلاد عرضة لاضطرابات السوق، في ظل عدم وجود مصدات اجتماعية ومالية تُخفف من الأزمات، كما أن العراق -وعلى عكس عدد كبير من الدول النفطية- لا يمتلك صندوقا سياديا أو صندوقا للأجيال القادمة لاستثمار عائدات النفط والاستفادة منها.

 

وفي رده على سؤالٍ للجزيرة نت عن إمكانية أن تُنافس قطاعات أخرى مثل الصناعة والزراعة والسياحة النفط في تأمين الواردات التشغيلية والاسثتمارية للبلد، يقول المرسومي إن ذلك يعتمد على صانع القرار السياسي. ويرى أن صانع القرار السياسي في العراق لا يؤمن بالتنمية الاقتصادية المبنية على خطّة عمل واضحة ومحددة.

وواحدة من الحالات التي تجعل الخبير النفطي في حالة من الإحباط من العقلية الاقتصادية التي تُدير البلد أن العائدات السنوية لقطاع السياحة فيه تبلغ قرابة 85 مليون دولار، بينما تبلغ واردات القطاع ذاته في دول أخرى مثل مصر أكثر من 13 مليار دولار.

سميسم ترى في السياحة القطاع المرشح ليكون رديفا للنفط لإنعاش مالية العراق (مواقع التواصل)

من ينافس النفط؟

ومنذ العام 2003، تُعاني قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والسياحة إهمالا واضحا مما جعلها في موضع إنتاجي بائس لم يصل إلى المستوى المطلوب، في مقابل زيادة الاستيراد من الدول المجاورة مثل إيران وتركيا والأردن وسوريا والسعودية.

وترى الباحثة الاقتصادية سلام سميسم أن السياحة تشكل القطاع المرشح ليكون رديفا للنفط لإنعاش مالية العراق، مشترطة لذلك تفعيل الإيرادات لهذا القطاع وحسن الاستثمار فيه.

وما يحتاجه العراق لجعل قطاعه السياحي بالمستوى المطلوب هو توفر البنية التحتية، أبرزها القطاعات الفندقية ووسائل نقل وشبكات التواصل والاتصال وتفعيل الخدمات المصرفية التي تُتيح للسائحين التواصل والإمداد المالي المناسب لهم.

وأضافت سميسم أن العراق لو يفرض رسوم رمزية بنحو 40 دولارا على منح الفيزا للوافدين إليه، وتحديدا خلال المناسبات الدينية التي تستقبل الملايين سنويا، لاستطاع أن يرفد الميزانية بنحو 11 مليار دولار سنويا.

باسم جميل انطوان

أنطوان وصف تهميش القطاعات الأخرى كالصناعة والزراعة والسياحة والخدمات بـالخطأ الكبير (الجزيرة نت)

القطاع الخاص

من جانبه، يصف الباحث الاقتصادي باسم أنطوان اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط وتهميش القطاعات الأخرى كالصناعة والزراعة والسياحة والخدمات بالخطأ الكبير في إدارة موارد الدولة، مشيرا إلى أن من شأن تطوير القطاعات غير النفطية توفير إيرادات تقارب 40% من الريع النفطي.

وواحدة من السلبيات التي سُجلت على الاقتصاد العراقي أن الدولة تُهيمن عليه وتحتكره بشكل كبير، وهي تنفق على نحو 70 شركة عامة و250 معملا، أغلبها شبه معطلة دون أن يكون لها مردود أو ناتج جيد. وهذا ما دفع بعض الخبراء ومنهم أنطوان إلى طرح فكرة التخلي عن هذه الشركات وتحويلها إلى القطاع الخاص.

وفي حال حدث ذلك، فإن إنتاجية الفرد ستزداد مع مُساهمة القطاع الخاص بزيادة الناتج الإجمالي المحلي مع ارتفاع الإيرادات بشكل كبير، إلا أن بقاءها بيد الدولة وهي عاجزة عن تطويرها، كما الحال في قطاع الكهرباء، فيعني أن الأمور ستبقى على ما هي عليه.

إحصائيات رسمية تكشف تعطل ثلث المصانع العراقية (الجزيرة نت)

القطاع الصناعي في العراق لا يشكل حاليا سوى 1.5% من إجمالي الناتج المحلي في العراق (الجزيرة نت)

وكان القطاع الصناعي يُشكل في مرحلة سابقة أكثر من 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه لا يساوي اليوم أكثر من 1.5% كما يؤكد أنطوان للجزيرة نت، وكذلك الحال مع القطاع الزراعي الذي كان يصل إلى نحو 24% واليوم لا يتجاوز 5%.

ورغم أن القطاع الصناعي شبه مشلول اليوم، فإن الخبير الاقتصادي لا يستبعد إمكانية أن ينافس النفط في تحقيق إيرادات كبيرة للدولة في حال تم توظيفه بشكل صحيح، وسيرفع من نسبة المساهمة ويُشغل القوى العاملة ويُقلل من البطالة باستيعابه الخريجين مع وجود أكثر من 170 ألف خريج سنويا.

وينتقد أنطوان تهميش الصناعات البتروكيميائية التي تعدّ من الصناعات الأساسية التي كان يشتهر بها العراق وكانت تحقق له إيرادات جيدة، بالإضافة إلى الصناعات الاستخراجية والتحويلية، فضلا عن قطاعي النقل والتأمين.

المصدر : الجزيرة

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand